أنت غير مسجل في مسلم أون لاين . للتسجيل الرجاء أضغط هنـا
 

الإعلانات النصية


الإهداءات

العودة   منتديات مسلم أون لاين العودة مسلم أون لاين الإســلامي العودة قسم الإســلامي العام

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  مشاركة رقم : 1  
قديم 06-23-2015
نعمة حكيم
قسم الاسرة والحياة الزوجية

رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 1,113
بمعدل : 0.31 يوميا
معدل تقييم المستوى : 11
المستوى : نعمة حكيم نشيط

نعمة حكيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور نعمة حكيم



المنتدى : قسم الإســلامي العام
Movable كتاب "فقه التعامل عند الإساءة إلى المقدسات الإسلامية" ا. د علي القره داغي

إذا كان القول: الإرهاب لا دين له، فإنه لا يجوز تحميل هذا الإرهاب للإسلام، كما لا يجوز تحميل الإرهاب الذي يقوم به بعض أصحاب الأديان على تلك الأديان أنفسها، وإذا كنا نتحدث عن الإفراط والتفريط والتشدد في الشرق الإسلامي، فإنه وجدت في الغرب مجموعة من الأعمال المتمثلة في الرسوم المسيئة والأفلام والمسرحيات والمقالات التي نالت من مقام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين، سوف نتناول في هذا البحث المبادئ والقواعد العامة والأحكام المتعلقة بالأقليات الإسلامية، والمبادئ والقواعد العامة المستنبطة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام، حيث يعتبر قدوة للأقليات، ومن المهاجرين في حبشة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم. فقه المواطنة، باعتباره مدخلاً للتعايش ومنطلقاً للاندماج الإيجابي.
ثم نتحدث عن فقه التعامل مع الآخر عند الإساءة إلى المقدسات الإسلامية، حيث نبين المبادئ العامة الحاكمة فيه، حق الإنسان في حرية التعبير، موضحاً أسباب الاندفاع البعض نحو الإساءة، ثم بيان الموقف الشرعي (التأصيل الشرعي) بالنسبة للمسلم الذي يعيش في البلاد غير الإسلامية، والواجب الشرعي للأقلية المسلمة نحو الإساءات الموجهة للمقدسات، وواجب الدول والعالم الإسلامي نحوها، وضرورة وجود خطة استراتيجية هادئة وهادفة لمنع الازدراء بالأديان.
إن المسلمين اليوم - داخل العالم الإسلامي وخارجه - يمرون بمرحلة دقيقة وخطيرة، ويعانون من الضعف والداخلي، والتفرق، والتمزق، ومن الأفكار المتطرفة يميناً أو يساراً، إفراطاً وغلواً وتشدداً، أو تفريطاً وتقصيراً وانصهاراً، وما ترتب على هذا الانحراف من جادة الوسط من سلوكيات شائنة، وأنشطة وجرائم خطيرة، حيث بدأت الانحرافات في الجانب الإفراطي بالتبديع والتكفير، وانتهى باستحلال الدماء والأعراض والتفجير.
ومما يجب التأكيد عليه أن أصحاب هذه الأفكار المنحرفة ليسوا أكثرية، وإنما هم قلّة قليلة، ولكن صوتهم عال ومرتفع بسبب الأحداث والتفجيرات التي لها دور في العالم، وتضخيمها كذلك من الإعلام الذي لا يعلم حقيقة الإسلام، أو يريد النيل منه لأي سبب كان.
وكذلك فإن الإرهاب لا دين له، فلا يجوز تحميله على الإسلام، كما لا يجوز تحميل الإرهاب الذي يقوم به بعض أصحاب الأديان على تلك الأديان أنفسها.
وإذا كنا نتحدث عن الإفراط والتفريط والتشدد في الشرق الإسلامي، فإنه وجدت في الغرب مجموعة من الأعمال المتمثلة في الرسوم المسيئة والأفلام والمسرحيات والمقالات التي نالت من مقام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين، مما أدى إلى رد فعل دائر بين بين الالتزام بالمظاهرات والاعتصامات السلمية، وبين العنف والدعوة إلى مقاطعة المنتجات ونحوها، وانتهى مع الأسف الشديد إلى التفجيرات، والقتل في فرنسا .
وأمام هذا الوضع، أو النازلة الجديدة يحتاج المسلمون وبخاصة الأقلية الإسلامية في أوروبا وغيرها ، إلى الحكم الشرعي، وموقف الإسلام الصحيح من نوعية الرد، وكيفية التعامل والعلاج.
