وجَّه الشيخ عبد اللطيف بن هاجس الغامدي رسالة إلى أحمد قاسم الغامدي، معربًا فيها عن تعجبه من إصراره على رأيه في قضية الحجاب وحكم إظهار وجه المرأة، رغم أنه يعلم أيهما فيه الصلاح والحق، وأن يصل به الأمرُ لإدخال أهل بيته في هذا الخلاف.
وقال "ابن هاجس" في رسالته: "أخي الكريم أحمد، لن أهاجم شخصك، ولن أنتقد أسلوبك، ولن أثرِّب عليك في فعلك، فذلك مزلق يحجبني وإياك عن أصل القضية ويسهم في تشتيتنا عن النقاش حول نقطة الخلاف التي أوريت جذوتها وأثرت نقعها بفعالك قبل أقوالك، ومن المعلوم والمفهوم لديك ولكل عاقل أن من وضع نفسه في مواطن الريب أحلَّها موضع النقد وأشخصها للطعان بحق وبغير حق، وكنت – أخي ذلك الرجل – فدعني أطرح عليك بعضًا مما يدور في خلدي من أسئلة – وأرجو ألا تكون مخجلة – فلعل الحقيقة تطلُّ من خلف آكامها وركامها، فيستبين لكل ذي عينين موطنُ الخلل ومكمن الزلَل"، بحسب صحيفة "تواصل" الإلكترونية.
وتساءل قائلًا: "أليس من المتفق عليه بين علماء الإسلام سلفًا وخلفًا القائلين بوجوب ستْر الوجه والقائلين بجواز كشفه أن ستر المرأة وجهها خير لها وللناس من كشفه؟ أليس هذا محل إجماع لا مطعن فيه؟ ألا يسعك – أخي – أن تبذل نفسك لتقرير ما اتفق عليه علماءُ الإسلام على مر العصور والدهور بدلًا من بذل الوسع والطاقة في الانتصار لرأي دون آخر؟!".
وأضاف: "أيهما أفضل؛ الستر للوجه أم كشفه؟!، ستجيبني بجواب كل عاقل: الأفضل أن تستر وجهها يقينًا، فلماذا تشتغل بالمفضول عن الفاضل؟!، لماذا لا تدعو الناس للأكمل والأفضل بدلًا من بذْل سحابة وقتك في سوْقهم للأدنى والأردى؟! لماذا بذلت جهدك وجهادك في المكان الخطأ؟!".
ومضى ابن هاجس في رسالته قائلًا: "زعمتَ أن غطاء الوجه خاص بأمهات المؤمنين؛ زوجات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وزعمت أنك تقتدي به وتستن بسُنته وأن الباعث لك في الذَّبِّ عن هذا القول هو محضُ الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تناقضت وكشفت زوجتك للملأ.. فأين الاقتداء؟ أفي الستر أم في عداوة الستر؟!".
وتابع: "بذلتَ الكثيرَ من الجهد وناضلت وناظرت للسعي في تقرير إباحة كشف وجه المرأة بزعم تخليصها من مخالفة النصوص الظاهرة – في رأيك واختيارك – وكنت أتمنى أن تبذل عُشر معشار جهدك مع نساء المؤمنين اللاتي كشفن الصدور والنحور والظهور والشعور وأظهرن ما يجب عليهن ستره حتى عن المحارم داخل البيوت، وذلك ظاهر في أكثر بلاد الإسلام ولم نسمع لك حسيسًا في وعْظ هؤلاء، أو بيان ما يجب عليهن من الستر والحياء واشتغلت بالمحجبات تقنعهن بكشف وجوههن، فلماذا وضعت نفسك في المكان الخطأ؟!".
وأضاف: "تجرأت أن تُظهر زوجتَك على الملأ في مكان يراها كلُّ الناس، وأصبحَت صورتها بين أيديهم وفي أجهزتهم لتكسب التحدي مع مَن عاديتهم، بينما كبار العلمانيين ودهاقنة الليبراليين وعُتاة الفاسقين ستروا عن الأنظار زوجاتهم ولم يقتحموا هذه العقبة التي تجاوزتها، فهل صورتك بلحيتك الكثَّة بجوار زوجتك على رؤوس الأشهاد وسيلتك المُثلى في إقناع مَن لم يقتنعوا بحججك الباهتة؟ لماذا جعلت خاصة أهل بيتك وقودًا لخصومتك مع غيرك؟!".
واختتم: "زعمت بأن قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ…}. خاص بحدود الجلباب الذي لا يمر – بزعمك – على الوجه فيغطيه، وأتساءل معك في حيرة مُرَّة: هل يُعقل أن نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- كنَّ يكشفن الصدورَ والنحور والشعور قبل نزول آية الحجاب حتى يأتي الأمر لهن بتغطيتها؟! القول بأنهن – رضي الله عنهن – كن يكشفن أكثر من ذلك فيه تعدٍّ على مقام النبوة وتجنٍّ على طُهر البيت الذي أذهب الله عنه الرجسَ، وأُنزهك عن هذا القول، فماذا كان مكشوفًا حتى يأتي الأمر بغطائه إلا الوجه والكفين؟