علاقة الراحل بمقاومة المحتلين، تتجاوز الموقف السياسي الوطني، لتكتسب أبعاداً عائلية، فالضاري حفيد قائد ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني في العراق 1920 ووالده سليمان، شارك مع جده في قتل قائد حملة الجيوش البريطانية ضد العراق آنذاك، الكولونيل لجمان.
رداً على احتلال بلده في مارس/آذار 2003 ، أسس الضاري، "هيئة علماء المسلمين في العراق"، وقد ضمّت آنذاك عشرات رجال الدين من السنّة والشيعة. وكان أول من دعا إلى بدء مقاومة القوات الأميركية عسكريّاً باعتبارها محتلة. موقفه الرافض إجراء الانتخابات تحت حراب الاحتلال، دفع عدداً من رجال الدين الشيعة المشاركين في الهيئة إلى الانسحاب منها.
استمر عمل الضاري أميناً عاماً لهيئة علماء المسلمين في بغداد بجامع أم القرى، لغاية عام 2006، إذ اتهمته القوات الأميركية بدعم المقاومة العراقية، تزامن ذلك مع رفضه إصدار فتوى للسنّة تحض على المشاركة في العملية السياسية التي كانت تحضر لها واشنطن.
هذه المواقف، دفعت الحاكم المدني للعراق آنذاك، بول بريمر إلى إصدار أمراً بملاحقته بتهمة الإرهاب، فتمّ اقتحام منزله في أبو غريب، ومن ثم مقر الهيئة ما اضطر الراحل إلى مغادرة البلاد، بداية عام 2006، ليبقى متنقلاً بين عمان ومصر.
يتحدر الضاري، الملقّب "أبو الأيتام"، من عشيرة عراقية كبيرة، وقد ولد عام 1941 في مدينة حمضاي بين الفلوجة وأبو غريب غرب بغداد، وحصل على البكالوريوس من جامعة الأزهر في القاهرة عام 1967 ثم الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1978.
عمل بعد ذلك، أستاذا في جامعات العراق، ثم الإمارات والأردن وأشرف على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه في أصول الدين والفقه.
كل هذه المؤهلات، جعلت الضاري شخصية مؤثرة في الشارع العراقي، خصوصاً السنّي، ما يفسر إقامة عددٍ من المدن صلوات الغائب، بعد تلقّيها نبأ وفاته، وإطلاق سبعة تكبيرات موحدة من المساجد وإصدار بيانات النعي.
فالضاري الذي عرف عنه انتقاده تنظيم "القاعدة"، ومن بعده تنظيم "الدولة الإسلامية"، لدرجة أنه اعتبر إعلان الأخير الخلافة بداية مخطط لتقسيم العراق، ساهم في حلّ الكثير من الخلافات الداخلية والقبلية في مناطق غرب وشمال العراق.
ولا يتردد القيادي في جبهة حراك الشعبية العراقية، فاهم عبد الحميد، في وصف رحيل الضاري، خلال حديث مع "العربي الجديد"، بأنه "رحيل آخر رجال الوحدة السنية في العراق"، فيما يعتبر الشيخ حسين الدراجي، وهو أحد رجال الدين الشيعة في بغداد أن الراحل، "كان الصوت المقاوم المعتدل والوطني النادر، لكن عراق ما بعد الاحتلال درج على تصنيف أي معارض للمحتل بأنه إرهابي، لذا يمكن القول، نعم هو شيخ المقاومة العراقية بلا منافس".