.detail_social span{margin-top:0px;}
حوار:سلام كمال الدين
أشاد الشيخ الدكتور عدنان أمامة الرئيس السابق لهيئة العلماء المسلمين في لبنان، بقرار المملكة العربية السعودية باعتبار "حزب الله" منظمة إرهابية، معتبرا أن القرار تأخر كثيرا.
وأشار في حوار مع "مفكرة الإسلام" إلى أن الطريقة الوحيدة التي يعرفها حزب الله والمنظمات التي على شاكلته هي القوة، مؤكدا أن لبنان يعاني من اضرابات كبيرة وعلى الدول العربية أن تقف معه حتى يتخطى عثرته، ويتخلص من مصير سوريا الذي يريده له حزب الله، مؤكدا أن على الدول العربية ودول الخليج بشكل خاص الوقوف ضد إيران بكل السبل.
والشيخ عدنان أمامة هو الرئيس السابق لهيئة العلماء المسلمين في لبنان, إمام وخطيب مسجدعبدالرحمن بن عوف – مجدل عنجر، ومدير المعهد الجامعي للدراسات الإسلامية في نفس البلدة, كما يعمل مشرفًا تربويًا في مدرسة المناهل، ومشارك في دروس ومحاضرات ودورات علمية بالتعاون مع الجمعيات الإسلامية في لبنان.
-
وإلى نص الحوار...
-
"مفكرة الإسلام" : ما رأيك في اعتبار دول الخليج حزب الله منظمة إرهابية؟
-
أعتقد أن هذا القرار جاء متأخراً فالحزب بات حزبا إرهابيا ومارس ويمارس الإرهاب منذ أن حول بندقيته إلى الداخل اللبناني وتورط بجملة اغتيالاته السياسية التي على رأسها اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، ثم اجتياحه المسلح لبيروت الغربية، ثم دخوله سوريا لمساندة نظام طاغوتي مجرم مستبد في وجه شعب مقهور مظلوم خرج ينشد الحد الأدنى من حريته وكرامته، ثم استباحته لمختلف دول العالم واكتشاف أعماله التخريبية فيها.
ولكن أن تأتي متأخراً خيرٌ من أن لا تأتي ابداً. وما تصنيف حزب الله حزبا إرهابيا من قبل دول الخليج العربي إلا فعل يجسّد وضع الأمور في مواضعها الطبيعية.
وإرهاب حزب الله ليس غريبا عليه بل هو يتماهى مع نشأته وتكوينه العقدي فقد تبنى حزب الله خط الخميني القائم على "تصدير الثورة" وهو العنوان لعمليات التخريب التي انتهجها نظام إيران في الثمانينات ضد دول الخليج العربي بدءا من استهداف مواسم الحج والبيت الحرام، وبعدها محاولة التخريب في الكويت من خلال عملياته الارهابية. وبعدها عمله لقلب الحكم في البحرين ومازال.
ومؤخراً، يؤجج حزب الله ومن معه اليمن ضد استقرار المملكة العربية السعودية عبر وكلاء محليين من أمثال الحوثيين.
لقد بغى حزب الله وطغى وتورط مباشرة في دماء السعوديين والبحرينيين وغيرهم وبات لزاماً هذا التصنيف لهذا الحزب الارهابي كي يُبنى على الشيء مقتضاه.
-
"مفكرة الإسلام" كيف ترى دور حزب الله في لبنان بعد هذا القرار؟ هل سيتغير؟
-
هذا القرار قد حجّم أنشطة حزب الله دون ريب، ولكنه لن يمنعه من مواصلة أذاه في لبنان وما حوله وصولاً للعراق واليمن والبحرين وغيرها من دول العالم.
ولبنان بالنسبة لحزب الله يعد ملاذاً آمناً له كأي تنظيم إرهابي، ويتخذه مركزا لنشاطاته وتدريباته وتمويله وتخزينه للسلاح ومداومة لجرحاه.
