سؤال الفتوى:
السلام عليكم :
يكثر على لسان الناس قول لا حياء في الدين ، فهل هذه المقولة صحيحة ، وهل يجوز لراقصة أن تقدم برنامج ديني بهذا الأسم؟ وجزاكم الله خيراً
< جواب الفتوى >
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وكان يقال: " إن مما أدرك الناس من كلام البنوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت "
وقد قيل : " الحياء نظام الإيمان فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق ". وقال أبو حاتم : " إن المرء إذا إشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونشر محاسنه"
ثانياً
أما القول الصحيح هو " لا حياء في العلم " الذي يصح به العبد عقيدته وعبادته، ويعرف دينه، ويقف على ما حرمه الله عز وجل وأحله.
وعن عائشة رضي الله عنها (نعم النساء نساءُ الأنصار لم يمنعهنَّ الحياء أن يتفقهن في الدين) رواه البخاري.
عائشة مدحت نساء الأنصار، أثنت عليهن بقولها: "نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" ففي هذا مدحٌ للنساء اللاتي لا يستحين عن تعلم علم الدين. لو كان فيه ذكر شىء يستحى منه لا ينبغي للنساء أن يستحين عن تعلم ما ينبغي أن يتعلمنه.
قال مجاهد رضي الله عنه: " لا ينال العلم مستحٍ ولا مستكبر".
أما عن إنً امرأة راقصة تقدم برنامج ديني، فهذه من العجائب التي كثرت في هذا الزمان، ولعلها من ارهصات الذنوب التي نراها في الليل والنهار. وعلامة من علامات ضياع الدين والاستهزاء به ، وأن الدين أصبح يتكلم فيه كل رخيص وضيع منكر، ولا يتكلم فيه أهل الاختصاص. بل هذا من اشراط الساعة.
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل:43 .فهل يصح بعد هذا البيان الصريح من رب العالمين أن يسأل الناس عن دينها أهل الفجور الذين ينشرون الرذيلة والفسق بين الناس.
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النور: 19.
وحديث عائشة يرويه مسروق عنها قالت: " أتى النبى صلى الله عليه وسلم ناس من اليهود , فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم , فقال: وعليكم , قالت عائشة: فقلت: وعليكم السام والذام , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة لا تكونى فاحشة , قالت: فقلت يا رسول الله أما سمعت ما قالوا: السام عليك؟ قال: أليس قد رددت عليهم الذى قالوا؟ قلت: وعليكم إن الله عز وجل لا يحب الفحش ولا التفحش، فنزلت هذه الآية (وإذا جاؤك حيوك بما لم يحيك به الله) حتى فرغ " أخرجه مسلم وأحمد في مسنده. والشاهد: قوله " إن الله عز وجل لا يحب الفحش ولا التفحش".
رابعاً
الواجب على ولي الأمر منع مثل هذه الأمور للحفاظ على هيبة الدين وأهله، فإن من وظيفة ولي الأمر وواجباته اتجاه الرعية كما قال أهل العلم منها:
1ـ حفظ الدين على أصوله المستقرة، وما أجمع عليه سلف الأمة، فإن نجم مبتدع أو زاغ ذو شبهة عنه، أوضح له الحجة، وبين له الصواب، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود؛ ليكون الدين محروسا من خلل، والأمة ممنوعة من زلل.
2ـحماية البيضة والذب عن الحريم؛ ليتصرف الناس في المعايش، وينتشروا في الأسفار آمنين من تغرير بنفس أو مال.
3ـ إقامة الحدود؛ لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك، وتحفظ حقوق عباده من إتلاف واستهلاك.
4ـ أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور، وتصفح الأحوال؛ لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة،ولا يعول على التفويض تشاغلا بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغش الناصح، وقد قال الله تعالى: ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) ص:26.
فإن لم يفعل هذا ويؤديه على أكمل وجه فقد خان الأمانة وضيع الديانة.
هذا. والله تعالى أعلى وأعلم