10-31-2014
|
|
قسم الاسرة والحياة الزوجية
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نعمة حكيم
المنتدى :
الفقه الإسلامــي وأصوله
رد: الزكاة ودورها في نهضة الأمة
عناصر المفهوم الإسلامي للتنمية
غني عن البيان أن الله سبحانه وتعالى استخلف الإنسان في الأرض، وسخر له ما في الكون جميعا، وجعل الأرض له ذلولا، لييسر له عملية القيام بمهمة الاستخلاف وتعمير الأرض.
ولكن الأمر المعضل الذي يعسر علاجه هو غياب الوعي من قبل أبناء العالم الإسلامي بمقصود الشارع من الاستخلاف.
إذ لا يكفي مجرد العلم بذلك ومعرفته، بل لابد أنْ يكون هذا الوعي حاضرا أثناء القيام بهذه المهمة ومصاحبا لها، بل لا بد أنْ يكون دافعا قويا نحو قيام أبناء العالم الإسلامي بمهمة التنمية الحضارية.
التنمية في جوهرها يجب أن تمثل كل السلسلة المتكاملة للتغيير، بجانب التوفيق بين الحاجات الأساسية ورغبات الأفراد والمجموعات الاجتماعية من خلال نظام اجتماعي متكامل، والتقدم نحو وضع أفضل للحياة ماديا ومعنويا.
وبناء على ذلك، فإن هذا الأمر يدعونا إلى إعادة النظر في مفهوم التنمية وبيان مجالاتها، وأيها أولى بالاهتمام، ثم التركيز على التعليم بوصفه محوراً أساسياً للنهوض، إذ تعد التنمية التعليمية خلاصاً للعالم الإسلامي من تراجعه الحضاري.
التوازن والشمولية
إن عملية التنمية نشاط متعدد الأبعاد ولا يقتصر على جانب دون آخر، والإسلام يسعى إلى إحداث التوازن في الحياة بين العوامل والقوى المختلفة.
والتنمية موجهة للإنسان ولترقية حياته المادية والاجتماعية والثقافية والبيئة المحيطة به.
فالإسلام يعيد التوازن بين المتغيرات الكمية والنوعية، وهذا ما تسعى إليه التنمية الاقتصادية في إطارها التطبيقي (الاستخدام الأمثل للموارد، وتحقيق التوزيع المكافئ والمتساوي للعلاقات الإنسانية على أساس العدل والحق).
الحياة الطيبة
لقد ثبت أن زيادة الدخل لا تؤدي بالضرورة إلى حياة طيبة، وأن الإنسان يستطيع أن يحيا حياة كريمة ويحقق معظم احتياجاته دون نقود أو بدخل قليل، وأن العكس يمكن أن يحدث أيضا إذ تبقى حياة الناس فيها معاناة كبيرة، ونقص في الاحتياجات التنموية مع توفر المال بين الناس والحكومات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أمسى آمناً في سربه معافى في بدنه وعنده قوت يومه فقد حاز الدنيا بحذافيرها".
الثروة الحقيقية
البشر هم الثروة الحقيقية لأي أمة، لذا فإن قدرات أي أمة تكمن فيما تمتلكه من طاقات بشرية مؤهلة ومدربة وقادرة على التكيف والتعامل مع أي جديد بكفاءة وفاعلية.
وهنا نذكر بكل اعتزاز تجربة دول جنوب شرق آسيا، التي قطعت على نفسها التزامات مهمة تجاه تجميع رأس المال البشري وتحويله إلى طاقة وميزة تنافسية عالية تم توجيهها إلى استثمارات عالية الإنتاجية؛ يكمن سر نهضتها ونموها في عقول أبنائها وسواعدهم.
وقد كان ثمار ذلك أن حققت اقتصادات تلك البلدان معدلات متسارعة من النمو فاقت بها أكثر البلدان تقدما حتى أطلق عليها النمور الآسيوية، وأصبحت مثلا يحتذى به لكل من أراد أن يلحق بركب التقدم.
وحتى عندما تعرضت تلك البلدان لأزمة مالية كبيرة خلال السنوات الأخيرة استطاعت أن تسترد عافيتها بسرعة فاقت التوقعات، وهو ما أرجعه الخبراء إلى الثروة البشرية التي تمتلكها تلك البلدان، وما تتمتع به من جودة وكفاءة عاليتين.
