انتشر في بلدي بين الجزارين ذبح الحمير وبيعها للناس بسبب ارتفاع أسعار اللحوم ، فما هو حكم أكلها وبيعها ؟ وجزاكم الله خيراَ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بالنسبة لأكل لحوم الحمر الأهلية ( الإنسية ) هناك نهي عن أكلها وهي من اللحوم المحرمة والتي تم نسخ حكمها من الإباحة إلى التحريم.
قال تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) النحل: 8
تمسك بهذه أكثر القائلين بالتحريم وقرروا ذلك بأن اللام للتعليل فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر فإباحة أكلها تقتضي خلاف الظاهر من الآية وقرره أيضًا بأن العطف يشعر بالاشتراك في الحكم وبأن الآية سيقت مساق الامتنان فلو كان ينتفع بها في الأكل لكان الامتنان به أعظم وأجيب إجمالًا بأن الآية مكية اتفاقًا والإذن كان بعد الهجرة وأيضًا ليست نصًا في منع الأكل والحديث صريح في الحل وأجيب أيضًا تفصيلًا بأنا لو سلمنا أن اللام للعلة لم نسلم إفادته الحصر في الركوب والزينة فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقًا ونظير ذلك حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فإنه مع كونه أصرح في الحصر لكونه بإنما مع اللام لا يستدل به على تحريم أكلها وإنما المراد الأغلب من المنافع وهو الركوب في الخيل والتزين بها والحرث في البقر وأيضًا يلزم المستدل بالآية أنه لا يجوز حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل به. وأما الاستدلال بالعطف فغايته دلالة اقتران وهي من الضعف بمكان. وأما الاستدلال بالامتنان فهو باعتبار غالب المنافع.
وعن ابن أبي أوفى قال : (أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أن أكفؤا القدور لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا فقال ناس إنما نهى عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لأنها لم تخمس وقال آخرون نهى عنها البتة). متفق عليه.
وعن أبي هريرة : (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع والمجثمة والحمار الإنسي). رواه أحمد والترمذي وصححه
وعن ابن عمر والبراء بن عازب قال : (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية). متفق عليه.
وعن أبي ثعلبة الخشني قال : (حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لحوم الحمر الأهلية). متفق عليه وزاد أحمد ولحم كل ذي ناب من السباع.
ثانياً:
إنً بيع لحم الحمر الأهلية في حد ذاته محرم كما بينا ،وكل عين محرمة فبيعها ومالها وشرائها محرم . وأما بيعها على أنها من بهيمة الأنعام فهو تدليس وغش للمسلمين وكبيرة من الكبائر وصاحبها آثم .
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حمل علينا السلاح فليس مناومن غشنا فليس منا)رواه مسلم.
وعن أبي هريرة : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخليده فيها فنالت أصابعه بللا فقال ما هذا يا صاحب الطعام قال أصابته السماء يا رسولالله قال أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس مني)رواهمسلم
لقد صرّحت هذه الأحاديث على تحريم الغشّ والتّغليظ على مرتكبه بالوعيد الشّديد في الدّنيا والآخرة. كما أنّ الإجماع قائم بين علماء الأمّة الإسلامية على تحريم الغشّ بجميع أنواعه وأشكاله ، يقول النَّفراوي المالكي : "والغشّ حُرمته مجمع عليها لقوله صلّى الله عليه وسلّم : " مَن غشّنا فليس منّا ".
يقول الإمام الترمذي بعد أن أورد حديث " ومَن غشّنا فليس منّا " : الحديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم كرّهوا الغش وقالوا : الغش حرام.
وقد علّل ابن عابدين ذلك بقوله : " لأنّ الغش من أكل أموال النّاس بالباطل " .
إنَ بيع الحمر الأهلية فيه ضرر على الصحة العامة للناس وعلى المجتمع، ويسبب أكله الأمراض ، لأن هذا اللحم نبت من أكل غير طاهر أو فيه خبث.
كما إن الأصل بأن الله عز وجل لم يحرم شئ على العبد إلا لضرر ، وما يبح شئ له إلا لمنفعه ، فهو أعلم سبحانه وتعالى بمصلحة من خلق
فعن أبي سَعِيدٍ سَعْدِ بن سِنَانٍ الخُدْرِي رضي اللهُ عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ ".
حديث حسن، رواه ابن ماجه والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرُهما مسنَداً