(ب)
معنى العمرة وحكمها * العمرة: هي التعبد لله بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير * حكم العمرة: العمرة واجبة في العمر مرة، وتسن في كل وقت من العام، وفي أشهر الحج أفضل من سائر العام، والعمرة في رمضان تعدل حجة. * اعتمر النبي أربع عمر كلها في أشهر الحج وهي: عمرة الحديبية ، وعمرة القضاء ، وعمرة الجعرانة ، وعمرته مع حجته ، وكلها كانت في ذي القعدة. * أركان العمرة: الإحرام، والطواف، والسعي. * واجبات العمرة: الإحرام من الميقات، والحلق أو التقصير. صفة العمرة * أن يحرم من يريد العمرة بها من الميقات إذا كان ماراً به، ومن كان دون الميقات أحرم من حيث أنشأ، وإن كان من أهل مكة خرج إلى الحل كالتنعيم ليحرم منه، ويستحب أن يدخل مكة ليلاً أو نهاراً من أعلاها ويخرج من أسفلها إن كان أيسر له. * فإذا وصل مكة دخل المسجد الحرام ملبياً طاهراً، ثم يقطع التلبية ويبدأ بالطواف بالكعبة من الحجر الأسود، ويجعل البيت عن يساره. ويسن أن يضطبع قبل أن يطوف، بأن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر في جميع الأشواط. ويسن أن يرمل: وهو المشي بقوة ونشاط في الأشواط الثلاثة الأولى من الحجر إلى الحجر، ويمشي في الأشواط الأربعة الأخيرة، والاضطباع والرمل سنة للرجال فقط دون النساء في طواف القدوم فقط. * فإذا حاذى الحجر الأسود استقبله واستلمه بيده، وقبَّله بفمه، فإن لم يستطع، وضع يده اليمنى عليه وقبَّلها، فإن لم يستطع استلمه بمحجن أو عصا ونحوهما مما في يده وقبلها، فإن لم يستطع أشار إليه بيده ولا يقبلها، ويقول: إذا حاذاه (الله أكبر) مرة واحدة، ويفعل ذلك في كل شوط، ثم يدعو أثناء طوافه بما شاء من الأدعية الشرعية ويذكر الله ويوحده. * فإذا مرَّ بالركن اليماني استلمه بيده اليمنى بدون تقبيل في كل شوط ولا يكبر، فإن شق استلامه مضى في طوافه بلا تكبير ولا إشارة، ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) فيطوف سبعة أشواط كاملة من وراء الكعبة والحجر، يكبر كلما حاذى الحجر الأسود ويستلمه ويقبله في كل شوط إن أمكن، ولا يستلم الركنين الشاميين، وله أن يلتزم بين الركن والباب بعد طواف القدوم أو الوداع أو غيرهما فيضع صدره ووجهه وذراعيه عليه ويدعو ويسأل الله تعالى. * فإذا فرغ من الطواف غطى كتفه الأيمن وتقدم إلى مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)(البقرة/125). * ثم يصلي ركعتين خفيفتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر وإلا في أي مكان من المسجد الحرام، ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى: الفاتحة وسورة (الكافرون) وفي الثانية: الفاتحة وسورة (الإخلاص)، ثم ينصرف من حين يسلم، والدعاء بعد الركعتين هنا غير مشروع، وكذلك الدعاء عند مقام إبراهيم لا أصل له. * ثم إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منها إن أحب وهي طعام طعم، وشفاء سقم، ثم يرجع إلى الحجر الأسود ويستلمه إن تيسر. * ثم يخرج إلى الصفا، ويسن أن يقرأ إذا قرب منه: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)(البقرة/158). ويقول: أبدأ بما بدأ الله به، فإذا صعد على الصفا ورأى البيت يقف مستقبلاً القبلة ويكبر ثلاثاً رافعاً يديه للذكر والدعاء، يوحد الله ويكبره قائلاً: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده). متفق عليه . ثم يدعو، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، يجهر بالذكر ويسر بالدعاء. * ثم ينزل من الصفا متجهاً إلى المروة بخشوع وتذلل، ويمشي حتى يحاذي العلم الأخضر، فإذا حاذاه سعى سعياً شديداً إلى العلم الأخضر الثاني، ثم يمشي إلى المروة، وفي