هل يجوز زواج المسلمة بغير المسلم؟ والرد على آمنة نصير
سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عدم وجود أى نص قرآني يحرم زواج المسلمة من غير المسلم، ولكن ينبغى أن يكون من أهل الكتاب.وقالت الدكتورة آمنة نصير، في تصريحات إعلامية، إنه لا يوجد مشكلة في زواج المسلمة من غير المسلم، إذا طبق غير المسلم مع زوجته المسلمة، ما يطبقه المسلم مع زوجته المسيحية أو اليهودية، حيث لا يكرهها على تغيير دينها أو منعها من مسجدها، ولا يحرمها من قرآنها أو صلاتها. وأوضحت أنه فى حال زواج المسلمة من غير المسلم، فإن الأولاد سينتسبون للزوج، ولهذا كان رأى الفقهاء هو رفض زواج المسلمة من غير المسلم حتى لا تتسرب المسلمات إلى اليهودية والمسيحية.
< جواب الفتوى >
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
لا أعلم لماذا اكتفى الأزهر بالرد على هذا التحريف؟ ، ولم يصدر بيان في هذه المرأة وأنه لا يجوز الأخذ منها، كما أصدر بيان من قبل في (سعد الدين الهلالي).
فهؤلاء أصحاب أجندات معروفة يعملون على طمس الهوية الإسلامية وضياع العقيدة الصحيحة، ويخالفون النصوص الثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة والإجماع. فيجب تحذير المسلمين من أمثال هؤلاء.
ثانياً:
هذا التخريف لم يصدر فقط من (آمنة نصير)، بل صدر من الضال المدعو (مصطفى راشد) في كتابه ( تصحيحاً للفقه القديم) تحت عنوان (زواج المسلمة من مسيحي أو يهودي مباح شرعاً) يقول هذا الضال المنحرف: إن زواج الرجل غير المسلم بالمرأة المسلمة، قد حرمته الشريعة الغراء، واستثنت من ذلك أهل الكتاب المسيحيين واليهود، حيث لا يوجد أي دليل شرعي أو نص قرآني أو حديث صحيح يمنع زواج المسلمة من أهل الكتاب، ومن يحتج بالآية الوحيدة 221 من سورة البقرة يفسرون القرآن على هواهم فالآية تتكلم عن المشركين أي الكفار، وهناك فرق بين المشركين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى" انتهى.
قلت: وهذا من الضلال المبين حيث فرق هذا المخرف بين المشركين وأهل الكتاب، فأهل الكتاب من اليهود والنصارى عنده غير كافرين أومشركين.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) صحيح مسلم .
الــــــــرد
ثالثاً:
إن الله عز وجل شرع لنا أحكاماً ثابتة لاتتغير ولاتقبل الإجتهاد وأحكاماً بسط لها باب الإجتهاد ووضع لها الفقهاء سياجاً شرعياً من الضوابط والقواعد لهذا الإجتهاد ومن الأحكام الثابتة التى لاتتغير ولايقبل فيها الإجتهاد الأحوال الشخصية من (نكاح ـ وطلاق ـ وعدة ـ وإيلاء ـ ولعان ـ وميراث) لأنها تستند الى نصوص شرعية ثابتة ومنها النكاح من أحكامه الثابتة حرمة نكاح المسلمة من غير المسلم.
فقد اتفق الفقهاء وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز لمسلمة أن تتزوج غير مسلم سواء أكان مشركاً أم كتابياً، فلو تزوجت مسلمة بغير مسلم، كان الزواج باطلاً ولا يترتب عليه اثر من آثار الزواج، واستدلوا على ذلك بما يلى:
وجه الدلالة من الآية: صراحة على تحريم المسلمات على هؤلاء الكفار لكفرهم ولفظ الكفر عام يشمل من ليس بمسلم فيتناول بعمومه أهل الكتاب وغيرهم، وإذا كانت الآية نزلت في شأن الأزواج المشركين، إلا أن اللفظ عام، والقاعدة الفقهية في علم الأصول تقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قال الطبري: أن الله حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركا كائنا من كان المشرك ، ومن أي أصناف الشرك كان ، قلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم ، فإن ذلك حرام عليكم ، ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله ، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك ، ولو شرُف نسبه وكرم أصله ، وإن أعجبكم حسبه ونسبه
قال ابن قدامة في كتابه المغني، وذلك شرحاً لقول الخرقي: "ولا يزوّج كافر مسلمةً بحال". وقال: "أمّا الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال، بإجماع أهل العلم، منهم: مالك، والشّافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرّأي".
وقال ابن المنذر: "أجمع على هذا كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم. وفي حال كون المسيحيّ لا يعتقد أنّ عيسى المسيح هو ابن الله، فإنّ ذلك لا يجعله مسلماً بأيّ حال، ولا يكون مسلماً إلا في حال نطق بالشّهادتين، مع نيّته أن يدخل في الإسلام، وذلك مع إقراره بمقتضاهما، وأن يعمل بهما، وإذا لم يفعل ذلك فإنّه يعتبر غير مسلم، ويحرم عليه الزّواج من مسلمة بأيّ حال".
قال شيخ الإسلام: " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " الفتاوى الكبرى 3/130.
ثانياً: الآثار المروية عن السلف الصالح أنهم كانوا يفرقون بين النصراني وزوجته إذا أسلمت ومن ذلك أن لاجلاً من بني تغلب أسلمت زوجته وأبى هو أن يسلم ففرق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينهما.
وروي ابن عباس أنه قال: "إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها فهي أملك لنفسها".
رابعاً:
إنّ الحكمة من تحريم زواج المسلمة من شخص غير مسلم أو كتابي، هو أنّ الإسلام دين يعلو ولا يُعلى عليه، وإنّ للزوج فيه قوامةً على زوجته، وهذا أمرممنوع في حقّ من كان كافراً، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) سورة النساء، 141، وفي هذه الحالة فإنّه لا يؤمن على المرأة أن تميل إلى زوجها في حال دعاها إلى اعتناق ديانته، ولا يؤمن على الأطفال أن يقوموا باتباع والدهم في ديانته، وأمّا في حال تزوّج المسلم بامرأة كتابيّة فإنّ هذه المفاسد لا تكون موجودةً، لأنّ القوامة تكون للزوج المسلم، ومن الممكن أن يؤثر هو على زوجته وبالتالي تسلم، والزّوج هو المكلف بأن ينشئ الأولاد تنشئةً إسلاميّة تحميهم من متابعة الأمّ في دينها" انتهى