سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت على الفيس لفضيلة الشيخ / أشرف الفيل عن كيفية صلاة الحاجة والدعاء فيها ووقتها وهذا ما كتب الشيخ فما حكم صلاة الحاجة؟ صلاة الحاجة كيفيتها : ـ ركعتين بنية الافتقار إلي الله في أمر من الأمور ويطيل فيه الركوع والسجود. وقـــتها : في أي وقت كان من ليل أو نهار وأفضل وقت لها في الثلث الآخر من الليل وذلك لورود حديث يبين فضل هذا الوقت ففي الصحيح من حديث أبي هريرة {{أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " ينزل ربنا تبارك و تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له }}. ...يدعو بما تيسر له ويقول ما يريد ويمي ما شاء بشرط أن لا يكون في دعائه الدعاء يإثم أو قطيعة رحم ويستحب له أن يكثر في مقدمة الدعاء بقوله " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " ويقول " يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين ارحمني واجبرني واسترني وعافني واعف عني وتب على إنك أنت التواب الرحيم ثم يقول" اللهم إنى اسألك بعزتك وجبروتك وقوتك وأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم اسألك البر التواب الرحيم أن تغفر لي وترحمنى وتسترني وتعافيني وتقضي أمري وتهديني وزوجي وأولادي ثم يخصص الدعاء ما يريد".
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذه الصلاة ليس لها أصل في الصلوات المشروعة ، بل إن المصنف وهو الترمذي رحمه الله ذكر لها روايتان مع كل رواية دعاء.
فعن عبد الله بن أبي أوفى ، أنّ النّبي قال : " من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم ، فليتوضّأ وليحسن الوضوء ، ثمّ ليصلّ ركعتين، ثمّ ليثن على الله، وليصلّ على النّبي صلّى الله عليه وسلّم ، ثمّ ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم ، الحمد لله ربّ العالمين ، أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كلّ برّ، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همّاً إلا فرّجته ، ولا حاجةً هي لك رضاً إلا قضيتها ، يا أرحم الراحمين " رواه الترمذي وابن ماجه . وزاد ابن ماجه في روايته " ثمّ يسأل الله من أمر الدّنيا والآخرة ما شاء، فإنّه يقدر ". وأما الدعاء الثاني : " لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله ربالعالمين ، اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إنيتوجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، اللهم فشفِّعه في"
ولو كلف الشيخ نفسه عفى الله عنا وعنه وراجع كلام الإمام الترمذي رحمه الله في مصنفه لما سطَّر مثلَ هذا فإنه قال رحمه الله عقب روايته الحديث : هذا حديثٌ غريبٌ (أي: ضعيف كما هو اصطلاحه) وفي إسناده مقالٌ ، وهو فائد بن عبد الرحمن الكافي يُضعَّف الحديث ، وفائد هو أبو الورقاء أ.هـ
قال الشيخ أحمد شاكر: و" فائد " بالفاء في أوله ، وهو ضعيفٌ جدّاً ،وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال الحاكم : روى عن ابن أبي أوفى أحاديثَ موضوعةً ،وحديثه هذا رواه أيضا ابن ماجه (1/216) ، والحاكم في "المستدرك" (1/320) وزعم أنهإنما أخرج حديثه شاهداً وهو مستقيم الحديث ، وتعقبه الذهبي بأنه متروك.
إنً الله عز وجل هو القائل وأعز من قال :(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة: 186
قال ابن جريج عن عطاء : أنه بلغه لما نزلت : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )غافر: 60 قال الناس : لو نعلم أي ساعة ندعو ؟ فنزلت : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان )
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا ، ولا نعلو شرفا ، ولا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير . قال : فدنا منا فقال : " يا أيها الناس ، اربعوا على أنفسكم ; فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا بصيرا ، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته . يا عبد الله بن قيس ، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله " .
أخرجاه في الصحيحين ، وبقية الجماعة من حديث أبي عثمان النهدي ، واسمه عبد الرحمن بن مل ، عنه ، بنحوه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا شعبة ، حدثنا قتادة ، عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا دعاني " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله ، عن كريمة بنت الخشخاش المزنية ، قالت : حدثنا أبو هريرة : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله : أنا مع عبدي ما ذكرني ، وتحركت بي شفتاه"
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو عامر ، حدثنا علي بن دؤاد أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها " قالوا : إذا نكثر . قال : " الله أكثر "
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن جبير بن نفير ، أن عبادة بن الصامت حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله ، عز وجل ، بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو كف عنه من السوء مثلها ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم"
عن عمرو هو ابن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة " . فكان عبد الله بن عمرو إذ أفطر دعا أهله ، وولده ودعا.
وفي مسند الإمام أحمد ، وسنن الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة ، وتفتح لها أبواب السماء ، ويقول : بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه:َ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ" رواه مسلم
وعن عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ ) .رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني .
من الأدلة سالفة الذكر يتبين لنا:
ــ بأن صلاة الحاجة حديثها ضعيفة ومعلول ، وأنها ليس من الشريعة وغير مشروعة .
ــ وكذلك بأن الدعاء والطلب من الله عز وجل لا يحتاج إلى صلاة خاصة ودعاء خاص، بل هو قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
ـ وأن العبادةتوقيفية ولا تكون إلا بدليل صحيح يفعل ، وإن كان ضعيف يترك.
ـ كما لا يجوز نشر الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة من العوام فضلاً عن طالب علم أو داعية إلا بعد التثبت من العلم الذي ينشره على الناس.