كل ذلك يهلل ويكبر ويدعو. * فإذا وصل إلى المروة رقاها واستقبل البيت رافعاً يديه ووقف يذكر الله تعالى ويدعو، ويقول ما قاله على الصفا ويكرره ثلاثاً، ثم ينزل من المروة إلى الصفا، يمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، يفعل ذلك سبعاً، ذهابه سعية، ورجوعه سعية، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، وتسن للسعي الطهارة والموالاة. * فإذا أتم السعي حلق وهو الأفضل أو قصر من شعر رأسه يعمه بالتقصير، وتقصر المرأة من شعرها قدر أنملة، وبذلك تمت العمرة وحل له كل شيء حرم عليه وهو محرم كاللباس، والطيب، والنكاح ونحو ذلك. * المرأة كالرجل في الطواف والسعي إلا أنها لا ترمل في طواف ولا سعي ولا تضطبع. * إذا جامع الرجل زوجته بعد الإحرام بالعمرة لزمه أن يتمها ثم يقضيها؛ لأنه أفسدها بالجماع، وإن جامعها بعد الطواف والسعي وقبل الحلق أو التقصير فلا تفسد عمرته، وعليه فدية الأذى. * يستحب في حق المتمتع أن يُقصِّر في العمرة ويحلق في الحج إذا كان ما بين النسكين متقارباً. * إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو السعي فإنه يدخل مع الجماعة ويصلي، فإذا انتهت الصلاة أتم الشوط من حيث وقف ولا يلزمه أن يأتي به من أول الشوط. * تقبيل الحجر الأسود واستلامه والإشارة إليه والتكبير كل ذلك مستحب، فمن شق عليه شيء منها تركها ومضى. * السنة تقبيل الحجر الأسود واستلامه لمن سهل عليه ذلك في حال الطواف وبين الطواف والسعي، أما مع الزحام وأذية الطائفين فلا يشرع، وتركه أفضل خاصة النساء؛ لأن الاستلام والتقبيل مستحب، وأذية الناس محرمة، فلا يفعل المستحب ويرتكب المحرم في آن واحد. * أصل الحجر الأسود أنه نزل من الجنة أشد بياضاً من الثلج فسوَّدته خطايا بني آدم، ولولا ما مسَّه من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي، وما على الأرض شيء من الجنة غيره، يبعثه الله يوم القيامة فيشهد على من استلمه بحق، ومسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً. فضل الطواف بالبيت يستحب للمسلم أن يكثر من الطواف بالبيت. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله يقول: (من طاف بالبيت وصلى ركعتين كان كعتق رقبة). أخرجه الترمذي وابن ماجه . * يشرع للمعتمر إن أقام بمكة وأراد الخروج منها أن يطوف للوداع ولا يجب عليه ذلك. * الطواف بالبيت على طهارة أفضل وأكمل، وإن طاف بلا وضوء صح، أما الطهارة من الحدث الأكبر كالجنابة والحيض فتجب. صفة الحج * صفة الحج الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر به أصحابه رضي الله عنهم. * يسن للمحلين بمكة وأهل مكة الاغتسال والتنظف والتطيب ثم الإحرام بالحج يوم التروية قبل الزوال وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، يحرم من مكانه الذي هو نازل فيه، ويقول في إهلاله: (لبيك حجاً) وأما القارن والمفرد فيبقى على إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر. * ثم يخرج ملبياً كل من أراد الحج إلى منى قبل الزوال، فيصلي بها مع الإمام إن تيسر الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، وإن لم يتيسر صلى في موضع رحله قصراً بلا جمع، ويبيت في منى تلك الليلة. * ثم إذا طلعت الشمس من اليوم التاسع وهو يوم عرفة سار من منى إلى عرفة ملبياً ومكبراً، فينزل بنمرة إلى الزوال، وهي مكان قريب من عرفات وليس منها. وقت الوقوف بعرفة:يبدأ بعد زوال الشمس من يوم عرفة إلى غروب الشمس، ويستمر زمن الوقوف إلى طلوع الفجر من ليلة العاشر، ومن دخل قبل الزوال أو دخل ليلة عرفة جاز، لكن السنة الدخول بعد الزوال، ومن وقف ليلاً ولو لحظة أجزأه، ومعنى الوقوف: