واهجـرِ الخمـرةَ إنْ كنـتَ فـتىً
......................كيـفَ يسـعى فـي جنـونٍ مَنْ عقلْ
صــدِّقِ الشــرعَ ولا تركـنْ إلـى
....................رجــلٍ يرصــدُ بالليــلِ زحــلْ
حـارتِ الأفكـارُ فـي قـدرةِ مَـنْ
...................قــدْ هــدانا ســبلاً عـزَّ وجـلْ
كتـبَ المـوتَ علـى الخلـقِ فكمْ
.....................فـلَّ مِـنْ جَمْـعٍ وأفنـى مـنْ دُولْ
أيــنَ نمــرودُ وكنعــانُ ومَـنْ
.....................ملـــكَ الأمــرَ وولّــى وعــزَلْ
أيــنَ عـادٌ أيـنَ فرعـونُ ومَـنْ
...................رفـعَ الأهـرامَ مَـنْ يسـمعْ يخـلْ
أيـنَ مَـنْ سادوا وشادوا وبنوا
....................هلـكَ الكـلُّ ولـمْ تغـنِ القلـلْ
أيـنَ أربـابُ الحجا أهلُ النّهى
....................أيـنَ أهـلُ العلمِ والقومُ الأُوَلْ
ســـيعيدُ اللـــهُ كلاًّ منهـــمُ
.....................وســيجزي فـاعلاً مـا قـدْ فعـلْ
أيْ بنــيَّ اسـمعْ وصـايا جَمعـتْ
.....................حكمـاً خُصـَّتْ بهـا خيـرُ الملـلْ
اطلــبِ العلـمَ ولا تكسـلْ فمـا
.......................أبعـدَ الخيـرَ علـى أهلِ الكسلْ
واحتفـلْ للفقـهِ في الدينِ ولا
......................تشــتغلْ عنــهُ بمـالٍ أوْ خَـوَلْ
واهجــرِ النــومَ وحصـِّلْهُ فَمَـنْ
......................يعـرفِ المطلـوبَ يحقـرْ ما بذلْ
لا تقــلْ قــدْ ذهبَــتْ أربـابُهُ
.....................كـلُّ مَـنْ سـارَ علـى الدربِ وصلْ
في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدى
......................وجمـالُ العلـمِ يـا صاحِ العملْ
جمِّــلِ المنطــقَ بـالنَّحوِ فَمَـنْ
....................يُحـرمِ الإعرابَ في النطقِ اختبلْ
وانظــمِ الشــعرَ ولازمْ مـذهبي
....................فـاطراحُ الرفدِ في الدنيا أقلْ
فهْـوَ عنـوانٌ علـى الفضـلِ وما
.......................أحسـنَ الشـعرَ إذا لـمْ يُبتـذلْ
مـاتَ أهـلُ الجـودِ لم يبقَ سوى
........................مُقـرفٍ أوْ مَـنْ علـى الأصلِ اتكلْ
أنــا لا أختــارُ تقبيــلَ يـدٍ
......................قطعُهـا أجمـلُ مِـنْ تلـكَ القبلْ
إنْ تُجِزْنـي عـنْ مـديحي صرتُ في
....................رقِّهــا أوْ لا فيكفينـي الخجـلْ
أعـذبُ الألفـاظِ قـولي لـكَ خـذْ
...................وأمــرُّ القــولِ قــولي بِلَعَـلْ
مُلْـكُ كسـرى عنـهُ تغنـي كِسـرةٌ
.......................وعـنْ البحـرِ ارتشـافٌ بالوشـلْ
اعتــبرْ نحــنُ قَسـَمْنا بينَهُـمْ
.......................تلقَــهُ حقــاً وبــالحقِّ نَــزَلْ
ليـسَ مـا يحوي الفتى عَنْ عزمِهِ
.........................لا ولا مـا فـاتَ يومـاً بالكسـلْ
واتـركِ الـدنيا فمِـنْ عاداتِها
.........................تخفـضُ العـالي وتعلـي مَنْ سَفلْ
عيشــةُ الزاهـدِ فـي تحصـيلِها
........................عيشــةُُ الجاهِـدِ بـلْ هـذا أزلْ
كــم جهــولٍ وهْـوَ مـثرٍ مكـثرٌ
....................وحكيــمٍ مــاتَ منهـا بالعلـلْ
كـم شـجاعٍ لـم ينـلْ منها غنى
........................وجبــانٍ نــالَ غايــاتِ الأمـلْ
فــاتركِ الحيلـةَ فيهـا واتّئدْ
...................إنمـا الحيلـةُ فـي تركِ الحيلْ
أيُّ كـفٍّ لـمْ تنـلْ منهـا المنى
........................فبلاهــا اللــهُ منـهُ بالشـللْ
لا تقــلْ أصــلي وفصـلي أبـدا
........................إنمـا أصـلُ الفـتى ما قدْ حصلْ
قـدْ يسـودُ المـرءُ مـنْ غيرِ أبٍ
.......................وبحسـنِ السـبكِ قَدْ يُنْفى الزغلْ
