أنت غير مسجل في مسلم أون لاين . للتسجيل الرجاء أضغط هنـا
 

الإعلانات النصية


الإهداءات

العودة   منتديات مسلم أون لاين العودة مسلم أون لاين الإســلامي العودة قسم الإســلامي العام

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  مشاركة رقم : 11  
قديم 05-20-2015
نعمة حكيم
قسم الاسرة والحياة الزوجية

رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 1,113
بمعدل : 0.30 يوميا
معدل تقييم المستوى : 12
المستوى : نعمة حكيم نشيط

نعمة حكيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور نعمة حكيم



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
Importance رد: صفات عباد الله الرحمن

ما زلنا مع صفات عباد الرحمن واليوم نتناول صفة جديدة وهي الواردة في قوله تعالى : (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ) الفرقان72

وقد فسر العلماء قوله تعالى : (والذين لا يشهدون الزور ) بتفسيرين :
التفسير الأول : لا يشهدون من الشهادة أي لا يشهدون شهادة الزور فلا يورطون أنفسهم في هذه الكبيرة ، التي هي من أكبر الكبائر كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله قال: " الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئا فجلس ثم قال : " ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت )أي إشفاقا عليه من تكراراها كثيرا.

وقد كررها النبي صلى الله عليه وسلم ليستشعر المسلمون خطورة شهادة الزور وما يترتب عليها من نصرة للظالم وهضما وضياعا للحقوق

ولخطورة شهادة الزور غير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هيئته مستشعرًا خطرا على كيانِ الأمة من دخول الزور عليها فيُفسدُ واقعها ويوقعها في الضررِ والحرجِ والفسادِ .

حقيقة الشهادة :

الشهادة هي نقل الأمر على حقيقتِهِ والإدلاء به على الحالةِ التي وقع بها دون تبديل أو تغيير أو تحريفٍ .

وشهادة الزور هي الكذب المتعمد في الشهادة لإبطال الحق وكذلك كتمان الشهادة لإبطال الحق .

والله سبحانه يقول في كتمان شهادة الحق ( وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) البقرة/283

كم من حقوق ضيعت ؟ وكم من حرمات انتهكت ؟ وكم من أعراض أهينت ؟ وكم من دماء أريقت ؟ وكم من أرواح أزهقت ؟ وكم من شعوب اضطهدت ؟....وكم وكم بسبب كتمان الناس شهادة كان ينبغى أن تقال .

ولهذا قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )135 النساء.
وقوَّامين صيغة مبالغة، أي كثيري القيام ، ثم لعلمه سبحانه وتعالى أنَّ هذه الأمور تقع في النفوسِ لضعفها حذَّر منها ونص عليها ﴿وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾!
يصل الأمر بالإنصافِ والتجرد ومراقبة الله في الأمر، ومغالبة الهوى والانتصار للحق أن يشهد الإنسان على نفسه؟!
﴿أَوِ الوَالِدَيْنِ﴾ والترتيب مقصود، فأولى الناس بالإنسان وأقربهم إليه هما الوالدان، وصلة الأبوة وعلاقة الأمومة لها سلطان على النفس، إن وجد أنَّ الأمرَ يورد أباه مهلكًا أو يورد أمه أذى وضررًا غلبته عاطفة البنوة فتمنى لو دفع هذا الضرر عن أبيه وهذا الأذى عن أمه، برًّا بهِ أو بها فيما يظن، لكنَّ الله سبحانه وتعالى يُحذِّره أنَّ عدل الله فوق البر، وفوق الأمومة والأبوة، وأنه ينبغي أن يكون الحق مجردًا لله تبارك وتعالى ﴿إِن يَكُنْ غَنِيًا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا﴾.
وشهادة الحق هي التي تعلى كلمة الله في الأرض والشاهدون بالحق هم الذين يقومون بالشهادة ، لا يبالون بما يصيبهم في سبيل الله ( والذين هم بشهاداتهم قائمون ) المعارج 33
فهم لا يخافون لومة لائم يؤدون الشهادة على وجهها بلا تغيير ولا تحريف ولا كتمان ولا زيادة ولا نقصان .

وما وقعنا في هذا الواقع المر الأليم إلا بسبب كتمان شهادة الحق فلو أن كل مسلم من المسلمين الآن شهد شهادة حق لبدل الله وغير الله هذا الواقع ، لكن هذا يجامل ، وهذا يداهن ، وذاك ينافق ، فيضيع الحق بين هذه المجاملات الكاذبة على حساب الحق أو على حساب دين الله جل وعلا .

اتساع معنى الزور :

الزور: هو الميل عن الحق الثابت إلى الباطل الذي لا حقيقة له.. قولا وفعلا، مثال ذلك قوله تعالى : (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) المجادلة 1

فالمسلم لا يقول زورا ، ولا يشهد زورا، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورا ،أو أغشى فجورا ، أو أكون بك مغرورا )

وعلى هذا المعنى يدخل في شهادة الزور علماء السلطان الذين يكتمون الحق وما أنزل الله من البينات مع علمهم به.. ويبررون للحكام ظلمهم .
بل يظهرون ما هو باطل ويدعون الناس إليه ويزينونه لهم بزخرف القول كذبا على الله ورسوله.


ويدخل في ذلك من يبرر مواقف وأعمال حزبه أو جماعته مهما كانت خطئا.. فيقبلها ويستميت بالدفاع عنها لمجرد أنها صدرت عن جماعته.
ويدخل في هذا الشهادة على أحد بدون علم أو بالباطل بدافع حسد أو عداوة ويشمل كذلك نقل كلام أحد الناس على آخرين دون التحقق منه قال تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الحجرات 6


ومنها تزكية الإنسان بما ليس أهله، فإن التزكية شهادة فإن كانت بخلاف الواقع فإن المُزكي شاهد زور حيث شهد بخلاف الواقع.
والكثير يتهاونون في هذه القضية .. فيذكي شخصا لوظيفة لا يكون أهلا لها أو يبالغ في الثناء على عمل لم يتقنه، أو إعطاء نفسه لقبا أو شهادة لم يحصل عليها .
وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)
فالتضخيم شهادة كاذبة لما فيه إسناد الأمر لغير أهله وتضييع للأمانة.