المكث على الراحلة أو الأرض لا الوقوف على القدمين، ومن وقف بعرفة نهاراً ثم دفع قبل الغروب فقد ترك أمراً مستحباً ولا دم عليه، وحجه صحيح. عن عروة بن مُضَرِّسٍ رضي الله عنه أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج لصلاة الفجر... فقال له النبي : (من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد أتم حجه وقضى تفثه). أخرجه أبو داود والترمذي . * فإذا غابت الشمس أفاض من عرفات إلى مزدلفة ملبياً وعليه السكينة والهدوء، ولا يزاحم الناس بنفسه أو دابته، وإذا وجد فجوة أسرع، فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، يجمع بينهما جمع تأخير بأذان واحد وإقامتين، ويبيت بها ويصلي التهجد والوتر. * ثم يصلي الفجر مع سنتها بغلس بعد دخول الوقت، فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام وهو الآن مسجد مزدلفة، ويقف هناك مستقبلاً القبلة، يذكر الله تعالى، ويحمده، ويهلله، ويكبره، ويلبي، ويدعو راكباً أو على الأرض حتى يسفر جداً كما قال سبحانه: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ...)(البقرة/198). * وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام فمزدلفة كلها موقف فيدعو في مكانه مستقبلاً القبلة. ويجوز للضعفة وذوي الأعذار من الرجال والنساء ومن يرافقهم أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر أو إذا مضى أكثر الليل، ثم يرموا جمرة العقبة إذا وصلوا منى. * ثم يدفع الحاج من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس وعليه السكينة، فإذا بلغ محسراً- وهو واد بين مزدلفة ومنى وهو من منى- أسرع راكباً أو ماشياً قدر رمية حجر. ويلتقط سبع حصيات من عند الجمرات، أو من طريقه إلى الجمرات من منى، وإن أخذها من مزدلفة جاز، ويلبي ويكبر في طريقه، ويقطع التلبية إذا رمى جمرة العقبة. * فإذا وصل جمرة العقبة وهي آخر الجمرات من جهة منى رماها بسبع حصيات بعد طلوع الشمس، جاعلاً منى عن يمينه ومكة عن يساره، يرفع يده اليمنى بالرمي، ويكبر مع كل حصاة. والسنة في حصى الجمار أن تكون صغيرة بين الحمص والبندق مثل حصى الخذف، ولا يجوز الرمي بحصاة كبيرة، ولا يجوز الرمي بغير الحصى كالخفاف والنعال، والجواهر والمعادن ونحوها، ولا يؤذي ولا يزاحم المسلمين عند الرمي وغيره. * ثم بعد الرمي يذبح المتمتع والقارن الهدي، ويقول عند الذبح أو النحر: (باسم الله والله أكبر، اللهم إن هذا منك ولك، اللهم تقبل مني). ويسن أن يأكل من لحمه، ويشرب من مرقه، ويطعم منه المساكين، وله أن يتزود منه لبلده. * ثم بعد ذبح الهدي يحلق رأسه أو يقصره إن كان رجلاً والحلق أفضل، والسنة أن يبدأ الحالق بيمين المحلوق، والمرأة تقصر من شعر رأسها قدر أنملة فقط. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : (اللهم اغفر للمحلقين) قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: (اللهم اغفر للمحلقين) قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: (اللهم اغفر للمحلقين) قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: (وللمقصرين). متفق عليه . * فإذا فعل ما سبق حل له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، فيحل له اللباس والطيب وتغطية الرأس ونحوها، ولو رمى جمرة العقبة فقط حل له كل شيء من المحظورات إلا النساء ولو لم يحلق أو يذبح الهدي إلا من ساق الهدي فلا يحل حتى يرمي ويذبح الهدي، ويسمى هذا (التحلل الأول). * ويسن للإمام أن يخطب ضحى يوم النحر بمنى عند الجمرات، يُعَلِّم الناس مناسكهم، ثم يلبس الحاج ثيابه ويتطيب ويفيض إلى مكة ضحى فيطوف بالبيت طواف الحج، ويسمى (طواف الإفاضة أو الزيارة) ولا يرمل فيه. ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً وهو الأجود، وإن اكتفى المتمتع بسعي واحد بين الصفا والمروة فلا بأس، وإن كان قارناً أو مفرداً ولم يسع مع طواف القدوم طاف وسعى كالمتمتع، وإن سعى بعد طواف القدوم وهو الأفضل فلا سعي عليه بعد طواف الإفاضة، ثم قد حل له كل شيء مما حرم عليه في الإحرام حتى النساء، ويسمى هذا (التحلل الثاني). أول وقت طواف الزيارة:بعد مضي معظم الليلة النحر لمن وقف بعرفة، ويسن في يومه، وله تأخيره، ولا يؤخره عن شهر ذي الحجة إلا لعذر. * ثم يرجع إلى منى ويصلي بها الظهر، ويمكث فيها بقية يوم العيد وأيام التشريق ولياليها، فيبيت بمنى ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني عشر، وليلة الثالث عشر إن تأخر وهو الأفضل، فإن لم يتيسر المبيت بات معظم الليل من ليالي منى بمنى من أوله أو وسطه أو آخره. ويصلي الصلوات الخمس مع الجماعة في أوقاتها قصراً بلا جمع في مسجد الخيف إن تيسر، وإلا صلى جماعة في أي مكان من منى، ويرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق بعد الزوال، يلتقط حصى كل يوم من أي مكان في منى. * والسنة أن يذهب إلى الجمرات ماشياً إن تيسر، فيرمي في اليوم الحادي عشر بعد الزوال (الجمرة الأولى) وهي الصغرى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات، يرفع يده اليمنى مع كل حصاة، ويقول: (الله أكبر) مستقبلاً القبلة إن تيسر. فإذا فرغ تقدم قليلاً عن يمينه، فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، ويدعو طويلاً بقدر سورة البقرة. * ثم يسير إلى (الجمرة الوسطى) ويرميها بسبع حصيات كما سبق، ويرفع يده اليمنى مع كل حصاة ويكبر، ثم يتقدم ذات الشمال، ويقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، ويدعو طويلاً أقل من دعائه في الأولى. * ثم يسير إلى (جمرة العقبة) ويرميها بسبع حصيات، جاعلاً مكة عن يساره ومنى عن يمينه ولا يقف عندها للدعاء، وبذلك يكون قد رمى إحدى وعشرين حصاة، ويجوز للمعذور أن لا يبيت في منى، وأن يجمع رمي يومين في يوم واحد، أو يؤخر الرمي إلى آخر أيام التشريق، أو يرمي في الليل. * ثم يفعل في اليوم الثاني عشر كما فعله في اليوم الحادي عشر، يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق. * فإن أحب التعجل في يومين خرج من منى قبل الغروب في اليوم الثاني عشر، وإن تأخر إلى اليوم الثالث عشر رمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق وهو الأفضل؛ لأنه فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، والمرأة كالرجل في كل ما سبق، وبذلك فرغ الحاج من أعمال الحج. * حج النبي حجة واحدة هي حجة الوداع قام فيها بأداء النسك، والدعوة إلى الله، وحمل الأمة مسؤولية الدعوة إلى الله، ففي عرفة تم إكمال الدين، وفي يوم النحر تحميل الأمة مسؤولية الدين كما قال : (ليبلغ الشاهد الغائب). متفق عليه . * يشرع للمسلم كلما فرغ من عبادة كالصلاة والصيام والحج أن يذكر الله عز وجل الذي وفقه لأداء الطاعة، ويحمده على ما يسر له من أداء الفريضة ويستغفره عن التقصير لا كمن يرى أنه أكمل العبادة ومن بها على ربه. قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) (البقرة/200). * ثم بعد رمي اليوم الثالث عشر بعد الزوال يخرج من منى، ومن السنة أن ينزل بالأبطح إن تيسر ويصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيت به بعض الليل.
* ثم ينزل إلى مكة ويطوف طواف الوداع إن كان من غير أهل مكة، والحائض والنفساء لا طواف عليهما للوداع، فإذا طاف للوداع نفر إلى بلده، وله أن يحمل معه من ماء زمزم ما تيسر إن شاء.
