مرحباً بك يا رمضان مرحباً يا شهر الصيام مرحباً بحبيب طال انتظاره مرحباً بشهر الخير والحسنات مرحباً بشهر الجود والهبات مرحبا بشهر الأعمال الصالحات .
مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام ..................ياحبيباً زارنا في كل عام
قد ألفناك بحب مفعم ...................كل حب في سوى المولى حرام
فاقبل اللهم منا صومنا ......................ثم زدنا من عطاياك الجسام
حييت يا شهر الغفران حييت يا شهر القرآن يا شهر تزيين الجنان وشهر العتق من النيران .مرحبا بك ففيك تفتـح أبواب فلقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : { إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين } متفق عليه .وفي رواية لمسلم :{ وصفدت الشياطين } .وفي رواية لترمذي وابن ماجة : { إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفدت الشياطين ومردة الجن وغٌلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة}.
حق علينا لك يا رمضان، أن نرحب بك ضيفاً كريماً، وموسماً عظيماً، وخيرات تتوالى، وبركات تتعاظم، وحسنات تتضاعف، وسيئات تتناثر وتنمحي بفضل الله تبارك وتعالى ..
وحري بنا أن نفرح بحلولك والقلوب فيك - بذكر الله - تطمئن، والنفوس تسعد وتأنس، والأرواح ترق وتسمو، والعزائم تقوى وتعلو، والأرحام تُوصل، والزكوات تُخرج، والآيات تُتلى، والعبرات تُسكب ..
نهارك - بالصوم والعبادة - سكينة وطمأنينة، وليلك - بالدعاء والقيام - ضياء وأنوار، من كل وجه وفي كل ناحية خير وعطايا تستحق الشكر والتعظيم، وتستوجب الترحيب والتكريم ..
مرحباً بك يا رمضان مقرباً للجنان، ومباعداً عن النيران برحمة الله تبارك وتعالى
مرحباً بك يا رمضان موقظا من الغفلة والنسيان، وموجهاً للذكر والقرآن ..
مرحباً بك رمضان صارفاً عن الشهوات، وسائقاً إلى الطاعات ..
مرحباً بك رمضان معالجاً للشح والبخل، ومحفزاً للجود والكرم ..
بإتلاف المال بالإنفاق في سبيل الله، مرحباً بك يا رمضان بكل ما فيك من مشقة مرغوبة، وتعب لذيذ، وجهد مريح ..
نعم فنحن المؤمنون الصائمون لا نرى فيك ثقلاً ولا في صومك عبئاً، بل العكس هو الصحيح ..
يا أيها الشهر الذي يُلقى به ***عن كاهل الأرواح نيرٌ مرهقُ
لمرارة الحرمان فيك حلاوة *** ولزهوة الأفواه عطرٌ يـعبقُ
قد ذاقها مستروحاً نفحاتها *** من أدركوا حكم الشريعة واتقوا
ليت الذين استثقلوك فأعرضوا *** وَرَدوا ينابـيع الـتقى وتذوقوا
ما سَرَّهم إذ ذاك أن ممالك الدنـ *** يا لـهم من دون ذلك مِرْفقُ
والسؤال الوارد هو: كيف نبدأ ؟
1- البدء بقوة:
إن طبيعة البدايات القوة والعزيمة، والتهيؤ والاستعداد، فكل أمر في أوله وبدايته يكون أكثر قوة، وأحسن انتظاماً، فبدء العام الدراسي ينتظم الطلاب ولا يغيبون، وكل منهم يعزم على الجد ويبدأ به، والموظف الجديد عندما يبدأ يباشر عمله يكون منضبطاً نشطاً ومؤدياً للواجب وحريصاً على عدم التفريط، وفي البداية تكون الهمة عظيمة، والعزيمة كبيرة، ثم مع مرور الأيام وتتابع الأعمال يتسلل الضعف ويحصل النقص، ولذا فلابد من الحرص على قوة البداية إلى منتهى الغاية، لتكون الانطلاقة القوية موصلة إلى أبعد مدى، حتى إذا عرض بعض الفتور أو التقصير فإن تأثيره يكون قليلاً، وأما إن كانت البداية ضعيفة؛فإن أي نقص يطرأ عليها يعيدها إلى نقطة الصفر أو قريباً منها ..