التفسير الثاني : لا يشهدون من الشهود أي لا يحضرون مجالس الزور

فشهادة الزور تعني (رؤية الزور) وهو الحضور والمشاركة في مجالس الباطل بأنواعها،وحضور مجالس الباطل ومشاهدته ومخالطة أهله دون النكير عليهم أمر عظيم الحرمة، شديد الخطر حيث يدل على ضعف الإيمان إذ لا يُقر المنكر إلا عاجز أو فاسد .. وهذا أقل أحواله أن يترك المكان وأن ينكر في قلبه وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

عن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل ـ يعني على المعصية ـ فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض )رواه الإمام أحمد وأبو داوود

ونهى الله تعالى حضور مجالس المعاصي ومخالطة العصاة ، وكذلك نهى عن حضور المجالس التي تشتمل على الخوض في آيات الله والاستهزاء بها أو الكفر فيها (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره، إنكم إذا مثلهم )النساء140
فجعل الجالسين معهم دون إنكار والخائضين في آيات الله الكافرين المستهزئين بها سواء.


معنى : (وإذا مروا باللغو مروا كراما )

قال ابن كثير رحمه الله : أي لا يحضرون الزور وإذا اتفق مرورهم به مروا ولم يتدنسوا منه بشئ ، ثم ذكر ما رواه ابن أبي حاتم بسنده عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه مرّ بلهو فلم يقف، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
( لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريما ) متأولا الآية : (وإذا مروا باللغو مروا كراما )


ومما يدخل في ذلك حضور المجالس التي يُجهر فيها بالمعاصي وكبائر الذنوب
كترك الصلاة وعقود الربا والرشوة ، وإقرارها ولو بالسكوت .
فقد لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من شهد الباطل مقرا له سواء كان منتفعا أو غير منتفع ونفى عنه الإيمان لاشتراكه في التواطؤ والرضا بالباطل
فقد روي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يُدار عليها خمر) رواه النسائي بسند جيد
فعباد الرحمن مشغولون بآخرتهم عن دنياهم ، بإصلاح النفس عن مجاراة غيرهم في الباطل ، مشغولون بالجد عن الهزل بالبناء عن الهدم
نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأن يحفظ ألسنتنا ، وأن يطهر قلوبنا ، وأن يرحم ضعفنا ، وأن يجبر كسرنا ، وأن يستر عيوبنا ، إنه جواد كريم اللهم آمين

  مشاركة رقم : 12  
قديم 05-20-2015
نعمة حكيم
قسم الاسرة والحياة الزوجية

رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 1,113
بمعدل : 0.30 يوميا
معدل تقييم المستوى : 12
المستوى : نعمة حكيم نشيط

نعمة حكيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور نعمة حكيم



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
Importance رد: صفات عباد الله الرحمن

التجاوب مع كتاب الله ما زلنا نعيش في رحاب القرآن في صحبة عباد الرحمن واليوم نتناول صفة جديدة من صفاتهم وهي الواردة في قوله تعالى : (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) الفرقان73
إذن فعباد الرحمن متجاوبون مع آيات الله ، فهم مع آيات الله لا يقعون عليها وقوع الصم ولا العميان ، بل قلوبهم مفتوحة واعية ،وآذانهم صاغية .
والمسلم يتجاوب بمشاعره مع القرآن الكريم، عند الوعد يستبشر، وعند الوعيد يوجل قلبه ويخاف، كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً)الأنفال 2
إن القرآن كلام الله الذي أنزله ليعمل به ويكون منهاج حياة للناس، ولا شك أن قراءة القرآن قربة وطاعة من أحب الطاعات إلى الله، لكن مما لا شك فيه أيضا أن القراءة بغير فهم ولا تدبر ليست هي المقصودة، بل المقصود الأكبر أن يقوم القارئ بالنظر إلى معاني القرآن وجمع الفكر على تدبره وتعقله، والبحث في أسراره وحِكَمه.
ما مفهوم التدبر؟
- التدبر يعني التأمل في معاني القرآن، أي أن لا يكون فقط همه أنه يقرأ الحروف، دون أن يفهم للقرآن معنى، فالقرآن يقول: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)محمد 24
و (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)النساء 82
الرسول صلى الله عليه وسلم يتدبر القرآن:
عن حذيفة رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة. ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة؛ فمضى. ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها. يقرأ مترسلاً، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ". رواه مسلم.
وبكى صلى الله عليه وسلم حين قرأ عليه ابن مسعود من سورة النساء قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) النساء:41
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو الأمة إلى التدبر وفهم معاني القرآن، فحين نزل قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) آل عمران:190، 191. قال صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها".
السلف الصالح يتدبرون القرآن:
كان كثير من الصحابة يهمه التدبر، ولا يهمه أنه ينتهي إلى آخر السورة، كان بعضهم يقف عند عشر آيات يقرؤها ويحفظها، ويفهمها، ويحاول أن يطبقها، ثم إذا انتهى منها انتقل إلى العشر الأخرى بعدها.
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم"
وكان ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: "ركعتان في تفكرٍ خيرٌ من قيام ليلة بلا قلب".
وكان الفضيل – رحمه الله – يقول: "إنما نزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملاً.
قيل: كيف العمل به؟ قال: ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه".
عن محمد بن كعب القُرَظِي قال: "لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ(إذا زلزلت) و(القارعة) لا أزيد عليهما، وأتردد فيهما، وأتفكر أحبُّ إليَّ من أن أَهُذَّ القرآن (أي أقرأه بسرعة)".
وعمليًا كان منهم من يقوم بآية واحدة يرددها طيلة الليل يتفكر في معانيها ويتدبرها.
ولم يكن همهم مجرد ختم القرآن؛ بل القراءة بتدبر وتفهم.

مفهوم خاطئ لمعنى التدبر:
إن مما يصرف كثيرا من المسلمين عن تدبر القرآن ،اعتقادهم صعوبة فهم القرآن ، وهذا خطأ في مفهوم تدبر القرآن ، وانصراف عن الغاية التي من أجلها أنزل ، فالقرآن كتاب هداية لكل الناس ، وهو كتاب هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين ، كتابٌ قد يسَّر الله تعالى فهمه وتدبره ،كما قال تعالى : ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾القمر17.

إن فهم الوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، والعلم بالله واليوم الآخر ؛ لا يشترط له فهم المصطلحات العلمية الدقيقة ، من نحوية وبلاغية وأصولية وفقهية .
فمعظم القرآن بيِّنٌ واضح ظاهر ، يدركه أي مسلم يفهم اللغة العربية ، فحينما سمع الأعرابي قول الله تعالى : ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ 23 الذاريات قال : من ذا الذي أغضب الجبار حتى يقسم .
ففهم القرآن وتدبره ليس صعبا بحيث نغلق عقولنا ، ونعلق فهمه كله بالرجوع إلى كتب التفسير .

