السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.. هل أنت مستعد لليلة القدر؟ العفو ... اسم من أسماء الله الحسنى فيه الكثير من الرحمة و القدرة و العظمة
كلنا نذنب و نخطئ فنحن بشر و ما أحوجنا إلى رحمة الله و مغفرته و عفوه و إلا هلكنا و ضعنا
شرع الله تعالى لنا التوبة كي يرحمنا و شملنا بعفوه و منه و كرمه فالعفو من القدير قمة العظمة و القوة و كما يقال في المثل العربي
( العفو عند المقدرة ) فالله تعالى قادر أن يهلكنا بلحظة لكنه يعفو و يسامح لأنه يمتلك كل شيء فالكون كله ملكه و الأمر أمره و هو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير
والفرق بين المغفرة والعفو أن المغفرة تعني أن يستر الله على الذنب أما العفو فهو أن يمسح الله الذنب نهائيا
فكلمة عفا في اللغة العربية تعني أزال و مسح كقولنا عفت الديار من أهلها أي غادرها سكانها
وتأتي كلمة العفو في آية أخرى في سورة الشورى لنفهم معنى العفو بقوله تعالى : ((وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ))
فبالتوبة الصادقة يعفو الله العفو الكريم عن كل ذنب وسيئة ارتكبتها أخي الحبيب فاستبشر بعفو الله وكرمه
وتمر كلمة العفو ثانية وفي نفس السورة بقوله تعالى :
((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعف عن كثير ))
فمعظم ما يصيبنا من مصائب بسبب الذنوب والمعاصي صدقوني ولولا عفو الله ولطفه لأصابتنا المصائب كل لحظة و مع كل هفوة نرتكبها ولغرقنا مع كل رحلة بحرية
((أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير ))
وتلك الآية أيضا في سورة الشورى
ومن معاني العفو أن نعفو عن الناس وخاصة المسلمين والأقارب والجيران فبعفوك عن أخيك يعفو الله عنك ونجد ذلك المعنى في قوله تعالى أيضا في سورة الشورى
: (( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ))
وماذا تريد أفضل من هذا أخي اختي الحبيبة فإن عفوت عن من ظلمك فسيكون أجرك على الله على الكريم العظيم فأي كرامة وأي فضل وأي أجر ستناله إن وكلت أمورك لله و جعلت أجرك عليه
طبعا الأمر ليس سهلا عليك أن تعفو عن من ظلمك بل يحتاج لعزيمة وصبر والدليل قوله تعالى في نفس السورة :
(( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ))
لكن لو فكرت بأن تترك الأمر على الله ليعيد لك حقك وينصرك فستشعر براحة كبيرة جدا وكم أشعر براحة وأمل عندما أسمع وأقرأ قوله تعالى لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :
(( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ))
يا لها من رحمة ما بعدها رحمة فالله الحليم الرؤوف يوحي لحبيبه وخير خلقه أن يسامح قومه ويسلم أمرهم إلى الله فربما يعلمون الحق وربما تكون عقوبتهم عند ربهم إذا أعرضوا فلله الأمر من قبل ومن بعد
إذا فلو عفوت عن من ظلمك و فوضت أمرك فيه فمهما كانت عقوبتك لمن ظلمك كبيرة فاعلم أن عقوبة الله أشد وأبقى وأمر و أدهى ونجد ذلك المعنى واضحا في قوله تعالى في سورة الجاثية
((قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون ))
وتمر معنا سورة الدخان لتذكرنا بليلة القدر ليلة نزول القرآن والتي يعفو الله تعالى فيها عن كل عبد قام ليلة القدر بشرط أن يعفو عن الناس
وكم كان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عفوا و رحيما بقومه عندما قال رغم تعذيبهم وإساءاتهم (( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ))
فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخلها نهارا بعد أن خرج منها ليلا، وحطم الأصنام بيده، ووقف أهل مكة يرقبون أمامه العقاب الذي سينزله بهم رسول الله جزاء ما قدموه له من إيذاء لا يحتمله إلا أهل العزمات القوية، إلا أنه قال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء. فاسترد أهل مكة أنفاسهم وبدأت البيوت تفتح على مصاريعها لتبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه، الله أكبر، ما أجمل العفو عند المقدرة.. لقد برز حلم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف الذي سار عليه الأنبياء من قبله
فإذا تفكرنا في اسم الله العفو سنجد الكثير من المعاني العظيمة و اللطائف الرائعة
و كم نحتاج أن نفهم معاني العفو ونحن على مشارف نهاية وتوديع شعر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار . فالسان يتضرع لخالقه ذكرا ودعاءا واستغفارا والقلب يخفق ذلا وانكسارا والايدي مرفوعة الى خلقها تنتظر الغفو والصفح والنجاة والعتق من النار .