أحكام الحج والعمرة
* الأفضل للحاج أن يرتب الأعمال يوم العيد- وهو العاشر من شهر ذي الحجة- كما يلي: رمي جمرة العقبة ، ثم ذبح الهدي ، ثم الحلق أو التقصير ، ثم الطواف ، ثم السعي ، وهذا هو السنة، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج كأن يحلق قبل أن يذبح، أو يطوف قبل أن يرمي ونحو ذلك. عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال: (اذبح ولا حرج) فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ قال: (ارم ولا حرج) فما سئل النبي عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: (افعل ولا حرج). متفق عليه . * يجوز للرعاة والمرضى ومن له عذر أو يضره الزحام أن يؤخروا رمي أيام التشريق إلى اليوم الثالث عشر ، ويرمي مرتباً لكل يوم، فيرمي لليوم الحادي عشر الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، ثم اليوم الثاني عشر كذلك، ثم الثالث عشر كذلك، فإن أخره عن اليوم الثالث عشر من غير عذر، فعليه دم مع الإثم، وإن أخره لعذر فعليه دم فقط، ولا يرمي في كلا الحالين؛ لفوات وقته. * يجوز للرعاة ومن يشتغل بمصالح الحجاج العامة كرجال المرور، والأمن، والمطافئ، والأطباء ونحوهم أن يبيتوا ليالي منى خارجها إذا لزم الأمر، ولا فدية عليهم. حدود منى : شرقاً وغرباً بين وادي محسر وجمرة العقبة، وشمالاً وجنوباً الجبلان المرتفعان
حدود مزدلفة : من الشرق مفيض المأزمين الغربي، ومن الغرب وادي محسر، ومن الشمال جبل ثبير، ومن الجنوب جبال المرتخيات.
* رمي الجمار بعد يوم العيد كله بعد الزوال، ومن رمى قبل الزوال لزمه أن يعيده بعد الزوال، فإن لم يعد وغابت شمس اليوم الثالث عشر فعليه دم، ولا يرمي؛ لفوات وقت الرمي.
* أيام التشريق الثلاثة بالنسبة إلى الرمي كاليوم الواحد، فمن رمى عن يوم منها في يوم آخر أجزأه ولا شيء عليه لكنه ترك الأفضل.
* السنة أن يطوف الحاج طواف الزيارة يوم العيد، ويجوز له تأخيره إلى أيام التشريق، وإلى نهاية شهر ذي الحجة، ولا يجوز تأخيره عن ذي الحجة إلا لعذر كالمريض الذي لا يستطيع الطواف ماشياً أو محمولاً، أو امرأة نَفِست قبل أن تطوف ونحو ذلك. * إذا دفع من عرفة إلى مزدلفة، وحبسه عذر، كزحام، وخشي خروج وقت العشاء فيصلي في الطريق، ومن حُبس عاجزاً عن الوصول إلى مزدلفة ولم يصل إلا بعد طلوع الفجر، أو بعد طلوع الشمس وقف بمزدلفة قليلاً، ثم يستمر متجهاً إلى منى ولا دم عليه. * من رمى الحصى دفعة واحدة أجزأ عن واحدة، ويكمل الست الباقية، والمرمي: هو مجتمع الحصى، وليس العامود المنصوب للدلالة على الحوض. * الأفضل للحاج أن يرمي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال في النهار، فإن خشي من الزحام رماها مساء؛ لأن النبي وقّت ابتداء الرمي ولم يؤقت آخره. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل النبي فقال: رميت بعد ما أمسيت فقال: (لا حرج) قال: حلقت قبل أن أنحر قال: (لا حرج). متفق عليه . * إذا حاضت المرأة قبل طواف الزيارة أو نفست فلا تطوف حتى تطهر، وتبقى في مكة حتى تغتسل ثم تطوف، فإن كانت مع رفقة لا ينتظرونها ولا تستطيع البقاء في مكة فلها أن تتلجم بخرقة وتطوف؛ لأنها مضطرة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. * تجوز الإنابة في الرمي لمن لا يقدر عليه من الضعفاء من الرجال والنساء والأطفال، فيرمي عن نفسه ثم يرمي عن موكله عند كل جمرة في مكانه. * يمتد وقت الذبح للهدي من يوم العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر. * إذا أحرمت المرأة بالعمرة ثم حاضت قبل الطواف فإن طهرت