إن إغلاق عقولنا عن تدبر القرآن بحجة عدم معرفة تفسيره ، والاكتفاء بقراءة ألفاظه مدخل من مداخل الشيطان على العبد ليصرفه عن الاهتداء به .
وإذا سلمنا بهذه الحجة فما المانع إذا أشكل عليك معنى آية أن تبادر وتسارع للبحث عن معناها والمراد بها لا أن تغلق عقلك فتقرأ دون تدبر أو تترك القراءة .
إذن فالمسلم غير المتخصص في العلوم الشرعية لا يحتاج إلى التوسع في التفسير ومعرفة أوجه القراءات والأحكام الفقهية ، إنما يكفيه إن يعرف المعنى ثم يتدبر الآية .

المعينات على تدبر القرآن :
أولا : حب القرآن :
من المعلوم أن القلب إذا أحب شيئا تعلق به ، واشتاق إليه، والقلب إذا أحب القرآن تلذذ بقراءته ، وانشرح لفهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر والفهم ، وبالعكس إذا لم يوجد الحب فإن إقبال القلب على القرآن يكون صعبا ، وانقياده إليه يكون شاقا لا يحصل إلا بمجاهدة ومغالبة.
والواقع يشهد لصحة ما ذكرت ، فإننا مثلا نجد أن الطالب الذي لديه حماس ورغبة وحب لدراسته يستوعب ما يقال له بسرعة فائقة وبقوة ، وينهي متطلباته وواجباته في وقت وجيز ، بينما الآخر لا يكاد يعي ما يقال له إلا بتكرار وإعادة ، وتجده يذهب معظم وقته ولم ينجز شيئا من واجباته .
يقول عثمان بن عفان (والله لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله )

وعن عبد الله بن المبارك قال : سألت سفيان الثوري قلت : الرجل إذا قام إلى الصلاة أي شيء ينوي بقراءته وصلاته ؟ قال : ينوي أنه يناجي ربه "
يقول الشاعر محمد إقبال:(يا بني اقرأ القرآن وكأنه عليك أنزل )
قال ابن القيم: " إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعـــــه ، وألق سمعك ، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه ، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم "
دعاء لحب القرآن :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حزن : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" رواه أحمد ، وصححه الألباني

وقفة مع قوله (ربيع قلبي ونور صدري)
الربيع: هو المطر المنبت للربيع(النبات والزهور ...)، فسأل الله أن يجعل القرآن ربيع قلبه؛ أي الماء الذي يسقي قلبه فيحييه ويقويه بعد أن كان قاسيا مريضا .
وقوله: (ربيع قلبي ونور صدري) لأنه إذا نزل الربيع بأرض أحياها، أما النور، فإنه ينتشر ضوؤه عن محله.
فلما كان الصدر حاويًا للقلب جعل الربيع في القلب والنور في الصدر لانتشاره .
وما ظننا بصدر دخله نور القرآن هل يبقى فيه شيء من القلق أو الهم أو المرض؟ وما ظنكم بقلب دخله روح القرآن كيف تكون قوته وثباته .
فهذا الدعاء حاجتنا إليه كبيرة ،ومن علامات استجابة هذا الدعاء أن يشرح الله صدرك لكثرة قراءة القرآن ، والقيام به، وتدبره.

ثانيا / الترتيل :
الترتيل: يعني الترسل والتمهل،
والتأني حين القراءة ،مع مراعاة أحكام التجويد .
قال تعالى : ﴿ ورتل القرآن ترتيلا ﴾ 4 المزمل
قال ابن كثير : أي اقرأه على تمهل فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره.
وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه ، قالت عائشة رضي الله عنها : " كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها "رواه مسلم
وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : كان يقطع قراءته آية آية ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين﴾رواه أحمد

ثالثا / الجهروالتغني بالقراءة
الجهر : هو رفع الصوت بالقراءة.
والتغني: هو التطريب والتلحين وتزيين الصوت بالقراءة وفق ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به "رواه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يجهر بالقرآن "رواه البخاري ومسلم
، ومعنى أذن : أي استمع
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لله أشد أُذُناً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته" سنن ابن ماجة
إن الجهر بما يدور في القلب أعون على التركيز والانتباه ولذلك تجد الإنسان يلجأ إليه قسرا عندما تتعقد الأمور ويصعب التفكير.
إن البعض عند قراءته للقرآن يسر بقراءته طلبا للسرعة وقراءة أكبر قدر ممكن وهذا خطأ ومن الواضح غياب قصد التدبر في مثل هذه الحالة.
والجهر درجات أدناها أن يسمع المرء نفسه وتحريك أدوات النطق من لسان وشفتين ، وأعلاها أن يسمع من قرب منه ، فما دونه ليس بجهر وما فوقه يعيق التدبر ويرهق القارئ.
ومما يضبط لك مقدار الجهر أن يكون كقراءة الإمام بالصلاة.
وكلما كان الصوت مشدودا حيا كان أعون على التدبر وطرد الوساوس والأفكار المتطفلة على القلب أثناء القراءة .
فوائد الجهر بقراءة القرآن :
من فوائد الجهر بقراءة القرآن ما يلي:
- استماع الملائكة الموكلة بسماع الذكر لقراءة القارئ
- هرب وفرار الشياطين عن القارئ والمكان الذي يقرأ فيه
يقول أبو هريرة رضي الله عنه - كثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين والبيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وحضرته الشياطين وخرجت منه الملائكة"

كيفية التغني :
التغني يحصل بالتلحين وشد الصوت ،ألا نلاحظ المطربين كيف يتلاعبون بالعواطف ويسيلون الدموع بكلام غير مفهوم أو بكلام فاسد ، فكيف إذا كان مثل هذا التغني بكلام الله تعالى؟
إن حسن الصوت له ارتباط قوي بخشوع القلب ، وبينهما تلازم كبير فكل واحد منهما يؤثر في الآخر فخشوع القلب يؤدي إلى قوة التغني ، وقوة التغني تؤدي إلى خشوع القلب وهكذا.
والمتأمل لأحكام التجويد يجد أن معظم التغني يدور على أمرين هما:
المد ، والغنة ، ولكل منهما مواضع وأحكام من ركز عليهما تحسنت قراءته كثيرا ، وأمكنه التغني بالقرآن ، وزيادة مستوى تدبره للقرآن .