وقد كلفني المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بكتابة بحث حول هذا الموضوع، مؤصل شرعياً، وموصل بالواقع، ومرتبط بالمقاصد والمآلات، وقد استجبت لذلك بعد تردد كثير لخطورة الموضوع ودقته، وعلاقته بمقام حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الذي شجعني على البحث هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وجهت إليه مباشرة الإساءات المتمثلة بالاستهزاء والسخرية والكلمات السيئة والبذيئة، بل والايذاء المادي والمعنوي، من الجاهليين المشركين في مكة المكرمة، ومن المنافقين في المدينة المنورة، ومع ذلك صبر صبراً جميلاً وهجرهم هجراً جميلاً وصفح عنهم صفحاً جميلاً، وأعرض عنهم فكفاه الله المستهزئين.
وسأتناول - بتوفيق الله تعالى - هذا الموضوع، من خلال مبحث تمهيدي يتضمن بإيجاز ما يأتي:
1- المبادئ والقواعد العامة والأحكام المتعلقة بالأقليات الإسلامية.
2- المبادئ والقواعد العامة المستنبطة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام، حيث يعتبر قدوة للأقليات، ومن المهاجرين في حبشة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم.
3- فقه المواطنة باعتباره مدخلاً للتعايش ومنطلقاً للاندماج الإيجابي.
وأما في المبحث الثاني فسنتحدث فيه عن فقه التعامل مع الآخر عند الإساءة إلى المقدسات الإسلامية حيث نبين المبادئ العامة الحاكمة فيه، حق الإنسان في حرية التعبير، موضحاً أسباب الاندفاع البعض نحو الإساءة، ثم بيان الموقف الشرعي (التأصيل الشرعي) بالنسبة للمسلم الذي يعيش في البلاد غير الإسلامية، والواجب الشرعي للأقلية المسلمة نحو الإساءات الموجهة للمقدسات، وواجب الدول والعالم الإسلامي نحوها، وضرورة وجود خطة استراتيجية هادئة وهادفة لمنع الازدراء بالأديان.
والله أسأل أن يكتب لي التوفيق فيما أصبو إليه، مستغيثاً به تعالى أن يحقق لنا من الأهداف والغايات المرجوة من هذا البحث والمؤتمر، ومتضرعاً إليه أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، إنه مولاي فنعم المولى ونعم النصير.
كتبه الفقير إلى الله
علي بن محيي الدين القره داغي
المبحث الأول (المبحث التمهيدي) في ثلاثة مطالب:
المطلب الأول - القواعد الكلية والمبادئ العامة المتعلقة بفقه الأقليات المسلمة.
المطلب الثاني - القدوة في التعامل: قصة سيدنا يوسف عليه السلام، باعتباره قدوة للأقليات، والمبادئ والأحكام المستنبطة منها وقصة المهاجرين في الحبشة.
المطلب الثالث - فقه المواطنة باعتباره مدخلاً للتعايش، ومنطلقاً للاندماج الإيجابي.
المطلب الأول - القواعد العامة والمبادئ الكلية المتعلقة بفقه الأقليات:
إن فقه الأقليات المسلمة ليس فقهاً مفصولاً عن الشريعة الإسلامية، وإنما الشريعة نفسها راعت ظروف العباد وحالاتهم المختلفة حتى في ظل الدولة الإسلامية، من حالات الضعف والقوة، والاضطرار والاختيار، والحاجة والسعة، فكل حالة لها فقهها الخاص مع الحفاظ على الثوابت القطعية ، فالفقه المكيّ يختلف عن فقه العصر المدني، وهكذا.
لذلك فإن الفقه الخاص أو الأحكام الخاصة بالأقليات هو في دائرة فقه التنزيل وتحقيق المناط بالنسبة للثوابت، والمبادئ العامة الخاصة بالتيسير، وحالات الضرورة والحاجة العامة أو الخاصة، وفقه المقاصد والمآلات بالنسبة للنصوص الظنية والاجتهادات الداخلية في المتغيرات، وليس في إطار القواطع الثوابت، هذا الفقه مستفاد بشكل كبير عما فهم من الشريعة بالاستقراء من رعاية المقاصد العامة والمآلات وسد الذرائع، وما ذكره القرآن الكريم حول نبي الله الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا أفضل الصلوات والتسليم، وكذلك يستفاد من المهاجرين الأوائل إلى حبشة بقيادة ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم جعفر الطيار رضي الله عنه ومن النجاشي.

