عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : "إِنَّ الْمَرْأَةَ كَالضِّلْعِ ، إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا ، وَإِنْ تَرَكْتَهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ" وفي رواية :عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَال رَسُولُ اللَّهِ : "إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا" رواه مسلم
وفي رواية : "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" البخاري عن أبي هريرة
الشـــــــــــــرح
قبل أن اعرج على الحادثين أحب أن اقول بأن القول بعوج المرأة كالضلع ليس بصفة ذم بل هي صفة مدح لأن الأصل بأن الرجل قائم كالضلع فإذا كانت المرأة كذلك فليس هناك فارق بين الاثنين مع العلم بأن المرأة هي متاع الرجل فكيف يتمتع بها وهي جامدة صلبة قائمه مثل الرجل . ولنبدأ الشرح كما فهمه بعض أهل العلم .
معنى العوج لغة
العوج بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبهه وبالكسر ما كان في بساط أو ارض او معاش أو دين ويقال: فلان في دينه عوج بالكسر. قال صاحب المطالع : قال أهل اللغة العوج بالفتح في كل شخص وبالكسر فيما ليس مرئي كالرأي والكلام . قال وانفرد عنهم أبو عمرو الشيباني فقال: كلاهما بالكسر ومصدرهما بالفتح (والضلع ) بكسر الضاد وفتح اللام
قال الأمام الشوكاني
والفائدة في تشبيه المرأة بالضلع التنبيهعلى أنها معوجه الأخلاق لا تستقيم أبدا، فمن حاول حملهاعلى الأخلاق المستقيمة أفسدهان ومن تركها على ما هي عليه من الاعوجاج انتفع بها كمان أن الضلع المعوج ينكسر عند إرادة جعله مستقيماوإزالة اعوجاجه فإذا تركه الأنسان على ما هو عليه انتفع به وأراد بقوله "وإن أعوج مافي الضلع أعلاه" المبالغة في الاعوجاج والتأكيد لمعنى الكسر بأن تعذر الإقامة في الجهة العليا أمره أظهر، وقيل يحتمل أن يكون ذلك مثلا لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها وفيه لسانها وهو الذي ينشأ منه الاعوجاج وقيل أعوج من باب الصفة لا من باب التفضيل لأن أفعل التفضيل لا يصاغ من الألوان والعيوب - نيل الأوطار للشوكاني
قلــــــــــت
إن الحديث الذي يذكر أن المرأة خلقت من ضلع أعوج قد صدر على سبيل توصية الرجال بالنساء خيرا ورعايتهن والإفضاء عما قد يقع منهن من هفوات ، فطبع المرأة فيها اعوجاج لحكمة إلهية، ولذلك وجب على الرجل أن يحسن إليها ويعاشرها بالمعروف ويحسن لها ويتودد إليها ويحن عليها ولها . ولذلك عنوان النساء تحت هذاالحديث "باب المدارة مع النساء ،باب الوصاة بالنساء".
قال الأمام النووي
"شرح قوله : "إنَّ المرأةَ خُلِقت من ضِلع، لن تستقيمَ لك على طريقةٍ، فإن استمتعتَ بها استمتعتَ وبها عِوج، وإن ذهبتَ تُقيمها كسرْتَها، وكسرُها طلاقُها".
العوج : ضبطه بعضهم بفتح العين وضبطه بعضهم بكسرها ولعل الفتح أكثر، وضبطه الحافظ ابن عساكر واخرون بالكسر وهو اللأرجح . وفيه دليل لما يقوله الفقهاء أو بعضهم أن حواء خلقت من ضلع آدم ، قال الله تعالى: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) النساء . وبين الصادق المصدوق أنها خلقت من ضلع وفي هذا الحديث ما يدل على ملاطفة النساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب وأنه لا يطمع باستقامتها والله أعلم" . صحيح مسلم بشرح النووي .
قلـــــــــــت
إن قول النبي الضلع الأعوج يقصد به المعنى المجازي وليس اللفظي ويحدد لنا طبائع النساء وما اختصهن الله به من تفوق العواطف على العقل على العكس من الرجل الذي يتفوق فيه العقل على العواطف فما زاد في المرأة نقص من الرجل وما زاد في الرجل نقص من المرأة . وليس العوج يراد به الفساد في طبيعة المرأة ، لأن عوجها هذا هو صلاحها لأداء مهمتها فالمرأة من وظائفها أن تتعامل مع الأطفال وهم في حاجه إلى الحنان والعطف الشديد والذي يحتاجه أيضا إليه الرجل ومن المعروف أيضا بأن أهل المرأة غير العقل الصدر والقلب وهذا القلب الذي ينبعث من الشعور بالحب والحنان والعاطفة . وقلب المرأة فيه حماية لقلب الرجل فكأنهما المرأة لتحمي الرجل وتوفر له الاستقرار العاطفي والطمأنينه والرضا حتى لا يضطرب قلب الرجل بعدم وجود قلب بجانبه يبعث له العافيه والسلامة.
والله أعلم