رابعا / العمل به:
أن يقرأ القرآن بنية العمل ، فيقف عند آياته ينظر ماذا تطلب منه ، هل أمر يؤمر به ، أو شيء ينهى عنه ، أو فضيلة يدعى للتحلي بها ، أو خطر يحيق به يحذر منه ، وهكذا فإن القرآن هو الدليل العملي لتشغيل النفس وصيانتها ، ينبغي أن يكون قريبا من كل مسلم يربي به نفسه ويهذبها
سئلت عائشة رضي الله عنها عن قول الله تعالى:﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ما كان خلق رســــول الله ؟ فقالت: " كان خلقه القرآن يغضب لغضبه ويرضى لرضاه"رواه مسلم
وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤهم العشر ، فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل ، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا"
يقول ابن مسعود إذا سمعت (يا أيها الذين آمنوا ) فارعها سمعك فخيرا تؤمر به أو شرا تنهى عنه )
خامسا / قيام الليل
إن الليل - وخاصة وقت السحر- من أفضل الأوقات للتذكر ، فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء ، وبسبب بركة الوقت ، وفتح أبواب السماء.
والقراءة في الليل يحصل معها الصفاء والهدوء حيث لا أصوات تشغل الأذن ولا صور تشغل العين فيحصل التركيز التام وهو يؤدي إلى وصول معاني القرآن إلى القلب فيحصل قوة التدبر والتفكر وقوة الحفظ والرسوخ لألفاظ القرآن ومعانية ، مما يدل على كون القراءة في الليل أحد مفاتيح التدبر .
قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ 79 الإسراء
فدلت الآية على أن التهجد بالقرآن طريق للوصول إلى المقامات العالية في الآخرة والآية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته وإن كان مقامه صلى الله عليه وسلم أعلى من مقام بقية المؤمنين.
وقال تعالى:﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾6المزمل

قال ابن عباس رضي الله عنهما : "هو أجدر أن يفقه القرآن "
ومعنى ناشئة الليل : أي القيام بعد النوم ،وبه يجتمع راحة البدن والروح فيحصل بذلك اجتماع القلب على قراءة القرآن وتدبره ، أما القراءة حين التعب والإجهاد فإن التدبر والفهم يكون ضعيفا

ويقول ابن حجر - عن مدارسة جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان - : " المقصود من التلاوة الحضور والفهم ، لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية "اهـ فتح الباري ج9/ص45

وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: " إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ، ويتفقدونها في النهار "اهـ
سادسا / التكرار والتوقف :
أي التوقف حين القراءة أو تكرار الآية لاستحضار المعاني والتعمق في فهمه.
وكلما طال التوقف وكثر التكرار كلما زادت المعاني التي تفهم من النص بشرط عدم شرود الذهن.
والتكرار - أيضا - قد يحصل لا إراديا تعظيما أو إعجابا بما قرأ ، وهذا مشاهد في واقع الناس حينما يعجب أحدهم بجملة أو قصة فإنه يكثر من تكرارها على نفسه أو غيره
التكرار : نتيجة وثمرة للفهم والتدبر ، وهو أيضا وسيلة إليه حينما لا يوجد
قال ابن مسعود رضي الله عنه : "لا تهذوه هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل (التمر الرديء )، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن هَمُّ أحدكم آخر السورة "
وقال ابن قدامة : " وليعلم أن ما يقرأه ليس كلام بشر وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ويتدبر كلامه فإن التدبر هو المقصود من القراءة وإن لم يحصل التدبر إلا بترديد الآية فليرددها" مختصر منهاج القاصدين: 68
قال أبو ذر رضي الله عنه : "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ 118المائدة) صححه الألباني
وفي مصنف ابن أبي شيبة عباد بن حمزة قال: " دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ: ﴿ فَمَنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم ﴾27 الطور قال: فوقفت عليها فجعلت تستعيذ وتدعو ، قال عباد: فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو"
وفيه عن القاسم بن أبي أيوب أن سعيد بن جبير ردَّدَ هذه الآية :﴿ واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ﴾ 281 البقرة بضعا وعشرين مرة
وردَّدَ الحسن البصري ليلة ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [18النحل] حتى أصبح ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن فيها معتبرا ما نرفع طرفا ولا نرده إلا وقع على نعمة , وما لا نعلمه من نعم الله أكثر "
وقام تميم الداري رضي الله عنه بآية حتى أصبح ﴿أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾21 الجاثية

سابعا / حفظ القرآن :
قال الله تعالى : ﴿ بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ العنكبوت 49
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب "
ومن المعلوم أن البيت الخرب هو مأوى الشياطين فكذلك القلب الخرب الذي ليس فيه شيء من القرآن ، أما القلب العامر بحفظ القرآن فلا يقربه شيطان ، وبإذن الله تعالى لا يتمكن من إيذائه .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره"
ومثل حافظ القرآن وغير الحافظ ؛ مثل اثنين في سفر ، الأول: زاده التمر ، والثاني: زاده الدقيق ، فالأول: يأكل متى شاء وهو على راحلته، والثاني: لا بد له من نزول ، وعجن ، وإيقاد نار ، وخبز ، وانتظار نضج .
وقال سهل بن عبد الله : لأحد طلابه : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا ؟ قال : واغوثاه لمؤمن لا يحفظ القرآن ! فبم يترنم؟ فبم يتنعم ؟ فبم يناجي ربه ؟ ،
هذا المقصود من كون الحفظ أحد مفاتح التدبر لأنه متى كانت الآية محفوظة فتكون حاضرة ، ويتم تنزيلها على النوازل والمواقف التي تمر بالشخص في الحياة اليومية بشكل سريع ومباشر ، أما إذا كان القرآن في الرفوف فقط ؛ فكيف يمكن لنا أن نطبقه على حياتنا ؟
علامات التدبر
ذكر الله تعالى في كتابه الكريم علامات وصفات تصف حقيقة تدبر القرآن وتوضحه بجلاء من ذلك :
1- ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [(83) سورة المائدة]
2- ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [ (2) سورة الأنفال ]
3- ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [ (124) سورة التوبة]
4- ﴿قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [107-109 :سورة الإسراء]
5- ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [(58) سورة مريم]
6- ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ [(73) سورة الفرقان]
7- ﴿وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ [(53) سورة القصص ]
8- ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [ (23) سورة الزمر] .

فتحصل من الآيات السابقة سبع علامات هي:
1- اجتماع القلب والفكر حين القراءة ، ودليله التوقف تعجبا وتعظيما.
2- البكاء من خشية الله.
3- زيادة لخشوع.
4- زيادة الإيمان ، ودليله التكرار العفوي للآيات.
5- الفرح والاستبشار.
6-القشعريرة خوفا من الله تعالى ثم غلبة الرجاء والسكينة .
7- السجود تعظيما لله عز وجل .
فمن وجد واحدة من هذه الصفات ، أو أكثر فقد وصل إلى حالة التدبر والتفكـــر ، أما من لم يحصل أياً من هذه العلامات فهو محروم من تدبر القرآن ، ولم يصل بعد إلى شيء من كنوزه ودخائره .

