واعلم رحمك الله بأن الله عز وجل شهد لنفسه بهذا التوحيد وهو خير شهيد ويكفي بها شهادة ، ثم شهدت له به ملائكته وأنبياؤه ورسله ،
قال تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران : 18
فتضمنت أجل شهادة وأعظمها وأعدلها وأصدقها من أجل شاهدٍ ، بأجل مشهودٍ به.
عبارات السلف في معنى ( شهد ) :
قال أهل السلف بأنها تدور على ( الحكم ـ والقضاء ـ والإعلام ـ والبيان ـ والإخبار). وهذا حق ولا تنافي بينها ، فإن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وخبره ، وتتضمن إعلامه وإخباره وبيانه . فلها أربع مراتب:
فالأول :
علم ومعرفة واعتقاد لصحة المشهود به وثبوته.
فالعلم بالشهادة تتضمنها ضرورة ، وإلا كان الشاهد شاهداُ بما لا علم له به .
قال تعالى : (إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) الزخرف : 86
وثانيها :
تكلمه بذلك ، وإن لم يعلم به غيره ، بل يتكلم بها مع نفسه ويتذكرها وينطق بها أو يكتبها .
ومرتبة التكلم والخبر ، فقال تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف : 19.
فجعل ذلك منهم شهادة وإن لم يتلفظوا بلفظ الشهادة ، ولم يؤدوها عند غيرهم.
وثالثها :
أن يُعلم غيره بما يشهد به ويخبره به ويبينه له .
وأما مرتبة الإعلام والإخبار فنوعان : إعلام بالقول وإعلام بالفعل ، فالقول ما أرسل به رسله وأنزل به كتبه . وأما بيانه وإعلامه بفعله ، فكما قال ابن كيسان : شهد الله بتدبيره العجيب وأموره المحكمة عند خلقه : أنه لا إله إلا هو . وقال آخر:
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل ، قوله تعالى : (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) التوبة : 17.
فهذه شهادة على أنفسهم بما يفعلونه. والمقصود أنه سبحانه يشهد بما جعل آياته المخلوقة دالة عليه ، ودلالتها إنما هي بخلقه وجعله.
ورابعها :
أن يلزمه بمضمونها ويأمره به .
فشهادة الله سبحانه لنفسه بالوحدانية والقيام بالقسط تضمنت هذه المراتب الأربع
وأما مرتبة الأمر بذلك والإلزام به ، وأن مجرد الشهادة لا يستلزمه ، لكن الشهادة في هذا الموضوع تدل عليه وتتضمنه ، فإنه سبحانه شهد به شهادة من حكم به ، وقضى وأمؤ وألزم عباده به ، كما قال تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ( الإسراء : 23
وقال تعالى : (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ) النحل : 51 . وقال تعالى : (وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً) التوبة : 31 . وقال تعالى : (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ) الإسراء : 22 . وقال تعالى :( وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ) القصص : 88 . والقرآن كله شاهد بذلك.
ووجه استلزام شهادته سبحانه وتعالى لذلك : أنه إذا شهد أنه لا إله إلا هو ، فقد أخبر ونبأ وأعلم وحكم وقضى أن ما سواه ليس بإله ، وأن إلهية ما سواه باطلة ، فلا يستحق العبادة سواه ، كما لا تصلح الإلهية لغيره ، وذلك يستلزم الأمر باتخاذه وحده إلها ، والنهي عن اتخاذ غيره معه إلها ، وهذا يفهمه المخاطب من هذا النفي والإثبات . والحكم والقضاء بأنه لا إله إلا هو متضمن الإلزام ، ولو كان المراد مجرد شهادة لم يتمكنوا من العلم بها ، ولم ينتفعوا بها ، ولم تقم عليهم بها الحجة. بل قد تضمنت البيان للعباد ودلا لتهم وتعريفهم بما شهد به ، كما أن الشاهد من العباد إذا كانت عنده شهادة ولم يبينها بل كتمها ، لم ينتفع بها أحد ، ولم تقم حجة. وإذا كان لا ينتق عبها إلا ببيانها ، فهو سبحانه قد بينها غاية البيان بطرق ثلاثة: السمع ، والبصر ، والعقل.
أما السمع : فيسمع آياته المتلوة المبينة لما عرفنا إياه من صفات كماله كلها ، الوحدانية وغيرها ، غاية البيان ، لا كما يزعمه الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة ومعطلة بعض الصفات من دعوة احتمالات توقع في الحيرة ، تنافي البيان الذي وصف الله به كتابه العزيز ورسوله الكريم ، كما قال تعالى : (هَٰذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ(آل عمران : 138 . وقال : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل : 44.
وكذلك السنة تأتي مبينة ومقررة لما دل عليه القرآن ، لم يحوجنا ربنا سبحانه وتعالى إلى رأي فلان ، ولا إلى ذوق فلان ، ووجده في أصول ديننا . ولهذا تجد من خالف الكتاب والسنة مختلفين مضطربين . بل قد قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا ) المائدة : 3
وإلى هذا المعنى أشار الشيخ أبو جعفر الطحاوي فيما يأتي من كلامه بقوله : لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ، ولا متوهمين بأهوائنا ، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما آياته العيانية الخلقية : فالنظر فيها والاستدلال بها يدل على ما تدل عليه آياته القولية والسمعية ، والعقل يجمع بين هذه وهذه ، فيجزم بصحة ما جاءت به الرسل ، فتتفق شهادة السمع والبصر والعقل والفطرة. فهو سبحانه لكمال عدله ورحمته وإحسانه وحكمته ومحبته للعذر وإقامة الحجة ـ لم يبعث نبياً إلا ومعه آية تدل على صدقه فيما أخبره به . قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) الحديد : 25 . وقال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل : 43 .
فهذا من أعظم الآيات : أن رجلا واحداً يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب ، غير جزع ولا فزع ولا خوار ، بل واثق بما قاله ، جازم به ، فاشهد الله أولاً على براءته من دينهم وما هم عليه ، إشهاد واثق به معتمد عليه ، معلم لقومه أنه وليه وناصره وغير مسلط لهم عليه ، ثم أشهدهم إشهاد مجاهر لهم بالمخالفة أنه بريء من دينهم وآلهتم التي يوالون عليها ويبذلون دماءهم وأموالهم في نصرتهم لها ، ثم أكد ذلك عليهم بالاستهانة لهم واحتقارهم وازدرائهم ولو يجتمعون كلهم على كيده وشفاء غيظهم منه ، ثم يعاجلونه ولا يمهلونه ، لم يقدروا على ذلك إلا ما كتبه الله عليه. ثم قرر دعوتهم أحسن تقرير ، وبين أن ربه تعالى وربهم الذي نواصيهم بيده هو وليه ووكيله القائم بنصره وتأييده ، وأنه على صراط مستقيم ، فلا يخذل من توكل عليه وأقر به ، ولا يشمت به أعداءه . فأي آية وبرهان أحن من آيات الأنبياء وبراهينهم وأدلتهم ؟ وهي شهادة من الله سبحانه بينها لعباده غاية البيان.
قوله : (( ولا شيء مثله )).
قال الشيخ ابن أبي العز:
اتفق أهل السنة على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ، ولا في أفعاله . ولكن لفظ " التشبيه " قد صار في كلام الناس لفظاً مجملاً يراد به المعنى الصحيح ، وهو ما نفاه القرآن ودل عليه العقل ، من أن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء من المخلوقات ، ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته : ( ليس كمثله شيء ) ، رد على الممثلة المشبهة ، ( وهو السميع البصير ) ، رد على النفاة المعطلة . فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق ، فهو المشبه المبطل المذموم ، ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق ، فهو نظير النصارى في كفرهم ، ويراد به أنه لا يثبت لله شيء من الصفات ، فلا يقال : له قدرة ، ولا علم ، ولا حياة ، لأن العبد موصوف بهذه الصفات ! ولازم هذا القول أنه لا يقال له : حي ، عليمٌ ، قدير ، لأن العبد يسمى بهذه الأسماء ! وكذلك كلامه وسمعه وبصره وإرادته وغير ذلك . وهم يوافقون أهل السنة على أنه موجود ، عليم ، حي . والمخلوق يقال له : موجود حي عليم قدير ، ولا يقال : هذا تشبيه يجب نفيه ، وهذا مما دل عليه الكتاب والسنة وصريح العقل ، ولا يخالف فيه عاقل. فإن الله سمى نفسه بأسماء ، وسمى بعض عباده بها ، وكذلك سمى صفاته بأسماء ، وسمى ببعضها صفات خلقه ، وليس المسمى كالمسمي ، فسمى نفسه : حيا ، عليماً ، قديراً ، رءوفاً ، رحيماً ، عزيزاً ، حكيماً ، سميعاً ، بصيراً ، ملكاً ، مؤمناً ، جباراً ، متكبراً. وقد سمى بعض عباده بهذه الأسماء فقال : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) الأنعام : 95. وقال : (وبشروه بغلام عليم) الصافات : 110. وقال : (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) الصافات: 101.
وقال تعالى: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) التوبة : 128. وقال : (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) الإنسان : 2 . وقال : (كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) غافر : 35
ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي ، ولا العليم العليم ، ولا العزيز العزيز ، وكذلك سائر الأسماء. وقال تعالى : (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ )، (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) ، (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ) ، ( إِنَّ اللَّه هُوَ الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّة الْمَتِين ) ، (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) .
وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلميُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَمِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : ( اللَّهُمَّ إنِّيأَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْفَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَاالأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِيأَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّبَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هناتسمي حاجتك ) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيالْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ . وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) وَفِي رواية (ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فعن قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: صَلَّى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِالْقَوْمِ صَلَاةً أَخَفَّهَا، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا، فَقَالَ: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَمَا إِنِّي دَعَوْتُ فِيهَا بِدُعَاءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ:
(اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى.وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت.وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة.اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين) رواه النسائي .
فقد سمى الله ورسوله صفات الله علما وقدرة وقوة . وقال تعالى : (ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْد قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ) الروم : 54 ، (وإنه لذو علم لما علمناه) يوسف : 68. ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم ، ولا القوة كالقوة ، ونظائر هذا كثيرةٌ ، وهذا لازمٌ لجميع العقلاء . فإن من نفى صفةٌ من صفاته التي وصف الله بها نفسه ، كالرضا والغضب والحب ، والبغض ، ونحو ذلك ، وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم ! قيل له : فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر، مع أن ما ثبته له ليس مثل صفات المخلوقين ، فقل فيما نفيته وأثبته الله ورسوله مثل قولك فيما أثبته ، إذ لا فرق بينهما.
وللحديث بقية
في السلسلة الربانية
إن قدر رب البرية