12-17-2018
|
|
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
الفتاوى الشرعية
لماذا أمر الله تعالى إبراهيم بذبح إسماعيل ؟ والرد على محمد أبو بكر
سؤال الفتوى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هناك فيديو متداول للشيخ / محمد أبو بكر يذكر فيه سبب ذبح إسماعيل وبعد الاحاديث التي أشك فيها فبرجاء سماع الفيديو والرد عليه بما ورد من صحيح في القصة . وجزاك الله خيراً
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته لقد تم سمع الفيديو للمدعو محمد أبو بكر وما يحتويه من قصص وأحاديث مكذوبة لا أصل لها ، وتدليس على الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وسوف أرد على هذا التدليس بالأدلة قوله : بأن إبراهيم عليه السلام كان يرى العالم وكأنه بين يديه فيرى الذي في اليمن والسودان واعتمد على قول الله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) الأنعام: 75. وأنه منقول عن تفسير ابن العربي المالكي العالم الجليل ، وقد يقصد محي الدين بن عربي الصوفي الضال الذي ألحد في أواخر أيامه. والصحيح فيما ورد عن المفسرين ومنهم ابن كثير والقرطبي : " كشفت له السماوات السبع فنظر إليهن حتى انتهى إلى العرش، وفرجت له الأرضون فنظر إليهن ، ورأي مكانه في الجنة. كما جاء لفظ ملكوت في آية أخرى توضح عدم صحة تدليسه في تفسير الآية ، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) الأعراف: 185. وكلمة (ملكوت) من صفات المبالغة ومعناها (الملك العظيم) وهذا يؤكد صحة ما ورد في تفسير الآية الأولى عن ابن كثير والقرطبي. أما قوله: فجعل ينظر إلى العباد على المعاصي فيدعوا عليهم وأورد حديث قدسي: " كل يوم تقول الأرض: دعني يا رب أبتلع ابن آدم, إنه أكل من رزقك ولم يشكرك.وتقول البحار: يارب دعني أغرق ابن أدم إنه أكل من رزقك ولم يشكرك.وتقول الجبال: يا رب دعني أطبق على ابن آدم إنه أكل من رزقك ولم يشكرك.وتقول السماء: يا رب دعني أنزل كسفاً على ابن آدم إنه أكل من رزقك ولم يشكرك.فيقول الله عز وجل لهم: يا مخلوقاتي أأنتم خلقتموهم؟ يقولوا: لا يا ربنا, قال الله: لو خلقتموهم لرحمتموهم. دعوني وعبادي من تاب إلي منهم فأنا حبيبهم, ومن لم يتب فأنا طبيبهم, وأنا إليهم أرحم من الأم بأولادها.فمن جاءني منهم تائباً تلقيته من بعيد مرحباً بالتائبين.ومن ذهب منهم عاصياً ناديته من قريب إلى أين تذهب؟ أوجدت رباً غيري؟ أم وجدت رحيماً سواي ” . قلت : وهذا الحديث غير موجودٍ في أي كتابٍ من كتب السنة النبوية المعتبرة وهو مكذوب باطل لا أصل له ومن تأليف القصاصين.