فالتنمية البشرية لا تنتهي عند تكوين القدرات البشرية مثل: تحسين الصحة وتطوير المعرفة والمهارات؛ بل تمتد إلى أبعد من ذلك حيث الانتفاع بها سواء في مجال العمل من خلال توفر فرص الإبداع، أو التمتع بوقت الفراغ، أو الاستمتاع باحترام الذات وضمان حقوق الإنسان، أو المساهمة الفاعلة في النشاطات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ونظرا لكل ذلك أصبحت التنمية البشرية توجها إنسانيا للتنمية الشاملة المتكاملة وليست مجرد تنمية موارد بشرية.
الزكاة وتنمية المجتمع
الزكاة تعتبر من أهم الوسائل في بناء المجتمع لأنها تساعد على إزالة الكراهية والحقد والحسد الذي تنبض به قلوب المحرومين ومن ثم يسعد المجتمع ويعيش متعاوناً متآخياً مترابطاً مما يؤدي إلى قيام تنمية شاملة ومتوازنة دعامتها الإنسان نفسه ليكون بحق خليفة الله في أرضه.
وعندما تدفع الزكاة فإنها تمثل أعلى درجات الترابط والتكافل الاجتماعي داخل المجتمع، فالأغنياء يعلمون أن المال هو مال الله وأنهم مستخلفون في هذا المال فيخرجون زكاة أموالهم ويساعدون الفقراء والمساكين حتى يستطيعوا مواجهة أعباء وظروف الحياة.
الزكاة وتحقيق متطلبات التنمية
التنمية بالمعنى المعاصر يقصد بها زيادة الموارد عن طريق كثرة الإنتاج وتقليل النفقات.
مفهوم التنمية في النهج الإسلامي:
التنمية في الإسلام هي التنمية الشاملة للإنسان الذي يؤدي وظيفته في القيام بأعباء الاستخلاف في الأرض وإعمارها.
والزكاة عامل أساسي في تحفيز السياسة المالية للدولة، وأول مؤسسة للضمان
تعد الزكاة وسيلة هامة لتنشيط المجتمع الإسلامي في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن أهم الأهداف التي تسعى إليها الزكاة هي منع اكتناز الأموال وبقائها كموارد ساكنة لا تقدم منفعة حقيقية لاقتصاد المجتمع.
وهذا المفهوم من مبادئ الاقتصاد العالمي المعاصر.
والذي يؤكد أن اكتناز الأموال من أهم العوامل التي تعوق التنمية الاقتصادية للدولة؛ لأن الموارد الراكدة لا تدخل في عجلة الاقتصاد، بالتالي تقلل من حجم الموارد المحلية، ما يؤدي إلى مستوى تنموي أقل بكثير مما يمكن أن يتحقق لو أن كل الموارد موظفة ومستخدمة في إنعاش الاقتصاد.
الزكاة ليست مجرد سد لجوع الفقير أو إقالة عثرته بكمية قليلة من النقود وإنما وظيفتها الصحيحة تمكين الفقير من إغناء نفسه بنفسه بحيث يكون له مصدر دخل ثابت يغنيه عن طلب المساعدة من غيره.
وهي تعين كل من هو قادر على الإنتاج، فهي بذلك تخلق طاقات إنتاجية، إضافة إلى تشغيل الطاقات العاطلة.
وبذلك يتم القضاء تدريجياً على البطالة.
التكافل والضمان الاجتماعي في الإسلام
ركز الإسلام على التكافل الاجتماعي كأحد الأسس التي من خلالها تتحقق الحياة الكريمة للفرد، ولهذا فقد أوجد العديد من أشكال العطاء الديني التي من خلالها يتحقق التكافل الاجتماعي ومن بينها: الزكاة
والزكاة لا تقتصر على العطاء لسد الاحتياجات الأساسية للإنسان بل لتحقيق حد الكفاية وحد الغني.
وذلك عن طريق توفير فرص عمل والمساعدة في عمل مشروعات صغيرة، ونحو ذلك.
وقد أكد العلماء أن التكافل الاجتماعي ينقسم إلى التكافل المادي والمعنوي.
والتكافل المعنوي يأتي في صور كثيرة لأن احتياجات الإنسان لا تقتصر فقط على الاحتياجات المادية.
ولكنها تتضمن أشكالا أخرى مثل: المشورة والنصيحة، والصداقة، والتعليم، وغيرها من أشكال العطاء.
