[محمد فرج الأصفر]

قالت تقديرات مصرفية حديثة إن إجمالي حجم أصول الصيرفة الإسلامية في دول الخليج يصل إلى 536.9 مليار دولار سنوياً، من إجمالي أصول هذه المصارف عالمياً والبالغ 1.5 تريليون دولار في النصف الأول من العام الحالي، حسب تقرير لمؤسسة "بيت التمويل الكويتي"، وهو ما يعني أن دول الخليج تستحوذ على أكثر من ثلث حجم أصول هذه الصناعة عالمياً.
وأوضحت المؤسسة أن إصدارات الصكوك الجديدة في الفترة نفسها بلغت نحو 66.2 مليار دولار، في حين بلغ حجم الصناعة المصرفية الإسلامية 1.9 تريليون دولار.
وحسب ما صرح به مصرفيون خليجيون لـ"العربي الجديد"، فإن الإقبال المتزايد على هذه الصناعة في المنطقة ناتج عن نجاح النماذج الموجودة، وطبيعة البيئة الثقافية في المنطقة التي تميل إلى المعاملات التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وطالبوا المصرفيون بتطوير البيئة التشريعية بهدف مواكبة النمو الكبير في هذه الصناعة.

نمو متزايد

إذا تطرقنا إلى نموذج الإمارات، فسنجد أن القروض المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ساهمت بشكل كبير في رفع معدلات نمو هذا القطاع في الإمارات إلى نحو 15% خلال عام 2014، ليزيد إجمالي أصول القطاع على مائة مليار دولار مقارنة بما حققته في 2013، وفقا لتقديرات مسؤولين في الصيرفة الاسلامية في الإمارات.
وشدد مسؤولون في مصارف إسلامية في السوق الإماراتي على ضرورة إصدار حزمة من التشريعات والقوانين التي من شأنها إحداث المزيد من ضبط السوق، والمضي قدما في إنشاء وحدة المراجعة الشرعية لدى المركزي الإماراتي لتكون ملزمة للبنوك على غرار ماليزيا.
وقال مستشار المصارف الإسلامية محمد الشاذلي، لـ"العربي الجديد": "إن الإمارات تسعى لأن تكون مركزاً عالمياً للاقتصاد الإسلامي ككل، ومن ضمنه الصيرفة وأدوات التمويل والدين المتوافقة مع الشريعة".
وتوقع الشاذلي أن تتراوح معدلات نمو أصول هذه النوعية من المصارف في الإمارات بين 14% و15%، مرجعاً ذلك إلى ثبات معدلات الإقراض وعدم حدوث أي طفرات اقتصادية غير متوقعة تؤثر سلبا أو إيجابا على هذا القطاع.
وأوضح الشاذلي أنه لا بد من إيجاد بيئة تشريعية قوية تضمن النفاذ إلى العالمية ومنافسة ماليزيا التي تعد من أقوى الاقتصادات عالمياً والمتوافقة مع الشريعة في جميع المجالات وليس التمويل والدين فقط.
ولفت الشاذلي إلى ضرورة المضي قدماً في إنشاء جهة شرعية واحدة لدى المركزي الإماراتي تكون ملزمة للبنوك، بما يضمن عدم التضارب بين إجازة بعض البنوك لمنتجات ورفضها في البنوك الأخرى.
وأشار إلى أن ماليزيا سباقة في هذا المجال ولديها جهة تشريعية مركزية للبنوك، ولا بد من الاستفادة من خبراتهم ضمن سعي الإمارات لأن تكون مركزاً عالمياً للاقتصاد الإسلامي.