كذلك يشكل لبنان لحزب الله البيئة الشعبية الحاضنة له التي يتغذى على لحم ودماء أبنائها.
وقرار تصنيف الحزب إرهابيا خطوة على الطريق الصحيح ولكن ننتظر الكثير من الخطوات المماثلة والعملية لاجتثاث الأنشطة العسكرية من مجتمعنا في وقت نحن نرى أنه لن يتغير ما لم يتم الضغط عليه بكل ما أمكن لأنه لا يفهم سوى لغة واحدة هي القوة الخشنة القائمة على الترهيب والترغيب والتي يلجأ لها مع من حوله، ومن دون ذلك لا سبيل لتغيير سلوك الحزب في وقت يحظى بكل الدعم والتموييل من مشغله الإقليمي.
-
"مفكرة الإسلام" كيف ترى قرار وقف مساعدات السعودية ودول الخليج للبنان والجيش اللبناني وتاثيرها على الوضع؟ وهل من الممكن أن تستغل ايران الانسحاب العربي من لبنان؟
-
لا أظن أن العرب وبالتحديد أهل الخليج قد انسحبوا أو تخلوا عن لبنان وأهله بل إنّ ما قامت به المملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي هو عملية وضع النقاط على الحروف من خلال تظهير حزب الله بمظهره الحقيقي والتأكيد على جوهر نشاطه.
وبالعودة الى موضوع الهبة، فإن السعودية قدمت الكثير الكثير لما فيه خير لبنان واللبنانيين لعشرات السنين وقبل أن يظهر ما يسمى "نظام الولي الفقيه" إلى حيز الوجود ولها من الأيادي البيضاء على لبنان ما لا يمكن أن ينكره أحد.
وظني أن السعودية ودول الخليج أرادت بقرارها إحراج الحزب وحلفاءه والضغط على الحكومة اللبنانية وداعميها في الخارج لتغير من سلوكها المتنكر لفضلها والمتمادي في الخروج على الإجماع العربي والارتماء في أحضان إيران وتنتظر تغيرا في السلوك اللبناني للعودة إلى سابق عهدها في مساعدة لبنان واللبنانيين.
من جهتها فإن إيران تبذل الكثير من الجهود لكي تسوق نفسها على أنها بديل ممكن عن السعودية ولكن اللبنانيين يدركون خلفيات العروض الإيرانية المريبة فضلاً عن حاجة الإيرانيين أنفسهم للدعم العسكرية النوعي بعد عقود الحصار فكيف بهم يدعمون الجيش اللبناني!؟
-
"مفكرة الإسلام" وما هي جهودكم للتصدي لحزب الله ؟
-
حقيقة ليس بيدنا إلا القليل من الإمكانيات للوقوف بوجه مشاريع حزب الله التدميرية، فالحزب مكنت له دول إقليمية برضى من النظام الدولي المنافق وجعلته دولة أقوى من الدولة، وفصلت له قوانين على مقاسه تسمح له بالتسلح والتدريب وحيازة مختلف أنواع الأسلحة بما فيها المدافع والصواريخ وطائرات المراقبة بحجة مقاومة إسرائيل في وقت يجرم ويعاقب ويتهم بالإرهاب كل من يوجد في بيته ولو رصاصة إذا لم يكن تحت عباءة الحزب وما قصة الشيخ أحمد الأسير وهو ابن صيدا المقاومة عنا ببعيدة.
وليس بأيدينا من وسائل لمواجهة الحزب والتصدي له إلا رفع الصوت عاليا في رفض خياراته التدميرية، وسياساته الإجرامية، وفضح حقيقته وإسقاط الأقنعة عن وجهه وتوحيد الصف في الوقوف في وجهه وبيان خطره على لبنان واللبنانيين جميعا وليس على أهل السنة فحسب.
