رؤيته إمتاع لناظره، وسحره أجمع عليه كل من زاره، وصف بأنه درة جوامع العالم وإحدى عجائب عصره لروعة عمرانه وروحية المقامات الموجودة بداخله، إنه الجامع الأموي بطرازه الرفيع وأبوابه الأربع ومآذنه الثلاث المطلة على أقدم مدينة مأهولة في التاريخ.
الأموي في شهر رمضان
للجامع الأموي إيقاع خاص في شهر رمضان حيث يزداد عدد زواره بشكل ملحوظ، ولا يقتصر زواره على السوريين حيث يشكل الجامع قيمة كبيرة لكافة الدول الإسلامية، للاعتكاف وإقامة حلقات الذكر وحضور الدروس الدينية التي تقام بداخله.
ويضفي موقع الجامع رونقا خاصا له بتوسطه العديد من الأسواق الدمشقية القديمة وما تمثله من مواقع سياحية للذين يزورون سورية.
لا يختلف وقت النهار عن الليل من حيث هؤلاء الزوار فالحركة مستمرة في الجامع ، وأحيانا يزداد الإقبال عليه في أوقات الليل وخاصة في الأيام العشر الأخيرة من رمضان وذلك بسبب تكثيف العبادة والاعتكاف في داخله.
واستمرت موائد الرحمن لسنوات عديدة، حيث اعتاد أغنياء دمشق بالتبرع لتحضير موائد الإفطار لعابري السبيل وغيرهم من لم يستطيع الإفطار من الفقراء و ممن لديهم أسباب تمنعهم من اللحاق بموعد الإفطار.
ويتحدث محمد الرفاعية ( أبو قاسم) وهو كبير خدم الجامع لسيريانيوز عن الجامع الأموي الذي خدمه لأكثر من ثلاثين عام، وعن التغييرات التي شهدها الأموي عبر هذه السنين التي كان شاهد عليها وقال" خدمت لأكثر من ثلاثين سنة في هذا الجامع الذي أصبح جزءا مني ولا أستطيع الابتعاد عنه، حيث اعتد على خدمته وخدمة زواره الذين يأتوه من كافة أنحاء العالم".
وعن التغييرات التي شهدها الأموي من ثلاثين سنة حتى الآن قال ابو قاسم" يوجد تغييرات كبيرة في الجامع، تغييرات على مستوى الزوار وعلى المستوى الجامع نفسه، حيث شهد الجامع عمليات ترميم في حرمه، كما أضيف باب خامس على الأبواب الأربعة المطلعة على الحرم، لكنه قليل الاستخدام".
زوار من كافة أنحاء العالم
أما عن الإختلافات على مستوى زوار الجامع أوضح" هناك تغير ملحوظ على مستوى زائري الجامع، حيث نستقبل زوارا من كافة أنحاء العالم، فمنهم الإيرانيون والخليجيون والباكستانيون ومن دول عربية كثيرة، حتى أصبح هناك زوار من الهند والصين يأتون خصيصا لزيارة هذا الجامع الرائع الذي يعتبر من روائع جوامع العالم".
ويتابع أبو قاسم" وعلى المستوى المحلي زاد إقبال الدمشقيين والسوريين بشكل عام لإقامة الصلوات ولزيارة المقامات داخل الجامع، وهناك اهتماما واسعا بالتعرف على معلومات تخص الأموي، وعن القيمة الدينية الكبيرة التي يتضمنها".
المقامات والرموز الدينية
يشكل الجامع الأموي رمزا دينيا للعديد من المذاهب والأديان، ويعد رمزا للتسامح الديني والتعايش بين البشر، كيف لا وبداخله مقام النبي يحيى (يوحنا المعمدان)، وفي حرمه مقام لرأس الحسين، وعلى أحد أسواره إطار حجري صمم لوضع صورة السيدة العذراء ، لتمتد قدسية مكان الجامع إلى أبعد من ذلك بآلاف السنين حيث كان معبداً وثني للإله جوبيتير.
يبدو الجامع مهيمناً على مدينة دمشق القديمة بهامته المتجلية بقبة النسر، وبمآذنه الثلاثة التي أقيمت في وقت لاحق فوق الصوامع الأموية، هذا الجامع الذي بني بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك(بدأ تشييده عام 705 ميلادي وانتهى ب 715 ميلادي بنفس السنة التي مات فيها الوليد) الذي كان مولعا بالفن العمراني، حيث استخدم في بناء هذه الأعجوبة أمهر البنائين السوريين والدمشقيين تحديدا وذلك بعكس ما قيل حول الاستعانة بمعماريين من بلاد أخرى.
فن عمراني مميز
تبلغ مساحة المسجد كله 157×97م وتبلغ مساحة حرمه 136×37م أما مساحة الصحن فهي 22.5×60م وينفتح في الصحن أربعة أبواب، باب البريد من الغرب وباب جيرون من الشرق وباب الكلاسة من الشمال. وباب الزيادة من الجنوب وينفتح من الحرم، ليضاف باب جديد وهو الباب الخامس ولكنه مغلقا وذلك بحسب ما أخبرنا أحد أكبر خدام الجامع الأموي.
وفي حرم الجامع أربعة محاريب، المحراب الأصلي في منتصف الجدار القبلي. وهذه المحاريب مخصصة للمذاهب الأربعة. وفي أعلى جدار القبلة، تنفتح على امتداده نوافذ ذات زجاج ملون. عددها 44 نافذة مع ستة نوافذ في الوسط.
ويقوم إلى جانب المحراب الكبير منبر حجري رائع. إن جميع الزخارف الرخامية المنقوشة في المحراب والمنبر وفي المحاريب الأخرى هي آيات فنية، صنعها المبدعون الدمشقيون الذين نقلوا فنونهم إلى أنحاء كثيرة من البلاد العربية والإسلامية.