الكوادر البشرية

وقال المسؤول في بنك دبي الإسلامي، محمد الشريف لـ"العربي الجديد": "إن مواصلة نمو الصيرفة الإسلامية يعتمد على عدة عوامل أهمها الكوادر البشرية القائمة بالعمل وتوفير التدريب اللازم ليطوروا المزيد من المنتجات وآليات العمل".
وعارض الشريف وجود مركزي إماراتي إسلامي يشرف على البنوك العاملة في المجال، استنادا إلى توحيد جهة الإشراف وإصدار القوانين المنظمة بما لا يتضارب مع قوانين عمل البنوك التجارية الأخرى.
وأوضح أن الجهة التي تشرف على عمل هذه المصارف داخل المركزي الإماراتي تقوم بدورها كما ينبغي وفقاً لما تقدمه بيئة العمل من مستجدات.
من جهته، أكد محمد ربيع، مسؤول التمويل السابق في بنك أبوظبي الإسلامي، إن الإمارات من أكبر الأسواق عربياً في تقديم المنتجات التمويلية الإسلامية، مشيراً إلى أن الثقافة المجتمعية المرتبطة بالشريعة لها دور كبير في نموها. يذكر أن غرفة تجارة وصناعة دبي تستعد خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل لتنظيم الدورة العاشرة من المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي، والتي تسعى من خلاله لأن تكون مركزاً عالمياً للمعاملات التجارية والمالية الإسلامية.
وتوقع تقرير للغرفة أن يصل معدل نمو أصول قطاع التمويل الإسلامي إلى نحو 17% حتى 2018. ويبلغ عدد عملاء المصارف الإسلامية حول العالم، حسب تقديرات مصرفية حديثة، نحو 38 مليون عميل، يوجد ثلثاهم في ست دول هي: السعودية وماليزيا والإمارات وتركيا وقطر وإندونيسيا. ومن بين هذه الأسواق الست الواعدة تعد السعودية السوق الكبرى بالنسبة لحجم أصول المصارف الإسلامية، بقيمة تقدر بنحو 285 مليار دولار في 2013، مقارنة مع 245 مليار دولار أميركي في 2012.
ووفقاً لتقرير الغرفة، تستحوذ السعودية على نحو 43% من إجمالي الأصول المصرفية الإسلامية في الدول الست المذكورة.

عدم التأثر بالاضطرابات

شهدت الصيرفة الإسلامية حالة استقرار رغم الاضطرابات السياسية في الدول المجاورة للخليج، ومنها العراق واليمن، حسب أستاذ قانون الاقتصاد الدولي المساعد ووكيل معهد الاقتصاد الإسلامي في السعودية، الدكتور فيصل محمود العتباني، لـ"العربي الجديد" الذي أكد إطلاق البنك الدولي ومؤسسة النقد الدولي تحذيرات متكررة من تداعيات الاضطرابات والأزمات السياسية التي تشهدها دول العالم الثالث وخصوصا المنطقة العربية، حيث تؤكد تقارير هذه المنظمات أن هذه الاضطرابات السياسية ستظل تؤثر سلبا على اقتصادات المنطقة خلال هذا العام.
وأضاف: "إذا أسقطنا هذا المفهوم على وضع المنطقة العربية حالياً سنرى أن السياحة في الدول التي تحوي اضطرابات قد تناقصت بشكل كبير جدا، وكذلك انتقال رؤوس الأموال الاستثمارية قد توقفت تقريبا، بل إن رؤوس الأموال المحلية بدأت تهاجر إلى دول أكثر استقراراً، وبالتالي فإن المصارف التي هي الوسيط لحفظ وتحويل واستثمار هذه الأموال.
وأشارت تقارير البنك الدولي الذي صدرت مؤخرا، إلى تراجع تقديرات معدل النمو الاقتصادي في منطقة الربيع العربي إلى 1.7% بعد الأزمات السياسية".
من جانبه، قال أبايومي الأوودي، رئيس التمويل الإسلامي في البنك الدولي: " تعتبر الحاجة إلى إرساء قاعدة راسخة واستحداث آليات تتيح نمو نظام المشاركة في الربح والخسارة من أهم التحديات التي تواجه الصناعة في عالمنا اليوم.
وأضاف الأوودي: "لقد ارتقت المصارف الإسلامية إلى مستويات تتيح لها تحقيق المزيد من النمو والتقدم إذا ما نجحت في ابتكار أدوات ومنتجات جديدة."

[عابرة سبيل]