2- الاستعداد للعوارض:
إن كل بداية لابد أن تكون مصحوبة بتوقع العقبات ومعرفة الصعوبات حتى تكون بداية صحيحة لا تفاجئها ظروف غير متوقعة تحول دون استمرارها، ونحن في رمضان نعرف مسبقاً كثيراً من العوارض التي تنقض البدايات أو تضعفها، فهناك في المجتمع السهر العابث، والنوم المفرط، والطعام الكثير، والإعلام الهابط، والتسوق الشره وغير ذلك مما لا تبقى معه قوة الهمة في الطاعات، فيقل ورد التلاوة، ويضعف الحرص على إتمام التراويح، ويغيب الجد في الاستثمار الوقت، ولذا نرى الناس يعزمون على أمور من أول الشهر ثم لا يلبثون أن يخفقوا في تحقيقها ويلتمسون لأنفسهم أعذاراً واهية من تلك العوارض ..
3- معركة العادات:
كثير من الناس أسرى عاداتهم ومألوفاتهم، وغالباً ما يضعفون عن تغيير القبيح منها تحت الاستسلام لسلطان العادة، ومع بداية كل رمضان يعقد كثيرون العزم على التغيير لكن كثيراً منهم يخفقون في النجاح ويهزمون في معركة العادات، ولعل من أبرز الأمثلة في ذلك حال المدخنين، كما أن هناك من يحتاج ويتمنى أن يكتسب عادات حميدة في الطاعات والعبادات ويبدأ ثم يضعف، ومن الأمثلة الجلية في ذلك الرغبة في الانشغال بالذكر والتلاوة إلى الإشراق وترك النوم في هذا الوقت الثمين، ومن هنا يحسن أن تكون البداية مشتملة على عزم أكيد وحزم فريد يوفر أعظم الأسباب للانتصار بدلاً من الهزائم المتتابعة في كل رمضان ..
وخلاصة ذلك يتركز من تلك الجوانب السالفة الذكر، ونخرج منها بالتوجيهات العملية التالية:
1- ضع الأعلى من البرامج واجعله البداية حتى إذا وقع النقص كان محدود التأثير، فإن أردت ختم القرآن فلا تقرر جزءاً لكل يوم، لأنك إن قصرت - والتقصير حاصل ولابد - فستنخرم الختمة، ولكن قرر جزأين في كل يوم، وحينئذ ستختم مرتين، ولو قصرت وضعفت فإنك ستضمن الختمة بإذن الله ..
2- قاطع بحزم عوارض الطاعات، فلا مشاهدة للقنوات، ولا قبول لكثرة الطعام والوجبات، ولا تساهل مطلقاً لكثرة النوم، ولا استسلام لطبيعة العادات، وليكن ذلك بلا هوادة ولا تنازل ..
3- استعن بالله وأكثر من الدعاء، وتعاون مع إخوانك في التزام بعض البرامج والتعاهد عليها والتذكير بها والمراجعة لها، ليكون ذلك جبراً لأي نقص وتداركاً لأي ضعف، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه ..
فمرحباً بشهر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر به أصحابه فيقول : { أتاكم شهر رمضان شهر كتب الله عليكم صيامه فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم }. مرحباً بشهر قد اختص الله تعالى فيه جزاء الصائمين وجعله له وهو يجزي به جزاء الكريم فقال : { كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث – أي :يقول كلاماً فاحشاً- ولايصخب – أي :يتكلم بكلام فيه لغط – فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم – أي تغير رائحته – عند الله أطيب من ريح المسك . للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه } متفق عليه وفي رواية البخاري : { يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها }.
فمرحباً بك يارمضان مرحباً بك يا من اختص الخالق سبحانه الصائمين نهارك بباب الريان فقد روى لنا سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن في الجنة باباً يقال له : الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال : أين الصائمون ؟فيقومون لايدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد }.
وأخيراُ نسأل الله عز وجل أن يكون نصيبنا من هذا الشهر الكريم نصيباً وافراً مباركاً وأن يرزقنا الباري عز وجل المغفرة والرحمة وجنة عرضها السموات والأرض , وأن لا يكون نصيبنا منه الجوع والعطش , وأن لا نكون ممن قال عنهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم : فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم .
يقول وليد الأعظمي :
إن الصيام عبادة ســــــــــــــــرية ٌ والسرُّ أوسعُ ما يكون مـجالا
(الصــــــــــوم لي وأنا أجزي به) صدق الحديث وصحَّ عنه تعالى
اللهم وفقنا للصيام والقيام وطاعة الرحمن وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .