عن أبي هريرةرضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اجتنبوا السبعالموبقات.قالوا : يا رسول الله وما هن؟.قال : الشرك بالله ، والسحر،وقتل النفسالتي حرم الله إلا بالحقوأكل الربا وأكل مال اليتيم ،والتولي يوم الزحف وقذفالمحصنات الغافلات المؤمنات) رواه البخاريومسلم
الكبيرة السابعة
قذف المحصنات الغافلات المؤمنات
تعريف القذف:
القذف لغة: القذفة واحدة القذف ، وقذف المحصنة أي رماها بالفاحشة والقذيفة القبيحة وهي الشتم ، وقذف بقوله تكلم من غير تدبر ولا تأمل والاسم القذاف ، ويقال ناقة قذاف أي متقدمة في السير على الإبل.
واصطلاحا: أتفق الفقهاء على أن القذف هو مطلق رمي المحسن بالزنا أو اللواط مع تحقق شروطه في القاذف والمقذوف ، فلذلك قال صاحب شرائع الإسلام ( هو الرمي بالزنا أو اللواط ) ، وقال آخرون ( هو الرمي بما يهتك عرض المقذوف باتهامه بالزنا أو اللواط لمحافظته على الأعراض التي أوجب الشارع صيانتها ).
القذف في القرآن:
لقد ورد استعمال مصطلح القذف في المفهوم القرآني في عدة موارد.
قال تعالي : (وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا) الأحزاب: 26
وقال تعالى:(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الحشر: 2
وقال تعالى: (قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ) طه: 87
وقال تعالي:(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) الأنبياء: 18
وقال تعالى:(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِف بِالْحَقِّ عَلَّام الْغُيُوب) سبأ: 28
وقال تعالى: (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) سبأ: 53
وقال تعالى:(أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه: 39
وقال تعالى:(لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ) الصافات: 8
أركان القذف:
1ـ القاذف 2ـ المقذوف 3ـ المقذوف فيه
شروط القاذف: اشترط الفقهاء مجموعة من الشروط فيمن قذف أنسانأ تحققت بتحقق الحد وإلا فيعزر وهي:
1ـ البلوغ 2ـ العقل 3 ـ الاختيار 4ـ القصد
شروط المقذوف : المتفق عليه عند الفقهاء إن القاذف لا يترتب عليه حد القذف إلا إذا المقذوف جامعاً لبعض الشرائط فأن فقد بعضها تنتقل العقوبة على القاذف من الحد إلى التعزير .ومن هذا الشرائط الإحصان ، والعقل ، والبلوغ ، والحرية ، والإسلام .
شروط المقذوف فيه : أشترط الفقهاء ما عدا الأمامية والحنابلة في المقذوف فيه لثبوت حد القذف شروطاً معينة منها ما ذكره ابن رشد فقال : أن ترمي القاذف المقذوف أو ينفيه عن شبه أذاك كانت أمه حرة مسلمة ، وأختلف إذا كانت كافرة ، أو أمه . وعند مالك يثبت الحد سواء كانت أمه مسلمة أو كافرة . وقال النخعي : لا حد عليه إذا كانت أم المقذوف أمه أو كتابية وهو قول الشافعية وأبو حنيفة حيث اشترط الحنفية في المقذوف فيه شروط أن لا يكون القذف صريحاً بالزنا ومما يجر مجرى الصريح فلو كان كتابة لا يوجب الحد وإن يكون المقذوف فيه متصور الوجود من المقذوف فأن كان لا يتصور ولم يكن قاذفاً كقوله الآخر : زنا فخذك أو ظهرك فأن هذه الأعضاء لا يتصور بها الزنا وهو مذهب الشافعي.
أقسام القذف:
المتفق عند الفقهاء أن القذف يأخذ نوعاً واحداً وهو المحرم منه وأنا غيره فلا يعد قذفاً إلا أن الفخر الرازي من الحنفية و صاحب المجموع شرح المهذب من الشافعية إلى ثلاثة عشر نوعاً.
1ـ المحرم ( المحظور ): ويكون ذلك في حالة أذا سمع الزوج عن زوجته بأنها تزني ممن لا يوثق بقوله أو استفاض من بين الناس أن زوجته زانية ولكنه لم يراها بعينه فلا يحل له قذفها ، وكذا في حالة أذا استبراها بحيضة ثم أتت بولد دون ستة أشهر من وقت الاستبراء ولا يحل له قذفها أو نفي الولد ، وكذا أذا أتت بولد لا يشبهه فإذا لم يتهمها فلا يحل له نفي الولد.
2ـ الواجب: ويكون ذلك في حالة أذا رأى زوجته تزني ن وكذا في حالة أذا كان له ولد وأراد نفيه فإذا تيقن أنه ليس منه كأن يكون وطئها وأتت به لأقل من ستة أشهر من الوطء فيجب عليه اللعان لأنه ممنوع أستلحاق نسب الغير كما هو ممنوع من نفي نسبه.
3ـ المباح: يكون ذلك في حالى أذا رأي زوجته تزني ولم يكن لها ولد منه ، أو أقرت على نفسها ووقع في قلبه صدقها أو سمع ممن يثق بقوله ، أو رأي معروفاً به عند خلوة لأن ذلك مما يغلب على الظن زناها ، ولأنه لا ضرر فيه على غيرها حيث أنها لم تلد وفراقها أولى.
ألفاظ القذف:
اتفق الفقهاء على إن القذف لا يتحقق إلا بصيغ معينة تسمى بألفاظ القذف وهي:
تختلف بحسب ما يكون منها صريحاً أو غير صريح.
1ـ الصريح : وهو الذي لا يحتمل إلا الرمي بالزنا كقولهم : أنتت زان ، أنت زانية أو زنت بك أمك وغيرها من الألفاظ المتكاثرة التي لا تؤدي إلا هذا المعنى مثبتة لحد القذف بلا أشكال ولا اختلاف بين الفقهاء بذلك.
2ـ غير صريح : اختلف الفقهاء في وجوب القذف حد القذف عليه ، فبعضهم قال بموجبه وبعضهم قال بعدم تحققه ما لم يصرح القاذف بذلك لفظاً وحقيقة ، وقال ابن قدامة من الحنابلة ، غير الصريح هي الألفاظ التي ترجع فيها إلى التفسير فإذا فسرت بالقذف حد القاذف فإذا لم تفسر بالقذف لا حد عليه ويعزر.
طرق إثبات القذف:
أتفق الفقهاء بل انعقد اجماعهم على أن حد القذف يثبت بأحد الطرق المعتبرة شرعاً وهي إما شهادة العدلين ، وإما أقرار القاذف على نفسه مرتين بأنه قد أرتكب ذلك الجرم ، والمعروف أن قرار العقلاء حجة عليهم في أثبات ما يترتب علي فعلهم الثابت وفق ذلك الإقرار.
وللحديث بقية