ما الحكمة من اشتراط وجود المحرم مع المرأة في السفر؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال :
تقول السائلة لقد تم إسداء النصح
لي بأن النساء يكن في حاجة إلى رجل لا يمكنهن الزواج به عند ذهابهن
لأداء الحج أو العمرة .وعندما ذهبت لأداء العمرة العام الماضي كنت لا أكاد أرى والدي الذي ذهبت معه وكنت أتساءل عن سبب فرض هذا الحكم؟
وأنا لا أشكك في تعاليم ديني بل هو محض فضول .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجــــواب :
أولاً :
لا يشك المسلم في أن كل ما أمر الله به أو رسوله
فهو مشتمل على مصالح وحِكَم كثيرة .وهذه الحِكَم والمصالح قد تخفى على بعض الناس وقد تظهر لآخرين .
والواجب على المسلم
أن ينفذ أمر الله تعالى فور سماعه به وإن لم يعلم حكمته ولا المصلحة المقصودة من ورائه ، مع يقينه التام بأنَّ الشريعـة لا تأمر إلا بما فيه مصـالح العباد ، ولا تنهى إلا عما فيه فسـادهم وضررهم .
قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/36 .
فحال المؤمن مع أمر الله تعالى وخبره كما يقول ابن القيم : "كمالُ التسليم والانقياد لأمره ، وتلقي خبره بالقَبول والتصديق ، دون أن يعارضه بخيال يسميه معقولاً ، أو بشبهة ، أو شك ، أو يقدم عليه آراء الرجال" انتهى "مدارج السالكين" (2/387) .
قَالَ الزُّهْرِيُّ :"مِنْ اللَّهِ الرِّسَالَةُ ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَلَاغُ ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ" . رواه البخاري معلقاً.
ولا يخفى أن من حِكم الأحكام الشرعية :اختبار العبد وابتلاؤه ليتبين المطيع من العاصي مع ما فيها من مصالح ، ودفعٍ للمضار .
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تسافرإلا مع محرم لها من الرجال وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) رواه البخاري (1862) .
ولا يشترط أن يلزمها المحرم في المدينة التي وصلت إليها بل متى وصلا فلها أن تذهب داخل المدينة بمفردها إذا كانت تأمن على نفسها . وقد ذكر العلماء أن من حِكَم اشتراط
وجود المحرم في السفر :حفظ المرأة وصيانتها كما قال ابن مفلح رحمه الله في
"المبدع" (3/101) : "المقصود بالمحرَم : حفظ المرأة" انتهى .
وقال شيخي ابن عثيمين رحمه الله :"والحكمة في منع المرأةمن السفر بدون محرم : صونُ المرأة عن الشر والفساد وحمايتها من أهل الفجور والفسق"انتهى "مجموع الفتاوىوالرسائل"
(24/258) .
فالمحرم في السفر يحوط المرأة ويحميها ويرعاها ويقوم على شؤونها
فالسفر مظنة التعب والمشقة والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرهاويقف إلى جوارها .فلو مرضت المرأة في السفر وليس عندها أحد من محارمها فمن الذي يحملها ، ومن الذي يبيت بجوارها ومن الذي يعتني بها؟ فالمحرم صيانة للمرأة لأن المرأة بطبيعتها ضعيفة لا تقوى على مقاومة ضعاف النفوس الذين يستغلون انفرادها فيتعرضون لها بالمضايقات والمعاكسات
وخاصة إذا جلس بجوارها في الطائرة أو الحافلة أو القطار من لا يخاف الله ولا يتقيه .
فإذا كان مع المرأة محرمها (زوجها أو غيره) لم يجرؤ أحد من أهل الفساد على التعرض لها ، ولا يخفى عليك تعرض النساء للتحرش في شتى الأماكن والبلاد.