أشراط الساعة الصغرى
أشراط الساعة الصغرى التي ذكرها العلماء كثيرة جداً ، وسوف أذكر هنا منها ما ثبت بالسنة أنه من أشراط الساعة الصغرى ، وتركتُ ما لم يثبت .
الأشراط التي ظهرت وانقضت:
1ـ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم :
قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) الأحزاب: 40
لقد أخبر النبي أن بعثته شرط من أشراط الساعة ودليل على قرب قيامها ، وأننه نبي الساعة. عن أنس قال: قال رسول الله : (بعثت أنا والساعة كهاتين قال وضم السبابة والوسطى) رواه البخاري ومسلم واللفظ له. فأول أشراط الساعة بعثة النبي فهو النبي الأخير ، فلا يليه نبي آخر ، وإنما تليه القيامة كما يلي السبابة والوسطى ، وليس بينهما إصبع أخرى ، أوكما يفضل إحداهما الأخرى. وهذا لا يوجب أن يكون له علم بالساعة نفسها ، وهي مع ذلك كائنة لأن أشراطها متتابعة ، وقد ذكر الله الأشراط في القرآن فقال : (فقد جاء أشراطها) محمد: 18 . أي دنت وأولها النبي لأنه نبي آخر الزمان وقد بعث وليس بينه وبين القيامة نبي. قال ابن حجر: " قال ابن التين: اختلف في معنى قوله : " كهاتين " فقيل: كما بين السبابة والوسطى في الطول ، وقيل المعنى ليس بينه وبينها بينه . وقال القرطبي في (المفهم): حاصل الحديث تقريب أمر الساعة وسرعة مجيئها.
وقال ابن رجب: " وكل هذه النصوص تدل على على شدة اقتراب الساعة .. وقدر ولذلك قرن بين السبابة والوسطى ، بقرب زمانه من الساعة ، كما قال في الحديث الصحيح : (أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب). فالحاشر: الذي يحشر الناس لبعثهم يوم القيامة على قدمه ، يعنى : أن بعثهم وحشرهم يكون عقيب رسالته ، فهو مبعوث بالرسالة وعقيبه يجمع الناس لحشرهم.
والعاقب: الذي جاء عقيب الأنبياء كلهم ، وليس بعده نبي ، فكان إرساله من علامات الساعة " فتح الباري لابن رجب
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله : (بعثت بين يدي الساعة) رواه أحمد والطبراني وابن أبي شيبة. وعن أبي جبيرة بن الضحاك قال : قال رسول الله :(بعثت في نسم الساعة) رواه أبو أحمد الحاكم وأبو نعيم والبزار. قال ابن الجوزي: " في نسم الساعة" أي حين ابتدأت وأقبلت أوائلها وأصله نسيم الريح وهو أول هبوبها.
وقال ابن الأثير : هو من النسيم أول هبوب الريح الضعيفة، أي بعثت في أول أشراط الساعة وضعف مجيئها.
وفي رواية عن المستورد بن شداد : ( بعثت في نفس الساعة فسبقتها كما سبقت هذه هذه ـ لأصبعيه السبابة والوسطى) رواه الترمذي وهذا حديث غريب
وعن سهل بن سعد أن رسول الله قال:( مثلي ومثل الساعة كهاتين وفرق بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان ثم قال مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم ثم يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا ذاك أنا ذاك) رواه البيهقي قال شعيب الأرنؤوط: الحديث إلى قوله عليه الصلاة و السلام : " تهكله " إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين . وإلى نهاية الحديث: " أنا ذلك " إسناده صحيح
2ـ انشقاق القمر:
قال تعالى:﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ القمر:1
قال ابن كثير: " قد كان هذا في زمان رسول الله كما ثبت ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة ، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء . وعن ابن عباس : (اجتمع المشركون إلى رسول الله منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاص بن وائل والعاص بن هشام والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والنضر بن الحارث ونظراؤهم فقالوا للنبي إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين نصفا على أبي قبيسونصفا على قعيقعانفقال لهم النبي إن فعلت تؤمنوا قالوا نعم وكانت ليلة بدر فسأل الله عز وجل أن يعطيه ما سألوا فأمسى القمر وقد سلب نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان ورسول الله ينادي يا أبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن الأرقم اشهدوا) البداية والنهاية صحيح الأسناد
وعن عبد الله بن مسعود:(انشق القمرونحن مع النبي، فصار فرقتين، فقال لنا: (اشهدوا اشهدوا) رواه البخاري
وعن أنس بن مالك : قال : ( أن أهل مكة سألوا رسول الله أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر) رواه البخاري. وفي رواية أخرى له: (انشق القمر فرقتين)رواه البخاري وعن جبير بن مطعم : قال : «انشق القمر على عهد رسول الله فصار فرقتين : فرقة على هذا الجبل ، وفرقة على هذا الجبل ، فقالوا : سحرنا محمد ، فقالوا: إن كان سحرنا ؛ فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم»أخراجه الترمذي كما أجمع جمهور العلماء سلفا وخلفا على تواتر هذه الأحاديث، ونقل هذا الإجماع الإمام الكتاني في كتابه "نظم المتناثر"، فقال: قال التاج ابن السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن، مروي في الصحيحين وغيرهما، من طرق من حديث شعبة عن سليمان بن مهران عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود، ثم قال: وله طرق أخرى شتى، بحيث لا يمترى في تواتره.
