بسم الله الرحمن الرحيم
ظاهرة منتشرة فى عصرنا
على الرغم من عدم انتباه الكثيرين لها، فإن عقوق الآباء للأبناء ظاهرة قديمة، غير أنها تأخذ صورا وأشكالا شتى. فـفيما يطالب كل الآباء أبناءهم بأن يبروهم ويعاملوهم بالحسنى، ويشرع الشيوخ والدعاة محذرين الأبناء من عقوق آبائهم، لا يلتفت أحد من هؤلاء جميعا إلى قضية حقوق الأبناء على آبائهم. بينما يصرخ العديد والعديد من الأبناء شاكين ومنددين بهضم حقوقهم من طرف أبائهم
وقد آن الأوان أن نستمع للأبناء بعيدا عن سلطة بعض الآباء الذين نسوا دورهم في الحياة، وبالقطع لا ينسحب هذا الحكم على جميع الآباء، فمنهم البار ولكنهم قليل، وكثير منهم من يعق ولده، وهو ما جعلها ظاهرة موجودة في مجتمعاتنا وبكل قوة
ولما كان الموضع جد خطير ......والمشكلة واضحة
ولا يصح أن نقف مكتوفي الأيدي أمام مشكلة بدت واضحة كوضوح الشمس .
فيوميا نسمع أخبار هنا وهناك بواسطة الصحف بمظاهر واضحة للعقوق بين الآباء والأبناء ابن يقتل أباه أو العكس
ما الذي حدث ؟؟ ما الذي أثر على تلك العلاقة الخاصة جداً بين الأب وابنه
لعل كثيراً من الناس ينظر إلى هذا الابن نظرة الابن العاق الذي يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة
ومع كامل اتفاقي معهم في هذا الأمر إلا أنني انظر لهذه المشكلة من زاوية معاكسة
ما الذي فعله هذا الأب مع ابنه حتى تحولت العلاقة بينهما إلى هذا السبيل المعوج؟ وكيف انقطعت كل أواصر المحبة والروابط المتينة بين أب وابنه؟؟
وفى الآونة الأخيرة ضهرت على السطح بوادر سوء فهم بين جيلين كاملين جيل الأبناء وجيل الآباء كل جيل بمفاهيمه ومعتقداته.
وهنا أحاول أن أبحث عن أسباب تلك المشكلة ومحاولة التعمق في فهمها والمحاولة الجادة في إيجاد حلول صادقة لها.
ولما كانت العملية التربوية تقع على كاهل الأبوين وكما جاء في الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كلكم راع ومسئول عن رعيته، والأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"
لذا فمسئولية الآباء واضحة تجاه أولادهم ولكن كثيراً من الآباء والأمهات لا يقدرون هذه المسئولية.
التخطيط لتربية طفل أصعب بكثير من مجرد إنجابه.
فمسألة تربية الأطفال مسألة مهمة ليست هينة ويسيرة على الجميع إنما هي جهد جهيد ومثابرة وعمل متواصل تستدعى فهم عميق ووعى وطول صبر وقدرة على التحمل لمثل هذه المسئولية.
وفى الحديث الشريف "رحم الله والداً أعان ولده على بره"
وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه من عقوق ابنه فأحضر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ابن هذا الرجل وأنبه على عقوقه لأبيه فقال الابن يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال بلى فقال فما هي يا أمير المؤمنين قال أن ينتقى أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلمه الكتاب " القرآن" فقال الابن يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئا من ذلك أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي وقد سماني جعلاً (أي خنفساء) ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً فالتف أمير المؤمنين إلى الرجل وقال له أجئت تشكو عقوق ابنك لقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.
وهذا الكلام ليس تبريراً لعقوق الأبناء لأبائهم وإنما لمعرفة الأسباب التي أدت إلى كل المشاكل ونتيجته القطيعة بين الأبناء و أبائهم أو العكس