تستمر معاناة المرأة اليمنية كنتيجة طبيعية لوجود الأمية والجماعات المسلحة وغياب وضعف السلطات التنفيذية والقضائية.
وتختلف أشكال العنف ضد النساء في اليمن عن غيرها من دول العالم، حيث يتضمن التهديد والضرب والطرد من المسكن، بالإضافة إلى الزواج القسري والتحرش وأحيانا الابتزاز من بعض أساتذة الجامعات.
ويُعتبر حرمان المرأة من إرثها أبرز أشكال العنف القائم على نوع الجنس في اليمن. وبالرغم من حصول أغلب النساء على حقوقهن ولو كانت منقوصة، إلا أن الأعراف القبلية في بعض مناطق اليمن مازالت تحرم النساء من الميراث من دون موانع شرعية.
تقول عاتقة محمد (53 عاماً) من محافظة حجة: عندما توفي والدي، أخذ إخوتي الرجال كل ما تركه الوالد. وتواصل "لم يكن أمامي غير الرضوخ لهذا الأمر، لأنها كانت رغبة أبي ولا يمكن لي أن أقف أنا وإخوتي في المحاكم كخصوم".
ويقوم بعض الرجال بالاستيلاء على حق الإناث في الأسرة، لأن ما ترثه المرأة يذهب في نهاية المطاف الى زوجها. تلك هي المبررات التي يضعها بعض أمام هذا النوع من الجشع.
يقول أحمد محسن (55 عاماً)، احتفاظ الإخوة بنصيب الأخوات من إرث الوالدين يأتي بدافع "الحرص على أموالهن من أن يعبث بها الأزواج".
تقارير تشير إلى ارتفاع حالات التحرش التي تحدث في الشوارع والأماكن العامة والأسواق أو حتى في الجامعات وفي مقرات العمل. الأمر الذي يدفع بعض أولياء الأمور إلى منع بناتهم أو زوجاتهم من الدراسة أو العمل في أماكن يكون فيها اختلاط.
ويرافق ظاهرة التحرش كثير من اللوم والعتاب من الرجال تجاه مظهر المرأة وملبسها في الشارع، بيد أن احتشام كثير من النساء لا يحميهن من المضايقات والتحرش.
وبالرغم من أن المجتمع اليمني مجتمع محافظ تحكمه عادات وتقاليد ترفض في مجملها هذه الظاهرة، لكن التحرش أصبح جزءاً من التفاصيل اليومية للأماكن العامة والأسواق.
وقد يكون التحرش الجنسي شائعاً في كثير كل دول العالم، لكن يظهر في اليمن شكل جديد من أشكال الاساءة للمرأة.
عبير (22 سنة)، طالبة جامعية تحدثت لـ"العربي الجديد" حول ابتزاز بعض المعيدين في الجامعة للطالبات. تقول عبير"يحرص بعض المعيدين في الجامعة على التواصل مع الطالبات إما بالهاتف أو بوسائل أخرى عبر الانترنت، وبهذا تحصل بعض الطالبات على درجات عالية، والعكس تماماً لمن يرفض مثل هذا النوع من الابتزاز"، وتؤكد أن مثل هذه الممارسات تمارس بشكل نادر، لكنها كانت "احدى المتضررات بسبب رفضها التواصل مع أستاذها خارج اطار الجامعة".
ربما يكون مرتكبو هذا النوع من العنف من الشركاء الحميمين، أو من أفراد الأسرة الآخرين، أو من أفراد المجتمع بمن فيهم الجيران.
في مدينة عدن اليمنية وحدها تم تسجيل 285 حالة عنف، قائمة على اختلاف الجنس، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/ أيار 2014، إلا أنه يُعتقد أن الكثير من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها بسبب الخوف من العار وانعدام خدمات الدعم للضحايا.
"
في مدينة عدن اليمنية وحدها تم تسجيل 285 حالة عنف، قائمة على اختلاف الجنس، خلال نصف العام الحالي الأول
"
وتم الإبلاغ عن حدوث هذه الحالات في أوساط النازحين داخلياً والعائدين والمجتمعات المضيفة في محافظات لحج والضالع وعدن وشبوة وأبين.
ويرتبط العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن بشكل وثيق مع انعدام الأمن والفقر كما أشارت دراسة أخيرة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.
وتؤكد الحكومة اليمنية وجود هذا النوع من العنف، مرجعة ذلك الى أسباب عدة على رأسها هشاشة الدولة وغياب سيادة القانون بالإضافة إلى العنف والمواجهات المسلحة والتي يكون ضحاياها من النساء والأطفال.
وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد" تقول وزيرة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، حورية مشهور: نعمل مع منظمات المجتمع المدني على تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي تطرقت الى هذه القضية، حيث نصت بعض مخرجاته على تجريم ظاهرة العنف ضد المرأة من خلال إعداد مشروع قانون يواجه هذه الظاهرة".
وتضيف وزيرة حقوق الإنسان في اليمن "نسعى في الوزارة لدعم جهود الجهاز المركزي للإحصاء لتنفيذ المسح الوطني حول العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو مسح لم يسبق لأية دولة في المنطقة أن نفذته لعدم الاعتراف بوجود الظاهرة. وبدورها ستعد الوزارة دراسة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي في إطار تجمع اللاجئات لأنهن مصنفات بأنهن من الفئات الضعيفة وأكثر النساء تعرضاً للعنف".
وعن التعامل مع حالات الانتهاك تقول مشهور: تستقبل إدارة البلاغات والشكاوى في الوزارة شكاوى النساء التي مورس ضدهن العنف، ونتعامل معها بكل جدية ونحيلها الى جهات الاختصاص للمعالجة.