[محمد فرج الأصفر]

أحبتي في الله اليوم نزور الأراضي الأوكرانية لنستطلع أحوال المسلمين هناك,ونرى كيف أن الإلحاد الروسي يسير بنفس نهج الصليب الأوروبي تجاه المسلمين,وبوتيرة ثابتة تتحرك خطى الإلحاد لمحاربة المسلمين والتضييق عليهم منذ زمن بعيد,ولكنا هنا نبدأ من شهر رمضان الماضي فإلى هناك. فقد صرَّح مساعد مفتي القرم بأنهم ينتظرون موافقة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لبناء مسجد كبير بمنطقة "سيمفيروبيل"، والجدير بالذكر أن الموافقة على هذا المسجد تكون من رئيس "روسيا" فقط. وصرَّح المفتي بأن تعليق الموافقة على بناء المسجد هو تعليق سياسي؛لأنهم لديهم جميع التصريحات اللازمة لبناء المسجد،وأنهم يعانون منذ 10 سنوات لبناء هذا المسجد حتى مع السلطات السابقة،الآن الموافقة على هذا المسجد يتم فقط من خلال رئيس الجمهورية.والجدير بالذكر أن "تركيا" هي مَن تموِّل بناء المسجد في "شبه جزيرة القرم". كما نشرت دار الإفتاء في القرم - التابعة للحكومة الموالية لـ"روسيا" - نشرة بأسماء الكتب الإسلامية المحظورة داخل القرم،وحثت المواطنين على عدم انتشار تلك الكتب بينهم،أو وجودها في المنازل.وقد شمل المنشور أكثر من 75 كتابًا من كتب الإسلام وعلومه. هذا و استكمالاً لمحاربة نشر تعاليم الإسلام,فقد غادَر بعض العلماء الإسلاميين الأتراك شبه جزيرة القرم،وتَم الإبقاء على خمسة علماء فقط، ويرجع ذلك إلى القوانين الروسية التي تمنع وتَحظر الأنشطة الدينية من الأجانب المقيمين في القرم.والجدير بالذكر أنه من قبلُ كان يوجد تعاون بين مكتب الشؤون الدينية في "تركيا" مع الإدارة الروحية في "القرم" بشأن الأنشطة الدينية. وذكر منسق الشؤون الدينية بين "تركيا" و"أوكرانيا" - أن السلطات الروسية قد تركت خمسة علماء فقط من أئمة المسلمين الموجودين في القرم.وفور انتهاء إقامتهم سوف يغادرون القرم،وقال نائب مفتي مسلمي القرم:"إن السلطات الروسية حظرت قدوم أي أئمة أو علماء من أي بلد آخر لإحياء النشاط الديني في القرم". و في مدينة "سيمفروبول" - عاصمة شبه جزيرة القرم - بدأت السلطات الروسية بتوقيف النساء المسلمات المرتديات الحجاب والسؤال عن هُوياتهن.وأكدت إحدى المسلمات أن السلطات في "سيمفروبول" تبحث عن المحجبات وتتعقبهن، وأن المسلمات الآن في القرم مُهددات بالخطر والاعتقال في أي لحظة. كما أكدت أن هذه ليست المرة الأولى التي تَحدث فيها مثل هذه الإجراءات؛فقد حدثت في مدينة "باخشيسراي" من قبلُ.وقال نائب مفتي القرم ": إن هذه الإجراءات قد تترافق مع وصول مسؤولين روسيين رفيعي المستوى إلى شبه جزيرة القرم،ومن المقرر أن يزوروا كبار الشخصيات في القرم لبضعة أيام. جدير بالذكر أنه بالقرب من " ألوشتا" في قرية "كورباك" بشبه جزيرة القرم،تَم العثور على منازل شُيِّدت جدرانها من قبور المسلمين.