الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب...أظهر الحق بالحق وأخزى الأحزاب... وأتمَّ نوره، وجعل كيد الكافرين في تباب...أرسل الرياح بشرًى بين يدي رحمته وأجرى بفضله السحاب...وأنزل من السماء ماء، فمنه شجر، ومنه شراب...
جعل الليل والنهار خلفة فتذكر أولو الألباب...نحمَده تبارك وتعالى على المسببات والأسباب...ونعوذ بنور وجهه الكريم من المؤاخذة والعتاب... ونسأله السلامة من العذاب وسوء الحساب...وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز الوهاب...الملك فوق كل الملوك ورب الأرباب...الحكم العدل يوم يُكشف عن ساق وتوضع الأنساب...غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب...
خلق الناس من آدم وخلق آدم من تراب...خلق الموت والحياة ليبلونا وإليه المآب...فمن عمل صالحًا فلنفسه، والله عنده حسن الثواب...ومن أساء فعليها، وما متاع الدنيا إلا سراب...
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المستغفِر التواب...المعصوم صلى الله عليه وسلم في الشيبة والشباب...خُلُقه الكتاب، ورأيه الصواب، وقوله فصل الخطاب... قدوة الأمم، وقمة الهِمَم، ودرة المقربين والأحباب...عُرضت عليه الدنيا بكنوزها، فكان بلاغه منها كزاد الركاب...ركب البعير، ونام على الحصير، وخصف نعله ورتق الثياب...أضاء الدنيا بسنته، وأنقذ الأمة بشفاعته، وملأ للمؤمنين براحته من حوضه الأكواب...اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى الآل والأصحاب...ما هبت الرياح بالبشرى وجرى بالخير السحاب...وكلما نبت من الأرض زرع، أو أينع ثمر وطاب...
أما بعـــــد
هذا المقال مخصص لشحذ الهمم لدفع عادية الأمم الكافرة، وخير سلاح ودفاع في هذه الأحداث، هو مقاطعة بضائع الكافرين، والتمسك بهذا السلاح الآليم ، حتى يتراجع هؤلاء، ويعلموا قدر هذا الدين وقدر سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وإن كان القادة في سبات، فأمة الإسلام في يقظة وثبات، حتى يرد الصائل ويرجع الظالم، ويعم الحق بحق وسلام.
المقاطعة سلاح فتاك
إن الدفاع عن بيضة هذا الدين وعن خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم، أمر واجب على كل مسلم ومسلمة، كبير وصغير، غنياً كان أو فقير عالماَ أو جاهلاً. لا يتخلف عنه إلا منافق معلوم النفاق، خلع ثوب الديانة، وسقط في براثن الخيانة، ولبس خوارم المروءة، وغرق في موالاة الكافرين. ووسائل الدفاع عن هذه الدين كثيرة، ومن أنفع وسائله في هذه الأحداث، هو مقاطعة منتجات وبضائع الكافرين. والاقتصاد في هذا الزمن ذا تأثير كبير وفعال على مواقف الدول واتجاهاتها ؛ فقد بدأت الدعوة إلى ( مقاطعة ) البضائع والمنتجات التي تصدرها (فرنسا) التي تحارب المسلمين وتسخر من نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ؛ لتكون وسيلة ضغط عليها لتوقف من موقفها المعادي للمسلمين .وكان لهذا النداء تجاوباً كبيراً من الشعوب المسلمة التي لا حول لها ولا قوّة ، ولا تعرف كيف تعمل ، ولا كيف تنتصر .حتى قال بعضهم إن ( سلاح المقاطعة ) هو السلاح الوحيد المؤثر في سجل المواجهة مع هؤلاء في وقتنا الحاضر. وصدق لقد ظهرت بشائره بعد يومين فقط من دعوات المقاطعة ، بتصريح من وزير خارجية الدولة الصليبية الظالمة (فرنسا) بالتراجع عن هذه الدعوات فوراً. ولكن هيهات هيهات لا تراجع إلا بعد الاستسلام، والاعتذار عما كان والرجوع عن مهاجمة الإسلام، وترك المسلمين يعيشون في سلام.
فرنسا ودول الاتحاد الأوربي
إن فرنسا دولة من دول الاتحاد الأوربي الذي يساند ما يفعله كلب الروم المخنث (ماكرون)، بل إن (الاتحاد الأوربي) يهاجم كل من قال بالمقاطعة، ويهدد بعض الدولة، التى تشارك في المقاطعة. وإذا ما نظرنا إلى ألمانيا، والتى هي من هذه الدول المارقة‘ فهى مشاركة في ظلم المسلمين والاضطهاد الديني للمسلمين، يقتحم مسجد للمسلمين في الفجر بمئات الجنود ، ويضيق عليهم الخناق في قيام شعائرهم، هؤلاء هم من يتغنون بالديمقراطية والحرية، وليس هناك فرق بين الناس في الجنس أو اللون أو العقيدة كما يدعون. هذا هو الاتحاد الأوربي الذي يساند بعض الطواغيت في العالم العربي، ويثبت عروشهم. ثم يخرج علينا وزير (الخارجية البريطاني) ويتضامن مع فرنسا ويدعو (حلف الناتو) للوقوف بجوار فرنسا ضد حرية الرأي ومحاربة الإسلام.
فهل يحل لنا أن تكون المقاطعة فقط للمنتجات الفرنسية؟، بل يجب أن تشمل كل دول الاتحاد الأوربي العاتي. حتى يعلم هؤلاء قدر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عند المسلمين.
مقاطعة بضائع الكفار
الأصل أنه يجوز معاملة الكفار بالبيع والشراء سواء كانوا أهل ذمّة أو عهد، ولا يكون ذلك من موالاتهم .عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبيعاً أم عطيّة؟ أو قال: أم هبة ؟ قال: لا ، بل بيع. فاشترى منه شاةً.
