نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا لمحررتها للشؤون العلمية سارة نابتون، حول دراسة جديدة اكتشفت أن خلايا جهاز المناعة لدى الإنسان تؤدي دورا مهما في إنتاج لويحات ملتصقة تتجمع بين خلايا الدماغ وتمنعه من العمل بشكل صحيح.
ويشير التقرير، إلى أن الجسد يقوم عادة بحماية الدماغ من هذه اللويحات، ولكن علماء أمريكيين وجدوا أنه عند الإصابة بمرض الزهايمر، فإن خلايا المناعة في الدماغ تخرج عن السيطرة تماما، وتنتج جزيئات تقلل من المناعة، وتستهلك مغذيات المخ.
وتذكر نابتون أن هناك علاجا يقوم بمنع هذه الجزيئات، وقد تم تجريبه مع مرضى السرطان، واكتشف الباحثون أنه يوقف إنتاج اللويحات، وهذا يزيد من إمكانية أن يعطى هذا العلاج، الذي يشبه أدوية "الستاتين" (المستخدمة للكوليسترول)، للكهول لمنع فقدان الذاكرة.
ويلفت التقرير إلى أن فحوص دواء الدفلوروميثلونيثين على الفئران أثبتت أنه يمنع تطور مرض الزهايمر، ويحسن الذاكرة لدى الحيوانات التي بدأت تعاني من المرض.
وتنقل الصحيفة عن المؤسسات الخيرية قولها إن هذا قد يفتح الباب لمنع وعلاج الخرف، ويقول ماثيو كان من كلية الطب في ديوك يونيفيرسيتي، التي قامت بالبحث: "إن النتائج مفاجئة؛ لأنه لم يكن متوقعا أن يكون جهاز المناعة هو المسؤول عن المشكلة.. وما كان يعتقده العلماء هو أن الدماغ ينتج جزيئات تقوم بالتشويش على جهاز المناعة، وهذا يسبب الخلل في الدماغ".
ويضيف كان أن "هذا كله يشير إلى أنه إن منعت هذه العملية فإنك تمنع تطور مرض الزهايمر"، وهو ما تم تجريبه على الفئران، بحسب الصحيفة.
ويبين التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن هناك حوالي 850 ألف مريض تم تشخيص حالتهم بالخرف، ويموت حوالي 60 ألف شخص خلال مرض الزهايمر، وتظهر في أدمغة المصابين بالزهايمر اللويحات والبروتينات اللزجة التي تسمى بيتا أميلويد والبروتينات المتشابكة.
وتفيد الصحيفة بأن الباحثين أظهروا أن معظم خلايا المناعة في الدماغ تبقى على حالها، ما عدا صنف واحد منها يسمى ميكروغليا، الذي يبدأ بإنتاج جزيء اسمه "سي دي 11 سي"، يقوم بإغلاق جهاز المناعة، ويبدأ باستهلاك مغذي الدماغ المسمى "أرغينين"، ووجد هذا الجزيء بكثرة في أجزاء الدماغ المسؤولة عن الذاكرة، حيث ماتت النيورونات.
وينقل التقرير عن المتخصصة في الأعصاب في جامعة ديوك البروفيسورة كارول كولتون، قولها: "نرى أن هذه الدراسة تفتح الأبواب للتفكير بمرض الزهايمر بطريقة مختلفة تماما، وتكسر الجمود الذي واجه الأفكار حول الزهايمر".
وتضيف كولتون: "إن كون العلاج أعطى نتائج إيجابية يعني أننا قد نكون بدأنا نسير على طريق مشوق ومهم لتحسين فهمنا لبداية هذا المرض.. وقد يكون من الممكن تطوير أدوية أخرى مبنية على الدواء المستخدم؛ لاستخدامه بشكل آمن في علاج بدايات الزهايمر"، وفق التقرير.
وتورد "إندبندنت" أن الجمعيات الخيرية المهتمة بهذا المرض قد رحبت بالتطورات الجديدة الواعدة، ولكنها نصحت بالاستمرار باستخدام حمية صحية وممارسة التمارين الرياضية.
ويعرض التقرير لقول الدكتورة لورا فيبس من "الزهايمر ريسيرتش يو كي": "هذه النتائج الأولية قد تفتح الأبواب لتطوير علاجات مستقبلية لمرض الزهايمر"
وتضيف فيبس للصحيفة أن "الأبحاث المتوفرة حاليا تشير إلى أن أفضل الطرق للحفاظ على دماغ صحيح خلال سني الحياة هو اتباع حمية متوازنة، وعدم التدخين، والحفاظ على النشاط الجسدي والعقلي، والمداومة على التمارين، والإبقاء على ضغط الدم والكوليسترول تحت السيطرة".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن الدكتور جيمس بيكيت من جمعية أبحاث الزهايمر يقول: "إن هذه الدراسة، التي أجريت على حيوانات، تكمل بعض الفراغات الموجودة في فهمنا لعملية تطور المرض، وبالذات الدور الذي يؤديه جهاز المناعة.. كما أنه من المهم أيضا أن الاستنتاجات الجديدة تعكس ملاحظات سابقة بخصوص نقص الأرغينين (المادة المغذية للدماغ) في أدمغة الناس المصابين بالزهايمر"، ويشار إلى أن هذا البحث العلمي قد نشر في مجلة العلوم العصبية.