أنت غير مسجل في مسلم أون لاين . للتسجيل الرجاء أضغط هنـا
 

الإعلانات النصية


الإهداءات

العودة   منتديات مسلم أون لاين العودة مسلم أون لاين الإســلامي العودة قسم العلوم الإسلامية العودة القرأن الكريم وعلومه

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  مشاركة رقم : 1  
قديم 07-16-2014
محمد فرج الأصفر
الصورة الرمزية محمد فرج الأصفر


رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 2,043
بمعدل : 0.54 يوميا
معدل تقييم المستوى : 13
المستوى : محمد فرج الأصفر نشيط

محمد فرج الأصفر غير متواجد حالياً عرض البوم صور محمد فرج الأصفر



المنتدى : القرأن الكريم وعلومه
Exclusive الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ (2)


الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ
(2)
الباب الرابع
فِيْ آَدَابِ مُعَلِّمِ الْقُرْآَنِ وَمُتَعَلِّمُهُ

هذا الباب مع البابين بعده مقصود الكتاب منتشر جدا فإني أشير إلى مقاصده مختصرة في فصول ليسهل حفظه وضبطه إن شاء الله تعالى
فصل : أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى

قال الله تعالى {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}
أي الملة المستقيمة وفي الصحيحين عن رسول الله :
{إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى}
وهذا الحديث من أصول الإسلام وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
{إنما يعطى الرجل على قدر نيته} وعن غيره {إنما يعطى الناس على قدر نياتهم}
وروينا عن الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى قال :
(الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد وهو أن يريد بطاعته التقرب الى الله تعالى دون شئ آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة ثم الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى)
قال : (ويصح أن يقال الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين)
وعن حذيفة المرعشي رحمه الله : (لدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء ثم الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك ولا يشوب المقرىء إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالا أو رحمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه)
قال تعالى : {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}
وقال تعالى : {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} الآية
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله :
{من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة}
رواه أبو داود بإسناد صحيح ؛ ومثله أحاديث كثيرة ؛
وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم أن رسول الله قال :
{من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار}
رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك وقال أدخله النار .
فصل : وليحذر كل الحذر من قصده

التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم ؛
فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك بل قال لنفسه أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه وقد روينا في مسند الإمام المجمع على حفظه وإمامته أبي محمد الدارمي رحمة الله عليه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال :
(يا حملة القرآن أو قال يا حملة العلم اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى)
وقد صح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال : (وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم يعني علمه وكتبه أن لا ينسب إلي حرف منه)
فصل : وينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن

التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها والسخاء والجود ومكارم الأخلاق وطلاقة الوجه خروج إلى حد الخلاعة والحلم والصبر والتنزه عن دنيء المكاسب وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع واجتناب الضحك والإكثار من المزاح ؛
وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة ؛
وليحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب واحتقار غيره وإن كان دونه وينبغي أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك وأن يكون تعويله في جميع أموره على الله تعالى .
فصل : وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ

عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حاله فقد روينا عن أبي هرون العبدي قال كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول مرحبا بوصية رسول الله إن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا}
رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وروينا نحوه في مسند الدارمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه
فصل : وينبغي أن يبذل لهم النصيحة

فإن رسول الله قال :
{الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} رواه مسلم
ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن وتأليف قلب الطالب وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضا له على التعلم وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية وهو طريق الحاضرين العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وينبغي أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله أنه قال :
{لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه}
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت ؛ وفي رواية إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني
وينبغي أن لا يتعاظم على المتعلمين بل يلين لهم ويتواضع معهم فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرة معروفة فكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه وقد جاء عن رسول الله أنه قال :
{لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه}
وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله قال : ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل
فصل : وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج

بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله
فصل : تعليم المتعلمين فرض كفاية

فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم فإن امتنعوا كلهم أثموا وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين وإن طلب من أحدهم وامتنع فأظهر الوجهين أنه لا ليث لكن يكره له ذلك إن لم يكن عذر
فصل : يستحب للمعلم أن يكون حريصا