  مشاركة رقم : 13  
قديم 05-20-2015
نعمة حكيم
قسم الاسرة والحياة الزوجية

رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 1,113
بمعدل : 0.30 يوميا
معدل تقييم المستوى : 12
المستوى : نعمة حكيم نشيط

نعمة حكيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور نعمة حكيم



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
Earth رد: صفات عباد الله الرحمن

لدعاء بصلاح الأزواج والذرية
الدعاء بصلاح الأزواج والذرية والإمامة في الدين
ما زلنا نعيش في رحاب القرآن في صحبة عباد الرحمن واليوم نتناول الصفة الأخيرة من صفاتهم وهي الواردة في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ )الفرقان:74
فعباد الرحمن يدعون الله ويسألونه أن يهب لهم من أزواجهم وذرياتهم ما تقر به أعينهم وتسر به قلوبهم وتنشرح به صدورهم ، وأن يجعلهم أئمة وقدوة للمتقين

وقرة العين معناها: سكونها.
والعين بطبيعتها دائماً تتحرك وتلتفت يميناً وشمالاً تبحث عن الأفضل، لكن حينما تحصل العين على مطلوبها من زوجة صالحة أو من ولد صالح تقر هذه العين، أي: لا تلتفت إلى غيرها من النساء ، ولا إلى أولاد الناس، فلا تكثر هذه العين الحركة، فهم يريدون أن يكون لهم أهل صالحون وأولاد صالحون وتقر عيونهم بهؤلاء الصالحين.
فعين المؤمن تقر بامرأة صالحة ؛ تسره إذا نظر ، وتطيعه إذا أمر ، وتحفظه إذا غاب ، وتعينه على طاعة الله ، وتحذره من المعصية .
قال تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) البقرة : 201
قال الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية: قال: قيل إن حسنة الدنيا هي الزوجة الصالحة، وحسنة الآخرة هي الحور العين.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر:
(ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته) (رواه أبو داود).
والمرأة أن وعت معنى الطاعة وأدّتها بحقّها فإنها تملك قلب زوجها ، وتكسب ثقته ، ودوام حبّه ، فيقابلها بأضعاف ما أعطته حتى يصير الأمر كأنه هو الذي يطيعها ، ويلبّي رغباتها.

قليل من النساء من يفهم ذلك ، وأقل منهن من تعمل به ، لاشك أن الطاعة تقوّي أواصر المحبة بين الزوجين ، وعندما تحب الزوجة زوجها ستؤدي جميع حقوق زوجها عليها ، وما ذلك إلا صورة عملية وإشعار لزوجها بالحب الذي استقر في قلبها ، لهذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ، إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا اقسمت عليها ابرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في عرضها ومالها ".
انها زوجة صالحة ، محبة ، تبتسم لزوجها حينما ينظر إليها فلا تقطيب للحاجبين ، ولا نظرات شزرة بل ابتسامات مفعمة بالحب والبشر .
فالمرأة الصالحة عون للزوج في الدنيا والآخرة
يقول الشاعر:
وزوجة المرء عون يستعين به على الحياة ونور في دياجيها
مسلاة فكرته إن بات في كدرٍ مدّت له تواسه أياديها
في الحزن فرحته تحنو فتجعله ينسى آلاماً قد كان يعافيها
وزوجها يدأب في تحصيل عيشه دأباً ويُجهد منه النفس يشقيها
إن عاد للبيت وجد ثغر زوجته يَفْتُرُ عمّا يسُّر النفس يُشفيها
وزوجُها مَلِكٌ، والبيت مملكةٌ والحب عطر يسري في نواحيها

والمرأة الصالحة ليست كالمرأة التي تقول لزوجها هات وهات ، ألست كفلان وفلان الذي يكتسب كذا وكذا ، ويأتي لزوجته بكذا وكذا .... كل يوم موضات وتقليعات .. ماكياجات وتسريحات وإكسسوارات .. وإزاء كل هذه المعروضات تجد نفسها في مسابقة ومنافسة مع أقرانها في مسايرة كل جديد وما أكثره كل يوم .. فيكون العبء في توفير ذلك على الزوج ... من أين لا يهم .. من حلال أو حرام .. من سحت أو غيره .. لا يهم !! فإذا خرج من البيت كانت قائمة الطلبات الكثيرة أمامه .
فإذا قال لها ومن أين لي ثمن ذلك ؟!
تقول: لا يهمني ! مثل ما فعلوا افعل !! وربما تعيره بفقره وقلة ذات يده فيركب مركب السوء فيهلك .
وفي هذا المعنى قال أحد الشعراء لزوجته:
فأنت التي إن شئتِ أشقيتِ عيشتي وأنتِ التي إن شئت أرحتِ باليا
فأشهد عند الله أني أحبها فهذا لها عندي فما عندها ليا
لقد كانت المرأةُ من نساء السلف الصالح تقول لزوجها إذا خرج لكسبٍ أو تجارة : اتق الله فينا ، إياك وكسبَ الحرام فإنا نصبر على الجوع والعطش ،ولا نصبر على حرِّ النار وغضب الجبار.
فما أحوج المؤمن إلى زوجة تذكره بالله وتوقفه عند حدود الله وهي التي أوصانا
بها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال(ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته) أخرجه أبو نعيم والحاكم.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من سعادة بن آدم ثلاثة، ومن شقوة بن آدم ثلاثة:
من سعادة بن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح.
ومن شقوة بن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء.) رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة من السعادة، المرأة الصالحة، تراها تعجبك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة (ذلول سريعة السير)، تلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق.
وثلاثة من الشقاء: المرأة تراها فتسوءك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفاً (بطيئة)، فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق) حسنه الألباني في صحيح الجامع.


