ارتفعت في الآونة الأخيرة وتيرة [سجل معنا ليظهر الرابط. ] المختلفة في أفغانستان، بشكل لافت ومخيف. وقد حدّدت المؤسسات الحقوقيّة والنسويّة تزايد هذه الاعتداءات على النساء والفتيات في شمال البلاد، بنسبة 60% بالمقارنة مع الأعوام الماضية. وذلك، على الرغم من ادعاءات الحكومة الأفغانيّة والمؤسسات الدوليّة المتكرّرة بالعمل الجاد للحدّ من ظاهرة دمّرت حياة مئات الأفغانيات.
ومع ارتفاع وتيرة الاعتداءات، يتزايد القلق في المجتمع الأفغاني، إذ إنها تؤدي أحياناً إلى نزاعات قبليّة تحصد أرواح العشرات. وتحمّل شرائح المجتمع الأفغاني المختلفة من علماء دين وزعماء قبائل وناشطين حقوقيّين مسؤوليّة تزايد الاعتداءات الجنسيّة، للحكومة وللقوى الأمنيّة. كذلك، تصف تلك الشرائح هذا الانتشار بالكارثة الأخلاقيّة إذ إن ذلك دليل على ضعف القيم الأخلاقيّة والأعراف القبليّة التي كانت تشكّل رادعاً لهذا النوع من الجرائم.
وقد بيّنت تقارير قضائيّة ومؤسسات حقوقيّة تورّط مسؤولين أمنيّين في بعض تلك القضايا. ومنها على سبيل المثال، ما وقع في مدينة ميمنة عاصمة إقليم فارياب (شمال). فقد ارتكب مسؤول أمني يدعى قادر رحماني جرائم جنسيّة في حقّ عدد من النساء والفتيات. وعقب ذلك، نظم مئات من نساء ورجال الإقليم مسيرة احتجاجيّة أمام مقرّ الحاكم، مطالبين الحكومة بمعاقبة المسؤول الأمني وهو أحد قادة الجيش القبلي الموالي للحكومة.
وتلفت ناشطة حقوقيّة تحفّظت عن ذكر هويتها لـ"العربي الجديد" إلى أن المسؤول الأمني وعشرات من رجاله يرتكبون جرائم الاغتصاب. لكن الحكومة المحلية تبقى صامتة على جرائمه لأنه رجل قبلي يقف إلى جانب الحكومة المحليّة في وجه المسلحين.
ومن بين عشرات القصص المؤلمة للاعتداءات الجنسيّة التي وقعت أخيراً، قصّة نازنين (20 عاماً) التي كانت تدرس اللغة الفارسيّة في قسم الآداب في معهد اللغات في إقليم فراه (غرب). فهي وبعد تعرّضها لاعتداء جنسي من مجموعة مسلحة، تركت الدراسة واختارت السكن في مكان مجهول مع أسرتها في العاصمة كابول. تقول: "المعتدون دمّروا حياتي، بعدما خطفوني لمدّة يومَين واعتدوا علي". تضيف: "لا أرغب في الحياة"، مهدّدة بالانتحار إذا لم تعاقب الحكومة الجناة.
ويخبر شقيقها الضحيّة نور الله أن "مجموعة مسلحة أوقفت دراجتي الناريّة بالقرب من منزلنا عندما كنت عائداً مع أختي من المدرسة. وعندما حاولوا أخذها بالقوة، راحت تطلب مني مرافقتها. لكن مقاومتنا لم تنفع وأطلقوا النار علينا.
وإذا كانت نازنين تهدّد بالانتحار، فإن أخريات يعجزن عن التعبير عن مشاعرهن بعد تعرّضهن للاعتداء. ففي إقليم هلمند (جنوب)، تعرّضت طفلة لا يتجاوز عمرها السنوات الأربع لاعتداء جنسي بعد اختطافها من أمام منزلها الواقع في جوار مبنى الأمن وعلى مرأى من رجاله.
يتهم الزعيم القبلي وعضو في المجلس الإقليمي، بشير أحمد شاكر، عناصر الأمن باختطاف الطفلة والاعتداء عليها، مؤكداً أن معظم قضايا الاغتصاب والاعتداءات الجنسيّة يقف وراءها رجال الأمن.
وفي إقليم هرات (غرب)، يقول مسؤولون أمنيّون إن شابة تبلغ من العمر 19 عاماً، تعرّضت إلى اعتداء جماعي من حراس المستشفى الرئيسي في الإقليم، حيث كانت الضحيّة ترافق والدتها المريضة. ويؤكّد المتحدث باسم المستشفى الدكتور، محمد رفيق شيرزي، وقوع الحادثة في حرم المستشفى، لافتاً إلى أن السلطات الأمنية باشرت التحقيق في الملف. لكنه يرفض الإفصاح عن التفاصيل.
والسلطات في أفغانستان تعد بإجراء التحقيقات ومعاقبة الجناة بعد كل حادثة، لكن من دون جدوى. وتمتدّ حوادث الاغتصاب والاعتداءات الجنسيّة المختلفة في الأقاليم الأفغانيّة كافة.
وعلى الرغم من اهتمام وسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقيّة بقضايا الاغتصاب، إلا أن السلطات المعنيّة لم تتمكّن من محاكمة أو معاقبة المتورطين في جلّ تلك القضايا.
ومن الذين تمّت محاكمتهم، إمام مسجد يدعى محمد أمين، حكم عليه بالسجن عشرين عاماً في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد إدانته في قضيّة اغتصاب طفلة تبلغ من العمر عشرة أعوام.
وكانت هذه الحادثة التي جذبت أنظار الإعلام المحلي ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة في إقليم قندز (شمال)، قد وقعت بعدما طلب محمد أمين من ثلاث تلميذات البقاء في المسجد، لتنظيفه بعد انتهاء الدراسة. ومن ثم قام باغتصاب إحداهن بحسب ما أثبت تقرير طبي وأقرّ الجاني.
ويرى المعنيّون أن الفساد المستشري في المؤسسات الأمنيّة والقضائيّة بالإضافة إلى تورّط مسؤولين أمنيّين في بعض تلك القضايا، يُعدّان من أبرز أسباب تفشي جريمة اغتصاب النساء والفتيات والاعتداء عليهن. والقضيّة تتطلب أن توليها الحكومة وكذلك المجتمع الدولي اهتماماً خاصاً.