الحمد لله بلُطفه تنكشِف الشدائد، وبالتوكُّل عليه يندفعُ كيدُ كل كائِد، أحمده - سبحانه - وأشكرُه وأسألُه المزيدَ من فضلِه وكرمِه، فبفضلِه ولُطفِه تتواصَلُ النِّعمُ وجميعُ العوائِد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في كل شيءٍ آيةٌ تدلُّ على أنه الواحد، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيارٌ من خيارٍ كريمُ الأصل سيلُ الأماجِد، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله السادة الطيبين الطاهرين أهل المكارِم والمحامِد، وعلى أصحابِه الغُرِّ الميامين انعقَدَت على فضلِهم المعاقِد، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ من كل عابِد، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعــــد
لا أعلم عن أي جريمة اتكلم عن جريمة ضم اليهود للأراضي العربية، أم جريمة الصمت للعرب والأمة الإسلامية . ما هذا الصمت العجيب يا مسلمين هل هذا صمت الأموات؟! أم صمت الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة؟! إن الصمت فى وقوع الجريمة جريمة، وهل هناك جريمة أكبر بعد احتلال اليهود للأراضي العربية إلا ضم أراض من الضفة الغربية إليها؟! ومن العجب لم نسمع شجب أو بيان من العرب كما هو معتاد، وكأن الأمر لا يعننا أو كأنه دبر بليل، فهل من مجيب لماذا هذا الصمت العجيب؟!
جريمة الضم
إنً إقدام حكومة اليهود على تنفيذ مخططاتها بضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، يمثل "جريمة حرب جديدة تضاف إلى السجل اليهودي الحافل بالجرائم الغاشمة بحق الشعب الفلسطيني والأمة الأسلامية
وكان رئيس الوزراء اليهودي، بنيامين نتانياهو، قد أبدى ثقته بشأن ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك غور الأردن وشمالي البحر الميت، خلال الصيف المقبل، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية التى خططت مع اليهود على مشروع ما يسمى " بصفقة القرن " وتهدف لضم أراضى فلسطينية محتلة والاستيلاء عليها بالقوة، وتهدد بتدمير أسس وفرص السلام المزعوم في المنطقة.
وكان ترامب كشف في أواخر يناير عن "رؤيته " للسلام في الشرق الأوسط، التي أعطى فيها الدولة العبرية الضوء الأخضر لضم غور الأردن، المنطقة الاستراتيجية التي تشكل 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية، والمستوطنات المبنية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة التي باتت في نظر الإدارة الأميركية جزءاً لا يتجزّأ من العاصمة الموحدة لليهود.
وأوضح نتنياهو في تجمع انتخابي بمستوطنة معاليه أدوميم "نحن بالفعل في ذروة عملية رسم خرائط المنطقة التي ستصبح، وفقا لخطة ترامب، جزءا من دولة إسرائيل". لن يستغرق الأمر (وقتا) طويلا
وقال أيضاً: إن المنطقة ستشمل كل المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن وهي منطقة أبقتها إسرائيل تحت الاحتلال العسكري منذ السيطرة عليها في حرب عام 1967 لكن الفلسطينيين يطالبون بها كجزء من دولتهم في المستقبل.
وتعتبر معظم الدول المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي التي احتلت خلال الحرب انتهاكا للقانون الدولي.
جريمة الصمت
أما عنا نحن العرب فحدث ولا حرج فأصبح الأمر مفضوح بأن هناك اتفاقات مع اليهود على السكوت وغض الطرف عن جريمة الضم ومشروع التوسع الاستعماري وابتلاع الأراضى بتوسيع المستوطنات وإحكام القبضة اليهودية على فلسطين المحتلة من أجل هدم الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضه.
القضية الفلسطينية من منظور إسلامي
إن القضية الفلسطينية ليس قضية خاصة بالشعب الفلسطيني ، كما يدعى بعض المرجفين المخذلين، بل هي قضية الأمة الإسلامية لأنها قضية دينية عقائدية تصب أصولها في الضروريات الخمس التى هي من مقاصد الشريعة وهى كالآتى:
1ـ حفظ الدين: ويكمن حفظه في "حفظ دين كل أحد أحد من المسلمين أن يدخل عليه ما يفسد اعتقاده ، وحفظ الدين لعموم الأمة هو دفع كل ما من شأنه أن ينقض أصول الدين القطعية، ويدخل في ذلك حماية البيضة والذب عن الحوزة الإسلامية بإبقاء وسائل تلقي الدين من الأمة حاضرها وآتيها" وهذا يتجلى في الصراع العربي الصهيوني بأنه صراعٌ ديني حضاري .
2ـ حفظ النفس: "وهو حفظ الأرواح من التلف أفراداً وعموماً، لأن العالم مركبٌ من أفراد الإنسان، وفي كل نفس خصائصها التى بها بعض قوام العالم" وفي هذا الصراع الصور متعددة ومختلفة، كاستشهاد المسلمين على أيدي المحتلين الصهاينة، سواء عبر المجازر،أو سقوط الجرحى والمعاقين، وهو اعتداء على النفس البشرية، وغير ذلك من الاعتقالات والأسر في السجون وصور التعذيب والتمثيل في الجثث.
