هل يشترط للمضحي عدم الأخذ من الأظافر والشعر؟ والرد على عطية مبروك
سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك فيديو منتشر للشيخ عطية مبروك يقول فيه بأنه لا يشترط للمضحى الأخذ من أظافره وشعره فهل هذا صحيح؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
هذا القول يخالف نص صحيح وثابت في حكم دخول العشر من ذي الحجة على من أراد أن يضحي.
فعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا " رواه مسلم. وفي رواية: " فلا يأخذن شعراً ولا يقلمن ظفراً" رواه مسلم.
والحكمة في النهي: أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار. وقيل: التشبه بالمحرم. ذكره النووي في شرح مسلم.
ثم الحديث فيه نهي بعدم الأخذ من الشعر والأظافر، والأصل في النهي أن يكون على التحريم، حتى يأتى صارف (دليل) يصرفه من التحريم إلى الكراهة أو الإباحة
وهذه قاعدة معتبره عند أهل علم الأصول.
مسألة: أما من قطع الشعر وقلم الظفر؟ قال ابن قدامه رحمه الله: " فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظافر، فإن فعل ذلك استغفر الله تعالى، ولا فدية فيه إجماعاً سواء فعله عمداً أو نسياناً" المغني.
ثانياً:
أما ما قاله في متن حديثه بقوله " وتزعل ربنا منك " هذا كلام لا يخرج من طويلب علم فضلاً عن رجل محسوب على أهل العلم والفقهاء ويحمل درجة أستاذ.
وعليه أن يستغفر الله عز وجل، فلا يجوز أن يصف الله عز وجل بهذه الصفة وهي (الزعل) وحاشا لله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً، فصفة الزعل صفة نقص وليس صفة كمال، ولله الكمال المطلق في أسمائه وصفاته وأفعاله، بل هذه صفة من صفات المخلوقين وليس من صفة الخالق العظيم رب العالمين.
قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} الأعراف: 180.
ثالثاً:
أما عن مشروعية الأضحية ما يلي: قوله تعالى "فصلِّ لربك وانحر"
قال ابن عباس رضي الله عنهم: "والنحر: النسك والذبح يوم الأضحى، وعليه جمهور المفسرين" ابن الجوزي في زاد المسير. وعن أنس رضي الله عنه قال: (ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما يسمي ويكبِّر فذبحهما بيده) متفق عليه.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين). رواه البخاري.
وقد أجمع العلماء على مشروعيتها، كما قال ابن قدامة في المغني.
أما عن حكمها: بعد الاتفاق على مشروعيتها اختلف أهل العلم في حكمها على قولين:
القول الأول: الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة، واستدلوا بما يلي:
1ـ عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا" مسلم .
ووجهة الدلالة: قوله (أراد) فتعليق الأضحية على الإرادة دليل على عدم الوجوب.
2ـ صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما لا يضحيان مخافة أن يعتقد الناس أنها واجبة.
القول الثاني: ذهب أبو حنيفة والأوزاعي إلى أنها واجبة على القادر، ورجَّحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، واستدلوا:
1ـ فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل الاقتداء به.
2ـ قوله صلى الله عليه وسلم: "من وجد سَعَةً لأن يضحي فلم يضحِ فلا يحضر مصلانا " أخرجه ابن ماجه وأحمد، ورجح الحافظ وقفه.
والراجح أنها سنة مؤكدة والله تعالى أعلم.
رابعاً:
أما عن تقسيم الأضحية: يُستحَبّ للمُضحّي أن يجعل أُضحيته ثلاثة أجزاءٍ؛ جزءٌ للفقراء، وجزءٌ للإهداء، وجزءٌ للأكل؛ استدلالاً بقَوْل الله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)
وجاء في ذلك عدة أقوال، منها: ورد عن ابن عباس "يأكل هو الثلث، ويطعم من أراد الثلث، ويتصدق على المساكين بالثلث ". وقيل: يأكل النصف ويتصدق بالنصف.
واختلفت آراء المذاهب الفقهيّة في بيان كيفيّة توزيع الأُضحية، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ:
القول الأوّل: قال الحنفيّة، والحنابلة باستحباب تقسيم الأُضحية إلى ثلاثة أجزاءٍ؛ ثُلثٌ للفقراء، وثُلثٌ للمُضحّي، وثُلثٌ للإهداء، وقال الحنفيّة بأنّ الأفضل للمُضحّي إن كان مُوسِراً أن يتصدّق بالثُلثَين، ويأكل الثُّلث.
القول الثاني:' قال الشافعيّة بأفضيّلة توزيع الأُضحية على الفقراء والمحتاجين، وأن يأكل منها المُضحّي القليل.
القول الثالث:' قال المالكيّة بعدم وجود قِسمةٍ مُعيّنةٍ في توزيع الأُضحية؛ فللمُضحّي الحُرّية الكاملة في تقسيمها، وتوزيعها كما يشاء؛ فيأكل منها ما يشاء، ويتصدّق بما يشاء، ويُهدي ما يشاء، وقد استدلّوا بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ثوبان مولى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ذَبَحَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ).
أما عن حكمة ذبح الأضحية:فيها حِكم كثيرة منها:
1ـ التقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره، ومنها إراقة الدم، ولهذا كان ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها عند جميع العلماء وكلما كانت الأضحية أغلى وأسمن وأتم كانت أفضل، ولهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يسمنون الأضاحي. قال يحيى بن سعيد سمعت أبا أمامة بن سهل قال: " كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون" أخرجه البخاري
2ـ إعلان التوحيد والتربية على العبودية، وذكر اسم الله عز وجل عند ذبحها.
3ـ إطعام الفقراء والمحتاجين بالصدقة عليهم .
4ـ التوسعة على النفس والعيال بأكل اللحم الذي هو أعظم غذاء للبدن.