تتواصل عملية الاقتراع في تونس في أول انتخابات تشريعية منذ المصادقة على الدستور الجديد. وقد سجل إقبال واسع للناخبين على مختلف مراكز الاقتراع في البلاد. في غضون ذلك يحث رئيس الحكومة المؤقت التونسيين على التصويت بكثافة.
قال رئيس الحكومة التونسية المؤقتة المهدي جمعة إن أنظار العالم منصبة اليوم على تونس وأن نجاح الانتخابات مرتبط بالإقبال المكثف على التصويت بمراكز الاقتراع. وقال رئيس الحكومة المؤقتة المهدي جمعة الذي شارك في الاقتراع اليوم بالضاحية الشمالية للعاصمة إن الإقبال الواسع على مراكز الاقتراع "دليل على حماس التونسيين لإنجاح تجربتهم وحرصهم على متابعتها ولو كانت هناك بعض التضحيات". وأضاف أن حكومته "ستسلم الأمانة إلى أيادي أمينة وأن الشعب سوف يحسن الاختيار" لممثليه المقبلين.
"ارحل" في وجه الرئيس المؤقت المرزوقي
كما أدلى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي بصوته في مركز اقتراع بمنتجع القنطاوي السياحي في مدينة سوسة /120 كم جنوب شرق العاصمة/ صباح اليوم لكن بمجرد وصوله أطلق ناخبون صيحات "ارحل" بوجهه. واحتج ناخبون ضد تجاوز المرزوقي لطابور المنتظرين ودخوله مباشرة إلى مكتب الاقتراع. ورد الرئيس المؤقت على المحتجين "أنا عائد إليكم"، في إشارة إلى استمراره في المنصب بعد الانتخابات الرئاسية المرشح إليها. ويشارك حزب المرزوقي، المؤتمر من أجل الجمهورية في الانتخابات التشريعية وكان حل ثالثا في انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011 بـ29 مقعدا خلف حركة النهضة الإسلامية.
طوابير طويلة على صناديق الاقتراع
في غضون ذلك، اصطف الناخبون التونسيون في طوابير طويلة أمام مكاتب الاقتراع صباح اليوم الأحد (26 أكتوبر/ تشرين الأول) في تونس للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية. ويقدر عدد التونسيين المدعوين للتصويت اليوم من أجل انتخاب أول برلمان بعد صياغة دستور جديد للبلاد اليوم بأكثر من خمسة ملايين و200 ألف ناخب. وبدت أغلب شوارع العاصمة وباقي المدن خالية، بينما شهدت مراكز الاقتراع منذ الفترة السابقة لفتح مكاتب الاقتراع ازدحاما بشكل غير متوقع. وبدأ أكثر من 11 ألف مكتب اقتراع موزعين بأنحاء البلاد في استقبال الناخبين منذ الساعة السابعة بالتوقيت المحلي، على أن يستمر ذلك حتى الساعة السادسة دون انقطاع. وفي مركز اقتراع بمدرسة شارع الحبيب بورقيبة المحاذي لمقر البرلمان في منطقة باردو بالعاصمة، تهافت الناخبون من مختلف الأعمار على مدرسة شارع الحبيب بورقيبة لاختيار أحد مرشحيهم. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في المدرسة بأكثر من 3500 ناخب.
الأحزاب تحبس الأنفاس: من يكسب الرهان
وقال رئيس مكتب الاقتراع لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) إن نسبة الإقبال حتى الساعة العاشرة بلغت نحو 30 بالمائة، مشيرا إلى سلامة العملية الانتخابية. وقال ملاحظ بالمكتب يدعى محمد علي الاسطنبولي، عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن مكتب الاقتراع شهد نقصا في عدد الأعوان وأدى ذلك إلى ازدحام في بعض الأوقات. وأضاف الاسطنبولي أن توزيع الأعوان لم يكن محكما، وحتى تعويض الأعوان حدث بشكل متأخر. وشهدت أغلب المدن التونسية إقبالا واسعا من الناخبين منذ الصباح الباكر، غير أن بعض المكاتب شهدت تأخرا في فتح الأبواب تحديدا في مدينة القصرين حيث أرجع الجيش ذلك إلى أسباب أمنية. ولم تتضح توجهات الناخبين في الفترة الصباحية من الاقتراع، لكن من المرجح أن تختلف موازين القوى عمّا كان عليه الحال في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011. وقال ناخب يدعى شهاب الفرشيشي لـ(د.ب.أ) إنه صوت لحزب آفاق تونس، مضيفا "توزيع الأصوات سيكون مختلفا هذه المرة عن انتخابات 2011. لن يكون هناك نصرا ساحقا لأي حزب".
وقالت ناخبة تدعى اشراف العقربي لـ(د. ب. أ) "آمل ألا يتكرر المجلس التأسيسي. صوتت لحزب نداء تونس لا أريد النهضة في الحكم". وأضافت "أفضل أن يشكل الحزب الفائز حكومته، لكن المهمة لن تكون سهلة أمام الحكومة الجديدة في الخمس سنوات المقبلة، ستكون هناك إصلاحات كبرى وتحديات اقتصادية هائلة". وتشهد المكاتب المتواجدة بالأحياء الشعبية في أحواز العاصمة إقبالا كبيرا. وفي حي الخضراء حيث اصطف العشرات من أنصار حركة النهضة الإسلامية قالت رئيسة مركز الاقتراع إيمان سعيدان إن الإقبال يسير بشكل متصاعد ويتوقع أن يبلغ الذروة في فترة ما بعد الظهر. وأوضحت سعيدان أن نسبة الناخبين حتى الساعة 11 بلغت أكثر من 25 بالمائة. وتشارك في الانتخابات أكثر من 1300 قائمة حزبية ومستقلة. وتتوج هذه الانتخابات المرحلة الانتقالية الممتدة منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في شباط/فبراير 2011. وستمهد الانتخابات الحالية لتأسيس برلمان جديد يستمر لمدة خمس سنوات وحكومة شرعية ستشكل لاحقا وفق النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع على أن تتولى مهامها في أقصى تقدير في شباط/فبراير القادم. وبحسب أجندة الانتخابات المعلنة من قبل الهيئة المستقلة، سيتم التصريح بالنتائج الأولية للانتخابات التشريعية في أجل لا يتجاوز يوم 30 من الشهر الجاري والنتائج النهائية في أجل لا يتجاوز يوم 24 تشرين ثان/نوفمبر القادم، أي بعد يوم واحد من تاريخ الانتخابات الرئاسية، لكن يتوقع ظهور نتائج غير رسمية مساء اليوم.