-
"مفكرة الإسلام" كيف ترى انسحاب حزب الله من سوريا ؟
-
إن ما يروّج عن أنّ حزب الله انسحب من سوريا أو على الأقل أعاد تموضع بعض من قواته هي مسألة بعيدة عن الواقع بل ترويج لأكاذيب وأضاليل لطالما تعودنا على سماعها مداراة لصورة "حزب المقاومة" الذي بات أثراً بعد عين.
إن حزب الله لا يملك بيده مفاتيح انتشاره ونشاطه العسكري وقراراته الميدانية بل هو أنشىء ليكون أداة طيّعة في يد الولي الفقيه الإيراني ويشكل فصيلاً رديفاً أحياناً وأصيلاً أحيانا أخرى من الحرس الثوري الإيراني. وبالتالي، طالما لم يعلن الإيراني انسحابه من سوريا فحزب الله باقٍ هناك.
منذ خمس سنوات، انتفض الشعب السوري على الطغاة الذين امتصوا دماءه وسحقوا كرامته ومارسوا بحقه أبشع أنواع الظلم والقهر لعقود طويلة من الزمن.
ولا ريب أنّ الثورة السورية على طاغية الشام كانت لها تأثير إيجابي على أهل السنة في لبنان وسوريا، وشكلت لهم حافزاً أساسياً للمضي في التحرر ممن عمل على قمع أهل السنة في لبنان كما هو في سوريا وكان لنا شرف الوقوف المبكر مع الثورة السورية منذ انطلاقتها وأقمنا المهرجانات والاعتصامات والمظاهرات المؤيدة للثورة والمناصرة للثوار وتشاركنا مع إخواننا السوريين آلامهم وآمالهم ، وعملنا جاهدين على استقبال النازحين السوريين وقمنا بتقديم ما استطعنا من خدمات إنسانية لهم، ودافعنا عن حقوقهم في وجه استهداف الدولة وحلفاء النظام السوري لهم، وأشعرناهم أنهم يعيشون بين أهلهم وإخوانهم وأقمنا معهم مختلف النشاطات المسجدية والتعليمية والطبية والاجتماعية.
من ناحية أخرى كان للأزمة السورية تأثيرات اقتصادية مباشرة علينا خصوصاً عندما أوغل النظام السوري في القتل وأمسك بالحدود وتحكم بالحركة التجارية عملياً من وإلى لبنان.
على المستوى الاستراتيجي، وضعتنا الأزمة السورية في عين العاصفة وجعلتنا محطاً للأنظار الدولية والإقليمية وقد حاول الكثيرون استهداف أهل السنة بسبب نصرتهم لعدالة القضية السورية.
لكننا مستمرون بموقفنا المناصر لقضية السوريين في وجه الطغاة المحتلين من إيرانيين وروس ونصيريين، وحسن ظننا بالله يجعلنا واثقين بأنّ النصر سيكون حليف أهلنا في سوريا مهما طال الزمن واشتدت المحن.
-
"مفكرة الإسلام" : ما هي رؤيتك للوضع السياسي في لبنان حاليا؟ وما هو ردكم على ما يتردد بشأن تقسيم لبنان؟
-
إن النظام اللبناني السياسي الحالي والذي جاء مولوداً مشوهاً لما اتفق عليه في وثيقة الوفاق الوطني الموقعة في مدينة الطائف السعودية، هو صورة نمطية لفترة الوصاية السورية والتي شكلت هذا النظام القائم وفق إيحاءات الاستخبارات العسكرية الحاكمة بأمرها. وعلى ما يبدو فإنّ المستهدف كان منذ البداية هو تقويض عمل المؤسسات لصالح تشكيل ولاءات شخصية وزعامات مرتهنة عند حاكم دمشق أولاً وعند والي طهران لاحقاً.
وللأسف فإنّ الطائفة السنية قد دفعت إلى هذه الهوة وأريد لها أن تكون مكبّلة غير قادرة على حرية اتخاذ قرارها.
