[محمد فرج الأصفر]

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا

وأشهد أن الله واحد لاشريك له ولاشيء مثله، ولاشيء يعجزه ولا إله غيره، أول بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون ولا يقول إلا ما يريد، ولا يزال قائلا، لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولايشبه الأنام، حيُّ لا يموت قيوم لا ينام وأن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى، إمام الأتقياء وسيد العقلاء وأخلص الأوفياءوالأمناء وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين.

أما بعـــد

لا تمر فترة وجيزه إلا ويخرج علينا الدكتور/ يحيى الجمل بتصريحات عجيبه ما أنزل الله بها من سلطان سواء على مستوى السياسة العامة أو الجرأة على ذات الإله سبحانه وتعالى .

وفي تصريح جديد مثيرللجدل، جدد إساءة الأدب مع الله عز وجل، في سياق هجومه على الفكر السلفي الذي اتهمه "بالظلامي في مؤتمر "الانتقال الذى نظمته شبكة الليبراليين العرب، بالتعاون مع منظمة "فريدريش ناومان "إلى الديمقراطية فى العالم العربى.. تحديات تاريخية وحلول ليبرالية . وهاجم الجمل أصحاب الفكر السلفي، واصفًا إياهم بـ"العقول المظلمة التى لا تمت للحضارة والإسلام بصلة"، موضحا أنه لا يقصد بكلامه الإخوان المسلمين لأنها قوى سياسية منظمة تطور نفسها، ولها تواجدها فى الشارع . وهذه التصريحات ليست هى محور ردي على هذا الشقي ،ولكن في هذا المقال أرد على ما قاله في حق ذات الله سبحان وتعالى .

تصريح التطاول على الله سبحانه وتعالى:

قال هذا الشقي في معرض استيائه من المتربصين بتصريحاته التى تتناولها العقول المظلمة غير المستنيرة التى يقولون ((الله قال كذا، على الرغم من أن الله لم يقل شيئا منذ 1400 عام)) ، على حد قوله الذي أوردته صحيفة المصريون.

الرد:

تعالى الله عمَّا تقول علواً كبيراً لقد تطاولت على ذات الله ووصفته بما ليس فيه سبحانه وتعالى وهو سبحانه وتعالى الذي قال ويقول ولا يزال قائلا متى شاء وفي الوقت الذي يشاء وعلى الوجه الذي يشاء من غير تعطيل ولا تشبيه ولا تكيف ولا تمثيل . والكَلامُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللهِ الثَّابِتَةِ لَهُ بالكِتابِ والسنَّةِ وإِجْمَاعِ السَّلَفِ .

دليل القرآن الكريم

َقَالَ سُبْحَانَه: ( يا مُوسَى إِنـِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النَّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلاَمي) الأعراف: 14

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (مِنْهُم مَّنْ كَلَّمَ اللهُ) البقرة: 253

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) آل عمران: 77
وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَمَا كانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلـِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيـًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ) الشورى: 51
وَقَالَ تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى ، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) طه:11ـ12

وقال تعالى: (ولَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ) الأعراف:143

وقال تعالى: (ورُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء: 164

وقال تعالى: (سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) يس: 58

قلت:

وَمِنْ صِفَاتِاللهِ تَعَالَى : أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلاَمٍ قَدِيمٍ غير مخلوق ، يَسْمَعُهُمِنْهُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ ، سَمِعَهُ مُوسَى صلى الله عليه وسلم مِنْهُ مِنْغَيْرِ وَاسِطَةٍ ، وَسَمِعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، ومَنْ أَذِنَ لَهُمِنْ مَلاَئِكتِهِ وَرُسُلِهِ.وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُيُكَلِّمُ المُؤْمِنينَ في الآخِرَةِ ويُكَلِّمُونَهُ ، وَيَأْذَنُ لَهُمْفَيَزُورُونَهُ

لقد ثبت بالدليل بأن الله تكلم ولا يزال متكلماً والذين لم يثبتوا صفة الكلام لله عز وجل

هم ( المعتزلة والكلابية والأشعرية والجهمية ) فوقعوا في التعطيل هروباً من التشبيه والتكيف ولو أنهم آمنوا بصفة الكلام لله سبحانه وتعالى كما دلت النصوص وتفويض الكيفية والتمثيل والتشبيه لأنه ( ليس كمثله شيء ) الشورى: 11 ، لكان خيراً لهم واسلم.

