يوجين روبنسون/ صحيفة كورير بوست
ترجمة/ شيماء نعمان
مفكرة الإسلام : بينما يتأرجح الرأي العام الأمريكي بين مؤيد ومعارض للإستراتيجية التي تتبناها الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام؛ يلقي بعض المحللين السياسيين بالضوء في وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة على أبرز العيوب التي يعتبرون أنها سقطات في خطة الرئيس "باراك أوباما".
ونعرض في السطور التالية مقال للكاتب والمحلل السياسي "يوجين روبنسون" نشرته صحيفة "كورير بوست" الأمريكية بعنوان: "خطة أوباما لهزيمة داعش تحتوي العديد من العيوب"؛ ويوضح من خلاله روبنسون كيف انحرف أوباما عن مساره فيما يتعلق بما اسماه بالحرب "الخرقاء" وما هي الأخطاء التي يعتبرها سقطات غير مدروسة في خطته لحرب تنظيم "الدولة الإسلامية" وجاء فيه:
في عام 2002 قال "باراك أوباما" عضو مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوي الأمريكية آنذاك: "أنا لا أعارض كل الحروب، إن ما أعارضه هو الحرب الخرقاء. إن ما أعارضه هو الحرب المتهورة."
قد يصف البعض استخدام الرئيس للقوة العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بأنه متهور، بالنظر إلى الوقت الذي استغرقه في اتخاذ قراره بالتحرك. ولكننا كلما علمنا أكثر بشأن هذا التدخل، كلما ظهر أنه ينتهك الجزء الخاص بالحرب "الخرقاء" في مقولة الرئيس. فأهداف الحرب وضوابطها وآفاقها تبدو ملتبسة على نحو متزايد. ومن ثم فالأمريكيون على حق في شعورهم بالقلق.
أنا أدرك أن الحرب قد بدأت للتو ولا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها يحصرون أدوراهم. كما أدرك أيضًا أن الهجمات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة لها تأثير فعلي. وإذا ما استبعدنا حملة القصف، فإن مدينة كوباني- عين العرب- الواقعة تحت الحصار على الحدود السورية التركية كانت غالبًا من المؤكد قد سقطت في يد قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" .
غير أنه من الضروري أن نتساءل عما إذا كانت إستراتيجية أوباما تقدم مسارًا صحيحًا للهدف الأساسي الذي يقول الرئيس أنه "الحط من قدرة تنظيم "الدولة الإسلامية" والقضاء عليه في نهاية المطاف" أم لا؟ وكذلك من الضروري أيضًا أن نتساءل عما إذا كان مأخوذ في الاعتبار بصورة تامة بعض العواقب غير المقصودة التي ستترتب على خطة الحرب التي أعلنها الرئيس أم لا؟
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد ذكرت في تقرير لها الأسبوع الماضي أن القوات الثورية السورية لن يتم تدريبها لاستعادة المناطق التي وقعت في أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية". بل سيتم بدلاً عن ذلك، توجيه الثوار "المعتدلين" غير المعروفين بعد وتجهيزهم بالعتاد للسيطرة على بعض المناطق ومنع أي توغل جديد لتنظيم "الدولة الإسلامية".
وهذا من وجهة نظر عسكرية، يبدو معقولاً، لا ينقصه سوى أن أوباما كان حاسمًا في الوعد بعدم إرسال قوات قتالية أمريكية إلى العراق أو سوريا. بيد أن بدون طائرات الاستكشاف الأمريكية على الأرض لتنسيق الدعم الجوى وبدون فرق من المستشارين الأمريكيين لقيادة الوحدات المحلية عديمة الخبرة في أرض المعركة، فإن محاولات العناصر الثورية للسيطرة على الأراضي ستكون بمثابة مهام انتحارية.
إنه من الجيد أن نتذكر أن كل ذلك لا يزال مسألة نظرية. فوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" تأمل في إرسال ما يصل إلى 5000 عنصر من الثوار السوريين سنويًا إلى ميدان المعركة؛ ولكن يتعين أولاً تجنيدهم والتدقيق في اختيارهم، ومنحهم نحو ثمانية أسابيع من التدريب في المملكة العربية السعودية ثم أخيرًا نشرهم على الأرض. وهذه العملية ليست إلا بداية.
ولكن ما هي الغاية إذا كان كل ما ستصبح هذه القوات قادرة على انجازه هو الدفاع؟ الأمر الأكثر أهمية هو ما هي الغاية التي ستضعها العناصر المجندة المحتملة صوب أعينها؟ بالتأكيد ستساورهم شكوك فيما يتعلق بالمخاطرة بحياتهم من أجل خطة حربية لا تعتزم حتى التحرك ضد القوات الإجرامية التابعة للديكتاتور "بشار الأسد"؛ والذي يعتبره معظم الثوار العدو الحقيقي بالنسبة لهم.
وهو الشخص الذي ربما يكون الأكثر سعادة حاليًا في سوريا. حيث مع استمرار الضربات الجوية المتحالفة التي تقصف العدو الأكثر قدرة والمناهض للنظام، كثف القادة العسكريون المواليون للأسد بصورة "دراماتيكية" الاعتداءات الجوية والبرية ضد القوات الثورية المعتدلة في داخل وحول أكبر مدينتين في سوريا وهما مدينتي حلب ودمشق. وعلى المرء أن يتساءل إذا ما حان الوقت وصار الثوار المدربين أمريكيًا جاهزين لخوض المعركة هل ستظل هناك أية مناطق تابعة للثوار "المعتدلين" باقية أمامهم للدفاع عنها؟!
أما الوضع في العراق فهو غير واعد تقريبًا على حد سواء. فقد واصلت العناصر التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" تقدمها في محافظة "الأنبار"- وذلك على الرغم من الضربات الجوية الأمريكية- كما أنها تفرض حصارًا على الأقلية "اليزيدية" في الشمال. وليس من المستبعد أن تقوم الحكومة العراقية بتشكيل التوافق السياسي والقوة العسكرية اللازمة لطرد المسلحين إلى خارج البلاد. غير أن ذلك شأن بعيد الاحتمال.
إن هذه ليست دعوة لتورط أمريكي أكثر عمقًا في العراق وسوريا. ولكن إذا كان الحط من قدرة تنظيم "الدولة الإسلامية" والقضاء عليه هو الهدف حقًا، فإني لا أرى كيف يمكن تجنب التورط على نحو أكثر عمقًا. إن الأمر منقوش في جنباته أنه "ورطة". و"الورطات"، كما يعلم أوباما، تكون خرقاء.