إن القصة التي أورداها بأن سيدنا إبراهيم عليه السلام ، أراد أن يكفر عن ذنبه فذبح بقر فلم يقبل منه وذبح غنم ولم يقبل منه فأمر الله تعالى بذبحه إسماعيل عليه السلام ، مكذوبة لا أصل لها ، وهذا محض افتراء وكذب على الله عز وجل لأنه اختلق قصة وحوار لم يقع ولم يحدث. وأما القصة الصحيحة لذبح سيدنا إبراهيم ابنه إسماعيل عليهما السلام في قوله تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ،إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) الصافات: 102 ـ107. قال ابن كثير: وقوله : ( فلما بلغ معه السعي ) أي : شبّ وصار يسعى في مصالحه كأبيه قال مجاهد فلما بلغ معه السعي أي شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل فلما كان هذا رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يؤمر بذبح ولده هذا ، وفي الحديث عن ابن عباس مرفوعا : " رؤيا الأنبياء وحي " .. وهذا اختبار من الله عز وجل لخليله في أن يذبح هذا الولد العزيز الذي جاءه على كِبَر وقد طعن في السن بعد ما أمر بأن يسكنه هو وأمه في بلاد قفر وواد ليس به حسيس ولا أنيس ولا زرع ولا ضرع فامتثل أمر الله في ذلك وتركهما هناك ثقة بالله وتوكلا عليه فجعل الله لهما فرجا ومخرجا ورزقهما من حيث لا يحتسبان ثم لما أمر بعد هذا كله بذبح ولده هذا الذي .. هو بكره ووحيده الذي ليس له غيره أجاب ربه وامتثل أمره وسارع إلى طاعته ثم عرض ذلك على ولده ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسرا ويذبحه قهرا : ( قال يا بنيّ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ) ، فبادر الغلام الحليم ( قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) وهذا الجواب في غاية السداد والطاعة للوالد ولرب العباد قال الله تعالى : ( فلما أسلما وتلّه للجبين) ، قيل أسلما أي استسلما لأمر الله وعزما على ذلك ، .. ومعنى تله للجبين أي ألقاه على وجهه قيل أراد أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهد (وجهه) في حال ذبحه قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك.. وأسلما أي سمّى إبراهيم وكبر وتشهّد الولد للموت قال السدي وغيره أمَرَّ السكين على حلقه فلم تقطع شيئا ويقال جُعل بينها وبين حلقه صفيحة من نحاس والله أعلم فعند ذلك نودي من الله عز وجلّ : ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ) ، أي قد حصل المقصود من اختبارك وطاعتك ومبادرتك إلى أمر ربك وبذْلِك ولدك للقربان كما سمحت ببدنك للنيران وكما مالك مبذول للضيفان ولهذا قال تعالى : ( إن هذا لهو البلاء المبين) أي الاختبار الظاهر البيّن ، وقوله : (وفديناه بذِبْح عظيم) أي وجعلنا فداء ذبح ولده ما يسَّرَه الله تعالى له من العِوَض عنه والمشهور عن الجمهور أنه كبش أبيض أعْيَن أقرن .. قال الثوري عن عبدالله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .
قلت: إن إسماعيل عليه السلام أول ولد لسيدنا إبراهيم عليه السلام الذي كان طاعناً في السن ولم يرزق بذرية والمعروف بأن الولد الأول له منزلة ومحبة تتخلل القلب ، وبهذا الابتلاء والامتثال تخرج محبة الولد من القلب ، لأن قلوب الأنبياء والمرسلين لا يوجد فيها غير محبة الله الكريم ، ولذلك قد وهب إبراهيم عليه السلام ، قلبه للرحمن وجسده للنيران وابنه للقربان وماله للضيفان ، فكان خليل الرحمن.
أما حديث : "من ذا الذي دعاني وما أجبته؟ من ذا الذي سألني وما أعطيته؟ أهل ذِكري أهل مجالستي، أهل شُكري أهل زيادتي، أهلُ طاعتي أهلُ كرامتي، وأهلُ معصيتي لا أُقنطهم أبدًا من رحمتي؛ إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم" . فهو حديث موضوع مكذوب يتداوله بعض الخطباء والوعاظ دون الوقوف على صحته . ذكره الغزاليً: في كتابه الإحياء بلا اسناد .وأورده السبكي: في طبقات الشافعية ضمن الأحاديث التي لا أصل لها .قال العراقي في تخريجه على الإحياء : " لم أجد له أصلا إلا أن صاحب الفردوس أخرجه من حديث أبي الدرداء ولم يذكر له ولده في مسند الفردوس إسنادا " ا.هـ.
احذر الناس من مشاهدة فيديوهات هذا المدعو محمد أبو بكر، ونشرها وتداولها لما فيها من كذب وتدليس وقصص واهية وأحاديث موضوعة لا أصل لها. كما انصح هذا الرجل بأن يراجع من أي المشارب ينهل ، وألا يتحدث إلا بالصحيح من الأقوال والقصص ، حتى لا يضل الناس ويضيع صحيح الدين، وأذكره بقول الله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)النحل: 116. وحديث أَبَو هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لَا يُضِلُّونَكُمْ، وَلَا يَفْتِنُونَكُم ". وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري ومسلم .وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار ". وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبِينَ" رواه مسلم . هذا. والله تعالى أعلى أعلم
|
|
|
|
|