المبادئ والقواعد المتعلقة بفقه الأقليات المسلمة


وأما المبادئ والقواعد المتعلقة بفقه الأقليات المسلمة فتقوم على ما يأتي:


1 — مبدأ التعايش السلمي على أساس العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، والاعتراف بالآخر.


2 — مبدأ التعاون على البر والتقوى فقال تعالى:"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، حيث أمر الله تعالى بالتعاون مع الجميع ما دام محل التعاون البر والإحسان ومصالح الإنسان.


3 — قاعدة المشتركات الكثيرة بين المسلم وغيره من أصحاب الديانات المساوية (وحتى غيرها) من حيث أصل الخلقة،وأن الجميع من آدم وآدم من تراب فقال تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ.."، فأبو الإنسانية (آدم) واحد، وأمها (حواء) واحدة، وربهم واحد،وخالقهم واحد،وأن كل إنسان فيه روح وهي نفخة من روح الله،وبالتالي فلا يجوز الاعتداء عليه في روحه ونفسه، وماله وعرضه.


4 — القبول بالاختلافات الفكرية والدينية باعتبارها من سنن الله تعالى فقال تعالى: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ" ولذلك يجب التعايش مع الآخر بسلام وأمان.


5 — الاعتراف بكرامة الإنسان وحقوقه، ومن أهمها حريته في اختيار الدين قال تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر".


6 — مبدأ أن الحوار هو الأصل، وليس الصراع، والمؤمن مطالب أولاً بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن قال تعالى:"ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن"،وبالتالي فيجب حل جميع المشاكل بالحوار الأحسن ما دام ذلك ممكناً.


7 — عدم جواز تعميم الحكم على الآخرين، فمن أعظم الوسائل المقربة أن القرآن الكريم ترك مجالاً كثيراً للحوار والتعايش مع الآخرين، حيث لم يحكم عليهم حكماً عاماً في سوء التعامل أو عدم الصلاح، وعدم الأمانة، فمثلاً قال تعالى: "لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ" وقال تعالى: "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" وقال تعالى: "وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" فهذه الآيات تهيئ الأجواء المناسبة للتعايش والتحاور، والتعاون.


8 — توسيع دائرة المشاركة بين المسلمين (نحن) وغيرهم (الآخر) لتشمل الجميع حتى الملحدين، فإذا كان الإسلام أعطى هذه المساحة الكبيرة المشتركة للعلاقة بين المسلمين (نحن) وأصحاب الديانات السماوية (اليهود والنصارى)، فإن هذا لا يعني أن الإسلام أعلن الحرب مطلقاً على غيرهم من الملحدين أو المشركين، والوثنيين، ونحوهم، بل إنني أستطيع القول: إن سياسة الإسلام هي توسيع دائرة التعايش لتشمل الجميع ما عدا المعتدين.


ومن هذا الباب فإن الله تعالى يدعو جميع المخالفين بمن فيهم الملحدون والوثنيون والدهريون...، إلى قاعدة مشتركة بين بني البشر جميعاً، وهي البحث عن الحقيقة فقال تعالى: "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ قُل لّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ".


فهذه الآية الكريمة دعوة صريحة للجميع بدون استثناء للبحث عن معرفة الحقيقة والهداية، والباطل، والضلالة، ولذلك لم يحكم القرآن عند الجدال بأن الإسلام هو الصحيح (مع أنه كذلك)، ولا على باطل المشركين وشركياتهم بأنه ضلالة (مع أنه كذلك) بل ترك الباب للحوار والنقاش.