وكـذا الـوردُ مـنَ الشـوكِ وما
......................ينبــتُ النرجــسُ إلا مـنْ بصـلْ
مــعَ أنــي أحمَـدُ اللـهَ علـى
...................نســبي إذْ بــأبي بكـرِ اتصـلْ
قيمــةُ الإنســانِ مــا يحسـِنُهُ
......................أكــثرَ الإنسـانُ منـهُ أوْ أقـلْ
واكتــمِ الأمريـنِ فقـراً وغنـىً
......................واكسـبِ الفلـسَ وحاسـبْ مَنْ بَطَلْ
وادّرعْ جــداً وكــداً واجتنــبْ
.......................صـحبةَ الحمقـى وأربـابِ البخلْ
بيــنَ تبــذيرٍ وبخــلٍ رتبــةً
.......................فكلا هــــذينِ إنْ زادَ قتــــلْ
لا تخـضْ فـي سـبِّ سـاداتٍ مضـَوا
.....................إنهــمْ ليســوا بأهـلٍ للزلـلْ
وتغافـــلْ عــنْ أمــورٍ إنَّــهُ
.....................لـمْ يفـزْ بالرفـدِ إلاّ مَـنْ غفلْ
ليـسَ يخلـو المـرُْ عـنْ ضدٍّ وإنْ
.........................حــاولَ العزلـةَ فـي رأسِ جبـلْ
غـبْ عـنِ النمّـامِ واهجـرْهُ فما
....................بلَّــغَ المكــروهَ إلاّ مَـنْ نقـلْ
دارِ جـارَ الـدارِ إنْ جـارَ وإنْ
...................لـمْ تجدْ صبراً فما أحلى النقلْ
جـانبِ السـلطانَ واحـذرْ بطشـَهُ
.....................لا تخاصــمْ مَـنْ إذا قـالَ فعـلْ
لا تـلِ الحكـمَ وإنْ هـمْ سـألوا
...................رغبــةً فيـكَ وخـالفْ مَـنْ عـذَلْ
إنَّ نصــفَ النـاسِ أعـداءٌ لمَـنْ
..........................ولــيَ الأحكــامَ هـذا إنْ عـدلْ
فهْــوَ كــالمحبوسِ عـنْ لـذّاتِهِ
....................وكلا كفَّيْــهِ فــي الحشـرِ تُغَـلْ
إنمـا النقـصُ والاسـتثقالُ فـي
...................لفظــةِ القاضــي لـوعظٍ ومثـلْ
لا تــوازى لــذَّةُ الحكـمِ بمـا
.........................ذاقَهـا المرءُ إذا المرْ انعزلْ
والولايــاتُ وإنْ طــابتْ لمَــنْ
........................ذاقَهـا فالسـمُّ فـي ذاكَ العسلْ
نَصــَبُ المنصــبِ أوهــى جَلَـدي
......................وعنــائي مـنْ مـداراةِ السـفلْ
قصـِّرِ الآمـالَ فـي الـدنيا تفزْ
.........................فــدليلُ العقـلِ تقصـيرُ الأمـلْ
إنَّ مَــنْ يطلبــهُ المـوتُ علـى
..........................غــرّةٍ منــهُ جــديرٌ بالوجــلْ
غِـبْ وزُرْ غِبّـاً تـزدْ حبـاً فَمَـنْ
......................أكـثرَ الـتردادَ أضـناهُ المللْ
خـذْ بنصـلِ السـيفِ واتركْ غِمْدَهُ
........................واعتـبرْ فضلَ الفتى دونَ الحللْ
حبُّــكَ الأوطــانَ عجــزٌ ظــاهرٌ
......................فـاغتربْ تلْـقَ عـنِ الأهـلِ بـدلْ
فبمكــثِ المــاءِ يبقـى آسـناً
........................وسـُرى البـدرِ بهِ البدرُ اكتملْ
أيهــا العــائبُ قـولي عبثـاً
....................إنَّ طيـبَ الـوردِ مـؤذٍ بالجُعَـلْ
عـدِّ عَـنْ أسـهمِ لفظـي واسـتترْ
......................لا يصــيبنَّكَ ســهمٌ مِــنْ ثُعَــلْ
لا يغرنَّــكَ ليــنٌ مِنــتْ فــتى
...................إنَّ للحيّـــاتِ ليـــنٌ يُعــتزَلْ
أنـا مثـلُ المـاءِ سـهلٌ سـائغٌ
....................ومــــتى ســـُخِّنَ آذى وقتـــلْ
أنــا كــالخيروزِ صـعبٌ كسـرُهُ
.....................وهْـوَ لـدْنٌ كيفمـا شـئتَ انفتلْ
غيـرَ أنـي فـي زمـانٍ مَـنْ يكنْ
.......................فيـهِ ذا مـالٍ هوَ المولى الأجلْ
واجــبٌ عنــدَ الـورى إكرامُـهُ
......................وقليــلُ المـالِ فيهـمْ يُسـتقلْ
كــلُّ أهـلِ العصـرِ غمـرٌ وأنـا
.........................منهـمُ فـاتركْ تفاصـيلَ الجمـلْ
..
إبن الوردي