[نعمة حكيم]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الحمد لله الذي جعل لنا رمضان شهر مغفرة وإنابة وتوبة ورجوع إليه سبحانه واصلي واسم على خير من صلى قام وتهجد بالليل والناس نيام , صلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين.
أما بعـــــــد
لم يكن رمضان مجرد اسم زمني لشهر معروف ضمن شهور الله في السنة , وإنما له عند المسلمين إيحاءات تهتز لها قلوبهم , وتنشرح بها صدورهم , وتسمو بها أرواحهم , تنفتح بها عيونهم على كل معاني الخير , فالذين يفهمون رمضان ويعرفون ميزاته وخواصه , يدركون هذه المعاني الجليلة
فالمؤمن في هذا الشهر يخلع نفسه من أكدر الحياة ومشاغلها , وينتقل إلى لذة روحية يسعد بها طول الشهر , فهو يبدأ صيامه بقول باسمك اللهم صمت , فيعيش نهاره لا يقول فيه إلا الخير ولا يعمل فيه إلا ما يرضي الله , فإذا أفطر قال باسمك اللهم أفطرت ومن ثم يقضي ليله راكعا ساجدا مسبحا , دعيا ربه مرتلا قرانه .
وهكذا يفعل طول شهر الصيام , فاذا انتهى الشهر ودار الزمن دورته , وعاد له رمضان بأيامه ولياليه أوحت له هذه الذكريات بمعان روحية تحمل كل جميل وجليل .
وإذا كان لشهر رمضان هذا الإيحاء الروحي عند المسلمين لكونه شهرا فرض الله عليهم صيامه , فان أحداثا عظاما وقعت خلاله .. أحداثا توحي بالنصر والغلبة وتمكن السلطة للمؤمنين بالله , المدافعين عن عقيدته , المقاتلين من اجل رفع كلمته وتحكيم شريعته . توحي لنا إيحاءات رمضان أولا بالنصر على النفس والهوى ففي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم :" إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل , وان جهل عليه احد فليقل إني امرؤ صائم ".
شهر رمضان شهر الانتصار على نزوات النفوس وشهر الانتصار على شهوات الجسد يكبحها يقضي عليها حتى تصبح ذليلة خاضعة لله عز وجل بالتالي إذا خضعت وإذا تذللت لخالقها أصبحت لينة رطبة بذكر الله فيعمل فيها الصيام ما يعمل حتى تصير نقية تقية صافية طاهرة تنال العتق من الرحمان والفوز بالجنان ورضا علي المنان , ان انتصرنا على أنفسنا سهل علينا الانتصار على أعدائنا لان اكبر معركة يخوضها المؤمن معركته مع نفسه الأمارة بالسوء .
ومن إيحاءاته أيضا انه شهر الانتصار على الأعداء ولنتذكر الحدثين العظيمين اللذان وقعا في شهر رمضان غزوة بدر وفتح مكة .
غزوة بدر التي كانت أول مواجهة للمسلمين مع الكفار فكان النصر, نصرا ساحقا وعظيما على المشركين من أهل قريش بل كانت هذه الغزوة بداية الانتصارات وتثبيت أركان دولة الإسلام .
أما فتح مكة فقد طهر الله فيه بيته من الأصنام والأوثان وجعله خالصا له سبحانه يعبد فيه وحده وكان بداية الامتداد لهذا الدين في الأرض بأجمعها فأصبحت كلمة الله هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى قال تعالى:" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا ." الفتح 1-3

هذا هو رمضان وهذه هي إيحاءاته كم من رمضان أتى علينا فهل انتفعنا به وهل له آثار في واقعنا وهل يترك بصماته الطيبة في حياتنا الفكرية والعقدية والاجتماعية ؟؟
الحق إن واقعنا يكاد يخلو من ذلك كله ذلك لان المسلمين اعتاد وان يصوموا رمضان عادة وليس عبادة
عادة في الجوع والعطش نهرا, وغش وفسوق كلام وسباب وكذب تعاملا , واكل وإسراف في الشهوات ليلا .
سؤال اطرحه على نفسي قبل أن اطرحه عليكم أحبتي أين نحن من رمضان ومن إيحاءاته ومن انتصاراته ؟؟
لم نستطع النصر حتى على أنفسنا فسلط الله علينا بذنوبنا من لا يخافه فينا ولا يرحمنا .
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا والله اجعلنا ننتصر على أنفسنا حتى تصير نفوسا مطمئنة راضية مرضية يا لله
اللهم اجعل رمضان يحل علينا وقد غفرت لنا وأعتقت رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا, ووحدت وجمعت شمل الأمة على كلمة الحق ونصرتها على كل أعدائها يا الله
اللهم تقبل صلاة الجميع وصيام الجميع وقيام الجميع اللهم قوي صلتنا بك ولا تقطعها يا الله وتب علينا و تجاوز واعف عن كل ذنوبنا يا غافر الذنب ويا ستار العيوب يا لله .

[عابرة سبيل]