ومن بديع هذا الأسلوب المعجز أنه دعا الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام إلى وصف ما عندهم من الحق بفرضية وصف الإجرام، ووصف ما عند الكفرة بالفعل العادي حتى لو كان باطلاً وإجراماً؛ لأنهم هم الذين يتحملون مسؤوليتهم، في حين لم يستعمل هذا الوصف بالمقابل للمقابل للدلالة على أن المحاور يجب عليه أن يحترم ما لدى الآخر، فلا يحكم عليه في البداية، وفي اعتقادي أن هذه الآية تعتبر أعظم قاعدة وأوسعها وأرقها وأعذبها، وأحكمها وأشملها في باب الحوار والتعايش.

الإسلام يعترف بمجموعة من دوائر الارتباط والوشائج وإن كان قد جعل وشيجة العقيدة والاخوة الإيمانية هي الأساس ، حيث يريد من خلال التوسع في هذه الدوائر إيجاد أرضيات مشتركة للتقارب والتعايش والتعاون ، والدعوة ، وتلك الدوائر هي:
أ ـ دائرة الإنسانية حيث الجميع من آدم وحواء ولذلك يجيء الخطاب بـ : يا أيها الناس.
ب ـ دائرة القومية ، حيث عبر القرآن عنها بالاخوة أيضاً ـ كما سبق ـ .
ج ـ دائرة أهل الكتاب
د ـ وأخيراً دائرة الباحثين عن الحق مطلقاً.
9- ان إعلان الإسلام الجهاد في أول آية تنزل فيه ؛ لأجل الحرية الدينية ، والمعابد مطلقاً لا بدّ أن يأخذ حيزاً كبيراً في التعامل ، حيث يقول الله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ) .
10- ان في تركيز الإسلام ـ على أن الجهاد في سبيل الله ليس القتال فقط ، بل القتال هو آخر المطاف بشروطه وضوابطه ـ إعطاءً لفرص أخرى من الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، ونحوها.
11- ان مقاصد الشريعة في الاختلاف هو التعارف ، وليس الصراع ، والتناحر بنص القرآن الكريم فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .
12- إن المبدأ العام الذي أوجبه الله تعالى للتعامل مع غير المسلمين هو ما ذكره القرآن الكريم في الآيات الثلاث الآتية : (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)حيث تؤكد على ما يأتي :
أ- ان الإسلام يتطلع إلى إزالة العداوة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين ، وأسبابها ، حتى تعم المودة ، والتعايش والأمن والأمان.
ب- أن الذين لم يقوموا بالاعتداء وعدم الإخراج والقتال ضد المسلمين فهؤلاء يتعامل معهم على أساس الاحسان والعدل.
ج- وأن الإسلام لا يعلن الحرب إلاّ على مَنْ أعلنوا الحرب والقتال ضد المسلمين وتآمروا على المسلمين فأخرجوهم من ديارهم بمكة ، فهؤلاء لا يجوز نصرتهم والولاء لهم.
الأحكام العامة المرتبطة بفقه الأقليات المسلمة:
وأما الأحكام العامة المرتبطة بفقه الأقليات المسلمة فهي :
1- إن الأصل في جميع التكاليف الشرعية هو شمولها لجميع المكلفين إذا توافرت شروط التكليف في الحكم الشرعي ، وشروط التكليف ، والتنزيل ، والتنفيذ ، وتحقيق المناط هي التي تجعل دائرة الحكم الشرعي واسعة أو ضيقة ، أو غير موجودة .
2- إن الأحكام التكليفية سواء كانت للأكثرية أم الأقلية منوطة بالقدرة والاستطاعة التي تتاثر بالزمان والمكان والظروف والأحوال ، فقد قال الله تعالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) وقد تكرر محتوى هذه الآية في القرآن الكريم ، وفصلتها السنة النبوية المطهرة.
3- إن علاقة الأقلية الإسلامية بدولتها وبالمؤسسات والمجتمع تقوم على أساس حقوق المواطنة التي تنشأ من العقود التي رضي بها المسلم ، ومن النظام الذي قبله ، والقوانين والتشريعات السائدة ، وبالتالي فيجب عليه أن يؤدي ما عليه من حقوق مشروعة ، كما قبل أواستفاد مما له من حقوق منذ دخوله تلك البلاد أو وجوده الأصلي فيها - وسيأتي تفصيل لذلك -
4- إن قاعدة التيسير ورفع الحرج والمشقة ومراعاة حالات الضرورة والحاجة للأفراد ، والجماعة من المبادئ العامة القطعية التي تواترت عليها نصوص الكتاب والسنة ، وعليها الاجماع.
5- إن في الإسلام أحكاماً لا يتحقق تطبيقها ، بل ولا يجب تطبيقها إلاّ في ظل دولة إسلامية مثل قضايا الحدود والعقوبات المقررة في الإسلام.
6- إن من مقاصد الشريعة أمن الجماعة والمجتمع والحفاظ عليه بالاضافة إلى أمن الفرد في نفسه وعرضه ، وبالتالي يجب أن يكون هذا المقصد دائماً أمام نظرنا في كل حكم ، أو نشاط إسلامي ، بل إن حاجيات الجماعة ، والمجتمع تنزل منزلة الضرورة ، فلتقرأ ما ذكره إمام الحرمين : الجويني :
7- إن الأصول العامة للفقه الإسلامي هي : (الكتاب ، والسنة ، والاجماع ، والقياس ، وشرع من قبلنا ، والمصالح المرسلة ، والاستحسان ، والعرف) هي الحاكمة في فقه الأقليات أيضاً ، ولكن مع ربطها بالمقاصد العامة للشريعة وفقه المآلات وسد الذرائع ، والتدقيق في تحقيق المناط ، وشروط التنفيذ ، وفقه التنزيل ، ورعاية القواعد العامة والمبادئ العامة الخاصة بالتيسير ورفع الحرج ، ورعاية الفتوى بتغير المكان والزمان والأعراف ، ونحو ذلك.
القدوة في التعامل من خلال:

أولاً - قصة يوسف عليه السلام ، ودلالاتها (قدوة للأقليات المسلمة) :


إن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم وأمته بالاقتداء والاهتداء بما ذكره القرآن الكريم للأنبياء والمرسلين، فقال تعالى بعدما ذكرهم : "أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ" وقال تعالى في سورة الأنبياء بعدما ذكر عدداً من الأنبياء مخاطباً رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وأمته : "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" ودلت الآيات والأحاديث على أن رسالة الإسلام واحدة ، وممتدة من سيدنا آدم عليه السلام إلى أن ختمت وأكملت برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى : "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ" وقال تعالى : "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً" وبالتالي فما أسنده القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة إلى الأنبياء والمرسلين، هو حق وثابت وقدوة وشرع لنا؛ إلاّ إذا دلّ دليل صحيح على نسخه ، وهذا رأي المحققين من العلماء .


* أوضاع المسلمين


إن قصة يوسف عليه السلام تكاد تنطبق تماماً على أوضاع المسلمين في الغرب ، فقد خرج سيدنا يوسف عليه السلام مضطهداً من إخوانه الذين قالوا "اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ" ، ومعظم من جاء إلى أوروبا ، او أمريكا جاؤوا مضطهدين في بلادهم إما سياسياً أو اقتصادياً ، وقلة منهم جاء للتعلم ولم يرجع.


وحتى الظروف الصعبة التي مرت بسيدنا يوسف داخل مصر من الخدمات الصعبة كادت أن تكون متوافرة لدى بعض الأقلية، ونحن هنا نذكر أهم الاستنباطات المتعلقة بالأقلية المسلمة لتكون قدوة لهم، وهي:


1- فقد عاش يوسف عليه السلام في مصر محافظاً على دينه وعقيدته وأخلاقه ، ولم ينزلق - بفضل الله تعالى- نحو الشهوات على الرغم من الضغوط الشديدة من امرأة العزيز ، ونسوة أخريات ، حتى بلغ الأمر إلى ما ذكره القرآن الكريم : "... وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ" . وقد ضحى في سبيل الحفاظ على أخلاقه بكثير من المميزات ، بل سجن على ذلك عدة سنوات.