قبل اليوم التاسع أتمت عمرتها ثم أحرمت بالحج وخرجت إلى عرفة، وإن لم تطهر قبل يوم عرفة أدخلت الحج على العمرة بقولها: (اللهم إني أحرمت بحج مع عمرتي) فتصير قارنة وتقف مع الناس، فإذا طهرت اغتسلت وطافت بالبيت. * المفرد أو القارن إذا قدم مكة وطاف وسعى يُسن له أن يقلب نسكه إلى عمرة ليكون متمتعاً، وله قلب نسكه إلى التمتع قبل الطواف، ولا يحول المفرد نسكه إلى قارن، ولا يحول القارن نسكه إلى إفراد، بل السنة أن يحول نسكه مفرداً أو قارناً إلى التمتع إن لم يكن مع القارن هدي. * يجب على الحاج أو المعتمر أن يصون لسانه عن الكذب، والغيبة، والجدال، وسيئ الأخلاق، وأن يختار لصحبته الرفقة الصالحة، وأن يأخذ لحجه وعمرته المال الحلال الطيب. * دخول الكعبة ليس بفرض ولا سنة مؤكدة بل دخولها حسن، ومن دخلها يستحب له أن يصلي فيها ويكبر الله ويدعوه، فإذا دخل مع الباب تقدم حتى يصير بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع والباب خلفه ثم يصلي. في الحج ست وقفات للدعاء:على الصفا، وعلى المروة ، وهذان في السعي ، وفي عرفة ، وفي مزدلفة ، وبعد الجمرة الأولى ، وبعد الجمرة الوسطى ، فهذه ست وقفات للدعاء، ثبتت عن النبي . * إفاضات الحجاج ثلاث : الأولى من عرفة إلى مزدلفة ليلة عيد النحر، الثانية من مزدلفة إلى منى، الثالثة من منى إلى مكة لطواف الإفاضة. النزول في المشاعر * منى مناخ من سبق، ومن ترك المبيت بمنى ليلتين أو ثلاثاً من غير عذر فعليه دم، ومن لم يجد مكاناً في منى نزل بجوار آخر خيمة من منى من أي جهة ولو كان خارج منى، ولا حرج ولا دم عليه، ولا يبيت بمنى على الأرصفة أو في الطرق فيضر نفسه ويؤذي غيره.
* منى ومزدلفة وعرفات مشاعر كالمساجد، لا يجوز لأحد أن يبني فيها بيتاً ويؤجره، أو يأخذ أرضاً ويؤجرها، فإن فعل فالناس معذورون ببذل الأجرة والإثم على من أخذها، وعلى الإمام أن ينظم نزول الناس في المشاعر بما يراه مناسباً يحقق المصلحة والراحة.
عن عبدالرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب النبي قال: خطب النبي الناس بمنى، ونزلهم منازلهم فقال: (لينزل المهاجرون هاهنا) وأشار إلى ميمنة القبلة (والأنصار هاهنا) وأشار إلى ميسرة القبلة (ثم لينزل الناس حولهم). أخرجه أبو داود والنسائي .
* إذا أخر الحاج طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأ عن الوداع إذا نواه للزيارة لكنه ترك الأفضل.
* من وجب عليه طواف الوداع وخرج قبل أن يطوف للوداع لزمه أن يرجع ويطوف للوداع، فإن لم يرجع فعليه دم. * ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو غيرهما: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله إذا قفل من الجيوش، أو السرايا، أو الحج، أو العمرة إذا أوفى على ثنية أو فَدْفَدٍ، كبر ثلاثاً، ثم قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده). متفق عليه . أركان الحج : الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، والسعي.
واجبات الحج : الإحرام من الميقات المعتبر له، والمبيت ليالي أيام التشريق بمنى لغير أهل السقاية والرعاية ونحوهم، والمبيت بمزدلفة ليلة النحر، أو معظم الليل للضعفاء ونحوهم، ورمي الجمار، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع لغير أهل مكة عند الخروج منها.
* من ترك ركناً من أركان الحج أو العمرة لم يتم نسكه إلا به. ومن ترك واجباً جبره بدم، فإن لم يجد فعليه التوبة ولا شيء عليه، ونسكه صحيح، لكن من تركه متعمداً فهو آثم وعليه الفدية، ومن تركه غير متعمد، فلا إثم عليه، وعليه الفدية إن وجد.
