دراسة غريبة: الدنمارك الأسعد عالميًّا.. ومصر وسوريا الأتعس
يدَّعي باحثون في العلوم الوراثية أنهم اكتشفوا أخيرًا سر سعادة الإنسان، متمثلًا في جينٍ معين يرسم ملامح حياة الإنسان منذ ولادته، إما أن يكون سعيدًا أو تعيسًا، في حين يصر علماء الاجتماع على أن الأمر يتعلق بعوامل خارجية، بالحياة الاجتماعية والاقتصادية، بل حتى السياسية أكثر مما يتعلق بالجينات.
يقول علماء الاجتماع في تقرير سُمي بـ"الدول الأكثر سعادة": إن الدنمارك تحتل المرتبة الأولى عالميًّا من حيث سعادة سكانها قبل النرويج وسويسرا وهولندا، وإن الإمارات وعمان وقطر هي الدول الأكثر سعادة عربيًّا في المراكز 14 و23 و27 عالميًّا، وسوريا هي الأكثر تعاسة بالمرتبة 148 عالميًّا بعد اليمن ومصر في المرتبتين 142 و130 على التوالي، إلا أن التقرير الذي استند على إحصاءات جرت بين عامي 2010 و2012 من قبل "شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة" لم يكن يستطيع أن يفسر سبب السعادة سوى بمقاييس تعتمد على الناتج المحلي الإجمالي وطول الحياة والدعم الاجتماعي وحرية اتخاذ القرار وغيرها من المؤشرات الخارجية.
للأطباء وعلماء الوراثة بالمقابل رأي آخر، يستند على ما كشفته أحدث دراسة جرت على المادة الوراثية للإنسان، والتي وجدت أن الإنسان يولد سعيدًا أو تعيسًا، وأنها –السعادة - مرتبطة بشكل أساسي بطول جينٍ معين، كلما كان هذا الجين أطول كان الإنسان أكثر سعادة، وكلما قصر الجين عاش الإنسان حياته تعيسًا مهما فعل ومهما حقق من نجاحات.
ينظم هذا الجين، بحسب ما كشف علماء جامعة Warwick، كمية هرمون يوجد في دماغ الإنسان اسمه "السيروتونين"، وهو ذات الهرمون الذي تستهدفه بعض أدوية الاكتئاب، بحيث إن النسخة القصيرة من الجين تجعل كمية هذا الهرمون أقل وهو ما يسبب الكآبة، في حين أن النسخة الطويلة من الجين تزيد من إفراز "السيروتونين" وتمنح الإنسان سعادة في حياته.
وأما أكثر الاكتشافات إثارة، فكان في تطابق النتائج الجينية مع نتائج تقرير "الدول الأكثر سعادة"، بحيث يمتلك سكان الدنمارك النسخة الأطول من جين السعادة، لذا فإن سعادة الدنماركيين بحسب الباحثين قدر محتوم لهم بغض النظر عن المقاييس التي اعتمدها تقرير "الدول الأكثر سعادة" (حول الناتج المحلي وحرية اتخاذ القرار وغيرها)، في حين يمتلك الفرنسيون والبريطانيون، وهي الشعوب المعروفة بجديتها ووجومها، نسخة قصيرة من جين السعادة ويصدف أن تحل أيضًا في مراكز متأخرة في ترتيب الدول الأكثر سعادة في المركزين 25 و22 على التوالي رغم تقدم هذه الدول تكنولوجيًّا واقتصاديًّا.
وذهبت الدراسة لأبعد من ذلك، إذ وجدت أن العديد من الأميركيين السعداء ينحدرون من أصول دنماركية أو هولندية، وهو ما جعلهم يمتلكون نسخة طويلة من جين السعادة، إلا أن الباحثين أكدوا أن الجينات ليست العامل الوحيد المؤثر بالسعادة، وإن كان الأكثر أهمية بوجهة نظرهم، إذ يكون الناس الأصغر أو الأكبر عمرًا أكثر سعادة من ذوي الأعمار المتوسطة، ويكون النحيفون أكثر سعادة من البدناء، كما أن الزواج والعمل ومستوى التعليم مرتبطة بالسعادة.
وكانت نتائج تقرير "الدول الأكثر سعادة" قد وجدت أن المصريين هم الأكثر انكسارًا؛ إذ شهدوا الانخفاض الأكبر على مستوى العالم في معدلات السعادة، إذ ما قورنت الفترة الممتدة بين 2010 و2012 بما قبلها، وذلك بعد الثورات والأحداث السياسية التي عصفت بمصر.
وبالمقابل، فقد وجد تقرير مؤسسة "غالوب" الذي شمل على 133 ألف شخص حول العالم خلال عام 2014، أن السوريين - برفقة الأفغانيين - هم الأكثر تعاسة على الإطلاق في العالم، وذلك استنادًا على مؤشرات قيم فيها المشاركون درجة سعادتهم، تتعلق بالهدف من الحياة، والحالة الاجتماعية والوضع المالي والعلاقة بالمحيط والحالة الصحية.
وتحتل الدولتان - سوريا ومصر - مركزًا متأخرًا أصلًا منذ قبل ثورات الربيع العربي، في أغلب الدراسات التي قاست مستوى السعادة في دول العالم، ويراهن علماء الوراثة أن دراسات مقبلة قد تنجح في ربط طول "جين السعادة" عند شعوب البلدين بهذه النتائج، في حين يصر علماء الاجتماع على أن الأوضاع المتأخرة في هذه البلدان حقوقيًّا واقتصاديًّا وصحيًّا وعلميًّا، ومن ثم حالة الفوضى السياسية هو ما يساهم في جعلهم بؤساء.