الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم ، أنزل القرآن العظيم هادياً شافياً وضاءً،
شفت براهينه أعيناً عمياً فأبصرت،وقرعت حججه آذاناً صماً فسمعت ووعت،
وأضاءت أنواره قلوباً غلفاً فتفتحت واهتدت.
نحمدك اللهم أن أنزلت القرآن الحكم على خاتم المرسلين،
النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، وتكفلت يا ربنا بحفظ آياته وكلماته من التحريف والتغيير والتبديل
فقلت وقولك الحق (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر: 9.
كما جعلته المعجزة الخالدة الباقية إلى يوم الدين رغم أنف الكافرين وحقد الحاقدين ،
فكان أبلغ وأجلَّ دلائل نبوة الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم ،
فأقام في الناس بشيراً ونذيراً وداعياً بإذنه وسراجاً منيراً.
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والهادين بهديه إلى يوم الدين.
أما بعـــــــــد
حرق القرآن الكريم
أحرق القرآن الكريم كلام رب العالمين ، في السويد والنيرويج على يد متطرفين حاقدين ، لا يؤمنون بهذا الدين وهؤلاء لا يعاب عليهم فهم كافرين ، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة ، فقد أحرق من قبل في ساحة كوبنهاغن وفلوريدا وغيرها من دول الكفر وفي أفغانستان نفسها ، ولكن ما هو السبب وراء ذلك ؟ وهل العيب في أهل الكفر ؟ أما العيب فينا ؟ والجواب معروف فإن أهل الكفر لا يؤمنون به ولا بمن أنزله سبحانه وتعالى إبتداءً ، وليس بعد الكفر ذنب، إذاً فالعيب فينا ويجب أن نقف وقفة تأمل وتمحيص وإصلاح وعودة ، حتى لا يتكرر هذا الفعل الشنيع على يد الكافرين.
أول من أحرق القرآن في بلاد الإسلام
لا تتعجبوا إن قلت إنَّ أول من أحرق القرآن هم المسلمون أنفسهم ، ولا أقصد الإحراق الحسي، بل الإحراق المعنوي، لقد أحرق القرآن في بلاد الإسلام ، عندما نحٌوه من حياتهم ولم يصبح دستوراً يتحاكم إليه في كل كبيرة وصغيرة ، وتحاكموا إلى القوانين الوضعية ،والدساتير الكفرية ، الفرنسية منها والانجليزية. المخالفة لدين رب البرية.
لقد أحرق القرآن في بلاد الإسلام، عندما هجر المسلمون القرآن الكريم فهماً وعملاً وجعلوا قراءته فى المواسم والمحافل والمآتم وعلى القبور ويوم الجمعة
قال تعالى : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) الفرقان: 30.
لقد أحرق القرآن في بلاد الإسلام عندما تعاون المسلمون مع الكافرين على المسلمين، وقد نهانا ربنا الجليل في القرآن الكريم عن موالاة الكافرين.
قال تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ) آل عمران : 28
وقال تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض) المائدة : 51
وقال تعالى: (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما،الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإنَّ العزة لله جميعاً)النساء : 139
السبيل لعدم تكرار إحراق القرآن الكريم: إنَّ المخرج والسبيل لكي يُعظم كتاب ربنا الجليل في بلاد المسلمين وبين ظهري الكافرين، التوبة والأوبة إلى الله عز وجل، والعودة إلى هذا الكتاب المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ونعلم بأنه كلام الله المنزل ، وأن فضل كلامه على سائر الكلام، كفضل الله على سائر الناس. ففيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا أصحهما على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد. من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم. فنتربى ونربي الأجيال عليه ، ويكون لنا دستورا وقانونا وشرعا نتحاكم إليه ، وهدى ونورا نهتدي به ونهدي من ضَّل ، فيعزنا الله بعزه ويرفع ذكر هذه الأمة لأنها رفعت ذكر ربها جل وعلا.