ومن ترك سنة فلا شيء عليه، والسنة ما عدا الركن والواجب من حج أو عمرة أو غيرهما، سواء كانت أقوالاً أو أفعالاً أحكام الفوات والإحصار:من ترك الإحرام لم ينعقد نسكه، ومن ترك ركناً غيره لم يتم نسكه إلا به. ومن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج وتحلل بعمرة ويقضيه فيما بعد إن كان فرضه ويهدي، وإن اشترط حل ولا شيء عليه. ومن صده عدو عن البيت أهدى ثم حلق أو قَصَّر ثم حَلَّ، وإن صُدَّ عن عرفة تحلل بعمرة. وإن حصره مرض أو ذهاب نفقة، فإن كان مشترطاً حَلَّ ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط في إحرامه ذبح ما تيسر من الهدي ثم حلق أو قصر ثم حَلَّ، ومن كُسِرَ أو مرض أو عَرِجَ فقد حَلَّ، وعليه الحج من قابل إن كان فرضه.
زيارة المسجد النبوي
خصائص المساجد الثلاثة المساجد الثلاثة هي: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. 1- المسجد الحرام بناه إبراهيم وابنه إسماعيل، وهو قبلة المسلمين وإليه حجهم، وهو أول بيت وضع للناس، جعله الله مباركاً وهدى للعالمين. والمسجد النبوي بناه محمد وأصحابه وقد أسس على التقوى. والمسجد الأقصى بناه يعقوب وهو أولى قبلتي المسلمين. 2- مضاعفة ثواب الصلاة في هذه المساجد الثلاثة، ولهذه الخصائص وغيرها لا تشد الرحال إلا لهذه المساجد الثلاثة حكم زيارة المسجد النبوي يسن للمسلم أن يزور المسجد النبوي، ويصلي فيه إذا دخل ركعتين تحية المسجد. ثم يذهب إلى قبر النبي ويقف أمامه ويسلم عليه قائلاً: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ثم يأتي بالدعاء الوارد في زيارة القبور. ثم يخطو خطوة عن يمينه ويسلم على أبي بكر رضي الله عنه كذلك. ثم يخطو خطوة عن يمينه ويسلم على عمر رضي الله عنه كذلك. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (ما من أحد يسلِّم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام). أخرجه أحمد وأبو داود . فضل الصلاة في المسجد النبوي الصلاة في المسجد النبوي بالمدينة تعدل ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. 1- عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: (صلاة في مسجدي هذا، أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام). متفق عليه . 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي). متفق عليه . * وتسن زيارة البقيع، وشهداء أحد، والسلام عليهم، والدعاء والاستغفار لهم. ويقول عند زيارة القبور: 1- (السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون). أخرجه مسلم . 2- أو يقول: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية). أخرجه مسلم . فضل الصلاة في مسجد قباء يسن للمسلم أن يتوضأ في بيته ويذهب إلى مسجد قباء راكباً أو ماشياً، ويصلي فيه ركعتين فإنها تعدل عمرة. عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله : (من تَطَهَّرَ في بيته، ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة). أخرجه النسائي وابن ماجه .
الهدي والأضحية والعقيقة * الأضحية: هي ما يذبح في أيام الأضحى من الإبل والبقر والغنم تقرباً إلى الله تعالى. * حكم الأضحية: سنة مؤكدة على كل قادر عليها من المسلمين. قال الله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر/2). * وقت ذبح الأضحية: من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى آخر أيام التشريق. (يوم العيد، وثلاثة أيام بعده). * يستحب أن يأكل من الأضحية ويُهدي منها ويتصدق على الفقراء، وللأضحية فضل عظيم؛ لما فيها من التقرب إلى الله عز وجل، والتوسعة على الأهل، ونفع الفقراء، وصلة الرحم والجيران. بالمدينة ليست من مناسك الحج أو العمرة، ويتم الحج والعمرة بدونها، وإنما تُسن زيارة مسجده عليه الصلاة والسلام للصلاة فيه في أي وقت. السن المعتبر في الأضاحي ونحوها لا يجزئ في