إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشرك له، وأن محمد عبده ورسولهوعلى آله وسلم تسليماً كثيراً. وأشهد بأنَ دين الإسلام دين الرحمة والسماح والعفو والفلاح ، هو المهيمن على باقي الشرائع وكتاب القرآن ناسخ لباقي الكتب والصحائف فيه الحلال والحرام واضح ، وأحكام كل شئ بلا تفريط أو تقصير ، شهادة أقابل بها ربي يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا مناصب ولا أحساب ولا أنساب إلا من آتى الله بقلب سليم .
إن الدماء شأنها في دين الإسلام شأن عظيم ، لا يزغ عنه إلا جاهل أو هالك ، فالخالق الذي خلق الإنسان وأبدع خلقه ونفخ فيه الروح ورزقه الحياة ، هو وحده من خص بنفسه المقدسة أن يسلبها منه ، فلا يحق لبشر أن يزهق روح بشر إلا بحق من الملك الحق ، وبضابط من الشرع الحنيف ، ومن فعل غير ذلك فهو آثم .
إنَ الإسلام الذي حرم دم المسلم على المسلم ،حرم أيضا قتل المستأمن أو الذمي الذي له عهد في الإسلام ، فقد جاءت الشريعة بحفظ ماله ودمه وعرضه ، فدمُ المعاهدِ الذي له عهدٌ مع المسلمين بعقدِ جزيةٍ ، أو هدنةٍ من سلطانٍ ، أو أمانٍ من مسلمٍ فحقه محفوظاً وقتله مرفوضاً ، ومخالف للشرع ولهذا الدين العظيم.
قال تعالى : }وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيم{ النساء : 92 .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا"رواهُ البخاري
وعن أبي بكرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قَتل نفساً معاهدة بغير حِلِّها ، حرَّم الله عليه الجنة أن يشم ريحها " سنن النسائي
وعن عمرو بن الحمق الخزاعي ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتْلَهُ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا "الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم ، وصححها الألباني
وفي رواية : " مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ، فَقَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" رواه ابن ماجة.
وعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قالَ اللهُ : ثلاثةٌ أنا خَصمُهُم يومَ القيامة : رجلٌ أعطى بيَ ثمَّ غدَر ، ورجلٌ باعَ حُرَّاً ثم أكلَ ثمنه ، ورجلٌ استأجرَ أجيراً فاستوفى مِنْهُ ولم يُعْطِ أجرَه " رواه البخاري.
من أقوال السلف في حرمة الدماء
قال ابن عمر : "إِن من ورطات الْأُمُور الَّتِي لَا مخرج لمن أوقع نَفسه فِيهَا سفك الدَّم الْحَرَام بِغَيْر حلّه " رواه البخاري والحاكم
وقال شيخ الإسلام :"قال الفقهاء أكبر الكبائر الكفر ثم قتل النفس بغير حق ".
وقال النووي: "إن أكبر المعاصي الشرك وهذا ظاهر لا خفاء فيه، وأن القتل بغير حق يليه، وكذلك قال أصحابنا أكبر الكبائر بعد الشرك القتل وكذلك نص عليه الشافعي "
وقال ابن العربي : "ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق والوعيد في ذلك فكيف بقتل الآدمي ؟ فكيف بالمسلم ؟ فكيف بالتقي الصالح ؟
وبعد هذا العرض القليل والدليل في حرمة الدم لغير المسلمين ، والأعمال التي تستهدِف الآمنين المعصومين
لا يسعني إلا أن أقول لهؤلاء المخربين ، ويحكم يا من دبرتم وخططتم للتخريب وزهق أرواح المسالمين الوادعين ، ونفذتم لسفك الدماء واستحلالها. فجعلتم دماء تراق وأجساد للموت تساق وجرائمسطرتموها بمداد قاتمة وعقول هائمة ، ونفوس خبيثة وقلوب مليئة بالشر.
ويلكم من ربكم يوم المطلع الرهيب والعرض على الله تعالى ، والوقوف بين يديه على رؤوس الاشهادفي عرسات يوم القيامة ، ماذا أنتم فاعلون وبما تقولون وأنتم موقفون مسؤولون فأعدوا للسؤال جواباً.
ونسأل اللهأن يلقي الصبر في قلوب ذويهم
ولا يفتنا بعدهم.
إنه الولي والقادر على ذلك
وآخر دعوانا
أنَ حسبنا الله ونعم الوكيل