ومن هنا يتضح أهمية دور المؤسسات الدينية في التوجيه إلى تنمية الإنسان، وليس لخلق حالة من الاتكالية بسبب قصر العطاء.
دور الزكاة في علاج المشكلات:
يتمثل دور الزكاة في علاج مشكلة الفقر في أنها:
تساهم في تحويل الفقراء القادرين على العمل إلى منتجين.
تزيد من القوة الشرائية للنقود بنقلها إلى الفقراء الذين ينفقونها على الضروريات والحاجيات بدلاً من أن تنفق على الكماليات.
دور الزكاة فى تحسين أحوال الفقراء والمساكين
الزكاة تؤخذ من الأغنياء لترد على الفقراء، فيقضى بها الفقير:
حاجاته الأساسية المادية مثل المأكل والمشرب والملبس والمسكن.
وحاجاته النفسية والحيوية مثل الزواج.
وحاجاته المعنوية الفكرية مثل العلم.
دور الزكاة في تحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي:
إن من أهم أسباب الكوارث الاقتصادية والخلل في البنيان الاقتصادي هو نظام الاحتكار والفائدة الربوية والربح الفاحش.
وفي مصارف الزكاة سهم الغارمين.
دور الزكاة في علاج مشكلة البطالة وتنمية العنصر البشري:
البطالة مشكلة متعددة الأطراف لها آثار عقدية وخلقية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وهى كالسرطان يهدد كيان المجتمع بأسره، وتعاني منها كافة دول العالم المتقدمة منها والنامية.
والزكاة تساهم في علاج المشكلة من خلال توفير مستلزمات العمل من آلات ومعدات وخامات للعمال حتى يتحولوا إلى طاقة إنتاجية.
وكذلك الإنفاق على البرامج التدريبية للشباب العاطل لتأهله للعمل في ضوء احتياجات سوق العمالة.
دور الزكاة في علاج مشكلة اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء:
من بين مقاصد الإسلام رفع مستوى الفقراء والمساكين وتحويلهم إلى طاقة إنتاجية في المجتمع, فلا يقتصر الأمر على إعطائهم إعانة وقتية، بل يمكن أن نشترى لهم وسائل الإنتاج مثل الآلات الحرفية والأنعام.
دور الزكاة في علاج مشكلة الكوارث والتعثر والإفلاس:
يتعرض الإنسان في حياته لكثير من الحوادث والكوارث والمصائب، وهذه تسبب له خوفاً وفزعاً.
ولقد كفل الإسلام لهؤلاء التأمين الحقيقي؛ إذ خصص لهم سهماً في حصيلة الزكاة باعتبارهم من الغارمين، بقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة:60.
عن مجاهد قال: (ثلاثة من الغارمين: رجل ذهب السيل بماله، ورجل أصابه حريق فذهب بماله, ورجل له عيال وليس له مال ينفق على عياله) ([7]).
كما اهتم الإسلام بإصلاح ذات البين وجعل لمن يغرمون في هذا الشأن حظ من حصيلة الزكاة.
فعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: (تحملت حمالة([8]) فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها"، ثم قال: يا قبيصة؛ إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة, فحلت له المسألة فسأل حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله, فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش, ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه قد أصابت فلانا الفاقة, فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش ثم يمسك، وما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً"([9]).
دور الزكاة في علاج مشكلة العنوسة وإعانة الراغبين في الزواج:
يعتبر الزواج من الحاجات الأصلية للإنسان، والتي توجب على ولي الأمر، وعلى المجتمع الإسلامي التضامن والتكافل لتحقيق هذه الحاجة إذا كان الشاب فقيراً.
ودليل ذلك من السنة قول رسول الله: "من ولى للناس عملاً, وليس له منزل فليتخذ منزلاً, أو ليس له زوجة فليتزوج, أو ليس له خادم فليتخذ خادماً, أو ليس له دابة فليتخذ دابة, ومن أصاب شيئاً غير ذلك فهو غال"([10]).
ومن الضوابط الشرعية لإنفاق الزكاة فى مساعدة الشباب الفقير على الزواج:
أن يتم الإنفاق في مجال الضروريات والحاجيات الأصلية للزواج.
تجنب الإسراف في النفقات.
أن لا يتم الإنفاق في أي باب فيه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.
أن يكون عليه ديون بسبب الزواج وتعذر في سدادها فيعتبر بذلك من الغارمين.
يتبع
|
|
|
|
|