سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشر على لسان الدكتورة / أمنة نصير بأن النقاب من شريعة اليهود وأنه عادة متجذرة قبل الإسلام عندما كان هناك جوار بين القبائل اليهودية والعربية. ووجهت رسالة إلى من يرفضون خلع النقاب قائلة لهم : "عودوا الى بيتكم تحمدوا، لا تفرضوا أمرا ليس فى صحيح الدين". فهل هذا الكلام صحيح ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً
< جواب الفتوى >
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً :
لا يجب أن يسمع لهذه المرأة التي خرجت علينا بدين جديد تنكر فيه بعض أحكام الشريعة من باب الفلسفة التي تخصصت فيها ، وما تقوله هذه المرأة إما عن جهل بالدين أو هوى في القلب ، واعتقد بأنه الاثنين معاً.
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» رواه مسلم،
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " . رواه البخاري
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل) رواه البخاري ومسلم
ثانياً :
هذا القول بدعي لم يقل به أحد من الفقهاء أو أهل العلم المعتبرين قديماً أو حديثاً ، وأي قول في مسائلة من مسائل الدين يُخالف فيها الفقهاء ويأتى بقول زائد على قولهم ، هو قول بدعي ، وهذه قاعدة معروفة عند أهل العلم .
ثالثا :
لم يختلف الفقهاء وأهل العلم على وجود النقاب وأنه أصل في لباس المرأة المسلمة، ولكن خلافهم على حكمه الشرعي، هل هو واجب أم سنة ؟
وهذا الحديث فيه نهي صريح عن لبس المخيط للرجل والنقاب والقفازين للمرأة ، ولولا أنهما أصل في اللباس ما نهى الشارع سبحانه وتعالى لبسهما عند الإحرام.
رابعاً:
أما قولها بأن النقاب من شريعة اليهود يتضح بأن هذه المرأة لم تكلف نفسها وتَدرس ولو كتيب صغير في (علم الأصول) ، حتى لا تخلط في الدين وتتأول على رب العالمين بغير علم .
فالذي درس أصول الفقه يعلم بأن مراتب أدلة الأحكام هي : ( القرآن ـ والسنة ـ والإجماع) وهذه الأدلة متفق عليها عند الأصوليين ، ثم مختلف فيها وهي: ( القياس ـ والاستحسان ـ والمصلحة المرسلة ـ وسد الذرائع ــ والعرف ــ وقول الصحابي ـ وشرع من قبلنا ـ والاستصحاب ).
وشرع من قبلنا : هي الأحكام التي شرعها الله تعالى لمن سبقنا من الأمم ، وأنزلها على أنبيائه ورسله لتبليغها لتلك الأمم. وقد اختلف العلماء في علاقتها بشريعتنا ومدى حجيتها
بالنسبة إلينا على ثلاث أنواع:
1ـ منها ما هو متفق على حجيته بالنسبة إلينا.
2ـ ومنها المتفق على نسخه في حقنا.
3ـ ومنها ماهو مختلف فيه.
فهل بينت لنا هذه المرأة العالمة العلامة فريدة عصرها النقاب في شريعة اليهود كما تدعي من أي نوع من أنواع شرع من قبلنا؟
ثم إن هذا الكلام فيه قدح في شريعة الإسلام، بأن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم نسخت العفة والعفاف في لبس ( النقاب ) في شريعة موسى عليه وسلم، بالتبرج والسفور وخلعه وكشف الوجه في شريعتنا.
خامساً:
أما نصيحتها إلى من يرفضون خلع النقاب : "بأن يعودوا الى بيوتهم يحمدوا"
فهذه نصيحة ظاهرها الحق وباطنها الباطل، وتدل على الاستخفاف بأحكام المرأة في القرآن وتعاليم الإسلام.
اعتبر القرآن الكريم خروج المرأة من بيتها دونة ضرورة تبرج ، وأنه بخلاف الأصل ، فقرار المرأة ووقارها في بيتها ، والخروج استثناء فلا تخرج لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية، الصلاة في المسجد بشرطه، كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه وليخرجن وهن تفلات).
تفلات: أي غير متطيبات وفي رواية: (وبيوتهن خير لهن)
وقوله تعالى: { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}
قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية.
وقال قتادة: كانت لهن مشية وتكسر وتغنج فنهى اللّه تعالى عن ذلك.
فكيف بمن تخرج علينا في الفضائيات وعلى رؤوس الأشهاد وهي كاشفة عن وجهها ونامصة لحاجبها، بدعوة أنها من العلماء وتعلم الناس دين رب العالمين ، وهي في حقيقة الأمر من المتبرجات الخارجات عن تعاليم شرع ربنا الحكيم .