3ـ حفظ العقل: " وحفظ عقول الناس من أن يدخل عليها خلل، لأن دخول الخلل على العقل، مؤد إلى فساد عظيم من عدم انضباط التصرف" ومن أبرز صورة في هذا الصراع هو اختلاف المنهج الإسلامي عن غيره من مناهج العلمانيين واليساريين والقوميين في التعامل مع العدو الصهيونى في احتلاله لأرض فلسطين المسلمة، إذ أن المشروع الإسلامي التحرري يستند إلى رؤى شرعية، قائمة في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى على الله عليه وسلم، على قدسية أرض فلسطين، وعلى البعد التاريخي المهم لهذه الأمة في تعاملها مع أعدائها، وبالتالي رفض المنهج السلمي أو التسوية السلمية كطريق وحيد وأساسي لاسترداد فلسطين المحتلة، وكذلك رفض التطبيع معه من قبل المتصهينين العرب.
4ـ حفظ المال: ويعنى أصولياً، " حفظ أموال الأمة من الإتلاف ومن الخروج إلى أيدي غير الأمة بدون عوض". وصوره كثيرة على نطاق الصراع العربي الصهيوني ومن أبرزها ضرورة الدعم المالي لأهل فلسطين، يقول ابن تيمية: " ومن عجز عن الجهاد ببدنه، وقدر على الجهاد بماله، وجب عليه الجهاد بماله". ومن صوره، حرمة بيع أي أرض أو عقار لليهود، حتى لا يزيد تهويد الأراضي الإسلامية وضياع الهوية عن هذه الأراضي والبيوت، وتحويل هذه الأرض المباركة إلى أرض لليهود الأنجاس.
5ـ حفظ النسل: وهذا الآخر لا يختلف عن الضروريات السابقة، وله صور عديدة من أبرزها الصراع السكاني ما بين العرب والصهاينة فيما يسمى بالمشكلة الديموغرافية، خصوصاً في ظل الزيادة الطبيعية عند العرب، وتدنيها عن اليهود، فعوامل النمو السكاني هي فى صالح العرب دائما، وارتفاع معدلات الخصوبة عند العرب عن اليهود.
هذا ملخص الصور والأشكال الواقعة في طبيعة القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني بالطرق المباشرة، والتى هي أصل لما سواه من الإشكاليات السياسية الدارجة في واقع الصراع، وعلى حد توصيف الأصوليين، أن " الضروري أصل لما سواه من الحاجي والتكميلي" . فضلاً عن مئات الطرق غير المباشرة، وهي الطرق المساعدة والمرادفة لهذه المقاصد والضرويات، والتى عبر عنها علماء الأصول بالحاجيات أو التحسينيات، وهي كافة الأفعال الإنسانية المساندة لهذه الضروريات، والت تقدر بقدرها.
صفعة القرن وصفقة القرن
إن الإعلان عن هيمنة اليهود على أرضي عربية جديدة يعتد بصفعة جديدة مع صفقة القرن التي ظهرت بنودها واضحة في القرارات الأخيرة، والتى تم الترتيب لها مع (العرابين المتصهينين) الذين ينفذون مخطط أسيادهم في (البيت الأسود)، وإن هذه الصفعة ليس للمجتمع الدولي الذي أعلن رفض هذا الضم لأنه يخالف قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، ولكن هذه الصفعة للمسلمين والدول العربية خاصة، فماذا تنتظرون؟! بعد القدس والجولان وضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن.
نصيحة لحل القضية
وهذه نصيحة إلى أولياء الأمور، ليس هناك حل من خلع ثوب الذل والمهانة التي تسربلنا به إلا، أن ترجعوا إلى كتاب ربكم وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وأن تنبذوا التناحر والخلافات والمصالح الشخصية من أجل مصلحة هذه الأمة، وعودة زمن العزة والكرامة. فإن جمع كلمة المسلمين ورفع علم الجهاد لاسترجاع الأراضي المحتلة والمقدسات المغتصبة فريضة واجبة عليكم، وسوف تسألون عنها بين يدى الله عز وجل يوم القيامة، فأعدوا للسؤال جوابا.
اللهم بلغت اللهم فأشهد
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفرة والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، وقوي عزائمهم يا رب العالمين، اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك الموحدين، اللهم آمنا في أوطاننا، واستعمل علينا خيارنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين؛ يقولون بالحق وبه يعدلون، اللهم أصلح من في صلاحه خير للإسلام والمسلمين، ودمر من في بقائه ضرر على الإسلام والمسلمين يا رب العالمين. اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بشر فأشغله في نفسه، واردد كيده في نحره، اللهم عليك باليهود والنصارى والروافض وأعوانهم في كل مكان، اللهم فرق جمعهم وشتت شملهم، اللهم دمر المنافقين، والباغين والملحدين وكل عدو للدين، اللهم انتقم منهم فإنك عزيز ذو انتقام.