[Sherif Youssef]

	مشكلة تسمية الأشياء بغير أساميها أخطر مما يتخيل الجميع ، فموروثنا الذي يعبده معظم الناس دون تفكير أدى إلى أخطاء كبيرة في معظم العبادات هل تعلم أن معظم الناس لا يصومون الصيام الصحيح ؟ هل تعلم أن معظم الناس لا "يتمون" صيامهم كما أمرنا الله ؟ هل تعلم أن أكثر الناس لا يعلمون ، بل هل تعلم أن هذه آية قرآنية ؟! أمرنا الله أن نسبح "قبل طلوع الشمس وقبل الغروب" ، قال تعالى : "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ" (ق39) "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا" (طه130) ولأن القرآن "دقيق" و "تفصيلي" وفيه تفصيل كل شيء بل هو تبيان كل شيء ، لذا لا يمكن أن توجد كلمة واحدة ترادف كلمة أخرى أبدا في القرآن وإلا لكان من الممكن أن نبدل بين الكلمات ولما كان هذا الكتاب آية عظيمة من آيات الله . في الصيام ، أمرنا الله بالأمر التالي : "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" (البقرة 187) أي أن الصيام غير مرتبط لا بطلوع الشمس ولا بغروبها . وإنما مرتبط ببصيص الضوء أولا ، وانتهاء الضوء آخرا وهو دخول الليل ، ومن المعروف أن الشمس تغرب ولازال الضوء منتشرا لفترة تتراوح من 30 دقيقة إلى 45 دقيقة ! وبدلا من أن يعبد الناس الله ويتموا الصيام إلى الليل ، أي إلى ما بعد غروب الشمس بـ 30-45 دقيقة تقريبا أي قرب موعد العشاء بقليل ، أقنعهم الموروث أن الليل هنا معناها غروب الشمس . فصدقوا الموروث واتبعوه ولم يتموا الصيام إلى الليل !! والليل في القرآن الكريم عكس النهار ، تأمل هذه الآيات : "تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ" (آل عمران27) "يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ" (فاطر13) "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً" (الإسراء12) لذا لو لم يكن هناك مصابيح ولا أنوار سوف يتأثر "الإبصار" تأثرا كبيرا فور دخول الليل وذهاب النهار المبصر ! "قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا" (المزمل2) وقيام الليل ليس بعد المغرب أبدا "وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ" (يس37) بمجرد انسلاخ النهار من الليل يدخل الظلام ، لذا عندما يكون الضوء متواجد معناها أن النهار لم ينسلخ بعد ولم يكتمل دخول الليل "أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا" (النمل 86) إشارة أخرى إلى أن الليل عكس النهار ، فالنهار مبصرا والليل مظلما بعد انقشاع خيوط الضوء والآيات كثيرة ، بل تأمل أيضا هذا الحديث النبوي : "من خاف أن لا يقومَ من آخرِ اللَّيلِ فلْيوتِرْ أولَه . ومن طمع أن يقومَ آخرَه فلْيوتِرْ آخرَ الليلِ . فإنَّ صلاةَ آخرِ الليلِ مَشهودةٌ . وذلك أفضلُ " وهذا الحديث أيضا : "أوتَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أولَ الليلِ وأوسطَ الليلِ وآخرَ الليلِ ، فثبَت الوترُ واستقرَّ على إدبارِ النجومِ" ترى هل يصح الوتر بعد المغرب ؟ باعتبار أنهم فسروا أن الليل هو غروب الشمس ؟ أم أننا نوتر أول الليل أي بعد صلاة العشاء مباشرة والتي تكون في الغالب بعد دخول الليل بثلث إلى نصف ساعة ؟ لهذا تقوم الأمة الليل في أول الليل بعد العشاء مباشرة ، ولا يكون بعد المغرب لأنه بعد المغرب لا يكون الليل قد بدأ فعليا إلا بالاقتراب جدا من وقت العشاء ! أما بعد العشاء فبإمكانك قيام الليل بعدها مباشرة أو ما يسمى اليوم "التراويح" ، ولو كان أول الليل معناها بعد المغرب لجاز قيام الليل بعد صلاة المغرب مباشرة . الصيام لا علاقة له بشروق الشمس أو غروبها أصلا ، الصيام له علاقة "بالضوء" و "الظلام" وفترة الصيام التام تكون طوال فترة الضوء ، فيبدأ الصيام عند بداية ظهور الضوء ، وينتهي الصيام عند انتهاء الضوء أي دخول الليل . لست أدري كيف برمجنا الموروث على غير ذلك ، فإن كنا نمسك الأكل والشرب احتياطيا عند الفجر أي قبل بداية خيوط الضوء بربع إلى ثلث ساعة تقريبا ، فمن باب أولى أن نفطر بعد المغرب بـ30-45 دقيقة كي يصبح الصيام تاما. أعلم أنها اجتهادات علماء ، وأعلم أيضا أنهم يصيبون ويخطئون لأنهم بشر ، وأعلم أن ديني علمني أن أستفت قلبي وأنا لم يقنعني اجتهادهم أبدا ، لذا أنا بدأت بإتمام الصيام حتى 45 دقيقة بعد أذان المغرب كي أتم صيامي فور اكتشافي لهذه المعلومة . المشكلة أنهم اعتمدوا على معلومة أيضا مغلوطة وهي أن القرآن "باللغة العربية" وتم بناء التفسيرات على ذلك ، فإذا أرادوا معرفة معنى كلمة ذهبوا إلى كتب السابقين "معاجم اللغة العربية" وهذه هي المصيبة الكبرى . فهم كلام الله بكلام بشر ، ولقد تكلمت في ذلك بالتفصيل في أكثر من مقالة بعنوان "هل نزل القرآن باللغة العربية حقا" ! نأت الآن إلى الحديث الصحيح الذي يعلمه الجميع : "لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفطرَ" وهذا معناه أن تعجل الفطر فور حلول الليل والظلام أي لا تنتظر إلى دخول وقت العشاء ، لأن الليل والظلام يقع قبل العشاء بنصف ساعة تقريبا أي بعد المغرب بـ30 إلى 45 دقيقة ، ولو كان النبي يقصد الإفطار عند المغرب لقال ببساطة "لا يزال الناس بخير ما فطرو فور غروب الشمس أو فور أذان المغرب" بل إن عدم ذكر ذلك في الحديث معناه أن الإفطار لا يمت بصلة للغروب ولا لأذان المغرب وإنما فور حلول الليل والظلام وترك التقدير لك . اطمئن ، لا يحاسب الله قبل العلم ، لكن هذا لا يعفيك من البحث والعلم عن دينك ، لأن الله سيحاسبك على عدم التفكر ، فابدأ التفكر من الآن كي تكون من أولي الألباب ، وأنا قد اكتشفت هذه المعلومة منذ أربعة أيام فاستغفرت ربي كثيرا أني كنت أصوم مبرمجا ولم أفكر أبدا في الآية ، فاللهم اغفر لي واغفر لكل من لم يكن يعلم ، وها أنا قد بدأت فورا بإتمام الصيام . أنا أتم صيامي كي تكتمل استفادة جسمي منه أنا أتم صيامي كي تكتمل استفادة نفسي منه أنا أتم صيامي كي أحقق الاستفادة القصوى لشحن الطاقة في شهر رمضان أنا أتم صيامي كي تتحقق فوائد الصيام على أهدافي وحياتي المستقبلية الدنيوية والأخروية أنا أتم صيامي لأني من المستحيل أن أقول لربي يوم القيامة (هما اللي قالولي) الخيار لك ، اسمع من كل الأطراف واستفت قلبك ، لكن لا تتبع الموروث اتباعا بلا تفكير وكأنهم سيجادلون عنك يوم القيامة ، عفا الله عما سلف فالله لا يحاسب على الجهل ، لكنه سيحاسبك على عدم التدبر والتفكر الذي أمرك به في القرآن (بالمناسبة قد يقودك تفكرك إلى الاقتناع برأيهم ، هذا رائع ، المهم أن يكون تفكرك هو قائدك وليس اتباعهم بلا تفكر) .. الخيارات كلها أمامك الآن .. أنت السبب .. اختر بقلم د/ أحمد عمارة

[عابرة سبيل]