من آداب المرور أن :
تقف لمن يريد أن يعبر الطريق، فتصور امرأة واقفة على الرصيف وقد
تقدمت في السن فيأتي سائق ويهدىء السرعة شيئا فشيئا حتى إذا وصل
بالقرب من السيدة توقف وأفسح لها الطريق كي تمر آمنة مطمئنة
ثم سار بسيارته .
هل تدرون ماذا ستقول السيدة :
ستدعو الله له اللهم بارك فيه ويسر طريقه وحقق مراده يا رب ،
أما من وقف، وهو يريد أن يمد نظره إلى جسدها ويتأمل أعطافها
وربما ناداها لتركب معه فإنها ستدعو عليه .. وتناجي ربها أن يكفيها
شره كيفما شاء تعالى.
ونحن نعاني في جدة وغيرها من المدن السعودية من فوضى المرور،
والسبب في ذلك ضيق الخلق .. فكل منا يفترض أنه هو الأحق بالسير
قبل غيره .. فتكون النتيجة ما نراه من زحام وفوضى، ولو أن كل منا
وسع صدره وهدأ من سرعته .. وأعطى المجال للآخرين
لارتاح هو نفسيا قبل غيره.
كان الشيخ محمد نجيب المطيعي رحمه الله :
الذي عمل إماما وخطيبا بمسجد أبي بكر الصديق بالمكرونة بجدة قد دندن
حول هذا الموضوع في شريط قديم له.وكذلك وقوفنا في الطوابير في أي
دائرة حكومية أو حتى عند صاحب الفول والتميس تجدنا نتدافع ونفقد
أعصابنا في رمضان وفي غير رمضان .. وهذا أيضا من سوء الخلق
فلا يجوز لي أن آخذ حقك ولا أن آخذ دورك إن كنت قد سبقتني
في المجيء ولا يجوز لك أن تفعل نفس الشيء معي.
هناك حقوق ينتظرها الناس منك تماما
كما أن هناك حقوقا عامة تتمناها لنفسك :
فأنت تكره أن يمسك أحد بالأذى وعليك أن لا تؤذي أحدا، وأنت تحب أن
يبادر الآخرون إلى مساعدتك إذا تورطت في دين أو وقعت في مشكلة ..
وكذلك يحب الآخرون ممن تعرفهم أو حتى الذين لا تعرفهم أن تقدم إليهم
المعروف وأن تنتشل من وقع منهم في حفرة حقيقية أو معنوية ..
وتذكر أن :
هذه الدنيا قائمة على المشاحة فكلما خففت من الشح كلما انفتحت لك
الأبواب، أبواب السماء وأبواب الأرض، وهناك شواهد كثيرة من القرآن الكريم
ومن السنة المطهرة بأنك لا بد وأن تجني ثمرة ما عملت من خير أو غير ذلك.
وقد قال ابن القيم رحمه الله :
ربما تكون نائما وتقرع لك أبواب السماء عشرات الدعوات من فقير أعنته
أو جائع أطعمته أو حزين أسعدته أو عابر سبيل ابتسمت له، أو مكروب
نفست عنه فلا تستهن بشيء من الخيرات أبدا، وكلما خالطت الناس
أيقنت يقينا أن الأخلاق كما الأرزاق قسمة من الله سبحانه وتعالى..
لقد نسينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
السطـر الأخـير :
قال تعالى :
{ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين }
مما راق لي