خرجت تظاهرة حاشدة مساء الأربعاء في العاصمة الفرنسية باريس، تنديداً بالموقف الرسمي الفرنسي من العدوان على غزة، الذي هتف ضده المتظاهرون تحت نوافذ وزارة الخارجية الفرنسية، وسط حشد كبير من قوات الشرطة بحجة "الخوف من خروج التظاهرة عن السيطرة".
هذه التظاهرة في "الانفاليد"، جاءت بمبادرة من "التجمع الوطني من أجل سلام عادل". وشاركت في المبادرة عشرات المنظمات الفرنسية والعربية، من أهمها حزب "أهالي الجمهورية" والحزب الشيوعي الفرنسي وحزب اليسار "لا بارتي دوغوش"، والحزب الجديد المعادي للرأسمالية وجمعية الصداقة الفرنسية - الفلسطينية وغيرها من الأحزاب والمنظمات.
المتظاهرون حملوا لافتات منددة بـ"المذبحة الإسرائيلية في غزة"، وأخرى تقول "عار على الصمت الفرنسي الأوروبي الأميركي"، والتي تنادي بمقاطعة إسرائيل، رغم أن القانون الفرنسي يُجرّم ويمنع مقاطعة البضائع الإسرائيلية بشكل عام.
وقد شهدت التظاهرة كلمات للعديد من الساسة الفرنسيين، ومن بينهم ممثل عن حزب اليسار، الذي أكد دعمه للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، قائلاً "علينا أن نقاوم البربرية الإسرائيلية بشكل بطولي". وطالب "بالوقف الفوري للمجازر وللحصار الإجرامي لغزة".
كما أعلن دعم حزبه لمقاطعة الكيان الإسرائيلي، مشيراً في الوقت ذاته الى ما سماه "كذب وسائل الإعلام الفرنسية التي تتناول الأمر وكأنه صراع بين اليهود وعرب مسلمين، في حين أنه بين احتلال وشعب يقاوم منذ 66 سنة من أجل بناء دولته".
جاء ذلك وسط هتافات للمشاركين أرادت أن تُسمع رئيس الدولة فرنسوا هولاند، ووزير خارجيته لوران فابيوس، الامتعاض والغضب من الموقف الرسمي، حتى إن المتظاهرين وصفوهما بالمتواطئين مع إسرائيل في جرائمها.
وأكد القيادي والمرشح الرئاسي السابق في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عن "الحزب الجديد" المناهض للرأسمالية (nba)، أوليفيي بوزانسنو، لـ"العربي الجديد"، أن "حظر التظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في محنته في غزة داخل الأراضي الفرنسية، كان يستهدف إسكات كل الأصوات الفرنسية وغيرها المنددة بالموقف الرسمي المخزي والمنحاز لليمين الإسرائيلي". وأضاف بوزانسنو "من هنا كان إصرار حزبنا على رفض قانون حظر التظاهرات وبالتالي السماح لكثير من المنظمات والأحزاب المشاركة في التظاهر لكسر هذا المنع".
وقال "إن ادعاء البعض باللجوء الى العنف مجرد كذب ومغالطة، وحزبنا لن يقبل هذا الانتهاك بالحق في التظاهر والتعبير عن الرأي".
وفي رده على سؤال لـ"العربي الجديد"، قال بوزانسنو "إن وصف رئيس الوزراء للمتظاهرين بمعاداة السامية هو فضيحة مرفوضة لأن إسرائيل دولة استعمارية ومنتهكة للقوانين الدولية، والدفاع عن الشعب الفلسطيني يستلزم مقاطعة إسرائيل ووقف التعامل الاقتصادي معها كما يفعل البحارة الأميركيون في ميناء أوكلاند الذين رفضوا إفراغ حمولة سفينة إسرائيلية".
من جهتهم، ذهب المتظاهرون الفرنسيون إلى هتافات تتحدى اسرائيل ووصفها بأنها دولة مجرمة وإرهابية، داعين إلى مقاطعتها ومحاسبتها.
فقد عبّرت المواطنة الجزائرية الأصل سلوى لـ"العربي الجديد" عن رفضها "منعنا من إظهار دعمنا للشعب الفلسطيني المضطهد". أما عصام (من أصل مغربي) فقال: "موقف 22 بلداً عربياً من فلسطين حرام، فالسعودية ودول أخرى مسؤولة عن هذا الهوان ونحن الشباب العربي نطالب هذه الأنظمة بوقفة جادة غير مخزية".
بدوره، قال محمد الجزائري، الذي حضر مع جميع أفراد عائلته فعاليات هذه التظاهرة، "إن موقف فرنسا الرسمي من مأساة غزة يعبّر عن أن الحكومة الفرنسية هي حكومة إسرائيلية حقاً"، في حين قالت ابنته ابتسام "إن العالم كله تحت قدمي إسرائيل في جرائمها".
وأكد العديد من المتظاهرين لـ"العربي الجديد" بأنهم سيستمرون في فعالياتهم لنصرة الحق الفلسطيني "رغم محاولات الحكومة الفرنسية تجريم حق التعبير عن الرأي ومساندة شعب تحت الاحتلال والقتل اليومي"، وهو ما عبّر عنه المنظمون بأن مواعيد تظاهرات أخرى ستحدد قريباً، في تحدٍ للموقف الرسمي، وخصوصاً مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.