قال الحافظ ابن حجر: « تجوز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم على المتعامَل فيه ، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم » هذا هو الأصل العام في معاملة الكفار .
يستثنى من هذا الأصل مسائل ؛ منها :
أنه لا يجوز أن يبيع المسلم للكفار ما يستعينون به على قتال المسلمين . لقوله تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان }المائدة:2.
قال ابن بطال: « معاملة الكفار جائزة، إلا بيع ما يستعين به أهل الحرب على المسلمين .
الإضرار الاقتصادي طريق من طرق الجهاد المشروع .
وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم التضييق والضغط الاقتصادي بتلك السرايا والبعوث التي سيّرها لمهاجمة قوافل قريش التجارية ؛ فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص فقال : « اخرج يا سعد حتى تبلغ الخرّار ؛ فإن عيراً لقريش ستمر بك ». وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه يعترض عيراً لقريش في غزوة بواط . كما خرج لغزوة العشيرة لاعتراض قافلة لقريش في طريقها إلى الشام ، ولما عادت خرج يريدها. وغزوة بدر إنما كان سببها طلبه عير أبي سفيان. وعن ابن عباس قال : لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلاً من الشام ندب المسلمين إليهم ، وقال : « هذه عير قريش فيها أموالهم ؛ فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها » فانتدب الناس. إلى غير ذلك من شواهد كثيرة ، وكما استعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب فقد استعمله أبو بصير لما خرج إلى سيف البحر ولحق به أبو جندل بعد صلح الحديبية ، واجتمع إليهما عصابة ممن أسلم من قريش لا يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها ، فقتلوهم وأخذوا أموالهم.
حكم المقاطعة الاقتصادية
لا شك أن التعامل التجاري والاقتصادي الحاصل في هذا الزمن يباين التعاملات التجارية في الأزمان السابقة؛ فهو الآن أوسع وأشمل وأيسر، ولا شك أن ارتباط الاقتصاد بالسياسة وتأثيره على التوجهات السياسية والنزاعات الحزبيّة صار أكبر وأقوى .ولذا فإن بحث هذه المسألة بالتوسع في النظر فيها هو من خصائص هذا العصر .والذي يظهر أن حكم المقاطعة يختلف باختلاف الأحوال، وإليك التفصيل :
الأول: إذا أمر بها الإمام :إذا أمر الإمام بمقاطعة سلعة معينة أو بضائع دولة من دول الكفر فإنه يجب على رعيته امتثال أمره ؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } النساء : 59 .
وليس للإمام أن يأمر بذلك إلا أن يرى في ذلك مصلحة عامّة لا تقابلها مفسدة أو ضرر أرجح منه؛ وذلك أن الأصل في تصرّفات الولاة النافذة على الرعية الملزمة لها في حقوقها العامة والخاصَّة أن تبنى على مصلحة الجماعة، وأن تهدف إلى خيرها. وتصرّف الولاة على خلاف هذه المصلحة غير جائز. ولذا قعَّد أهل العلم قاعدة : تصرّف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة
الثاني: إذا لم يأمر بها الإمام :إذا لم يأمر الإمام بالمقاطعة فلا يخلو الحال من أمرين :
1ـ أن يعلم المسلم أنَّ قيمة ما يشتريه يعين الكفارعلى قتل المسلمين أو إقامة الكفر. فهنا يحرم عليه أن يشتري منهم ؛ وذلك لأن الشراء منهم والحال ما ذكر مشمول بالنهي عن التعاون على الإثم والعدوان، ومشمول بقاعدة سد الذرائع المفضية إلى الحرام . سئل ابن القاسم: عن النصراني يوصي بشيء يباع من ملكه للكنيسة هل يجوز لمسلم شراؤه فقال : لا يحل ذلك له لأنه تعظيم لشعائرهم وشرائعهم. وسئل في أرض لكنيسة يبيع الأسقف منها شيئاً في إصلاحها ؟ فقال: لا يجوز للمسلمين أن يشتروها من وجه العون على تعظيم الكنيسة
2ـ أن لا يتيقن أن عين ما يشتري به منهم يستعان به على حرام من قتال المسلمين أو إقامة الكفر ؛ فهذا باق على الأصل العام وهو جواز البيع والشراء وسائر المعاملات .فإن الأصل في البيوع الإباحة سواء منها ما كان مع المسلمين أو الكفار . كما سبق . وحيث لم يوجد ناقل عن هذا الأصل فلا يتغير الحكم ولكن يرتبط به الحالة الآتية :
3ـ أن لا يتيقن أن عين ما يشتري به منهم يستعان به على حرام ؛ لكن في مقاطعتهم مصلحة للمسلمين أو دفع ضرر ومفسدة. وهذا الذي يحدث الأن، بأن المقاطعة لبضائع الكافرين واجب شرعي ويحرم من يخالف هذه المقاطعة، ونوع من أنواع الجهاد، حتى يتراجع هؤلاء الكفار عن الاستهزاء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. ومحارب المسلمين. قال شيخ الإسلام: « الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين ؛ فلا يؤخذ رأيهم ، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا » انتهى.
نختم بالقول:
إنّ سياسة كلب الروم المخنث وحُكومته الاستفزازيّة، والمُبالغ فيها، ضدّ المُهاجرين المُسلمين في فرنسا حيث يقترب عددهم من العشرة ملايين على الأقل، ودُون إحصاءِ الأفارقة، والأعراق الأُخرى ستُعطِي نتائج عكسيّة ترتد سلبًا على أمن فرنسا، واستِقرارها.. والأيّام بيننا.