أما حرم المسجد فهو مؤلف من قناطر متشابهة عددها 24 قنطرة تمتد موازية للجدار القبلي، يقطعها في الوسط جناح متوسط يمتد من باب الجبهة الرئيسي وحتى المحراب. ويغطي هذا الجناح المتوسط سقف سنمي في وسطه تنهض قبة النسر المؤلفة من قبة نصف كروية من الخشب المصفّح، ومن قبة ثمانية تنفتح فيها 16نافذة، وترتفع القبة عن أرض الجامع 45م وهي بقطر 16مترا.
يضم أقدم مئذنة بالتاريخ
للجامع ثلاث مآذن تعود إلى ثلاث حقب مختلفة، الأولى تتوسط الجدار الشمالي وتعرف بمئذنة العروس وهي أقدم مئذنة في تاريخ الإسلام، الثانية في الناحية الشرقية وتعرف بمئذنة عيسى نسبة إلى المسيح عيسى بن مريم، أما الثالثة فهي في الناحية الغربية وتعرف بمئذنة قايتباي، نسبة إلى قايتباي السلطان المملوكي. وفي دمشق أوابد وآثار في كل زاوية من زواياها، وفيها الشارع المستقيم الذي ورد ذكره في الإنجيل ومقدسات إسلامية ومسيحية.
في ركن الزاوية الشمالية القريبة من الجامع أقيم متحف خاص بالجامع عام 1989، ويضم نفائس الجامع القديمة وبعض الأحجار والسجاد واللوحات الخطية الجميلة، مع مصابيح إنارة وقطع فسيفسائية وخزفية وزجاجية ونقود إسلامية وساعات وصفحات من المصاحف المخطوطة القديمة.
عمليات ترميم في الجامع
في عام 1109 م رمم الجدار الشمالي أيضا من الناحية الغربية. وفي عام 1150 م وضعت ساعة كبيرة مميزة عند رواق الباب الشرقي للجامع الأموي. في عام 1179 م أمر صلاح الدين بترميم دعامتين من دعائم القبة الكبرى المسماة قبة النسر، والمئذنة الشمالية والتي هي الأقدم بين المآذن في تاريخ الإسلام ولقد أضيف إليها منارة في عصر صلاح الدين.
في عهد الظاهر بيبرس نظفت أعمدة الحرم ووشيت تيجانها بالذهب وأصلحت صفائح الرخام والفسيفساء، كما جرى تبليط الجدار الشمالي للحرم ليصبح الجامع غاية في الأبهة وقبلة للناظرين لايوازيه أي جامع أو مسجد في العالم الإسلامي. في عصر العثمانيين وفوق الصوامع أنشئت المئذنة الشرقية في عصر الأيوبيين ثم العثمانيين، والمئذنة الغربية أنشأها السلطان قايتباي.
في عام 1414 هـ / 1994 م أمر الرئيس حافظ الأسد بحملة ترميم كبيرة للجامع وملاحقاته وأعمدته الكثيرة وأبنيته مع الحفاظ على طرازه الأصيل ولوحات الفسيفساء الرائعة والنقوش والزخارف وتم الكشف من إحدى الجهات خارج جدران الجامع عن آثار رومانية غاية في الأهمية للمعابد قبل قيام الجامع وتم ترميمها والعناية بها تم إعادة افتتاح المسجد من قبل الرئيس حافظ الأسد بعدما تم مسح جديد وتسجيل جميع الآثار الإسلامية والتاريخية القديمة وتوثيقها. ليزداد جامع بني أمية هيبة وفخامة.
ويواصل القائم على خدمة الجامع محمد الرفاعية كلامه عن الجامع قائلا "يستقبل الجامع حملات تبرعات من بعض المهتمين، حيث تم أيضا ترميم مقام الحسين وذلك على نفقة مجموعة تسمى (البهراء) وهم تجار ذهب هنود كانوا مهتمون كثيرا بترميم هذا المقام، وذلك بعد مجيئهم من الهند خصيصا لزيارة الجامع الأموي".
ويضم الأموي 6 من كبار مؤذني دمشق بالإضافة إلى العديد من الشيوخ التي تقوم بإلقاء خطب الجمعة وصلوات العيد وغيرها.
ثلاثون سنة براتب 5640 ليرة اي مايعادل 475 ريال سعودي
أما عن عدد الأشخاص الذين يقومون بخدمة الجامع قال الرفاعية" يفوق عدد خدام الجامع عن الخمسين شخصا، وهم يقومون بخدمة الجامع على أكمل وجه، عن طريق المناوبات فيما بيننا".
وعن الأجر المادي الذي يتلقاه أبو قاسم بعد ثلاثين عام خدمة قال" أقبض في كل نهاية شهر 5640 ليرة سورية، حيث أنني لغاية الآن غير مثبت لدى الدولة وأعمل بالتعاقد مع وزارة الأوقاف".
قوس النصر ..سوق الحمدية المقابل للجامع الأموي
الباب الرئيسي للجامع
عند آذان المغرب
الأموي بعد الإفطار
ساحة الجامع الداخلية
حرم الجامع
الفسيفساء على واجهة الجامع
قبة البركة أسفل المئذنة الشرقية (مئذنة عيسى)
قبة الخزنة
قبة الساعات
أقدم مئذنة في الأموي مئذنة العروس
مئذنة قاتيباي(الغربية) أومسكية) وسميت هكذا نسبة للسلطان المملوكي قاتيباي
مقام النبي يحيى (يوحنا المعمدان) |