الهدي والأضحية والعقيقة إلا ما كان من الإبل ثني له خمس سنين فأكثر، ومن البقر ثني له سنتان فأكثر، ومن الضأن جذع له ستة أشهر فأكثر، ومن المعز ثني له سنة فأكثر، وإذا تعينت الأضحية لم يجز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها. * يجب أن تكون الأضحية أو العقيقة أو الهدي من بهيمة الأنعام، وأن تبلغ السن المعتبر شرعاً، وأن تكون سليمة من العيوب، وأفضلها أسمنها وأغلاها وأنفسها عند أهلها. * تجزئ الشاة عن واحد، والبدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، ويجوز أن يضحي بشاة أو بدنة أو بقرة عنه وعن أهل بيته الأحياء والأموات، ويستحب الهدي والأضحية بأكثر من واحدة لذي سعة في ماله. وتسن الأضحية عن الحي، وتجوز عن الميت تبعاً لا استقلالاً إلا من أوصى بذلك. * يحرم على من يضحي أن يأخذ من شعره أو بشرته أو ظفره شيئاً في العشر الأُوَل من شهر ذي الحجة، فإن فعل شيئاً من ذلك استغفر الله ولا فدية عليه. عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئاً). أخرجه مسلم . * من ضحى عنه وعن أهل بيته يسن أن يقول عند الذبح: (باسم الله، والله أكبر، اللهم تقبل مني، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي). كيفيه النحر والذبح السنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، ويَذبح غيرها من البقر والغنم، ويجوز العكس، والنحر للإبل يكون في أسفل الرقبة من جهة الصدر، والذبح للبقر أو الغنم في أعلى الرقبة عند الرأس، يضجعها على جنبها الأيسر ويضع رجله اليمنى على رقبتها ثم يمسك برأسها ويذبح وتقول عند الذبح أو النحر: (باسم الله والله أكبر). عن أنس رضي الله عنه قال: ضَحَّى النبي بكبشين، أملحين، أقرنين ذبحهما بيده، وسمَّى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما. متفق عليه . * يسن أن يذبح الهدي أو الأضحية بنفسه، فإن لم يحسن الذبح حضره، ولا يعطي الجزار منها أجرته، ويُسمي من هي له أو عنه عند الذبح، وتَحلُّ الذبيحة بقطع الحلقوم والمريء والودجين أو أحدهما، وإنهار الدم. ما لا يجزئ من الأضاحي عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه سمع النبي يقول: (أربعة لا يَجزِينَ في الأضاحي، العوراء البيِّنُ عَوَرُهَا، والمريضة البيِّنُ مرضها، والعرجاء البيِّن ظَلعُهَا، والكَسِيرةُ التي لا تُنْقي). أخرجه أبو داود والنسائي . * إذا ذبح المسلم الهدي أو الأضحية ونحوهما من ذبائح القرب ولم يعلم بمرضها إلا بعد الذبح فإنها لا تجزئ؛ لفوات المقصود منها. * مقطوعة الإلية أو بعضها ومجبوبة السنام والعمياء ومقطوعة الساق كلها لا تجزئ في الهدي والأضحية ونحوهما من ذبائح القرب. آفة العمل يعرض للعامل إذا عمل عملاً صالحاً كالصلاة والصيام والصدقات ونحوها ثلاث آفات، وهي: رؤية العمل، وطلب العوض عليه، ورضاه به وسكونه إليه. 1- فالذي يخلصه من رؤية عمله مطالعته لمنة الله عليه وتوفيقه له، وأنه من الله وبه لا من العبد. 2- والذي يخلصه من طلب العوض عليه علمه بأنه عبد محض مملوك لسيده لا يستحق على الخدمة أجرة، فإن أعطاه سيده شيئاً من الأجرة والثواب فهو إحسان وإنعام من سيده لا عوضاً عن العمل. 3- والذي يخلصه من رضاه بعمله وسكونه إليه مطالعة عيوبه وتقصيره في عمله وما فيه من حظ النفس والشيطان وعلمه بعظيم حق الله، وأن العبد أعجز وأضعف أن يقوم به على الوجه الأكمل، نسأل الله الإخلاص والعون والاستقامة. حفظ العمل ليس الشأن في العمل الصالح فحسب، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه، فالرياء وإن دق مفسد للعمل، وهو أبواب كثيرة لا تحصر، وكون العمل غير مقيد باتباع السنة محبط للعمل، والمن به على الله تعالى بقلبه مفسد له، وأذى الخلق مبطل له، وتعمد مخالفة أوامر الله والاستهانة بها مبطل له ونحو ذلك. ونسال الله لنا ولكم القبول والحمد لله رب العالمين