على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية وأن يخلو قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة وأن يكون حريصا على تفهيمهم وأن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره ومن قصر عنفه تعنيفا لظيفا ما لم يخش عليه تنفيره ولا يحسد أحدا منه لبراعة تظهر منه ولا يستكثر فيه ما أنعم الله به عليه فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل وفي الدنيا الثناء الجميل والله الموفق
فصل : ويقدم في تعليمهم

إذا ازدحموا الأول فالأول فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم فصل قال العلماء رضي الله عنهم ولا يمتنع من تعليم أحد صحيح النية فقد قال سفيان وغيره طلبهم للعلم نية وقالوا طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله معناه كانت غايته أن صار لله تعالى
فصل : ومن آدابه المتأكدة

وما يعتنى به أن يصون يديه في حال الإقراء عن العبث وعينيه عن تفريق نظرهما حاجة ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار وتكون ثيابه بيضا نظيفة وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين ويجلس متربعا إن شاء متربع روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه
ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى بحفظه أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة
فصل : وينبغي أن يكون مجلسه واسعا

ليتمكن جلساؤه فيه ففي الحديث عن النبي :
{خير المجالس أوسعها} رواه أبو داود في سنته في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
فصل : في آداب المتعلم

جميع ما ذكرناه من آداب المعلم في نفسه آداب للمتعلم ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره فقد صح عن رسول الله أنه قال :
{ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب}
وقد أحسن القائل بقوله يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك ويتواضع للعلم فبتواضعه يدركه وقد قالوا نظما العلم حرب للفتى المتعالي كالسيل حرب للمكان العالي وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق وهذا أولى .
فصل : ولا يتعلم إلا ممن تكلمت أهليته

وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال من حق المعلم عليك أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية وأن تجلس أمامه ولا تشيرن عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول ولا تغتابن عنده أحدا ولا تشاور جليسك في مجلسه ولا تأخذ بثوبه إذا قام ولا تلح عليه إذا كسل ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي كرم الله وجهه وأن يرد غيبة شيخه إن قدر فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس .
فصل : ويدخل على الشيخ كامل الخصال

متصفا بما ذكرناه في المعلم متطهرا مستعملا للسواك فارغ القلب من الأمور الشاغلة وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث فليست الأولى أحق من الثانية ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقيم أحدا في موضعه فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما وإن فسحا له نفسه .
فصل : وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته

وحاضري مجلس الشيخ فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين ولا يرفع صوته رفعا بليغا حاجة ولا يضحك ولا يكثر الكلام حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها ولا يلتفت يمينا ولا شمالا حاجة بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه
قصل ومما يتأكد الاعتناء به أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستيفازه وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط وأن يغتنم روينا نشاطه ومن آدابه أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وأنقى لقلب الشيخ وقد قالوا من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما ذللت طالبا فعززت مطلوبا وقد أحسن من قال من لم يذق طعم المذلة ساعة قطع الزمان بأسره مذلولا .
فصل : ومن آدابه المتأكدة

أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تفقهوا قبل أن تسودوا معناه اجتهدوا في كمال أهليتكم وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه .
فصل : وينبغي أن يبكر بقراءته

على الشيخ أول النهار لحديث النبي :
{اللهم بارك لأمتي في بكورها}
وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظة وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعض الأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك امتثل أمره ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله وقد قدمنا إيضاح هذا في آداب الشيخ وطريقه في نفي العجب أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه وطريقه في نفي الحسد أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها .
الباب الخامس
فِيْ آَدَابِ حَامِلِ الْقُرْآَنَ

قد تقدم جمل منه في الباب الذي قبل هذا ومن آدابه أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن وأن يكون مصونا عن دنيء الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار ؛
فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس )
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : (ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يختالون)
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : (إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل شذا في النهار)
وعن الفضيل بن عياض قال : ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم وعنه أيضا قال حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن فصل ومن أهم ما يؤمر به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها فقد جاء عن عبدالرحمن بن شبيل رضي الله عنه قال قال رسول الله :
{اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه}
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه من رواية سهل بن سعد معناه يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه قال دخل رجلان من أصحاب رسول الله مسجدا فلما سلم الإمام قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل فقال أحدهما إنا لله وإنا إليه راجعون سمعت رسول الله يقول :
{سيجيء قوم يسألون بالقرآن فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه}
وهذا الإسناد منقطع فإن الفضل بن عمرو لم يسمع الصحابة وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدى له قوسا فقال له النبي :
{إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها}
وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره وبآثار كثيرة عن السلف وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين أحدهما أن في إسناده مقالا والثاني أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا ثم أهدي إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم والله أعلم
فصل : ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها

وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم : أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرين في كل سبع ليال وعن بعضهم في كل ست وعن بعضهم في كل خمس وعن بعضهم في كل أربع وعن كثيرين في كل ثلاث وعن بعضهم في كل ليلتين وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين ومنهم من كان يختم ثلاثا وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا بالليل وأربعا بالنهار؛
فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون ؛
ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات سليم بن عمر رضي الله عنه قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه ؛
وروى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات وروى أبو عمر سنان في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات ؛
قال الشيخ الصالح أبو عبدالرحمن السلمي رضي الله عنه سمعت الشيخ أبا عثمان المغربي يقول : كان ابن الكاتب رضي الله عنه يختم بالنهار أربع ختمات وبالليل أربع ختمات وهذا أكثر ما بلغنا من اليوم والليلة ؛
وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زادان من عباد التابعين رضي الله عنه أنه كان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ويختمه أيضا فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وسيأتي وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل ؛
وروى أبو داود بإسناده الصحيح : أن مجاهدا كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء ؛
وعن منصور قال : كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان ؛
وعن إبراهيم بن سعد قال : كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن ؛
وأما الذي يختم في ركعة : فلا يحصون لكثرتهم فمن المتقدمين عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ركعة في الكعبة ؛
وأما الذين ختموا في الأسبوع مرة : أحدانا نقل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبدالله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم وعن جماعة من التابعين كعبدالرحمن بن يزيد وعلقمة وإبراهيم رحمهم الله والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه خروج إلى حد الملل والهذرمة ؛
وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة ويدل عليه الحديث الصحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله :
{لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث} رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم قال الترمذي حديث حسن صحيح ؛ والله أعلم .
وأما وقت الابتداء والختم لمن يختم في الأسبوع فقد روى أبو داود أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يفتتح القرآن ليلة الجمعة ويختمه ليلة الخميس وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء :
الأفضل أن يختم ختمة بالليل وأخرى بالنهار ويجعل ختمة النهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما ويجعل ختمة الليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما ليستقبل أول النهار وآخره ؛
وروى ابن أبي داود عن عمر بن مرة التابعي قال : كانوا يحبون أن يختم القرآن من أول الليل أو من أول النهار ؛
وعن طلحة بن مصرف التابعي الجليل قال : من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح ؛
وعن مجاهد مثله وروى الدارمي في مسنده بإسناده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي قال الدارمي هذا حسن من سعد ؛
وعن حبيب بن أبي ثابت التابعي أنه كان يختم قبل الركوع ؛
قال ابن أبي داود وكذا قال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ؛
وفي هذا الفضل بقايا ستأتي إن شاء الله تعالى في الباب الآتي


  مشاركة رقم : 2  
قديم 05-11-2022
عابرة سبيل
الصورة الرمزية عابرة سبيل


رقم العضوية : 933
تاريخ التسجيل : Jul 2021
الدولة : الوطن العربي
المشاركات : 3,235
بمعدل : 2.70 يوميا
معدل تقييم المستوى : 7
المستوى : عابرة سبيل نشيط

عابرة سبيل غير متواجد حالياً عرض البوم صور عابرة سبيل



كاتب الموضوع : محمد فرج الأصفر المنتدى : القرأن الكريم وعلومه
افتراضي رد: الْتِّبْيَانُ فِيْ آَدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآَنِ (2)



توقيع عابرة سبيل

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها



إضافة رد


مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آَدَابِ, الْتِّبْيَانُ, الْقُرْآَنِ, حَمَلَةِ, فِيْ

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الساعة الآن 01:44 PM.

Powered by vBulletin® Version v3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef
ما يطرح بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها أو قائلها