الدودو: المجال السياسي أحد المداخل الأساسية لتحقيق التغيير في العالم العربي والإسلامي
قال العلامة الموريتاني الشيخ محمد الحسن الدودو - عضو مجلس الأمناء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين -، إن المجال السياسي أحد المجالات الأساسية لتحقيق التغيير والتي يجب الاشتغال عليها بالإضافة إلى المجالات الدعوية والاجتماعية، لأن واقع الأمة اليوم مختلف عن ما كانت عليه في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين، حيث تقوم الدولة الحديثة في هذا العصر على العقد الاجتماعي بين الشعب والحاكم يؤطر صيغة الحكم وتوزيع الثروة.
ودعا الدودو الذي كان يؤطر المحاضرة الافتتاحية لأشغال المؤتمر الدولي للندوة العالمية للشباب الإسلامي، صباح اليوم الخميس بمراكش، قادة الدول العربية إلى الاستفادة من تجربة الانتقال الديمقراطي في أوروبا حيث التقطت معظم الدول الأوروبية الإشارة من دروس الثورة الفرنسية وبادرت إلى إصلاح الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي بما انعكس بالعدالة وبالرخاء والازدهار عليها.
وشدد الداعية الموريتاني المعروف على أن المطلوب من قادة الدول الإسلامية أن يبادروا طوعا لإجراء تغييرات سياسية على سبيل دول العالم المتقدم، داعيا إياهم إلى الرجوع للشعب والمثقفين منه والعلماء الذين وجه لهم دعوة بالانخراط في تغيير المنكر ودرء المفاسد وذلك لتحقيق المصلحة التي ترضي الناس، مشيرا إلى أنه متى ما كان الضغط والتضييق فإنه يدفع الشباب نحو النزوع إلى الغلو والتشدد والتطرف والانحراف.
الشيخ الحسن الدودو وخلال محاضرته التي كانت بعنوان "التغيير مفهومه وظوابطه"، عدد جملة من ضوابط التغيير التي ينبغي مراعاتها، وأول مقتضى في التغيير عدم مناقضة السنن الكونية والتي منها وجود الصراع بين الحق والباطل، مشيرا إلى أن التدافع بين الطرفين في مصلحة الأرض، مستدلا بقوله تعالى {ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض وهدمت جوامع وبيوت يذكر فيها اسم الله}.
كذلك يضيف العلامة الدودو؛ "يجب أن يكون التغيير بالأيسر والأخف، فما خُير الرسول إلا اختار الأيسر ما لم يكن إثم أو صلة رحم، أن يكون الحال الجديد الذي سيغير اليه أفضل من الحال الماضي، أما إلى العكس فهو غير إيجابي فلا بد أن تكون العين بصيرة للحال الذي سيؤول إليه الأمر، مستشهدا بسلوك الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لم يهدم في الدعوة أصنام قريش ولم يقتل المشركين".
ومن بين الضوابط التي شدد عليها عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، "أن يكون الفعل التغييري أقل تكلفة يأخذ بالطريق الطويل والمكلف خالف السنن ومنطق العقل، كما يجب أن يكون التغيير يميل الى زيادة الانتاج، فعلى الانسان أن يسعى ليكون منتجا فالبشرية محجاى الى الوفرة والسخاء والرخاء ولا بد أن يسعى لإسعاد الناستحقيقا لقاعدة جلب المصلحة. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون التغيير يردف المحاضر "أنسب للعصر الذي يعيش فيه، فهناك ما يُشنع في زمان غير ويفضل في زمان آخر، فلا يجب التصرف كمن في برج عالي بعيدا عن واقع المعاش مع وجوب مراعاة الاكراهات.
وشدد العلامة الحسن الدودو في ختام محاضرته على ضرورة العمل الجماعي في القيام بفعل التغيير، مُبينا أن العالم فاضله الله بالأخلاق والارزاق، بحيث أن العلم والطاقة والجهد مفرق بين الناس، والفرد لا يستطيع أن يقوم بمجهود كبير في التغيير ولذلك تقتضي الفطرة العمل الجماعي، موكدا ان الأدلة كثيرة من القرآن الكريم منها قوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} وقوله {واصبر نفسك مع اللذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}، بالإضافة إلى أدلة من السنة النبوي ومنها أحاديث رسول الله "من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجامعة"، و "من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية".
ولاقت هذه المحاضرة تفاعلا كبير من المشاركين الذين أبدوا انتباها شديدا طيلة مدتها التي تجاوزت الساعة والنصف، كما تفاعلوا معها بمداخلات زكت ما ذهب إلى العلامة الحسن الدودو وأكدوا أن الإصلاح بات مطلبا كليا للأمة ودعوا إلى رفع الإقصاء والتهميش وتوسيع قاعدة الحرية المجتمعية التي تتظافر فيها الجهود من أجل استيعاب الرأي والرأي الآخر وإتاحة التعبير بأسلوب حضاري يجنب الشباب السقوط في براثين الغلو والتطرف.
عبد الرحيم بلشقار - مراكش