وقد لاحَظ ذلك الأشخاص الموجودون في المنطقة من كبار السن،وقال بعض الموجودين:" إنه إبان حكم "ستالين" وخروج تتار القرم من تلك القرية، استولى بعض السكان على تلك المقابر وبنوا فيها بيوتهم.وجاري الآن البحث عن تلك المقابر. كما قررت سلطات قرية "سكاليستويا" بمنطقة "باختشيساراي" بمقاطعة "كريم" الأوكرانية - أن تضع الصليب على الطريق المؤدي إلى مقابر المسلمين؛مما أدى إلى غضب العديد من المسلمين من تتار القرم.واستنكر مفتي المدينة هذا الإجراء،وقامت الشرطة بعمل حواجز حول الصليب منعًا لكسره. و يذكر - نائب رئيس الإدارة الروحية لمسلمي القرم أن هناك محاولة أخرى من جانب السلطات الروسية لتقسيم صفوف المسلمين في شبه جزيرة القرم.وتقول جريدة "15 دقيقة": إن السلطات الحالية تريد إنشاء الهيكل الجديد من الإدارات الروحية، تكون تبعيتها المالية للسلطات الجديدة، وأن السلطات بصدد هذا الأمر.وقال أيضاً": هذه المحاولة لشق الصف وإدخال موروثات جديدة على مسلمي القرم، وسوف تتصدى الإدارة الروحية لها أما في منطقة "جان كوي" الواقعة في شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها السلطات الروسية -عاقب المدعي العام مدير مدرسة إسلامية لحيازته كتبًا إسلامية. حيث داهمت الشرطة مكتب مدير المدرسة،وصادَرت العديد من الكتب الإسلامية بزعم أنها كتبٌ متطرفة،واعترَف مدير المدرسة بحيازته للكتب،وقال:" إنها كتب إسلامية توجد في بيت كل مسلم.وقررت المحكمة تغريم مدير المدرسة الإسلامية 2000 روبل،ومصادرة الكتب. هذا وقد اقتحمت الشرطة في قرية "كالشوجينو" بـ"شبه جزيرة القرم" مدرسة إسلامية بالأسلحة،وأثاروا الفزع وسط التلاميذ،وقاموا بتكسير الأبواب والنوافذ.كما قامت الشرطة بتفتيش المدرسة ولم يعثروا على شيء،وصادروا العديد من أجهزة الكمبيوتر، واعتقلوا مدير المدرسة. والجدير بالذكر أنه عند اقتحام المدرسة كان الأطفال نائمين؛حيث كان الاقتحام في السادسة صباحًا، وحتى الثانية عشرة ظهرًا،وحضر أكثر من 30 شخصًا ملثمًا من القوات الخاصة ومكافحة الشغب،وكان في المدرسة 13 طفلًا ومعلمان.وقامت أيضًا باقتحام بعض المنازل الخاصة بالمنطقة المحيطة بالمدرسة،وقاموا بالتفتيش ولا أحد يعرف ما يبحثون عنه. وقد أرسل العديد من أولياء الأمور المسلمين في "شبه جزيرة القرم" إلى جريدة "15 دقيقة" يشكون من أن أولادهم تُفرَض عليهم السلطات الروسية المسيطرة على المنطقة التعاليم المسيحية.وقالت أم إحدى الطالبات:" المدرسة تفرض على أبنائنا تعاليم الثقافة الأرثوذوكسية،فرغم وجود العديد من المسلمين بالمدينة،فإن البعض يريد فرْض الهُوية المسيحية على الجميع.وقالت:" إن هذا يضر بالأطفال؛حيث يتعلم الطفل شيئًا في البيت،ويعلم شيئًا آخر،وتعاليم أخرى في المدرسة. وعندما ذهبت بعض وسائل الإعلام إلى المدرسة،قال المسؤولون في المدرسة:"إن هذه مشكلة ستحل سريعًا وهي غير مقصودة،ويجب على كل من لا يريد تعليم أولاده الثقافة المسيحية أن يكتب طلبًا بذلك.