في ذكرى "بلفور".. دعوات لتعزيز مقاطعة الاحتلال وتوسيع التضامن الدولي
يقوم التاريخ بتخليد اسم "آرثر بلفور" نجماً في سماء الجريمة الإنسانية فلم يسبقه أحد في انتهاك الحقوق الفلسطينية علانية حين منح سنة 1917 الاحتلال الصهيوني شرعية باطلة بإقامة وطن ودولة هجّرت الفلسطيني من أرضه وسلبته حقوقه عبر نكبات متتالية.
اليوم تمر ذكرى "وعد بلفور" 2 نوفمبر، الذي أسس لانطلاق المشروع الصهيوني وإنشاء دولة للاستيطان "الكولونيالي" الصهيوني بدأت بعدها معاناة الهجرة مسقطاً الحقوق التاريخية ومتنكراً لكافة القرارات الدولية .
وتعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية عام 1917 إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين.
كيان حليف
مرت 97 سنة على "وعد بلفور" والقضية الفلسطينية تعيش من سيء لأسوأ انطلاقة من تلك الخطوة التي منحت دعماً سياسياً وعسكرياً وأمنياً للعصابات الصهيوني فانتقلت السيطرة عقبها تباعاً من الانتداب البريطاني للعصابات الصهيونية.
ويؤكد رمزي رباح الخبير في شئون اللاجئين الفلسطينيين وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية أن "وعد بلفور" أسس للمشروع الصهيوني فوق فلسطين بدعم وغطاء الانتداب البريطاني الذي استولى على الأرض ونظّم هجرة اليهود لإقامة وطن قومي.
ويضيف لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام":"كانت حقبة استعمارية انشغلت بها بريطانيا وفرنسا بتوزيع مناطق السيطرة فكانت الامبريالية البريطانية تسعى لإنشاء كيان موالي لها للحد من تواصل وارتباط الدول العربية في آسيا وشمال أفريقيا خاصة مصر".
ويصف د.خالد صافي المختص في الشئون التاريخية "وعد بلفور" بأنه أكبر سرقة في التاريخ لأنه سرق أرض وشعب ومنحها لطائفة دينية لا تعتبر شعباً فقامت من بعده الحركة الصهيونية بتزييف الوعي وتحويل الجانب الطائفي على اعتبار أن اليهودي دين وليس قومية تلاقت مع مصالح بريطانيا أيامها.
ويؤكد لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أن الوعد خاطب الشعب الفلسطيني الذي شكل يومها 93% من سكان فلسطين التاريخية على أنهم جاليات عبرت فلسطين بلحظة معينة وفي المقابل خاطب 7% من اليهود في بلاد الشام على أن شعب.
ويتابع: "ذلك الخطاب يدعي زوراً أن فلسطين أرض يهود وأن الفلسطينيين غزاة عبر التاريخ وهذا يتساوق مع نظرة الاستعمار البريطاني وما وقع من قرار تقسيم سنة 1947 ترجمة لوعد بلفور عندما قال انه من حقهم إقامة وطن قومي في فلسطين".
أما د.عصام عدوان المختص في شئون اللاجئين الفلسطينيين فيعتبر "وعد بلفور" أخطر بيان رسمي صدر عن دولة عظمى بحق الشعب الفلسطيني حيث نتج عنه قيام دولة يهودية مدعومة من الاستعمار البريطاني الذي يتحمل وزر النكبات الفلسطينية المتتالية من بعد.
خطأ تاريخي
الترياق السياسي البريطاني تجاه القضية فلسطين والذي صوت قبل أيام بالإيجاب معترفاً بحق إقامة دولة فلسطينية لا يكفي لتكفير خطيئة الماضي والحاضر التي زرعت كياناً مغتصباً اسمه "إسرائيل" فوق فلسطين.
عقب "وعد بلفور" سلمت بريطانيا العصابات الصهيونية مناطق مهمة في الساحل والداخل الفلسطيني ما حسم الخيار في دعم إنشاء كيان صهيوني على حساب الحق الفلسطيني وهو ما يصفه الخبير رباح بالإجرام التاريخي المسبب لمأساة كبيرة.
المشروع الاستعماري "الكولونيالي" الاستيطاني الذي حمله الوعد المشئوم طرد الفلسطيني وسيطر على أرضه ودمر 540 بلدة وقرية وهجّر في النكبة 75% من سكان فلسطين الأصليين ليبدأ بعد ذلك مسلسل نكبات ومجازر.
ويرى الخبير رباح أن بعض القوى السياسية في بريطانيا تعرف بالخطأ وتستشعر خطورته التاريخية الذي يرتقي لمستوى جريمة أثبتت فيها "إسرائيل" على مدى 6 عقود أنها دولة احتلال "كولونيالي" وتمييز عنصري وربما كان موقفها بالتصويت مع حق إقامة الدولة الفلسطينية مؤخراً شيء إيجابي.
بالإمكان الاستفادة من الموقف البريطاني الأخير حسب رأي الخبير رباح وذلك بتوسيع قاعدة القوى والتيارات في أوروبا التي تدعم الحق الفلسطيني وتتحدث عن خطأ بريطانيا لكن المطلوب هو سياسة عملية تعزز مقاطعة ومحاصرة إسرائيل سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
ويدعو الخبير عدوان بريطانيا للاعتذار عن "وعد بلفور" وتحمل نتائج الاعتذار من قبيل إعادة الحق والتعويض عن خسارة آلاف الفلسطينيين وقد تكرر نموذج الاعتذار بشكل مشابه مثل اعتذار إيطاليا إلى ليبيا وقدمت تعويض عبر مجموعة استثمارات مالية .
وبتابع لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": "عدوان الاحتلال الصهيوني المتصاعد اليوم بالقدس والضفة يؤكد أن المشروع الذي أسسه وعد بلفور ضعيف فهو يسعى لإثبات نفسه حين يطلب الاعتراف بيهودية الدولة ولازال يتوسع بالاستيطان ويسعى ليكون مقبول بعد 100 سنة من الوعد ما يؤكد خطأ بريطانيا الاستراتيجي".
ورغم أن حراكاً دولياً ومواقف من قبيل المقاطعة الثقافية والاقتصادية للاستيطان الصهيوني بدأت تتصاعد في السنوات القليلة الماضية توازيها جهود فلسطينية سياسية تتوجه لنيل الشرعية من المؤسسات الدولية وتجريم الاحتلال إلا أن القوى المؤثرة عالمياً لم تغضب الجلاد الإسرائيلي الذي سلب الحقوق الفلسطينية حتى الآن.