الأولاد قرة العين :
الأولاد هم ثمار القلوب، وعماد الظهور، وهم من زينة الحياة الدنيا وبهجتها، بهم تسر النفوس، وتقر العيون قال سبحانه وتعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاة الدُّنْيَا ) الكهف:46
وحب الأبوين لأولادهما حب بالفطرة، والوالدان هما مظهر الحنان والرحمة والشفقة بما أودعه الله فيهما من تلك المعاني، ولولا ذلك ما اهتم الوالدان برعاية أولادهما، ولا بكفالتهم، ولا بالقيام بأمورهم، والسهر من أجلهم.
قال تعالى: ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ) الأنفال:28
ومعنى الآية : واعلموا - أيها المؤمنون - أن أموالكم التي استخلفكم الله فيها، وأولادكم الذين وهبهم الله لكم اختبار مـن الله وابتلاء لعباده أيشكـرونه عليها ويطيعونه فيها أو ينشغلون بها عنه ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسئول، والرجل راع على أهله وهو مسئول، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول ) رواه البخارى
والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه , وما هو تحت نظره, ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه, والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته، ومن هنا نفهم أن المسئولية ليست فقط فى الإنفاق ولكن فى غرس القيم والمباديء الإسلامية.
فعلى الأبوين الاهتمام بحسن تنشئة الأولاد، ويسألان الله تعالى بما دعا به عبادُ الرحمن ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) الفرقان:74
ومع الدعاء يجب الأخذ بالأسباب، فيراعَى التوازن في معاملة الأولاد، فلا مبالغة في اللين معهم مبالغة تدفعهم إلى التسيب والفساد، ولا مغالاة في الشدة بما يضرهم في الدين والدنيا، وذلك يحتاج إلى تعاون وثيق بين الأبوين ليقوم كل بدوره.
سؤال الله الإمامة في الدين
بعد ذلك يقولون: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )الفرقان:74
فانظروا إخواني إلى الطموح، إنه طموح عظيم، فهم لا يريدون فقط أن يكونوا متقين، بل ولا يريدون أن يكونوا تبعاً للمتقين، وإنما يريدون أن يكونوا أئمة وهداة للناس إلى تقوى الله عز وجل، وهذا هو الطموح الذي يجب أن يتنافس فيه الناس، فالناس عليهم أن يتنافسوا في مثل هذه الأمور، كما قال تعالى: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ )المطففين:26

فهم يريدون أن يكونوا هم قادة الفكر ودعاة الحق في هذا العالم، ويُقتدى بهم في تقواهم وطاعتهم لله عز وجل، أما أن يكونوا تبعاً فهذا طيب، لكن خير لهم أن يكونوا أئمة يُقتدى بهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)
وليس معنى ذلك أنهم يريدون السلطة والكبرياء في الأرض، فهناك فرق بين من يريد أن يكون إماماً في تقوى الله عز وجل وبين من يريد أن يكون صاحب سلطة، فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبحث الإنسان عن السلطة، اللهم إلا إذا كانت لمصلحة هذا الدين، وقد قال عليه الصلاة والسلام لـعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه: (يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها عن مسألة وُكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها).
ولذلك المسلم يجب عليه أن يكون طموحاً لأن يكون قدوة في الخير، أما أن ينافس الناس على المناصب الدنيوية العالية فهذه ليست صفة المؤمن، اللهم إلا إذا كان الأمر كما قال يوسف عليه الصلاة والسلام: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) يوسف:55
وذلك إذا رأى فساداً في المجتمع، ورأى أنه باستطاعته أن يصلح في أوضاع هذا المجتمع، فيمكن أن يكون طموحاً إلى مثل هذا المركز، لا من أجل أن يتخذه وسيلة لأن يتخذ أمر المسلمين كالوسادة ليحقق مآربه، إلى غير أهله، ولا ليريد أن يطغى من خلال هذا المنصب أو يفرض قوة فوق قوة الله عز وجل كما يعتقد، وإنما يريد فقط أن يصلح في هذا المجتمع، ففي مثل هذه الحال يطلب المنصب.

العلاقة بين الدعاء بصلاح الأزواج والذريةوالإمامة في الدين
لو تدبرنا العلاقة بين قوله سبحانه وتعالى ( واجعلناللمتقين إماما ) وما قبلها يتضح ما يلي :
1 ـ إن صلاح الزوج ( يشمل الزوجين ) والذرية من أهم ما يعين على تحقيق الإمامة إذ يحس بالسكن والطمأنينة مما يعينه على الوصول إليها والقيام بحقوقها .
2 ـ إن من صفات من يكون للمتقين إماما : أن يعني بزوجه وذريته فهم أحق الناس بإمامته ..

  مشاركة رقم : 14  
قديم 05-20-2015
نعمة حكيم
قسم الاسرة والحياة الزوجية

رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 1,113
بمعدل : 0.30 يوميا
معدل تقييم المستوى : 12
المستوى : نعمة حكيم نشيط

نعمة حكيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور نعمة حكيم



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
افتراضي رد: صفات عباد الله الرحمن

وصــــف الجنــــة
وصــــف الجنــــة

(أولئك يجزون الغرفة بما صبروا)

وبعد هذه الرحلة مع صفات عباد الرحمن يأتي الحديث عن جزائهم من الله الكريم فقال تعالى :
( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ( 75 ) خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ( 76 ) الفرقان
لما ذكر تعالى أوصاف عباده المؤمنين قال:
( أولئك ) المتصفون بهذه الصفات
( يجزون ) يوم القيامة
( الغرفة ) وهي الجنة ، والغرفة في اللغة: البناء فوق البناء، وهذا كناية أن جزاء المؤمن هو الدرجة الرفيعة، كالأعلى ما يكون في البنيان، فهؤلاء لهم الغرفة عند ربهم أي أعالي الجنات ، الفردوس الأعلى من الجنة ، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها
( بما صبروا ) على القيام بذلك
( ويلقون فيها ) أي : في الجنة
( تحية وسلاما ) أي : يبتدرون فيها بالتحية والإكرام ، ويلقون فيها التوقير والاحترام ، فلهم السلام وعليهم السلام ، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار .
( خالدين فيها ) أي : مقيمين ، لا يحولون ولا يموتون ، ولا يزولون عنها ولا يبغون عنها حولا .
وقوله ( حسنت مستقرا ومقاما ) أي : حسنت منظرا وطابت مقيلا ومنزلا .
وصف نعيم أهل الجنة :
إن الحديث عن الجنة يسوق النفوس إلى رحاب الملك القدوس ،الجنة هي دار النعيم والجزاء الجزيل الذي أعده الله لأهل طاعته ، وهي نعيم كامل لا يشوبه نقص ولا يعكر صفوه كدر ، لا نكد فيها ولا خصام ،لا مرض ولا أسقام ،لاهم ولا غم ولا حزن ولا تعب ولا نوم .
أحزان قلبي لا تزول حتى أبشر بالقبول
وأرى كتابي باليمين وتقر عيني بالرسول
قيل للإمام أحمد متى الراحة ؟ قال عند وضع أول قدم في الجنة .
يقول جل وعلا: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) الإنسان:5-22 alt
وفي الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « قال الله عزَّ وجلَّ: أعْدَدْتُ لعبادي الصالحينَ مَا لاَ عَيْنٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلب بَشَر. وأقْرَؤوا إن شئتُم { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } »السجدة: 17
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الجنة يوماً لأصحابه فقال: (هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، ونهر مضطرب، وقصر مشيد، وزوجة حسناء جميلة، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وحلل كثيرة، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا من مشمر للجنة؟
فقال الصحابة: نحن المشمرون لها يا رسول الله؛ فقال صلى الله عليه وسلم لهم: قولوا إن شاء الله عز وجل). أخرجه ابن ماجة من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما
وقال أبو هريرة : قلنا: يا رسول الله! حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟

فقال صلى الله عليه وسلم: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة ملاطها المسك – أي مونتها- ، وحصباؤها -الحصى - اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من دخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه)أخرجه أحمد

صفة أهل الجنة :
عن أبي هريرةرضي الله عنه أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر في ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتفلون - لا مخاط ولا تفل - أمشاطهم الذهب والفضة ، ورشحهم المسك، وأزواجهم من الحور العين، على صورة أبيهم آدم، ستون ذارعاً في السماء) رواه البخاري ومسلم
(لا يبولون ولا يتغوطون) لا بول ولا غائط في الجنة
إذاً: أين يذهب الطعام والشراب؟
يخرج على الأجساد مسكاً؛ لأنه لا يحق إطلاقاً أن يكون عند الله في جنته بول أو براز
وفي رواية الإمام البيهقي أنه قال: (جمالهم كجمال يوسف، وقلبهم كقلب أيوب) جمال أهل الجنة كجمال يوسف، وقلوب أهل الجنة على قلب أيوب الصابر الذي صبر على قضاء الله وقدره.
طعامهم وشرابهم ولباسهم :
قال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً * وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ )[الواقعة:10-40]
أما لباسهم: (وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) فاطر:33.
وهم يأكلون ما يشاءون ولا يتخمون أبدا بل إذا أكل الإنسان منهم وأراد أن يأكل غير ذلك أخرج ما أكل رشحا يرشحه ، عرقا يعرقه لا بول ولا غائط وإنما عرق رائحته كرائحة المسك بفضل الله ورحمته وكرمه سبحانه وتعالى .
عن جابر رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: (إن أهل الجنةِ يَأكلُون فيها ويشْرَبُون ولا يتفُلُون ولا يبُولونَ ولا يَتَغَوَّطونَ ولا يمْتَخِطون، قالوا: فما بالُ الطعام؟ قال: جُشاءٌ ورَشْحٌ كَرشحِ المسكِ يُلْهَمُونَ التسبيحَ والتحميدَ كما يُلْهَمُونَ النَّفس)
وعن زيدِ بن أرقمَ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: « والذي نفسُ محمدٍ بيدِه إن أحدَهُمْ (يعني أهل الجنةِ) ليُعْطَى قوةَ مائةِ رجلٍ في الأكل والشرب والجماعِ والشهوةِ، تكون حاجةُ أحدهم رَشْحاً يفيض مِنْ جلودهم كرشْحِ المسْكِ فَيَضْمُر بطنه » أخرجه أحمد والنسائي.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: « إذا دخل أهل الجنةِ الجنة ينادِي منادٍ: إن لكمْ أنّ تَصِحُّوا فلا تَسْقموا أبداً وإن لكم أن تَحْيَوْا فلا تموتوا أبداً، وإنَّ لكم أن تشِبُّوا فلا تَهرموا أبداًوإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، وذلك قولُ الله عز وجل: { وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » الأعراف:43
صفة أزواج أهل الجنة:
قال تعالى : (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) الرحمن:70-78
وقال تعالى : (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً لأَصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ ) الواقعة:38-40
(إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً ) يعنى إذا ماتت المؤمنة وهي عجوز ترجع إلى سن الشباب، جميلة وحسناء في سن ثلاثة وثلاثين .
(فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ) إذا جامعتها ألف مرة وجدتها بكراً في كل مرة.
(عُرُباً أَتْرَاباً) عرباً: جمع عروب، والعروب: هي المرأة التي تتفنن في كلمات الحب والعشق والغرام لزوجها و( أَتْرَاباً) يعني في سن واحدة
وعن أنس رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « لقاب قوسِ أحدِكم أو موضعِ قدمٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيهَا، ولَوْ أنَّ امرأةً من نساءِ الجنة اطلعتْ إلى الأرض لأضاءت ما بيْنَهُمَا ولملأت ما بينهما ريحاً ولنَصِيِفُها (يعني الخمارَ) خيرٌ من الدنيا وما فيها » رواه البخاري.
أدنى أهل الجنة منزلة وآخر من يدخلها :
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سأل موسى بن عمران عليه السلام ربه جل وعلا وقال: يا رب! ما أدنى -أي: من أقل- أهل الجنة منزلة؟
فقال له رب العزة جل وعلا: أدنى الناس منزلة في الجنة يا موسى رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة, فيقال له: ادخل الجنة, فيقول العبد لربه: يا رب! كيف أدخل الجنة وقد أخذ الناس أماكنهم وأخذاتهم, لقد وجدتها ملأى!!!!
فيقول الله عز وجل له: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت يا رب, فيقول الله عز وجل له: لك ذلك وعشرة أمثال ذلك معك, ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك, يقول موسى: يا رب! فهذا أدنى أهل الجنة منزلة، فكيف يكون حال أعلاهم منزلة؟
فقال الله جل وعلا: يا موسى! أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر) صحيح مسلم
آخر الناس دخولاً الجنة:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إن آخر رجل يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط مرة ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة, حتى إذا ما جاوز الصراط نظر إلى خلفه -أي: إلى للنار- وقال لها: تبارك الذي نجاني منك, الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحداً من الأولين والآخرين من خلقه!!!
فيرفع الله له شجرة غرسها الله بيديه, وهنا يقول العبد: أدنني منها -قربني من هذه الشجرة- أستظل بظلها وأشرب من مائها؟
فيقول الله جل وعلا: عبدي فهلاّ إن أعطيتكها -أي: إن أعطيتك وقربتك إلى هذه الشجرة- هل ستسألني شيئاً غير ذلك؟
يقول: لا يا رب لا أسألك غير ذلك أبداً, لقد نجيتني من النار، وسوف تقربني إلى هذه الشجرة أستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك شيئاً بعد ذاك،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه, فيقربه الله من الشجرة, فيستظل العبد بظلها، ويشرب من مائها,
فيرفع الله له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول العبد بعد فترة: يا رب! فيقول الله جل وعلا: ماذا تريد يا عبدي؟ فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة, أستظل بظلها وأشرب من مائها؟
فيقول الله جل وعلا: عبدي ألم تعط العهود والمواثيق ألا تسأل غير الذي سألت؟ فيقول: وعزتك لا أسألك غير هذا، قربني من هذه ولن أسأل بعد ذلك, فيقربه الله عز وجل؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه, فيمكث العبد تحت هذه الشجرة الثانية،
وبعد فترة يرفع الله له شجرة على باب الجنة, فينظر إليها ويقول: يا رب! أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها؟
فيقول الله جل وعلا: عبدي ألم تعط العهود والمواثيق ألا تسأل غير الذي سألت؟ فيقول: وعزتك لا أسأل غير هذا, فيقربه الله عز وجل؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه, فإذا ما جاء العبد تحت هذه الشجرة التي هي على باب الجنة, استمع إلى أصوات أهل الجنة قال: يا رب! أدخلني الجنة -أتدرون ماذا يقول له رب العزة؟- يقول له رب العزة جل وعلا: عبدي ما الذي يرضيك مني؟ أترضى أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ فينظر العبد إلى الرب جل وعلا ويقول: أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟ فيضحك عبد الله بن مسعود ويقول للصحابة: لماذا لا تسألوني عن سبب الضحك؟! فيقولون له: مم تضحك؟ فيقول ابن مسعود : أضحك لضحك رسول الله!!!
حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فضحك فسأله الصحابة: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: أضحك لضحك رب العزة( لأن العبد حينما يقول لربنا: أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟! يضحك الله من عبده ويقول: (إني لا أستهزئ بك ولكني على ما أشاء قادر) صحيح مسلم
رؤية الله في الجنة:
إن نعيم الجنة الحقيقي ليس في طعامها ، ولا في ثمرها، ولا في حريرها، ولا في عسلها، ولا في بنائها، ولا في قصورها، ولا في حورها، ولكن نعيم الجنة الحقيقي في رؤية وجه الله الكريم : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ *) القيامة:22-23
و( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)يونس:26
والحسنى: هي الجنة، والزيادة: هي التمتع بالنظر إلى وجه رب الجنة جل وعلا, هذه هي غاية المنى، وهذا هو غاية المراد، أن نتمتع بالنظر إلى وجه
الكريم عز وجل, والحديث رواه أكثر من عشرين صحابياً في الصحيحين وغيرهما.
عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي عليهم رب العزة جل وعلا ويقول: يا أهل الجنة! هل أزيدكم شيئاً؟ فيقول أهل الجنة: يا رب! وأي شيء تزيدنا؟ ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ ألم تنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أعظم من النظر إلى وجه الله الكريم )
وفي حديث آخر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ما دخل أهل الجنة الجنة نادى عليهم رب العزة جل وعلا وقال: يا أهل الجنة! يا أهل الجنة! فيقول أهل الجنة: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله في يديك.
فيقول لهم ربنا: يا أهل الجنة! إني قد رضيت عنكم فهل رضيتم عني؟ فيقولون: سبحانك ربنا وما لنا لا نرضى وقد أدخلتنا الجنة, وبيضت وجوهنا، ونجيتنا من النار؟
فيقول الله جل وعلا: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟
فيقول أهل الجنة: وأي شيء أفضل من ذلك يا ربنا؟
فيقول الله جل وعلا: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) أخرجه البخاري ومسلم
فأعظم نعيم الجنة هو أن نتمتع بالنظر إلى وجه الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه سيكلمنا ليس بيننا وبينه ترجمان
عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر العبد أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم, وينظر العبد أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم, وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه, فاتقوا النار ولو بشق تمرة) صحيح البخاري
هذه هي الجنة، والحديث عن الجنة يطول وهذا كله ما هو إلا تقريب للمعاني .
ويعجبني الكلام الذي قاله الشيخ الشعراوي ، حينما استقبل في قصر من قصور الضيافة في أمريكا ، وانبهر الناس من حوله بهذا البناء والإعداد،فقال لهم هذا العالم: هذا إعداد البشر للبشر، فما بالكم بإعداد رب البشر, ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وصدق علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما قال:
واعمل لدار غد رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها عسل مصفى ومن لبن والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة تسبح الله جهراً في مغانيها
فمن يشتري الدار في الفردوس يعمرهـا بركعة في ظلام الليل يخفيها
اللَّهُمَّ ارزقنا الخُلْدَ في جنانِك، وأحِلَّ علينا فيها رضوانَك، وارزقْنا لَذَّة النظرِ إلى وجهك والشوقَ إلى لقائك من غيرِ ضرَّاءَ مُضِرَّة ولا فتنةٍ مُضلةٍ ، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.