وهو أن على الأقلية المسلمة أن تأخذ القدوة من يوسف عليه السلام في أن يكون همها الأكبر الحفاظ على دينها ، وعقيدتها ، وأخلاقها ، وأخلاق الأجيال اللاحقة من خلال الأخذ بكل الأسباب المادية والمعنوية ، والآليات التربوية والعملية الممكنة لتحقيق هذا الهدف ، وهنا يظهر دور الثبات والحفاظ على الهوية والأفراد ، وإلاّ فلا قيمة لأي هدف دنيوي مهما كان كبيراً وعظيماً إذا ترتب عليه ضياع الدين والأخلاق ، وهذا ما صرح به سيدنا يوسف فقال : "رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي" وذكر السجن مطلقاً حتى يفهم منه أن السجن حتى ولو طال كل العمر أحب وأفضل من الوقوع في معصية تؤدي إلى غضب الله تعالى ، فما بالك بوقوع الكفر ، والانصهار ، والذوبان للشخص نفسه ، أو للجيل اللاحق .


2- الوفاء لكل من أحسن إليه حتى ولو كان كافراً، حيث إن عزيز مصر حينما اشترى يوسف عليه السلام قال لامرأته : "أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا".


فلم ينس يوسف هذا الجميل منه ، لذلك كان أحد الدوافع في عدم الاستجابة لطلب زوجته ـ بعد خوفه من الله ـ حيث قال : "إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ" حيث أرجع الضمير بعض المفسرين إلى عزيز مصر بقرينة الحال ، حتى لو رجع الضمير إلى الله تعالى، فإن تكملة الآية تدل على ذلك فقال : "إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ".


3- عدم الظلم لأهل البلد حتى لو وقع من بعضهم أو من حكامهم ودولهم ظلم للمهاجر أو الأقلية، أو للدول الإسلامية بالاستعمار، فالظلم لا يقابل بظلم محض قال يوسف بعد محاولة زوجة العزيز معه "إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ".
من أهم الاستنباطات في فقه الاقليات عدم الظلم لأهل البلد حتى لو وقع من بعضهم أومن حكامهم ودولهم ظلم للمهاجر أو الأقلية، أو للدول الاسلامية بالاستعمار، فالظلم لا يقابل بظلم محض قال يوسف بعد محاولة زوجة العزيز معه (إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) .


وفي ذلك رد قوي على بعض المسلمين المهاجرين الذي يبررون الاعتداء على أموال الدول الأوروبية أو الأمريكية بأنها كانت دولاً استعمارية أخذت أموال المسلمين ، وبالتالي فما يأخذونه هو جزاء ما فعلته ، فهذا فهم سقيم مخالف للشرع لذلك فالرد أن هذا ظلم لأدلة كثيرة منها ما ذكرناه ، ومنها قوله تعالى : (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ومنها أن هؤلاء المهاجرين لا يمثلون المسلمين المظلومين بالاستعمار .


4- التوطين ، وحب الوطن الذي عاش فيه ، فالملاحظ أن سيدنا يوسف عليه السلام لما ضيق عليه الخناق من هؤلاء النسوة لم يقل : الهجرة ، أو الخروج أحب إليّ مما يدعونني إليه ، بل قال : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) وهذا دليل على أنه استوطن مصر ، وأحبها وآثر السجن فيها على الخروج منها ، وأكثر من ذلك طالب أن يجعله الملك على خزائن الأرض ليخدم شعب مصر ، بل أتى بوالديه واخوانه جميعاً إلى مصر ليستوطنوا فيها مع أنها لم تكن تدين بدين إبراهيم(عليه السلام) .