دليل السنة النبوية:

1ـ قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَاأَرَادَ اللهُ أَنْ يُوحِيَ بأَمْرِهِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ)أَخْرجَهُابنُ خُزَيْمَةَ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أَبي حَاتَمٍ

2ـ وعن عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَنَّهُ قَالَ (يَحْشُرُ اللهُ الخَلائِقَ يَوْمَ القِيَامَةِعُرَاةً حُفَاةً غُرْلاً بُهمًا، فَيُنَادِيهِم بِصَوتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَكمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُب: أَنا المَلِكُ، أَنَا الدَّيَانُ) رَوَاهُالأَئِمَّةُ واسْتشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ.

3ـ وَقَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَكَلَّمَاللهُ بالوَحْي، سَمِع صَوتَهُ أَهْلُ السَّماء)

4ـعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) رواه البخاري : باب كلام الرب تبارك وتعالى مع أهل الجنة .

5ـعن ‏ ‏أبي هريرة ‏ (أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏كان يوما يحدث وعنده رجل من أهل البادية ‏ ‏أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له أولست فيما شئت قال بلى ولكني أحب أن أزرع فأسرع وبذر فتبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال فيقول الله تعالى دونك يا ابن ‏ ‏آدم ‏ ‏فإنه لا يشبعك شيء فقال الأعرابي يا رسول الله لا تجد هذا إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع فضحك رسول الله ) المرجع السابق

قلت:

وهذا يدل على أن صفة " الكلام" : صفه من أوصاف الكمال، وضده من أوصاف النقص فهي قديمة النوع ، حادثة الأفراد ، فالله ، عز وجل ، يتكلم بما شاء متى شاء كيفما شاء ، ولا يعني ذلك قيام الحوادث بذاته ، كما ادعى المتكلمون ، لأن الإنسان ، وهو مخلوق لله ، عز وجل ، يوصف بالكلام ، وإن لم يتكلم فيقال : فلان متكلم بالقوة ، أي أن لديه القدرة على الكلام وإن لم يتكلم بالفعل ، فإذا تكلم صار متكلما بالفعل ، فإذا كان هذا كمالا مطلقا في حق المخلوق ، فالله ، عز وجل ، أولى به لأنه خالقه ، وخالق الكمال أولى به ، ولا إشكال في استعمال قياس الأولى في هذا الموضع ، لأن النص قد جاء ابتداء بإثبات صفة الكلام لله ، عز وجل ، فجاء القياس عاضدا للنص مؤكدا له ، لا أصلا منفردا بإثبات الصفة ، لأن هذا الباب غيبي توقيفي لا يصار فيه إلى القياس إلا على سبيل التبع ، يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله : (لا خلاف بين فقهاء الأمصار وسائر أهل السنة ، وهم أهل الفقه والحديث ، في نفي القياس في التوحيد وإثباته في الأحكام) ، وكما تقدم مرارا ، القياس المنفي هنا هو : قياس التمثيل وقياس الشمول الفاسدين ، لا قياس الأولى .

افتراق الناس في مسألة الكلام:

وقد افترق الناس في مسألة الكلام على أقوال:

منها:أنه مخلوق خلقه الله منفصلاً عنه، وهذا قول المعتزلة.

ومنها:أنه معنى واحد قائم بذات الله، هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عنه بالعربية كان قرآناً، وإن عبَّرعنه بالعبرانية كان توراة، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه، كالأشعري وغيره.

ومنها:أنه تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء، وهو يتكلم به بصوت يسمع، وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديماً، وهذا المأثور عن أئمة الحديث والسنة.

الخلاصة:

وبعد هذا العرض الصغير والمتواضع في حق الله عز وجل والذي حاولت مجتهداً فيه اثبات صفة الكلام لله عز وجل قديما وحديثاً من الكتاب والسنة واعتقاد سلف الأمة ، فهل يحق بعد ذلك أن يُقال ما قاله هذا الشقي ؟ أو ينفي ضال مبتدع صفة الكلام لله عز وجل ؟ ولكن أنه الهوى والجهل بالله والتحدث عن الله سبحانه وتعالى بغير علم.

ونسأل الله العفو والعافية

وأخر دعوانا إنَّ الحمد لله رب العالمين

[عابرة سبيل]