  مشاركة رقم : 15  
قديم 07-06-2015
محمد فرج الأصفر
الصورة الرمزية محمد فرج الأصفر


رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 2,043
بمعدل : 0.54 يوميا
معدل تقييم المستوى : 13
المستوى : محمد فرج الأصفر نشيط

محمد فرج الأصفر غير متواجد حالياً عرض البوم صور محمد فرج الأصفر



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
افتراضي رد: صفات عباد الله الرحمن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا



  مشاركة رقم : 16  
قديم 07-08-2015
نعمة حكيم
قسم الاسرة والحياة الزوجية

رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jul 2014
المشاركات : 1,113
بمعدل : 0.30 يوميا
معدل تقييم المستوى : 12
المستوى : نعمة حكيم نشيط

نعمة حكيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور نعمة حكيم



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
افتراضي رد: صفات عباد الله الرحمن


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل ونفعنا الله واياكم وجعلنا من المصطفين الاخيار في الدنيا والاخرة


  مشاركة رقم : 17  
قديم 01-01-2022
عابرة سبيل
الصورة الرمزية عابرة سبيل


رقم العضوية : 933
تاريخ التسجيل : Jul 2021
الدولة : الوطن العربي
المشاركات : 3,235
بمعدل : 2.70 يوميا
معدل تقييم المستوى : 7
المستوى : عابرة سبيل نشيط

عابرة سبيل غير متواجد حالياً عرض البوم صور عابرة سبيل



كاتب الموضوع : نعمة حكيم المنتدى : قسم الإســلامي العام
افتراضي رد: صفات عباد الله الرحمن





توقيع عابرة سبيل

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها



إضافة رد


مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, الرحمن, صفات, عباد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الساعة الآن 03:02 PM.

Powered by vBulletin® Version v3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef
ما يطرح بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها أو قائلها