سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد سمعت فتوى من الدكتور/سعد الدين الهلالي بأنه يجوز شرعاً إمامة المرأة للرجال في الصلاة وهذا مذهب الإمام الطبري فهل هذا الكلام صحيح ؟؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً
جواب الفتوى >
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يجب الحذر من هذا الجاهل المفتون وما يدعو إليه من ضلال بين، فقد جاءنا بدين جديد أحل فيه كل شيء واستباح المحرمات وجاء بالأقوال الشاذة والضعيفة والمتروكة وما أكثرها في الكتب، ودلس على الفقهاء والعلماء وابتدع في دين الله عز وجل ما ليس فيه.
أما القول في هذه المسألة وهو حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.
أجمع الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم على أن المرأة لا تؤم الرجال في الصلاة ولا ولاية لها عليهم.
وقد استدل الجمهور على مذهبهم بما يلي :
1ـ قوله تعالى : (الرجال قوامون على النساء بما فضل اللهبعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم ) النساء:34
وجه الدلالة في الآية:
" أن الله تبارك وتعالى لم يجعل القوامة للنساء ، ولم يجعل الولاية إليهن، بل جعلها للرجال ، وإمامة الصلاة نوع ولاية ، فلا تصح إمامة بمن هو قيم عليها " الأم للشافعي
2 ـ استدلوا أيضا بما رواه أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
(لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ . قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً)
رواه البخاري والترمذي والنسائي
بين النبي صلى الله عليه وسلم أن كل قوم ولوا أمرهم امرأة ؛ فإنهم لن يفلحوا ، ونفي الفلاح يقتضي التحريم ، وكل ولاية عامة فإنها داخلة في هذا النهي ، وحيث أن إمامة الصلاة تعد من الولايات العامة فإن الحديث يشملها .
3 ـ كما استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ،وشرها أولها ) رواه مسلم والترمذي
هذا الحديث يدل على تأخير النساء ، فكيف ستتقدم المرأة لتؤم وهي مطالبة شرعا ً بالتأخر عن الرجال ؟ فلا شك أن دلالته على عدم جواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة واضحة .(انتهى كلام الفقهاء)
ونقل في بداية المجتهد لابن رشد قال:اختلفوا في إمامة المرأة فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء فأجاز ذلك الشافعي ومنع ذلك مالك وشذ أبو ثور والطبري فأجازا إمامتها على الإطلاق وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال لأنه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الأول ولأنه أيضا لما كانت سنتهن في الصلاة التأخير عن الرجال علم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم لقوله عليه الصلاة والسلام " أخروهن حيث أخرهن الله " ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذ كن متساويات في المرتبة في الصلاة مع أنه أيضا نقل ذلك عن بعض الصدر الأول ومن أجاز إمامتها فإنما ذهب إلى ما رواه أبو داود من حديث أم ورقة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها) رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة
والحديث دليل على صحة إمامة المرأة أهل دارها وإن كان فيهم الرجل فإنه كان لها مؤذن وكان شيخاً كما في الرواية والظاهر أنها كانت تؤمه وغلامها وجاريتها وذهب إلى صحة ذلك أبو ثور والمزني والطبريوخالف في ذلك الجماهير
وقال الشوكاني: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز إمامة المرأة بالرجل أو الرجال شيء ولا وقع في عصره ولا في عصر الصحابة والتابعين من ذلك شيء وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهن بعد صفوف الرجال وذلك لأنهن عورات وائتمام الرجل بالمرأة خلاف ما يفيده هذا ولا يقال الأصل الصحة لأنا نقول قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولي شيء من الأمور وهذا من جملة الأمور بل هو أعلاها وأشرفها فعموم قوله لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة كما في الصحيحين وغيرهما يفيد منعهن من أن يكون لهن منصب الإمامة في الصلاة للرجال.
هناك حديث الدليل فيه قاطع على عدم جواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة يدرك تحت هذه المسألة.
فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل ، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود) وفي لفظ آخر : (يقطع الصلاة : المرأة ، والحمار ، والكلب) أخرجه مسلم
بأن المرأة إذا مرت بين يدي المصلي تقطع الصلاة وقد ذهب بعض العلماء إلى سبب القطع وعلته بمرور المرأة ليس لنجستها ولكن لفتنتها للرجل ، فكيف بمن تؤم الرجال وتقف أمامهم وتركع وتسجد بهم؟!! .
ويا ليت فضيلة الدكتور سعد الدين الهلالي إذا وصله هذا أن يرد على رأي الجمهور الذي دائماً يخالفه ويأتي بالأقوال الشاذة ويرد على هذا الحديث.
اسم المفتى: الشيخ / محمد فرج الأصفر