وصرَّحت وزارة التعليم بأن هذا الأمر غير إلزامي على أولياء الأمور.والجدير بالذكر أن الإدارات الروحية في "القرم" تُحاول منذ 10 سنوات حث المدارس على تعليم الإسلام،وكانت الإجابة دائمًا بالرفض. واستمراراً لسياسة تجفيف منابع الثقافة الإسلامية,داهمت السلطات الموالية لـ"روسيا" في "شبه جزيرة القرم" جميع المكتبات في القرم،وصادَرت جميع كتب زعيم مسلمي القرم,وذكر ذلك رئيس مجلس شورى المسلمين على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".كما صادرت السلطات العديد من المؤلفات التي تتحدث عن زعيم مسلمي القرم،وجهاده من أجل مسلمي القرم وحقوقهم ونَيل استقلالهم،وعن حقوق الإنسان بالقرم وغير ذلك. و إمعاناً في العداء للمسلمين قام مجهولون بكتابة شعارات مسيئة وعنصرية على مبنى مجلس شورى المسلمين بمدينة "سيمفيروبول" في "أوكرانيا".وأعلن رئيس أمانة المجلس أنه في الصباح الباكر رصدت كاميرات المبنى مجهولين مقنَّعين يقومون بكتابة شعارات غير لائقة على المبنى. وقد سلم الأمن الخاص بالمبنى تسجيلاً لما حدَث إلى الجهات الأمنية المختصة للبحث عن الجُناة,وقال أيضًا: إن الشرطة على ما يعتقد أنها لن تقوم بعمل أي شيء؛ لأنه منذ شهور حدث نفس الأمر، ولا زالت الشرطة تبحث.وقال: إن من يفعل هذه الأشياء يريد استفزاز مسلمي القرم لقرب الانتخابات،والمعروف أن مسلمي القرم لا يشاركون في مثل هذه الانتخابات. أيضاً صرَّح سكرتير مجلس شورى المسلمين بأن السلطات الروسية أصدرت قانونًا بمنع مسلمي القرم من العمل الجماهيري،أو المطالبة بحقوقهم.وقال سكرتير المجلس:" إن القانون الروسي ليس كالقانون الأوكراني؛حيث يسمح في القانون الأوكراني بإصدار تصاريح لممارسة الأعمال الجماهيرية. وقال أيضًا:" إن مثل هذه القوانين تُعد من القوانين التعسفية لعدم قيام مسلمي القرم بالمطالبة بأي حق من حقوقهم،وقال أيضًا:" إنه يوجد فرق كبير بين القانون القديم والقانون الحالي؛حيث التعقيدات التي يواجهها مسلمو القرم.ويقول بعض الخبراء:" إن هذه القوانين تُقلل من حقوق تتار القرم. جدير بالذكر أن الصراع المسلح بين الجماعات المؤيدة لانضمام "شبه جزيرة القرم" إلى "روسيا"، والأخرى المعارضة انعكس على "مسجد السلطان سليمان"، الموجود بمدينة "ماري بول" في القرم،والذي تم بناؤه إحياءً لذكرى السلطان سليمان - الذي حكم في القرن الـ16 - عام 2005 بجهود تركية،عن طريق الجمعية الثقافية الإسلامية التركية. وقد جعل إمام المسجد أسرته تسافر لـ"تركيا" خشية الأحداث الجارية.وأشار إلى أنه بالرغم من عدم مساس الأوضاع الراهنة بالمسلمين بعد، فإنه ما يزال المسلمون يشعرون بخيبة الأمل والضيق نتيجة الصراع القائم وعواقبه؛مما يعرض ممارسة العبادات والشعائر للخطر,وطبعاً مازال الخطر مستمر! ولكننا نتوقف هنا وننهي رحلتنا في الأراضي الأوكرانية,مع وعد بمواصلة رحلاتنا إن أحيانا الله في حلقات جديدة إن شاء الله فإلى الملتقى.