اليوم تمر ثمانى سنوات على رحيل بطل عملاق وقائد من أنجب رجال القوات المسلحة، ففي مثل هذا اليوم 6 سبتمبر 2008 الموافق 6 رمضان 1429 هجرية رحل فى هدوء المشير عبدالحليم أبوغزالة.. أحد أهم قادة القوات المسلحة فى القرن العشرين ..الرجل الذى أجمع رجاله على تقديره وحبه ونال حب رجل الشارع .. وأحاط الغموض برحلته العسكرية وإقالته.
ولد أبو غزالة في 15 يناير 1930 وفى قرية زهور الأمراء بالدلنجات بمحافظة البحيرة، وحصل على الثانوية من دمنهور في 1946 والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها في فبراير 1949، وكان الأول على الدفعة التي ضمت أيضا حسنى مبارك.
وفي 13 شارع المهدى بحلمية الزيتون بالقاهرة بنى منزلاً من ثلاثة طوابق وسكن في الطابق الأخير منه وظل مقيماً فيه حتى وصل إلى رتبة اللواء، وكان التواضع أبرز ما يميز شخصيته مع أهل منطقته بل قيل إنه كان يلعب كرة القدم مع جنود وحدته العسكرية، وكان حتى قبل وفاته يشاهد يلعب التنس مع رفقاء السلاح بنادى الجلاء.
وحين وصل لرتبة نقيب في 1951 التحق بسلاح المدفعية في سيناء، وفي 1957 سافر إلى الاتحاد السوفيتى للدراسة في معهد المدفعية والهندسة في مدينة بنزا لمدة 18 شهراً ثم إلى موسكو في 1961 بأكاديمية ستالين، وحصل على إجازة القادة وهى تعادل الدكتوراه، فلما عاد عمل بمدرسة المدفعية وفى ديسمبر 1968 وحين كان برتبة عقيد قاد مدفعية أحد التشكيلات الضاربة على جبهة غرب القناة.
وفي حرب أكتوبر 1973 عُين قائداً لمدفعية الجيش الثاني ثم عُين بعد الحرب رئيساً لأركان المدفعية.
حصل أبوغزالة أيضاً على درجة بكالوريوس التجارة وماجستير إدارة الأعمال من جامعة القاهرة، وكان يجيد الإنجليزية والفرنسية والروسية، واختير في 1978 ملحقاً عسكرياً في الولايات المتحدة وأثناء عمله في الولايات المتحدة، حصل على دبلوم الشرف من كلية الحرب الأمريكية (كارلايل) في 1979 وفى يونيو 1979.
اختير مديراً للمخابرات الحربية، وفى 15 مايو 1980 عين رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة ورقى إلى فريق، وفى أكتوبر 1981 عين عضواً بالمكتب السياسى بالحزب الوطنى وبعد أيام عين وزيراً للدفاع والإنتاج الحربى وفى أبريل 1982 رقى لرتبة مشير ثم عين نائباً لرئيس الوزراء ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربي.
وفي أبريل 1989 ترك وزارة الدفاع وعين مساعداً لرئيس الجمهورية وقد أقاله الرئيس السابق مبارك من منصب وزير الدفاع سنة 1989 وأحاط كثير من الروايات حول أسباب إقالته، لكن الرواية الأكثر تأكيدا هى ما ربطت بين اجباره على الاقالة ارضاءا للولايات المتحدة وبسبب خوف مبارك من تزايد شعبيته فى الشارع واعتباره منافس قوى له خاصة بعد محاولته تصنيع سلاح "الردع العربى" وهو عبارة عن برنامجا سريا لصناعة الصواريخ الباليستية بالتعاون مع الأرجنتين وبدعم عراقي لمشروع برنامج صاروخ بدر 2000 (كوندور 2)، إلا أن المخابرات الأمريكية اكتشفت تهريب أجزاء "الكربون الأسود " الذى يساعد على الدفع وتستخدم في صناعة الصواريخ من أمريكا خلافًا لقوانين حظر التصدير، وحاول الحصول على برامج تكنولوجيا الصواريخ الأمريكية بطريقة اعتبرت غير شرعية.
وفي عام 1988، ألقت السلطات الأمريكية بكاليفورنيا القبض على عالم الصواريخ الأمريكي المصري عميد أ.ح عبد القادر حلمي، الذى كان قد استقال ويعمل فى وكالة نسا بتهمة تجنيده من قِبل المشير عبد الحليم أبو غزالة للحصول على مواد هندسية محظورة لبرنامج الصواريخ المصري بدر 2000، وتحميل الكربون على متن طائرة عسكرية متجهة للقاهرة، التي حوكم بسببها حلمي بالسجن وغرامة مالية ومصادرة أمواله.. وأحيل على إثرها المشير أبو غزالة إلى المعاش عندما طلب بوش الأب ذلك من مبارك.
ويكشف اللواء عبد المنعم سعيد، رئيس هيئة العمليات الأسبق، سبب إنشاء المشير أبو غزالة مشروع الخدمة الوطنية، بعد أن رفضت فرنسا إعطاء مصر بعض الطائرات إلا بعد سداد أموال كثيرة لم تستطع مصر سدادها في هذا الوقت فقام بإنشاء الجهاز لتوفير بعض المنتجات الزراعية وتصديرها لفرنسا مقابل الطائرات، وبعد ذلك أنشأ المخابز لخدمة المواطنين.
وأضاف سعيد: أنه فتح مستشفيات القوات المسلحة لمعالجة المدنيين، كما أنشئ في عهده بعض مصانع الإنتاج الحربي مثل مصنع 200 الحربي لإنتاج الدبابات ومصنع 99، وأسهمت مع الهيئة العربية للتصنيع في أعقاب الحرب العراقية الإيرانية والحرب بين روسيا وأفغانستان فى صنع اسم للتصنيع الحربى المصرى؛ حيث ازدهرت الصناعات الحربية المصرية وتصديرها للدول العربية والإفريقية.