سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعت من أمنة نصير إن مفهوم تطبيق حد الردة مفهوم خاطئ ويطبق فى حالة واحدة وهى إذا تحول إنسان مسلم إلى الديانة المسيحية أو اليهودية وانقلب بمعنى صار محارباً فهذا يجب قتاله ويحل قتله لكنه إذا لم ينقلب أى إذا لم ينضم لصفوف المقاتلين أو المحاربين عند أتباع الديانة التى تحول إليها فإنه هنا صار حراً . بل ولا يوجد فى باب العقائد ما يدعو لمطاردة مسلم تحول لأى ديانة طالما لم يذهب لجيش العدو وطالما لم يعمل جاسوساً أو معادياً بالقول والفعل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا القول عن حد الردة يحتاج إلى تفصيل وتوضيح ، لأن الحدود عموماً حق من حقوق الله ومن خصائصه سبحانه فلا يجوز لأحد تعطيل أو اسقاط أو تخفيف حد من الحدود . وحد الردة ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة:
تعريفالردة
الرِّدَّة هي الرجوع عن الإسلام كلياً أوجزئياًبإنكار ما هو معلوم من الدين ضرورة، بنفي ما أثبته الله ورسوله، أوإثبات ما نفاهالله ورسوله، وتكون بالفعل، والترك، والنطق، والاعتقاد، والشك، جاداً كان المرتد أمهازلاً.
قال تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِيْنِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيْهَا خَالِدُوْنَ ﴾ البقرة: 217.
وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )المائدة : 54.
وقال تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل : 106
عن أيوب عن عكرمة «أن عليا حرق قوما، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه).صحيح البخاري
وعن معاوية بن حيدة وعن زيد بن أسلم مرفوعا بلفظ «من غير دينه فاضربوا عنقه».أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: الأقضية، باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام،
وصحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال: "من بدَّل دينه فاقتلوه "
وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة»صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القسامة والمحاربين والقصاص والديات
أجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين . وروى ذلك عن أبي بكر، وعثمان ، وعلى ، ومعاذ ، وأبي موسى ، وابن عباس ، وخالد ، وغيرهم ولم ينكر ذلك فكان إجماعاً. ولا فرق بين الرجال والنساء في وجوب القتل . روى ذلك عن أبي بكر ، وعلى ، والحسن ، والزهري ، والنخعي ، ومكحول ، وحماد ، ومالك ، والليث ، والاوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق . وخالفهم على ، والحسن ، وقتادة بأن المرأة لا تقتل ولكن تسترق ، وقال أبو حنيفة : تجبر على الإسلام بالحبس والضرب
وللردة عقوبتان: عقوبة أصلية وهي القتل، وعقوبة تبعية هي مصادرة مال المرتد
في الدنيا:
1ـ يُفرَّقبينه وبين زوجته، فإن تاب قبل انقضاء عدتها رجعت إليه، وإن انقضت عدتها قبل أن يتوبتبيَّن فسخ النكاح منذ ارتداده، سواء كانت ردته قبل الدخول بها أوبعد الدخول.
2ـيُمنع من التصرف في ماله، وينفق منه على عياله، وتقضى ديونه.
3ـ لا يرث، ولايورث، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ"، ويكون ما تركه فيئاً لبيت مال المسلمين، ومن أهلالعلم من قال لورثته.
4ـ يُقتل المرتد من غيراستتابة إن قُدِر عليه، إذا كانت ردته مغلظة وهي ما تكون مصحوبة بمحاربة الله، ورسوله، وأوليائه من العلماء العاملين، وعداوتهم،والمبالغة في الطعن في الدين، والتشكيك في الثوابت.
أما أن كانت مجردة ، فيستتاب صاحبها
قال شيخ الإسلام: (إن الردة على قسمين: ردة مجردة، وردة مغلظةشرع القتل على خصوصها، وكلاهما قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، والأدلة الدالةعلى سقوط القتل بالتوبة لا تعمُّ القسمين، بل إنما تدل على القسم الأول ـ الردةالمجردة ـ كما يظهر ذلك لمن تأمل الأدلة على قبول توبة المرتد، فيبقى القسم الثانيـ الردة المغلظة ـ وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، ولم يأت نص ولا إجماع علىسقوط القتل عنه، والقياس متعذر مع وجود الفرق الجلي، فانقطع الإلحاق، والذي يحققهذه الطريقة أنه لم يأت في كتاب ولا سنة ولا إجماع أن كل من ارتد بأي قول أوبأي فعلكان فإنه يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه، بل الكتاب والسنة والإجماع قدفرَّق بين أنواع المرتدين) انتهي
5ـ يتولى قتله الإمامُ أومن ينوب عنه.
6ـ لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولايدفن في مقابر المسلمين.
7ـ يبطل عمله، نحو حجة الإسلام، وهذا مذهب مالك ومنوافقه، لقوله تعالى: "لئن أشركتَ ليحبطنَّ عملك ولتكونن من الخاسرين"، وذهب الشافعي وأحمد إلى أن: (من ارتد ثم عاد إلىالإسلام لم يحبط عمله ولا حجه الذي فرغ منه، بل إن مات على الردة فحينئذ تحبطأعماله، وقال مالك: تحبط بنفس الردة، ويظهر الخلاف في المسلم إذا حجَّ ثم ارتد ثمأسلم، فقال مالك: يلزمه الحج لأن الأول قد حبط بالردة.
أما في الآخرة:
إن تاب وصدقفي توبته قبلت منه إن شاء الله تعالى، وإن لم يتب ولو قتل في الدنيا فهو من أهل النارخالداً مخلداً فيها.
ولقد أصدرت المجامع الفقهية العديد من الفتاوى في موضوع الردة، مزيلة ببيان عدم مخالفتها للحرية الدينية ، وفي الفتاوى المصرية تكررت هذه العبارة عند الحكم بقتل المرتد حدا : يقضي الحكم الشرعي بقتل المسلم الذي بدل دينه إذا أصر على ردته ولم يتب ولم يرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل، وهذا لا يتنافى مع الحرية الشخصية.