سؤال الفتوى:
السلام عليكم
يدشن في بلدي احتفال بمناسبة مسابقة ملكة جمال السياحة تنشيط للسياحة فما حكم هذه المسابقة والقائمين عليها والمشاركين فيها؟
< جواب الفتوى >
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مثل هذه المسابقات لا يجوز أن تُقام في بلاد الإسلام والعرب ، والمجتمعات المسلمة ، لأنها من سمات المجتمعات الكافرة ويتم تصدرها لنا من أجل نشر المنكرات والفواحش والخًنًى في مجتمعاتنا ، ولا يحل تقليد أهل الكفر وإتباعهم في مثل هذه المنكرات وفي كل ما حرم الله عز وجل .
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ} آل عمران: 149.
وقال تعالى: (كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) البقرة: 109.
وقال تعالى:{وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}آل عمران: 69.
وقال تعالى: }وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} النساء: 89.
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود قال الألباني في صحيح أبي داود : حسن صحيح
وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( َتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟ ) رواه البخاري ومسلم.
لا أعلم مسلمة تؤمن بالله رباً وبمحمد رسولاً صلى الله عليه وسلم وباليوم الآخر تشترك في مثل هذه المسابقة ، وتعرض جسدها وعورتها المخففة أو المغلظة على أهل الأرض جميعاً ، وتخلع ثوب الحياء وتسقط عفتها وشرفها بعد أن اسقطت دينها، وتنشر الفاحشة والفتن بين الناس بهذا الفعل المشين.
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) النور: 19.
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) البروج:10.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " رواه مسلم .
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة ، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ بعد أن كانت في الجاهلية تُورث مع المتاع ، وتباع في سوق النخاسة ويُتاجر بها في بيوت الدعارة والرايات الحمر ، فهل يحل لها أن ترجع إلى ما كانت عليه قبل الإسلام؟!! وقد أمرها الله عز وجل بالعفة والتستر والحجاب .
قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور:31
وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب:59
وقال تعالى:(سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) الأحزاب: 53.
عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول : لما نزلت هذه الآية ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أخذن أُزُرَهن (نوع من الثياب) فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها . رواه البخاري، وأبو داود بلفظ : " يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن أكثف مروطهن (نوع من الثياب) فاختمرن بها " . أي غطين وجوههن.
عن عروة أن عائشة قالت : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد" . رواه البخاري ومسلم.
:رابعاً
على أولياء أمورهن عدم السماح لهن بالمشاركة في هذه المسابقة، بأي صورة من الصور، ومن يسمح لبنته أو أخته للمشاركة فيها، فقد دخل تحت هذا الوعيد
عَنْ جَدِّهِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : " ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا : الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ ، وَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ " . فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ ، فَمَا الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ ؟قَالَ: " الَّذِي لا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ " قُلْنَا : فَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ ؟قَالَ: " الَّتِي تَشَّبَّهُ بِالرِّجَالِ" السنن الكبرى للبيهقي.
قال ابن منظور: " الديّوث هو الذي لا يغار على أهله " .
وقال علي القاري: "والديوث الذي يُقرُ أي يُثبتُ بسكوته على أهله، أي من امرأته أو جاريته أو قرابته، الخبث أي الزنا أو مقدماته وفي معناه سائر المعاصي كشرب الخمر وترك غسل الجنابة ونحوهما، قال الطيبي أي: الذي يرى فيهن ما يسوءه ولا يغار عليهن ولا يمنعهن فيقر في أهله الخبث"
لقد أمر الله عز وجل الرجال وأولياء الأمور أن يُصونوا عرض أهليهم من النساء ويحافظوا على كرامتها ، ويحميهم من الفتن والألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدي الباطشة.
قال تعالى: (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم: 6.
يجب على العلماء وأهل الفتوى والدعاة إلى الله تعالى ، أن ينكروا هذا المنكر بالوعظ والإرشاد والنصح إلى ولي الأمر ليظهروا حكم هذه المسابقة ، وأن الواجب على ولي الأمر عدم إقامتها ، وإنه سوف يسأل عن ذلك وأن من واجباته
حراسة الدين وحفظهسياسة الدنيا به إذ لا تمضي الأمور على الاستقامة وتتحقق الأهداف العامة إلا بذلكر، وحماية البيضة والذب عن الحريم ؛ وإقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك ، وتحفظ حقوق عباده من إتلاف واستهلاك.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت، وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة) أخرجهما البخاري ومسلم.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: " مَعْنَاهُ بَيِّن فِي التَّحْذِير مِنْ غِشّ الْمُسْلِمِينَ لِمَنْ قَلَّدَهُ اللَّه تَعَالَى شَيْئًا مِنْ أَمْرهمْ ، وَاسْتَرْعَاهُ عَلَيْهِمْ ، وَنَصَبَهُ لِمَصْلَحَتِهِمْ فِي دِينهمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ ، فَإِذَا خَانَ فِيمَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْصَح فِيمَا قُلِّدَهُ ؛ إِمَّا بِتَضْيِيعِهِ تَعْرِيفهمْ مَا يَلْزَمهُمْ مِنْ دِينهمْ ، وَأَخْذهمْ بِهِ ، وَإِمَّا بِالْقِيَامِ بِمَا يَتَعَيَّن عَلَيْهِ مِنْ حِفْظ شَرَائِعهمْ ، وَالذَّبّ عَنْهَا لِكُلِّ مُتَصَدٍّ لإِدْخَالِ دَاخِلَة فِيهَا أَوْ تَحْرِيف لِمَعَانِيهَا ، أَوْ إِهْمَال حُدُودهمْ ، أَوْ تَضْيِيع حُقُوقهمْ ، أَوْ تَرْك حِمَايَة حَوْزَتهمْ ، وَمُجَاهَدَة عَدُوّهِمْ ، أَوْ تَرْك سِيرَة الْعَدْل فِيهِمْ ، فَقَدْ غَشَّهُمْ " . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر الْمُوبِقَة الْمُبْعِدَة عَنْ الْجَنَّة . وَاَللَّه أَعْلَم . نقله النووي .