5- القيام بواجب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، فلم يترك سيدنا يوسف عليه السلام واجب الدعوة إلى الله على الرغم من ظروف صعبة أحاطت به ، من حيث كونه قد اشترى ـ ظلماً ـ فأصبح عبدا وبالتالي ضعفه الاجتماعي في البداية ، كما لم يترك دعوته حتى في السجن ، بل استثمر وجوده في السجن فنجح نجاحاً كبيراً ، إذا دخل معه السجن فتيان رأيا رؤيا ، فقبل أن يفسر لهما رؤياهما ذكرهما بالآيات التي أكرمه الله تعالى من معرفة أشياء لا تأتي إلاّ من قبل الله تعالى ، ثم بين لهما دين إبراهيم القائم على توحيد الله تعالى ، وعدم الاشراك به وعلى الحنيفية السمحة ، كما بين لهما اخطورة الشرك ، وان هؤلاء الشركاء المعبودين ـ من دون الله تعالى لا قيمة لهم ، ولا سلطان ، وان الأمر والحكم كله لله تعالى ، ثم فسّر لهما رؤياهما.


وهكذا الأمر بالنسبة للأقلية المسلمة فيجب عليها أن تدعو إلى الله تعالى وتعرّف بالإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن ، لأن الدعوة إلى الله تعالى واجبة على الجميع ، كل حسب علمه وقدرته ، ولو كان بتبليغ آية ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( بلغوا عني ولو آية ) بل إن الله تعالى حصر الفلاح فيمن يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقال تعالى : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ).


6- غير المسلمين (الكفار) ليسوا سواء ، فمنهم العادل الطيب الصالح في التعامل الدنيوي ، ومنهم من يقبل المسلم ليحكم في بلده ، فيقلده الوظائف المؤثرة ، ومنهم دون ذلك ، ولذلك لا يجوز أن يكون الحكم فيهم سواء.


فعزيز مصر كانت لديه الطيبة في التعامل والعدل فقال لامرأته منذ البداية : (لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ) وانه لما رأى يوسف وزوجته يستبقان الباب ، وشهد شاهد من أهله قال : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) وقال لزوجته : (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ) فلم يصدق زوجته عندما قالت : (مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) بل إنه وبخها وسمى عملها كيداً ، كما قص القرآن الكريم : (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) .


والحق أن هذا الموقف لو تكرر اليوم أمام أحد الجبابرة والظلمة من الحكام لجعل من يوسف ضحية لانقاذ شرفه ، والحكم عليه بالاعدام ، أو العذاب الأليم ، ويصدق زوجته أمام شخص غريب ، في حين أن عزيز مصر لم تأخذه العزة بالاثم ، ولم يصدق زوجته الحسناء ، بل استمع إلى الشاهد ، وصدقه ، وبنى عليه وحكم على زوجته بأنها من الخاطئين ، ووصف عملها بالمكيدة العظيمة ، واعتذرليوسف ونصحه فقال : (أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) .


وكذلك كان الملك صافي الذهن والبصيرة صالحاً في دنياه ، وفضل مصلحة شعبه ، ولم ينس فضل العلم والعلماء ، فمع أن يوسف عليه السلام فسّر رؤياه ، وأعطى صديقه ( مندوب الملك ) كل تفاصيل رؤيا الملك فقال له : (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ) لكنه أبى إلاّ أن يطلبه لمقابلته ، فلو كان ذلك في عصرنا لربما أسنده الملك إلى نفسه ، ولم يسند الفضل الى هذا الغريب المتهم المسجون إذ كيف يتنازل لعبد غريب فيسند إليه الفضل ، فكم نرى اليوم أفكاراً عظيمة يأخذها الوزير من أحد مستشاريه من الخلف فيسنده إلى نفسه .


  مشاركة رقم : 2  
قديم 01-01-2022
عابرة سبيل
الصورة الرمزية عابرة سبيل


رقم العضوية : 933
تاريخ التسجيل : Jul 2021
الدولة : الوطن العربي
المشاركات : 3,131
بمعدل : 3.21 يوميا
معدل تقييم المستوى : 6
المستوى : عابرة سبيل نشيط

عابرة سبيل غير متواجد حالياً عرض البوم صور عابرة سبيل



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
افتراضي رد: كتاب "فقه التعامل عند الإساءة إلى المقدسات الإسلامية" ا. د علي القره داغي



توقيع عابرة سبيل

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها



إضافة رد


مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
"فقه, المقدسات, التعامل, الإسلامية", الإساءة, القره, داغي, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الساعة الآن 01:34 AM.

Powered by vBulletin® Version v3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef
ما يطرح بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها أو قائلها