أغلق باب الترشح للانتخابات التشريعية التونسية، فتتالت الندوات الصحافية لمختلف الأحزاب لتقديم قوائمها، وأهم الأسماء التي ستدير الحملات في مختلف الدوائر. ولم تخل هذه الندوات التي تكثفت في الأيام الماضية من "قذائف انتخابية في كل الاتجاهات" سعياً إلى تسجيل نقاط مبكرة في منافسة هذا العام "التاريخية التي ستحدد مستقبل تونس" وفق بعض الأحزاب.
لم تنتظر الأحزاب التونسية بداية الشهر المقبل للدخول في الحملات الانتخابية الرسمية، فمسافة حوالى شهر تُعتبر طويلة جداً على منافسة تعد بأن تكون ساخنة على الرغم من تعدد الدعوات إلى احترام ميثاق الشرف الذي وفّعته أهم الأحزاب التونسية.
من جهته، قال خليل الزاوية، القيادي في حزب "التكتل" الذي يتزعمه رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر (مرشح رئاسي)، إن "التكتل لم يعتمد على رجال الأعمال والرياضيين ولاعبي كرة القدم لاستقطاب الناس وإحراز الشعبية، واعتمدنا على كفاءاتنا ومناضلينا، على خلاف الأحزاب الأخرى التي تبحث عن الأصوات مهما حصل وعلى حساب مبادئها".
وكان الزاوية يوجه رسائله إلى عدد من الأحزاب التونسية وأهمها حركة "النهضة" التي تضمنت قوائمها بعض رجال الأعمال المشهورين، خصوصاً، في صفاقس ثاني أكبر مدينة في تونس، لكن "النهضة" ليست الوحيدة التي سعت إلى ضم بعض الأسماء المعروفة في عالم الأعمال والرياضة والفن، بل إن المسألة تكاد تتحول إلى ظاهرة خلال هذه الانتخابات.
ولم يكن "التكتل" وحده على هذا الرأي، فقد عبر المرشح الرئاسي، زعيم "الجبهة الشعبية" اليسارية، حمة الهمامي، عن استنكاره "لظاهرة توظيف بعض رجال الأعمال لخدمة أجندات حزبية واستقطابهم على رأس قوائم انتخابية طمعاً في أموالهم ومراكزهم الاجتماعية" حسب قوله. وأصدرت الجبهة بياناً توضيحياً حول ما "روّجته بعض وسائل الإعلام من أن الهمامي صرّح في سوسة أمام عدد كبير من أصحاب المهن الحرة بأن هدف الجبهة يتمثل أو ينحصر في منع (النهضة) من العودة إلى الحكم". وقالت إنها "تناضل من أجل عدم عودة الاستبداد" في تونس سواء في شكله القديم التجمعي (حزب التجمع الدستوري) الذي ثار ضده الشعب، أو في شكله الجديد.
وقال الهمامي لأصحاب المهن الحرة من محامين وأطباء وصيادلة ومهندسين، إن "الجبهة الشعبية" لم تكن يوماً ضد أصحاب المؤسسات الخاصة والمهن الحرة وتحترم جميع الشرائح الاجتماعية التي تحفظ البيئة وتؤدي واجباتها الضرائبية وتقاوم أكبر آفتين وهما، التجارة الموازية والتهرب الضرائبي. وأكد أن جبهته، لم تكن أبداً ضد الدين كما يروج له البعض، وأوضح أن الشائعات تلاحق حزبه وشخصه من خلال ترويج الأكاذيب التي طالت ابنته وذكرت أنها تزوجت من إسرائيلي في حين أن زوجها جزائري واسمه عبد الله.
من جهة أخرى، أطلقت النائب سامية عبو مرشحة "التيار الديمقراطي" الذي يتزعمه زوجها الوزير السابق في حكومة "الترويكا" محمد عبو، سهامها في اتجاه حركة "نداء تونس" وزعيمها الباجي قايد السبسي. وقالت في تصريح إذاعي "عيب علينا أن يترشح شيخ مسن وجزء من النظام السابق لرئاسة الجمهورية". وأكدت أن "التيار الديمقراطي" سيقصي "نداء تونس" و"الحركة الدستورية" من قاموس تحالفاته بعد الانتخابات. وأضافت أن أحزاب "التجمع" يجب أن تُقصى من خريطة التحالفات الحزبية حتى تبقى معزولة وتُنزع من ذاكرة التونسيين.
والخلاف بين سامية عبو والسبسي، ليس جديداً ووصل منذ أشهر إلى حد القضاء بعد تبادل الاتهامات بين الطرفين. أما في ما يتعلق بحركة "نداء تونس"، فقد أصدرت بياناً مقتضباً جداً، قالت فيه إنها قدمت قائماتها الرسميّة في جميع الدوائر الانتخابيّة في تونس وبالخارج. وأوضحت أن "كل من تقدم للاستحقاق الانتخابي على قائمة غير قائمات الحزب يعتبر مستقيلاً من جميع هياكل الحركة ولم تعد له أي صفة حزبية".
ودعت الأمينة العامة للحزب "الجمهوري" (يتزعمه أحمد نجيب الشابي)، مية الجريبي، خلال ندوة صحافية إلى تقديم رؤساء قوائمها الانتخابية، لتأسيس قطب موحد يجمع القوى الوسطية المعتدلة في المجلس النيابي المقبل بدل المحاصصة الحزبية.
وأكّد القيادي في الحزب عصام الشابي، خلاص حزبه من كل الديون المتبقية بذمته من انتخابات عام 2011، داعياً المجتمع المدني وهيئة الانتخابات إلى مراقبة المال العام، وباقي الأحزاب إلى تنفيذ شعاراتها الداعية إلى احترام المال العام.