وقال القاضي عياض في "الشفا" بعد ما ذكر أن كثيرا من الآيات المأثورة عنه - صلى الله عليه وسلم - معلومة بالقطع ما نصه: أما انشقاق القمر فالقرآن نص بوقوعه، وأخبر بوجوده، ولا يعدل عن ظاهره إلا بدليل، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة، فلا يوهن عزمنا خلاف أخرق منحل عري الدين، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك في قلوب الضعفاء المؤمنين، بل نرغم بهذا أنفه، وننبذ بالعراء سخفه.
وفي أمالي الحافظ ابن حجر: أجمع المفسرون وأهل السير على وقوعه. قال: ورواه من الصحابة علي وابن مسعود وحذيفة وجبير بن مطعم وابن عمر وابن عباس وأنس، وقال القرطبي في "المفهم": رواه العدد الكثير من الصحابة، ونقله عنهم الجم الغفير من التابعين فمن بعدهم.
وفي "المواهب اللدنية": جاءت أحاديث الانشقاق في روايات صحيحة عن جماعة من الصحابة، منهم أنس وابن مسعود وابن عباس وعلي وحذيفة وجبير بن مطعم وغيرهم.
وقال تلميذه ابن حجر في "فتح الباري" ما ملخصه : وأظن قوله: "بالإجماع" يتعلق بـ (انشق) لا بـ "مرتين"، فإني لا أعلم من جزم من علماء الحديث بتعدد الانشقاق في زمنه . وفي المواهب: لعل القائل: "مرتين" أراد به: فرقتين، وهذا الذي لا يتجه إلى غيره؛ جمعا بين الروايات" نظم المتناثر من الحديث المتواتر،
وبهذا يتبين أن أحاديث انشقاق القمر لا خلاف في أنها صحيحة متواترة معضدة بعضها بعضا، ناقلة لمعجزة قرآنية صريحة البيانفيه.
قال شيخ الإسلام : " وانشقاق القمر قد عاينوه وشاهدوه وتواترت به الأخبار ، وكان
النبي يقرأ هذه السورة في المجمع الكبار مثل الجمع والأعياد ، ليسمع الناس ما فيها من آيات النبوة ودلائلها والاعتبار وكل الناس يقر ذلك ولا ينكره ، فعلم أن
انشقاق القمر كان معلوماً عند الناس عامة" الجواب الصحيح
من العلم الحديث
اكتشف قبل 200 سنة ثلاثة أنواع من الشقوق على سطح القمر تختلف حسب شكلها النوع الأول من شكله عرف بأنه نتج عن تدفق الحمم على سطح القمر أما النوعين الآخرين فلم يحسم الباحثون الأسباب وراء حدوثهما. وبعض الباحثين المسلمين في الإعجاز العلمي صرح أن هذه الشقوق بقيت بعد المعجزة لتؤكد صدق النبي وأنها دليل واضح على أن القرآن نزل من عند الله لأنه يشير إلى شقوق في القمر قبل اختراع التلسكوب بمئات السنين كما أنهم لجأوا للاستشهاد بالصور التي أطلقتها ناسا عن الأخاديد القمرية.
وللحديث بقية