وبعد خروج الوصاية السورية من لبنان، عمل حزب الله خلال السنوات العشرة المنصرمة على وراثة هذه الوصاية لجهة النفوذ والسيطرة وتصريف فائض القوة الذي يملكه من أجل استحداث منطومة سياسية تخدمه عبر طرح قيام مؤتمر تأسيسي مثلاً أو نظام المثالثة وإسقاط الطائف. هذا الأمر لن يمرّ ولن يستطيع حزب الله صرف قوته العسكرية على المستوى السياسي لأننا نعمل في لبنان لاقامة مجتمع تعددي على المستوى السياسي يمنح حقوقاً متساوية لمواطنيه، دون تفرقة أو طغيان لفئة على أخرى.
ونحن في هذا الإطار نرى أن أي عملية تقسيم وتفتيت تحصل في لبنان أو المنطقة ستخدم بالدرجة الأولى أعداء الأمة وعلى رأسها الكيان الصهيوني، وستعزز ما يسمى بحلف الأقليات المذهبية والعرقية على حساب أمتنا التي تصبو إلى وحدة دولها المتفرقة.
وهنا أقول أنه يجب على هذا الرجل أن يخجل من مواقفه المتناقضة والمتباينة بما تعلق بانتخاب الرئيس؛ فهو من ناحية يشيد بالمرشحين للرئاسة أي ميشال عون وسليمان الفرنجية، باعتبار المذكورين هما من حلفاء ما يسمى بمحور الممانعة، ومن ناحية أخرى لا يتوانى عن إفشال جلسات مجلس النواب الانتخابية ويعطلها من خلال عدم مشاركة نواب حزب الله في هذه الجلسات والضغط على عدد آخر من النواب كي لا يحضروا الجلسات.
ومن الواضح أن الرئاسة اللبنانية باتت رهينة أهواء وحسابات حزب الله وارتباطاته الاقليمية مع إجماع اللبنانيين جميعاً (ما عدا الحزب) على ضرورة أن تتم بأسرع وقت ممكن، والهدف من تعطيل الحزب لرئاسة للجمهورية وغيرها من المؤسسات أن يبقى يسرح ويمرح ويشارك كما يحلو له في الحروب الإقليمية لمصلحة وليه الإيراني دون أن يحاسبه أحد، عدا عن انتظاره لمآلات الأحداث في سوريا حيث يريد أن يربط مصير لبنان بسوريا وخاصة لجهة التقسيم إن حصل.
-
"مفكرة الإسلام" ما هي رؤيتك لقضية الشيخ أحمد الأسير باعتباره كان رمزا للعمل السني في لبنان؟
-
قد نتفق مع منطلقات الشيخ أحمد الأسير وقد نختلف مع مقارابته العملية على الأرض، ولكن دون أدنى شك نحن نقف حالياً مع عدالة قضيته ومظلوميته أمام القضاء في لبنان خصوصاً أن أكثر الأحكام الصادرة من قبل القضاء العسكري وبالتحديد بحق أهل السنة أجمع المتابعون على أنها تتنافى مع مبادىء العدالة والإنصاف بل وتناقض العيش المشترك والحياة الوطنية.
إن ظروف اعتقال الشيخ أحمد الأسير تثير القلق لدينا وقد طلبنا مراراً وتكراراً أن يلقى العناية الصحية اللازمة في وقت يعاني من تدهور كبير في صحته. أما بالنسبة لقضيته القانونية، فقد كانت لنا مواقف واضحة في هذا الخصوص بينا فيها أن الشيخ الأسير جر جرا لمعركة- لا يرضاها ولم تكن أبدا داخلة في حساباته- مع الجيش اللبناني الذي رؤي الشيخ الأسير أكثر من مرة وهو يقدم له الورود في إشارة إلى أنه يعده جيشا وطنيا ولا يكن له أي عداء.
ونحن هنا نذكر بمشاركة ما يعرف يسرايا المقاومة في معارك عبرا وبأنها كانت وراء الاشتباك مع الجيش اللبناني وإيعاع الفتنة بين الجيش والشيخ الأسير، كما أن أفلام الفيديو تظهر ذلك بشكل واضح.