نشرت صحيفة فاينناشيال تايمز مقالا عن الأوضاع فى سوريا قالت فيه أنه خلال زيارة قام بها قاسم سليماني إلى سورية في وقت مبكر من حزيران (يونيو)، وعد قائد فيلق القدس في جهاز الحرس الثوري الإيراني، القوة الضاربة الإيرانية الخارجية، بحدوث مفاجأة. وقال بطريقة غامضة: "سوف يتفاجأ العالم بما نعده نحن والقيادة السورية في الأيام المقبلة".
وتقول الصحيفة انه من المعروف تماماً ما الذي يفعله الفريق سليماني من أجل كسب العيش. إنه الرجل الذي أنشأ قبل عامين، سوية مع القوات شبه العسكرية في حزب الله المدعومة من إيران، شبكة من الميليشيات في طول البلد وعرضه، والتي أنقذت نظام الأقلية المحاصر الذي ينتمي إليه بشار الأسد، عندما كان يبدو ضعيفاً في وجه الثوار السنة بشكل رئيسي. وهو يكرر هذه الصيغة مع الميليشيات الشيعية في العراق
وتري الصحيفة أنه بينما تخسر قوات الأسد لصالح "داعش" في وسط وشرقي سورية، ولصالح الثوار السنة من التيار السائد في الجنوب, فإن المقاتلون الأكراد السوريون ألحقوا سلسلة من الهزائم بتنظيم "داعش" ليحكموا قبضتهم على شمال شرق البلد. وما بقي من الجيش السوري، الذي نضب بشدة في أعقاب أربعة أعوام من الحرب الأهلية، يبدو أنه يتراجع القهقرى الآن إلى خطوط دفاعية -معززاً بقوات الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله.
وما يزال النظام يحتفظ بسيطرته على دمشق، لكن العاصمة قد تواجه تهديداً من الجنوب؛ حيث أصبح الثوار في وضع يمكنهم من السيطرة على درعا على الحدود مع الأردن. وكانوا قد استولوا أصلاً على قاعدة عسكرية مجاورة، بينما ذكرت التقارير أن قوات الحكومة أخلت إدارتها من المدينة -وهو الأمر الذي كانت قد فعلته من قبل في مدينة إدلب الشمالية في شهر آذار (مارس) الماضي. وزيادة على ذلك، ثمة مجموعة ثورية أخرى تتمتع بموقف قوي في السهول الشرقية لدمشق.
وتضيف الصحيفة انه فى الشمال من العاصمة، خاض حزب الله قتالاً على مدى ستة أسابيع من أجل إخراج المقاتلين السنة من جبال القلمون التي تطل على الحدود اللبنانية مع سورية -ليس لحماية لبنان وحسب وإنما أيضاً لتأمين الطريق من دمشق إلى حمص وحتى الساحل الشمالي الغربي والأرض الأم الجبلية للطائفة العلوية، التابع الباطني من الشيعة والتي ما تزال تشكل العمود الفقري لحكم عائلة الأسد لأكثر من أربعة عقود.
وترى ان التغير الرئيسي في الأسابيع الأخيرة هو وصول قوات جهاز حرس الثورة الإيراني وحزب الله اللبناني إلى مدينة اللاذقية الساحلية، وفقاً لمصادر عربية مطلعة.
وتقول المصادر إن عدد هذه التعزيزات مجتمعة يصل إلى 3000 مقاتل، سوية مع قوة ميليشيات مختلطة أخرى قوامها 1500 رجل إلى الشمال من اللاذقية. وتضيف التقارير أن طهران تنظم جسراً جوياً منتظماً لإيصال المقاتلين إلى داخل ذلك الجيب.
وإذا كانت هذه هي المفاجأة التي تحدث عنها الفريق سليماني-في ضوء النقص المزمن للقوى البشرية المقاتلة- فإنها تكون عندئذ متوقعة. ففي الأساس، ومع أوائل أيار (مايو)، أوردت مصادر عربية وأوروبية حسنة الاطلاع وجود تدفقات كبيرة لمقاتلي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
مع تضاؤل وانكماش دولة السيد الأسد المتآكلة، فإن اعتماديته شبه الكاملة على إيران ومساعديها لم تكن أوضح في أي وقت مضى مما هي الآن. والشيء الذي يبدو وأنه يصبح أكثر صلابة ووضوحاً، مع ذلك، هو نمط تقسيم الأمر الواقع الذي ينشأ في سورية -تماماً كما هو واقع الحال في العراق.
وتقول الصحيفة أنه على غرار تقسيم الدولة العراقية بعد أن فتح الاحتلال تحت القيادة الأميركية الطريق أمام القادة الطائفيين من الغالبية الشيعية، الذين حيدوا الأقلية الكردية ذاتية الحكم، سوية مع الأقلية السنية، واللتين جرى تهميشهما مع سقوط صدام حسين. ودائماً ما كانت العناصر غير القابلة للمصالحة والتي تنتمي إلى نظام صدام هي التي تشكل الآن العمود الفقري لمجموعة "داعش" وخلافتها المعلنة ذاتياً والعابرة للحدود.
كما أن نظام الأسد لعب دوراً في هذا الأمر أيضاً. فقد سهل عبور المتطرفين إلى داخل العراق بعد الغزو الأنغلو-أميركي لذلك البلد في العام 2003، مستخدمين الطرق نفسها التي أصبحوا يستخدمونها الآن للعودة إلى داخل سورية.
وتذكر الصحيفة ان المرشد الأعلى الإيراني أعفى الفريق قاسم سليماني من القيادة في سورية بعد سلسلة المآزق في الحرب. لكنه أبقاه مسؤولاً عن العمليات العسكرية والمخابراتية في العراق واليمن ولبنان، وفق تقرير حصري للموقع الإلكتروني "ديبكافيل" الذي يستند إلى مصادر مخابراتية إيرانية.
بذلك، يبدو أن مفاجأة سليماني السورية كانت طرده من هناك، إذا كان تقرير دبكافايل صحيحاً.